دعبل خروج امام لا محالة خارج

شرح حال دعبل بن علي بن رزين الخزاعي(148 - 245 هـ = 765 - 859 م)


http://www.poetsgate.com/poem_13851.html



شرح بسيار مفصل و جالب براي دعبل در اعيان الشيعة فراجع

البدء والتاريخ (5/ 127)
المؤلف: المطهر بن طاهر المقدسي (المتوفى: نحو 355هـ)
ويرون أن الدار دار كفرٍ حتى لو رمى رامٍ في جامعٍ من جوامع المسلمين لم يقع على مسلمٍ وأن سكوتهم للتقية والمداراة وينتظرون خروج الثاني عشر فيخرجون على الأمة بالسيف والسبي ويتأولون قوله تعالى يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ من قَبْلُ 6: 158 إنما هو قيام المهدي ولهم في ذلك أشعار كثيرة وأسطار بعيدة فمنها قول دعبل [طويل]
فلولا الذي نرجوه في اليوم أو غدٍ ... تقطع نفسي إثرهم حسراتي
خروج إمام لا محالة خارج ... يقوم على اسم الله البركات
فإن قرب الرحمن من ذاك مدتي ... وأخر من عمري ووقت وفاتي
شغبت ولم أترك لنفسي ريبة ... ورويت منهم منصلي وقناتي








تهذيب الكمال في أسماء الرجال (21/ 150)
المؤلف: يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف، أبو الحجاج، جمال الدين ابن الزكي أبي محمد القضاعي الكلبي المزي (المتوفى: 742هـ)
وَقَال أيضا: بلغني أن دعبل بْن علي وفد عَلَى الرضى عَلَيْهِ السَّلامُ بخراسان، فلما دخل عَلَيْهِ، قال: إني قد قُلْتُ قصيدة، وجعلت عَلَى نفسي ألا أنشدها أحدا أول منك.
قال: هاتها. فأنشده قصيدته الَّتِي يقول فِيهَا (1) :
أحب قصي الرحم من أجل حبكم • واهجر فيكم زوجتي وبناتي
وأكتم حبيكم مخافة كاشح • عنيف لأهل الحق غير موات.
ألم تر أني مذ ثلاثين حجة • أروح وأغدو دائم الحسرات
أرى فيأهم فِي غيرهم متقسما • وأيديهم من فيئهم صفرات
فلولا الَّذِي أرجوه فِي اليوم أو غد • تقطع نفسي دونه حسرات
خروج إمام لا محالة خارج • يقوم على اسم الله والبركات
يميز فينا كل حق وباطل • ويجزى عَلَى الأهواء بالنقمات
فيا نفس طيبي ثُمَّ يا نفس أبشري • فغير بعيد كل ما هُوَ آت.
قال: فلما فرغ من إنشاده قام الرضى عَلَيْهِ السَّلامُ، فدخل منزله، وبعث إِلَيْهِ خادما بخرقة خز فِيهَا ست مئة دينار، وَقَال للخادم: قل لَهُ: يقول لك مولاي: استعن بهذه عَلَى سفرك واعذرنا. فَقَالَ لَهُ دعبل: لا واللَّهِ ما هَذَا أردت ولا لَهُ خرجت، ولكن قل لَهُ: إكسني ثوبا من أثوابك. وردها عَلَيْهِ، فردها عَلَيْهِ (1) الرضى عَلَيْهِ السَّلامُ، وبعث إِلَيْهِ معها بجبة من ثيابه، وخرج دعبل حتى ورد قم، فنظروا إِلَى الجبة فاعطوه بها ألف دينار، فَقَالَ: لا واللَّهِ ولا خرقة منها بألف دينار، ثُمَّ خرج من قم فاتبعوه وقطعوا عَلَيْهِ، وأخذوا الجبة، فرجع إِلَى قم، فكلمهم، فَقَالُوا: ليس إليها سيل، ولكن هَذِهِ ألف دينار، قال: وخرقة منها، فأعطوه ألف دينار، وخرقة من الجبة.




سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي (4/ 147)
المؤلف: عبد الملك بن حسين بن عبد الملك العصامي المكي (المتوفى: 1111هـ)
ودخل عليه دعبل الخزاعي الشاعر بمرو فقال يابن رسول الله إني قلت فيكم أهل البيت قصيدة وآليت على نفسي لا أنشدها أحدا قبلك فقال له الرضا هاتها فأنشد // (من الطويل) //
(ذكرت محل الربع من عرفات ... فأجريت دمع العين بالعبرات)

(وقد عزني صبري وهاجت صبابتي ... رسوم ديار قفرة ة وعرات)

(مدارس آيات خلت من تلاوة ... ومنزل وحى مقفر العرصات)

(لآل رسول الله بالخيف من منى ... وبالبيت والتعريف والجمرات)

(ديار علي والحسين وجعفر ... وحمزة والسجاد ذي الثفنات)

(ديار لعبد الله والفضل صنوه ... نجي رسول الله في الخلوات)

(منازل كانت للصلاة وللتقى ... وللصوم والتطهير والحسنات)

(منازل جبريل الأمين يحلها ... من الله بالتسليم والرحمات)

(منازل وحي الله معدن علمه ... سبيل رشاد واضح الطرقات)

(فأين الألى شطت بهم غربة النوى ... فأمسين في الأقطار مفترقات)

(هم آل ميراث النبي إذا انتموا ... وهم خير سادات وخير حماة)

(مطاعيم في الإعسار في كل مشهد ... لقد شرفوا بالفضل والبركات)

(أئمة عدل يقتدى بفعالهم ... وتؤمن منهم زلة العثرات)

(فيا رب زد قلبي هدى وبصيرة ... وزد حبهم يا رب في حسناتي)

(لقد أمنت نفسي بهم في حياتها ... وإني لأرجو الأمن بعد وفاتي)

(ألم تر أنى مذ ثلاثين حجة ... أروح وأغدو دائم الحسرات)

(أرى فيئهم في غيرهم متقسما ... وأيديهم من فيئهم صفرات)

(سأبكيهم ما ذر في الأفق شارق ... ونادى منادى الخير بالصلوات)

(وما طلعت شمس وحان غروبها ... وبالليل أبكيهم وبالغدوات)

(ديار رسول الله أصبحن بلقعا ... وآل زياد تسكن الحجرات)

(وآل زياد في القصور مصونة ... وآل رسول الله في الفلوات)

(فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غد ... لقطع نفسي إثرهم حسرات)

(خروج إمام لا محالة خارج ... يقوم على اسم الله بالبركات)

(يميز فينا كل حق وباطل ... ويجزى على على النعماء والنقمات)

(فيا نفس طيبى ثم يا نفس فاصبري ... فغير بعيد كل ما هو آت)
قلت دعبل هذا محب لأهل البيت ومن ذا الذي لا يحبهم فمن لا يحبهم لا يحبه الله ولكنه كان مولعا بالهجو والحط من أقدار الناس هجا الخلفاء وغيرهم هجا المأمون بأبيات منها // (من الكامل) //
(إني من القوم الذين سيوفهم ... قتلت أخاك وشرفتك بمقعد)

(شادوا بحسن فعالهم لك منصبا ... واسترفعوك من الحضيض الأوهد)
يشير بذلك إلى ما فعله طاهر بن الحسين مقدم عساكر المأمون فإنه خزاعي ودعبل هذا خزاعي ولما بلغ هذا المأمون قال تعس دعبل ومتى كنت خاملا فرفعني قومه وطال عمر دعبل وكان يقول لي خمسون سنة أحمل خشبتي على كتفي أدور على من يصلبني عليها فما أجد من يفعل ذلك كان مولده بين واسط العراق وكور الأهواز سنة ثمان وأربعين ومائة والدعبل بكسر الدال المهملة وإسكان العين وكسر الباء الموحدة اسم الناقة الشارف وهو لقبه واسمه علي بن





معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب (3/ 1284)
المؤلف: شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي (المتوفى: 626هـ)
- 475-
دعبل بن علي بن رزين بن سليمان
بن تميم بن نهشل بن خداش بن خالد بن عبد بن دعبل بن أنس بن خزيمة: كذا قال أبو الفرج، وقال آخرون: دعبل بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد الله بن بديل بن ورقاء، يتصل نسبه بمضر، أبو علي الخزاعي، وعلى هذا الأكثر: شاعر مطبوع مفلق، يقال إن أصله من الكوفة، وقيل من قرقيسيا، وكان أكثر مقامه ببغداد، وسافر إلى غيرها من البلاد فدخل دمشق ومصر، وكان هجاء خبيث اللسان لم يسلم منه أحد من الخلفاء ولا من الوزراء ولا أولادهم ولا ذو نباهة أحسن إليه أو لم يحسن، وكان بينه وبين الكميت بن زيد وأبي سعد المخزومي مناقضات، وكان من مشاهير الشيعة، وقصيدته التائية في أهل البيت من أحسن الشعر وأسنى المدائح، قصد بها علي بن موسى الرضا بخراسان فأعطاه عشرة آلاف درهم وخلع عليه بردة من ثيابه فأعطاه بها أهل قمّ ثلاثين ألف درهم فلم يبعها، فقطعوا عليه الطريق ليأخذوها فقال لهم: إنها تراد لله عز وجل وهي محرمة عليكم، فدفعوا له ثلاثين ألف درهم فحلف أن لا يبيعها أو يعطوه بعضها ليكون في كفنه، فأعطوه كما واحدا فكان في أكفانه. ويقال إنه كتب القصيدة في ثوب وأحرم فيه وأوصى بإن يكون في أكفانه، ونسخ هذه القصيدة مختلفة في بعضها زيادات يظن أنها مصنوعة ألحقها بها أناس من الشيعة، وإنا موردون هنا ما صحّ منها قال [1] :
مدارس آيات خلت من تلاوة ... ومنزل وحي مقفر العرصات
لآل رسول الله بالخيف من منى ... وبالركن والتعريف والجمرات
ضديار عليّ والحسين وجعفر ... وحمزة والسجّاد ذي الثفنات [2]
ديار عفاها كلّ جون مبادر ... ولم تعف للأيام والسنوات
قفا نسأل الدار التي خفّ أهلها ... متى عهدها بالصوم والصلوات
ضو أين الأولى شطّت بهم غربة النوى ... أفانين في الآفاق مفترقات
هم أهل ميراث النبيّ إذا اعتزوا ... وهم خير قادات وخير حماة
وما الناس إلا حاسد ومكذّب ... ومضطغن ذو إحنة وترات
إذا ذكروا قتلى ببدر وخيبر ... ويوم حنين أسبلوا العبرات
قبور بكوفان وأخرى بطيبة ... وأخرى بفخّ نالها صلواتي
وقبر ببغداد لنفس زكيّة ... تضمنها الرحمن في الغرفات
فأما المصمّات التي لست بالغا ... مبالغها مني بكنه صفات
إلى الحشر حتى يبعث الله قائما ... يفرّج منها الهمّ والكربات
نفوس لدى النهرين من أرض كربلا ... معرّسهم فيها بشطّ فرات
تقسّمهم ريب الزمان كما ترى ... لهم عقوة مغشيّة الحجرات
سوى أنّ منهم بالمدينة عصبة ... مدى الدهر أنضاء من الأزمات
قليلة زوّار سوى بعض زوّر ... من الضبع والعقبان والرّخمات
لهم كلّ حين نومة بمضاجع ... لهم في نواحي الأرض مختلفات
وقد كان منهم بالحجاز وأهلها ... مغاوير نحّارون في السنوات [1]
تنكّب لأواء السنين جوارهم ... فلا تصطليهم جمرة الجمرات
إذا أوردوا خيلا تشمّس بالقنا ... مساعر جمر الموت والغمرات
وان فخروا يوما أتوا بمحمد ... وجبريل والفرقان ذي السّورات
ملامك في أهل النبيّ فأنهم ... أحبّاي ما عاشوا وأهل ثقاتي
تخيرتهم رشدا لأمري فانهم ... على كلّ حال خيرة الخيرات
فيا ربّ زدني من يقيني بصيرة ... وزد حبّهم يا ربّ في حسناتي
بنفسي أنتم من كهول وفتية ... لفكّ عناة أو لحمل ديات
أحبّ قصيّ الرحم من أجل حبكم ... وأهجر فيكم أسرتي وبناتي
وأكتم حبّيكم مخافة كاشح ... عنيد لأهل الحقّ غير موات
لقد حفّت الأيام حولي بشرّها ... وإني لأرجو الأمن بعد وفاتي
ألم تر أني من ثلاثين حجة ... أروح وأغدو دائم الحسرات
أرى فيئهم في غيرهم متقسّما ... وأيديهم من فيئهم صفرات
فآل رسول الله نحف جسومهم ... وآل زياد حفّل القصرات
بنات زياد في القصور مصونة ... وآل رسول الله في الفلوات
إذا وتروا مدّوا إلى أهل وترهم ... أكفّا من الأوتار منقبضات
فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غد ... لقطّع قلبي إثرهم حسراتي
خروج إمام لا محالة خارج ... يقوم على اسم الله والبركات
يميّز فينا كلّ حقّ وباطل ... ويجزي على النعماء والنقمات
سأقصر نفسي جاهدا عن جدالهم ... كفاني ما ألقى من العبرات
فيا نفس طيبي ثم يا نفس أبشري ... فغير بعيد كلّ ما هو آت
فإن قرّب الرحمن من تلك مدتي ... وأخّر من عمري لطول حياتي
شفيت ولم أترك لنفسي رزية ... وروّيت منهم منصلي وقناتي
أحاول نقل الشمس من مستقرها ... وأسمع أحجارا من الصّلدات
فمن عارف لم ينتفع ومعاند ... يميل مع الأهواء والشبهات
قصاراي منهم أن أموت بغصة ... تردّد بين الصدر واللهوات
كأنك بالأضلاع قد ضاق رحبها ... لما ضمّنت من شدّة الزفرات
ومما يختار من شعر دعبل قصيدته العينية التي رثى بها الحسين عليه السلام، قال [1] :
رأس ابن بنت محمد ووصيّه ... يا للرجال على قناة يرفع
والمسلمون بمنظر وبمسمع ... لا جازع من ذا ولا متخشع
أيقظت أجفانا وكنت لها كرى ... وأنمت عينا لم تكن بك تهجع
كحلت بمنظرك العيون عماية ... وأصم نعيك كلّ أذن تسمع
ما روضة إلا تمنت أنها ... لك مضجع ولخطّ قبرك موضع
ومن مختاراته أيضا قوله [2] :
خليليّ ماذا أرتجي من غد امرىء ... طوى الكشح عني اليوم وهو مكين
وان امرءا قد ضنّ منه بمنطق ... يسدّ به فقر امرىء لضنين
ومن مختار شعره قوله [3] :
أين الشباب وأية سلكا ... لا أين يطلب ضلّ بل هلكا
لا تعجبي يا سلم من رجل ... ضحك المشيب برأسه فبكى
يا ليت شعري كيف نومكما ... يا صاحبيّ إذا دمي سفكا
لا تأخذا بظلامتي أحدا ... قلبي وطرفي في دمي اشتركا
ولدعبل كتاب طبقات الشعراء. وديوان شعر. مات سنة ست وأربعين ومائتين.
__________
[475]- ترجمة دعبل في الأغاني 20: 67 والشعر والشعراء: 727 وطبقات ابن المعتز: 224 والفهرست: 183 وتاريخ بغداد 8: 328 ومصورة ابن عساكر 6: 68 وتهذيبه 5: 230 ومختصر ابن منظور 8: 172 ورجال الكشي: 313 والموشح: 299. وابن خلكان 2: 266 وسير الذهبي 11: 519 والوافي 14: 12 ولسان الميزان 2: 430 ومعاهد التنصيص 2: 190 والشذرات 2: 11 وروضات الجنات 3: 306 وقد قام كل من زولنديك والدكتور محمد يوسف نجم والدكتور عبد الكريم الأشتر بجمع شعره (1961، 1962، 1964) ، وعلى الأخير نعتمد في الإحالة.




بغية الطلب فى تاريخ حلب (7/ 3502)
المؤلف: عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العقيلي، كمال الدين ابن العديم (المتوفى: 660هـ)
فلولا الذي أرجوه في اليوم أوغد ... تقطع نفسي دونهم قطعات «2»
خروج إمام لا محالة خارج ... يقوم على اسم الله والبركات



مجلة الرسالة (690/ 35، بترقيم الشاملة آليا)
أصدرها: أحمد حسن الزيات باشا (المتوفى: 1388هـ)
ومنها:
ألم تر أني من ثلاثين حجة ... أروح وأغدو دائم الحسرات
أرى فيئهم في غيرهم متقسما ... وأيديهم من فيئهم صفرات
فآل رسول الله نحف جسومهم ... وآل زياد حفل القصرات
بنات زياد في القصور مصونة ... وبنت رسول الله في الفلوات
إذا وتروا مدوا إلى أهل وترهم ... أكفاً عن الأوتار منقبضات
فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غد ... لقطع قلبي إثرهم حسرات
خروج إمام لا محالة خارج ... يقوم على اسم الله والحرمات
وهي قصيدة طويلة تسيل عيون أبياتها بالعبرات، وتصطخب أمواج بحرها بالحسرات، فإذا كفكف من دمعه وهدأ من روعه، فلأنه ينتظر أن يستأمن الدهر فيؤمنه، ويستكشف المحن فتنكشف، فهو ينشد:
فيا نفس طيبي، ثم يا نفس ابشري ... فغير بعيد كل ما هو آت
فإن قرب الرحمن من تلك مدتي ... وآخر من عمري لطول حياتي
شفيت ولم اترك لنفسي رزية ... ورويت منهم منصلي وقناتي



ينابيع المودة لذوي القربى - القندوزي (3/ 300)
[ 309 ]
الباب الثمانون في قصة كلام الامام علي الرضا والامام جعفر الصادق في شأن القائم المهدي (رضي الله عنهم) (1) أخرج الحمويني الشافعي في " فرائد السمطين ": عن أحمد بن زياد، عن دعبل ابن علي الخزاعي قال: أنشدت قصيدة لمولاي الامام علي الرضا (ض) أولها: مدارس آيات خلت من تلاوة * ومنزل وحي مقفر العرصات أرى فيئهم في غيرهم متقسما * وأيديهم من فيئهم صفرات وقبر ببغداد لنفس زكية * تضمنها الرحمان في الغرفات قال لي الرضا: أفلا ألحق البيتين بقصيدتك ؟ ! قلت: بلى يابن رسول الله. فقال: وقبر بطوس يالها من مصيبة * ألحت على الاحشاء بالزفرات إلى الحشر حتى يبعث الله قائما * يفزج عنا الهم والكربات قال دعبل: ثم قرأت باقي القصيدة عنده، فلما انتهيت الى قولي: خروج إمام لا محالة واقع * يقوم على اسم الله والبركات يميز فينا كل حق وباطل * ويجزي على النعماء والنقمات بكى الرضا بكاء شديدا، ثم قال: يا دعبل نطق روح القدس بلسانك، أتعرف من هذا الامام ؟ قلت: لا إلا أني سمعت خروج إمام منكم يملا الارض قسطا وعدلا. فقال: إن الامام بعدي ابني محمد، وبعد محمد ابنه علي، وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم، وهو المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره، فيملا الارض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما، وأما متى يقوم، فاخبار عن الوقت، لقد حدثني أبي، عن آبائه، عن رسول الله (ص) قال: مثله كمثل الساعة لا تأتيكم إلا بغتة. (2) وفي المناقب:
___________________
(1) فرائد السمطين 2 / 337 حديث 591. (*)



ديوان دعبل بن علي (ص: 12)
105 ( خروج إمام لا محالة خارج ** يقوم على اسم الله والبركات )06 ( يميز فينا كل حق وباطل ** ويجزي على النعماء والنقمات )07 ( فيا نفس طيبي ، ثم يا نفس




در كتب تاريخ الاسلام و تاريخ مدينة دمشق و الوافي باوفيات بيت خروج امام را حذف كرده‌اند:




تاريخ الإسلام ت تدمري (18/ 263)
وله القصيدة الطنانة في أهل البيت تدل على رفضه:
مدارس آيات خلت من تلاوة ... ومنزل وحي مقفر العرصات
لآل رسول الله بالخيف من منى ... وبالركن والتعريف والجمرات
ألم تر أني مذ ثلاثين حجة ... أروح وأغدو دائم الحسرات
أرى فيئهم في غيرهم متقسما ... وأيديهم من فيئهم صفرات
وآل رسول الله نحف جسومهم ... وآل زياد غلظ الرقبات [4]
بنات زياد في القصور [5] مصونة ... وبنت رسول الله في الفلوات
ولولا الذي أرجوه في اليوم أو غد ... تقطع قلبي إثرهم حسرات [6]
وهي قصيدة طويلة.
توفي سنة ست وأربعين، عن بضع وتسعين سنة.




تاريخ دمشق لابن عساكر (17/ 262)
فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غد * تقطع قلبي إثرهم حسرات * قال فبكى المأمون حتى اخضلت لحيته وجرت دموعه على نحره

























الذريعة إلى تصانيف الشيعة (28/ 260)
ذكرفيه ان دعبل الخزاعى لما بلغ قوله في ((
التائية ) ) إلى الحشر حتى يبعث الله قائما * يفرج عنا الهم والكربات قال من
حضر مجلس الرضا عليه السلام لما نطقدعبل بهذا البيت تهلل وجه الرضا عليه السلام
وطاطا رأسه إلى الأرض وبسط كفيهورمق بطرفه إلى السماء وقال ] : اللهم عجل فرجه
وسهل مخرجه وانصرنا به واهلك عدوه - إلى قوله : يادعبل هو قائمنا [ ... ثم ذكر
بقية قصيدة دعبل إلى قوله : خروج إمام لامحالة خارج * يقوم على اسم الله والبركات
قال ما لفظه ] : قالأبوالصلت فلما سمع الامام ذلك قام قائما على قدميه وطاطا
رأسه منحنيا به إلى الأرض بعد ان وضع كفه اليمنى على هامته وقال : اللهم عجل
فرجه وسهل مخرجهوانصرنا به نصرا عزيزا . [ ... أقول : ومر (( تأجيح نيران الاحزان
)) فراجعه. واستظهر بعض الأفاضل من الحديث المذكور في هذا الكتاب أنه مستند
مانرى منفعل الشيعة من القيام عند ذكر القائم عليه السلام ووضع اليد عن الرأس ،
رأيت في النجف نسخا منه عند السيد آقا وغيره ونسخة مغلوطة ناقصة عندي قبلها
وفاة النبي وبعدها وفاة المجتبى عليه السلام وليس لها تواريخ ، ويوجد عند الشيخ
حسين القديحى كتاب (( كشف الأخبار في معرفة دقايق وحقايق طلب الثار ) )
لهذاالمؤلف عبر عن نفسه في أوله بـ ] عبدالرضا بن محمد الاوالى نسل المكتل




عيون أخبار الرضا عليه السلام، ج‏2، ص: 265
و لدعبل بن علي خبر عن الرضا ع في النص على القائم ع أحببت إيراده على أثر هذا الحديث‏
35- حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عبد السلام بن صالح الهروي قال سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول لما أنشدت مولاي الرضا ع قصيدتي التي أولها
مدارس آيات خلت من تلاوة و منزل وحي مقفر العرصات‏
«2» فلما انتهيت إلى قولي‏
خروج إمام لا محالة خارج يقوم على اسم الله و البركات‏
يميز فينا كل حق و باطل و يجزي على النعماء و النقمات‏
بكى الرضا ع بكاء شديدا ثم رفع رأسه إلي فقال لي يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين فهل تدري من هذا الإمام و متى يقوم فقلت لا يا سيدي إلا أني سمعت بخروج إمام منكم يطهر الأرض من الفساد و يملؤها عدلا فقال يا دعبل الإمام بعدي محمد ابني و بعد محمد ابنه علي و بعد علي ابنه الحسن و بعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيملأها عدلا كما ملئت جورا و ظلما و أما متى فإخبار عن الوقت و لقد حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عن علي ع أن النبي ص قيل له يا رسول الله ص متى يخرج القائم من ذريتك فقال مثله مثل الساعة لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات و الأرض لا تأتيكم إلا بغتة «1».
خبر دعبل عند وفاته‏
36- حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الهرمزي البيهقي قال سمعت أبا الحسن داود البكري يقول سمعت علي بن دعبل بن علي الخزاعي يقول لما أن حضرت أبي الوفاة تغير لونه و انعقد لسانه و اسود وجهه فكدت الرجوع من مذهبه فرأيته بعد ثلاثة أيام فيما يرى النائم و عليه ثياب بيض و قلنسوة بيضاء فقلت له يا أبت ما فعل الله بك فقال يا بني إن الذي رأيته من اسوداد وجهي و انعقاد لساني كان من شربي الخمر في دار الدنيا و لم أزل كذلك حتى لقيت رسول الله ص و عليه ثياب بيض و قلنسوة بيضاء فقال لي أنت دعبل قلت نعم يا رسول الله قال فأنشدني قولك في أولادي فأنشدته قولي‏
لا أضحك الله سن الدهر إن ضحكت و آل أحمد مظلومون قد قهروا
مشردون نفوا عن عقر دارهم كأنهم قد جنوا ما ليس يغتفر
قال فقال لي أحسنت و شفع في و أعطاني ثيابه و ها هي و أشار إلى ثياب بدنه.

ذكر ما وجد على قبر دعبل مكتوبا
37- سمعت أبا نصر محمد بن الحسن الكرخي الكاتب يقول رأيت على قبر دعبل بن علي الخزاعي مكتوبا
أعد لله يوم يلقاه دعبل أن لا إله إلا هو
يقولها مخلصا عساه بها يرحمه في القيامة الله‏
الله مولاه و الرسول و من بعدهما فالوصي مولاه‏
__________________________________________________
(1). العصابة: ما عصب به من منديل و نحوه.
(2). هذا البيت ليس في مطلع القصيدة و انما هو في اواسطها و مطلعها:
تجاوبن بالارنان و الزفرات نوائح عجم اللفظ و النطقات‏




كمال الدين و تمام النعمة، ج‏2، ص: 372
فقيل له يا ابن رسول الله و من القائم منكم أهل البيت قال الرابع من ولدي ابن سيدة الإماء يطهر الله به الأرض من كل جور و يقدسها من كل ظلم و هو الذي يشك الناس في ولادته و هو صاحب الغيبة قبل خروجه فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره «1» و وضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحدا و هو الذي تطوى له الأرض و لا يكون له ظل و هو الذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه يقول ألا إن حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه فإن الحق معه و فيه و هو قول الله عز و جل إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين «2».
6- حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد السلام بن صالح الهروي قال سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول أنشدت مولاي الرضا علي بن موسى ع قصيدتي التي أولها-
مدارس آيات خلت من تلاوة و منزل وحي مقفر العرصات‏
فلما انتهيت إلى قولي-
خروج إمام لا محالة خارج يقوم على اسم الله و البركات‏
يميز فينا كل حق و باطل و يجزي على النعماء و النقمات‏
- بكى الرضا ع بكاء شديدا ثم رفع رأسه إلي فقال لي يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين فهل تدري من هذا الإمام و متى يقوم فقلت لا يا مولاي إلا أني سمعت بخروج إمام منكم يطهر الأرض من الفساد و يملؤها عدلا كما ملئت جورا فقال يا دعبل الإمام بعدي محمد ابني و بعد محمد ابنه علي و بعد علي ابنه الحسن و بعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله عز و جل ذلك اليوم حتى يخرج فيملأ
__________________________________________________
(1). في بعض النسخ «بنور ربها».
(2). الشعراء: 4.
كمال الدين و تمام النعمة، ج‏2، ص: 373
الأرض «1» عدلا كما ملئت جورا و أما متى فإخبار عن الوقت فقد حدثني أبي عن أبيه عن آبائه ع أن النبي ص قيل له يا رسول الله متى يخرج القائم من ذريتك فقال ع مثله مثل الساعة التي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات و الأرض لا تأتيكم إلا بغتة «2».
و لدعبل بن علي الخزاعي رضي الله عنه خبر آخر أحببت إيراده على أثر هذا الحديث الذي مضى‏
حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم رضي الله عنه عن أبيه عن جده إبراهيم بن هاشم عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: دخل دعبل بن علي الخزاعي رضي الله عنه على أبي الحسن علي بن موسى الرضا ع بمرو فقال له يا ابن رسول الله إني قد قلت فيكم قصيدة و آليت على نفسي «3» أن لا أنشدها أحدا قبلك فقال ع هاتها فأنشدها-
مدارس آيات خلت من تلاوة و منزل وحي مقفر العرصات‏
فلما بلغ إلى قوله-
أرى فيئهم في غيرهم متقسما و أيديهم من فيئهم صفرات‏
بكى أبو الحسن الرضا ع و قال صدقت يا خزاعي فلما بلغ إلى قوله-
إذا وتروا مدوا إلى واتريهم أكفا عن الأوتار منقبضات‏
جعل أبو الحسن ع يقلب كفيه و هو يقول أجل و الله منقبضات فلما بلغ إلى قوله-
__________________________________________________
(1). في بعض النسخ «فيملؤها».
(2). الأعراف: 187. و في أكثر النسخ «لا يجليها لوقتها إلا الله عز و جل ثقلت في السماوات- الآية» لكن في العيون كما في المتن.
(3). أي حلفت أو نذرت و جعلت على نفسى كذا و كذا.
كمال الدين و تمام النعمة، ج‏2، ص: 374
لقد خفت في الدنيا و أيام سعيها و إني لأرجو الأمن بعد وفاتي‏
قال له الرضا ع آمنك الله يوم الفزع الأكبر فلما انتهى إلى قوله-
و قبر ببغداد لنفس زكية تضمنه الرحمن في الغرفات‏
قال له الرضا ع أ فلا ألحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك فقال بلى يا ابن رسول الله فقال ع-
و قبر بطوس يا لها من مصيبة توقد في الأحشاء بالحرقات «1»
إلى الحشر حتى يبعث الله قائما يفرج عنا الهم و الكربات‏
فقال دعبل يا ابن رسول الله هذا القبر الذي بطوس قبر من هو فقال الرضا ع قبري و لا تنقضي الأيام و الليالي حتى تصير طوس مختلف شيعتي و زواري في غربتي ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفورا له ثم نهض الرضا ع بعد فراغ دعبل من إنشاده القصيدة و أمره أن لا يبرح من موضعه فدخل الدار فلما كان بعد ساعة خرج الخادم إليه بمائة دينار رضوية فقال له يقول لك مولاي اجعلها في نفقتك فقال دعبل و الله ما لهذا جئت و لا قلت هذه القصيدة طمعا في شي‏ء يصل إلي و رد الصرة و سأل ثوبا من ثياب الرضا ع ليتبرك به و يتشرف فأنفذ إليه الرضا ع جبة خز مع الصرة و قال للخادم قل له يقول لك مولاي خذ هذه الصرة فإنك ستحتاج إليها و لا تراجعني فيها فأخذ دعبل الصرة و الجبة و انصرف و سار من مرو في قافلة فلما بلغ ميان قوهان «2» وقع عليهم اللصوص و أخذوا القافلة بأسرها و كتفوا أهلها و
__________________________________________________
(1). في بعض النسخ «ألحت على الاحشاء بالزفرات».
(2). كذا أيضا في العيون. و في هامش بعض النسخ: قوهان قرية بقرب نيسابور.
كمال الدين و تمام النعمة، ج‏2، ص: 375
كان دعبل فيمن كتف و ملك اللصوص القافلة و جعلوا يقسمونها بينهم فقال رجل من القوم متمثلا بقول دعبل من قصيدته-
أرى فيئهم في غيرهم متقسما و أيديهم من فيئهم صفرات‏
فسمعه دعبل فقال له لمن هذا البيت فقال له لرجل من خزاعة يقال له دعبل بن علي فقال له دعبل فأنا دعبل بن علي قائل هذه القصيدة التي منها هذا البيت فوثب الرجل إلى رئيسهم و كان يصلي على رأس تل و كان من الشيعة فأخبره فجاء بنفسه حتى وقف على دعبل قال له أنت دعبل فقال نعم فقال له أنشد القصيدة فأنشدها فحل كتافه و كتاف جميع أهل القافلة «1» و رد إليهم جميع ما أخذ منهم لكرامة دعبل و سار دعبل حتى وصل إلى قم فسأله أهل قم أن ينشدهم القصيدة فأمرهم أن يجتمعوا في مسجد الجامع فلما اجتمعوا صعد دعبل المنبر فأنشدهم القصيدة فوصله الناس من المال و الخلع بشي‏ء كثير و اتصل بهم خبر الجبة فسألوه أن يبيعها منهم بألف دينار فامتنع من ذلك فقالوا له فبعنا شيئا منها بألف دينار فأبى عليهم و سار عن قم فلما خرج من رستاق البلد لحق به قوم من أحداث العرب فأخذوا الجبة منه فرجع دعبل إلى قم فسألهم رد الجبة عليه فامتنع الأحداث من ذلك و عصوا المشايخ في أمرها و قالوا لدعبل لا سبيل لك إلى الجبة فخذ ثمنها ألف دينار فأبى عليهم فلما يئس من رد الجبة عليه سألهم أن يدفعوا إليه شيئا منها فأجابوه إلى ذلك فأعطوه بعضها و دفعوا إليه ثمن باقيها ألف دينار و انصرف دعبل إلى وطنه فوجد اللصوص قد أخذوا جميع ما كان له في منزله فباع المائة دينار التي كان الرضا ع وصله بها من الشيعة كل دينار بمائة درهم فحصل في يده عشرة آلاف درهم فتذكر قول الرضا ع‏
__________________________________________________
(1). الكتاف حبل يشد به.
كمال الدين و تمام النعمة، ج‏2، ص: 376
إنك ستحتاج إليها و كانت له جارية لها من قلبه محل فرمدت رمدا عظيما فأدخل أهل الطب عليها فنظروا إليها فقالوا أما العين اليمنى فليس لنا فيها حيلة و قد ذهبت و أما اليسرى فنحن نعالجها و نجتهد و نرجو أن تسلم فاغتم دعبل لذلك غما شديدا و جزع عليها جزعا عظيما ثم إنه ذكر ما معه من فضلة الجبة فمسحها على عيني الجارية و عصبها بعصابة منها من أول الليل فأصبحت و عيناها أصح مما كانتا و كأنه ليس لها أثر مرض قط ببركة مولانا أبي الحسن الرضا ع «1».





دلائل الإمامة (ط - الحديثة)، ص: 357
قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إن ظهر علي ذلك، فأنت في حل من دمي.
قال: لا و الله، إلا أن تعطيني عهدا و ميثاقا أنك تكتم هذا و لا تعيده.
قال: فأخذ مني العهد و الميثاق، و أكثره علي، فلما وليت عنه صفق بيده، و سمعته يقول: يستخفون من الناس «1» إلى آخر الآية. «2»

و لدعبل بن علي في معنى القبرين:
حويت قبرين «3»: خير الناس كلهم و قبر شرهم هذا من العبر
ما ينفع الرجس من قرب الزكي و لا على الزكي بقرب الرجس من ضرر «4»


306/ 4- و أنشدني أبو أحمد عبد السلام البصري، قال: أنشدني أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني، قال: أنشدني أحمد بن محمد المكي، قال: أنشدنا يحيى بن الحسن العلوي، قال: أنشدنا دعبل بن علي لنفسه:
مدارس آيات خلت من تلاوة و منزل وحي مقفر العرصات «5»
قال أبو أحمد عبد السلام: لما بلغ إنشاده لي هذه القصيدة و بلغ منها إلى هذا الموضع:
و قبر ببغداد لنفس زكية تضمنها الرحمن في الغرفات‏
قال أبو عبيد الله المرزباني: لما دخل دعبل على علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بطوس و أنشده هذه القصيدة، و بلغ إلى هذا الموضع، قال علي بن موسى الرضا (عليه السلام):
و قبر بطوس يا لها من مصيبة تردد بين الصدر و اللهوات‏
إلى الحشر حتى يبعث الله قائما يفرج عنا الهم و الكربات‏
فقال دعبل: لا أعرف قبرا بطوس. قال (عليه السلام): بلى، قبري بها.
__________________________________________________
(1) النساء 4: 108.
(2) الهداية الكبرى: 282 «نحوه»، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 245/ 1.
(3) في الديوان و عيون الأخبار: قبران في طوس.
(4) الديوان: 198، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 251.
(5) انظر الديوان: 124.
دلائل الإمامة (ط - الحديثة)، ص: 358
فلما بلغ إلى قوله:
فلو لا الذي أرجوه في اليوم أو غد تقطع نفسي بينهم حسرات‏
خروج إمام لا محالة خارج يقوم على اسم الله و البركات «1»
فلما فرغ من إنشاده قام الرضا (عليه السلام) فدخل منزله، و بعث إليه خادما بخرقة حرير فيها ستمائة دينار، و قال للخادم: قل له: يقول لك مولاي: استعن بهذا على سفرك، و أعذرنا.
فقال له دعبل: لا و الله، ما هذا أردت، و لا له خرجت، و لكن قل له: اكسني ثوبا من أثوابك. و ردها عليه، فردها إليه الرضا (عليه السلام) و قال له: خذها. و بعث إليه بجبة من ثيابه.
فخرج دعبل حتى ورد قم، فنظر أهل قم إلى الجبة، فأعطوه بها ألف دينار، فأبى عليهم، و قال: لا و الله، و لا خرقة منها بألف دينار. ثم خرج من قم، فتبعوه فقطعوها عليه، و أخذوا الجبة، فرجع إلى قم، فكلمهم فيها، فقالوا: ليس إليها سبيل، و لكن إن شئت فهذه الألف دينار. قال لهم: و خرقة من الجبة. فأعطوه ألف دينار و خرقة من الجبة. «2»








بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3496
نويسنده: ابن العديم، كمال الدين عمر بن احمد بن ابى جراده‏
موضوع: جغرافيا، شرح حال‏
تاريخ وفات مؤلف: 660
- دعبل بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد اللّه بن بديل بن ورقاء:
و قيل دعبل بن علي بن رزين بن سليمان بن تميم بن بهز بن جواس بن خلف ابن عبد بن دعبل بن أنس بن مالك بن خزيمة بن مالك بن مازن بن الحارث بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن عامر بن قمعة بن الياس بن مضر، و يقال في جدّ جدّه:
تميم بن نهشل، و قيل بهنس بن خراش بن خالد بن عبد بن دعبل بن أنس بن خزيمة ابن سلامان بن أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر بن مزيقيا، أبو علي الخزاعي الشاعر المشهور، و قيل ان اسمه الحسن و كنيته أبو علي، و قيل ان اسمه محمد و كنيته أبو جعفر و قيل اسمه عبد الرحمن، و دعبل لقب له، و الدعبل البعير المسن، و قيل إن دايته لقبته دعبلا لذعابة كانت فيه، فأقلبت الذال المعجمة بالدال، و كان به طرش، و قدم الثغر، و حضر الجهاد، و قدم حلب أو بعض عملها، و قيل هو واسطي و قيل إن أصله من قرقيسيا، و قيل من الكوفة و له شعر مجموع و مصنف في طبقات الشعراء.
روى عن مالك بن أنس، و سفيان الثوري و شعبه بن الحجاج و هارون بن محمد الرشيد و عبد اللّه بن هارون المأمون، و يحيى بن سعيد الأنصاري و سالم ابن نوح الطائي، و الحكم بن عبد اللّه البصري، و جرير بن عبد الحميد، و شريك ابن عبد اللّه النخعي، و موسى بن جعفر بن علي بن الحسين، و عبد اللّه بن كلثوم البصري الخزاعي، و شعبة بن الورد الواسطي و أبي سفيان بن العلاء أخي أبي عمرو ابن العلاء، و خالد بن شعبة، و مجمع بن يحيى و عبد اللّه بن عبد اللّه بن حسن بن علي‏
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3497
(318- و) و محمد بن عمر الواقدي و خزيمة بن خازم الأسدي و الحسن بن قتيبة الخزاعي، و أبي نواس الحسن بن هانى‏ء، و نصر بن مزاحم، و حفص بن غياث، و موسى بن سهل الراسبي، و سليم بن سفيان السعدي و أبي خالد القرشي.
روى عنه أخوه علي بن علي بن رزين الواسطي، و القاضي أحمد بن أبي داوود، و محمد بن موسى بن حماد البربري، و عبد السلام بن رغبان الحمصي ديك الجن، و أبو عبد اللّه بن أسباط، و محمد بن ميمون المصيصي، و أبو بكر أحمد بن القاسم بن نصر بن زياد النيسابوري أخو أبي الليث الفرائضي، و الحسن ابن عبد السلام الخطيب، و عون بن محمد و أبو هفان، و أبو محمد عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة، و أبو العباس المبرد، و محمد بن يحيى بن أبي المغيرة، و هارون بن عبد اللّه المهلبي، و أبو محمد عبد اللّه بن محمد الأنصاري، و أبو القاسم بن مهرويه، و ابنه الحسن بن دعبل.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد اللّه الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد اللّه الخطيب- بمرو، بقراءتي عليه- قال: أخبرنا الفرج بن ابراهيم المرجئ- بفيد قراءة عليه- قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن الحسين الحنائي- بمصر- قال: أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الدمشقي قال: حدثنا أبو نصر عبد الوهاب بن عبد اللّه بن عمر قال: حدثنا أبو سليمان محمد بن عبد اللّه ابن زبر الربعي الحافظ قال: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن البزاز ببغداد قال:
حدثنا علي بن ابراهيم الشاعر قال: حدثنا محمد بن حفص الصفار الشاعر قال:
حدثنا عبد السلام بن رغبان ديك الجن الشاعر قال: حدثنا دعبل بن علي الشاعر قال: حدثنا أبو نواس الحسن بن هانى‏ء قال: (318- ظ) حدثنا والبة بن الحباب الشاعر قال: حدثنا الكميت بن زيد الشاعر قال: حدثني خالي همام بن غالب أبو فراس الفرزدق الشاعر، قال: حدثنا الطرماح بن عدي الشاعر قال: لقيت نابغة بني جعدة الشاعر فقلت: لقيت النبي صلى اللّه عليه و سلم، فقال: نعم و أنشدته قصيدتي التي أقول فيها:
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3498
بلغنا السماء مجدنا و جدودنا و إنا لنرجو فوق ذلك مظهرا «1»
فقال: الى أين يا أبا ليلى؟ قلت: الى الجنة يا رسول اللّه، قال: الى الجنة إن شاء اللّه.
أخبرنا عمر بن محمد المكتب- كتابة- قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد اللّه بن الزاغوني قال: أخبرنا الشريف أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي قال: أخبرنا أبو الحسن بن الحمامي قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن بدر بن عبد اللّه السلامي قال: حدثنا محمد بن القاسم بن سليمان البزاز قال: حدثنا اسماعيل ابن علي بن رزين الخزاعي قال: حدثني أبي قال: حدثني أخي دعبل بن علي الخزاعي قال: حدثنا هارون الرشيد قال: حدثنا سفيان بن عيينه عن ابن جريج عن عطاء عن يعلى بن منبه أن رجلا جاء الى النبي صلى اللّه عليه و سلم متلطخ بزعفران فقال: إني أهللت بعمرة فكيف أصنع فيها؟ فأوحي الى النبي صلى اللّه عليه و سلم حتى رؤي البشر في وجهه ثم قال: أين السائل، اطرح عنك هذه الجبة و اغسل عنك هذا الزعفران، و اصنع فيها كما تصنع في الحج «2».
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل- بالقاهرة- قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال سمعت: القاضي أبا الفتح اسماعيل بن عبد الجبار بن (319- و) محمد الماكي يقول: سمعت أبا يعلى الخليل بن عبد اللّه ابن أحمد الخليلي الحافظ يقول: صدقة بن يسار الجزري يكني أبا محمد، روى عنه مالك عن سعيد بن المسيب أن النبي صلى اللّه عليه و سلم كان يتختم في يمينه «3»، و كذا في العطاء، يعني مرسلا، و قد رواه غير معتمد و هو دعبل بن علي الشاعر عن مالك موصولا عن أبي هريره.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن- كتابة- قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر بن علي قال: أخبرني الأزهري قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم‏
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3499
ابن الحسن قال: سمعت أبا بكر أحمد بن القاسم أخا أبي الليث، يقول كان دعبل ابن علي أطروش، و كان في قفاه سلعة «1»، و كان يجي‏ء الى علوي كان بالقرب منا- قد سماه- و عنده كان ينشدنا و أسمع منه.
أخبرنا أبو بكر عبد اللّه بن عمر بن علي القرشي التاجر قال: أخبرنا نصر اللّه بن عبد الرحمن بن محمد بن زريق، و الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرح بن الآبري، ح.
و أخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش النحوي قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد اللّه بن أحمد بن محمد الطوسي قالوا: أخبرنا الحاجب أبو الحسن علي ابن محمد بن علي بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد اللّه بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن ابراهيم بن علي الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي قال: حدثنا الحسين بن أيوب العكبرائي قال:
أخبرنا أبو عبد اللّه بن أسباط قال: حدثني دعبل قال: كنت بالثغر فنودي بالنفير فخرجت (319- ظ) مع الناس فإذا أنا بفتى يجر رمحه بين يدي، فالتفت فنظر إليّ فقال لي: أنت دعبل؟ قلت: نعم، قال: اسمع مني بيتين فأنشدني:
أنا في أمري رشاد بين غزو و جهاد
بدني يغزو عدوي و الهوى يغزو فؤادي‏
ثم قال: كيف ترى؟ قلت: جيد قال: و اللّه ما خرجت إلّا هاربا من الحب، ثم التقينا فكان أول قتيل.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب- إذنا- قال: أخبرنا أبو منصور بن عبد الملك قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني عبيد اللّه بن أبي الفتح قال:
أخبرنا محمد بن العباس الخزاز قال: حدثنا محمد بن خلف بن المرزبان المحولي قال: حدثني اسحاق بن محمد بن ابان قال: كنت قاعدا مع دعبل بن علي بالبصرة، و على رأسه غلام يقال له نفنف، فمر به أعرابي يرفل في ثياب خز، فقال لغلامه: ادع هذا الاعرابي إلينا فأومأ الغلام اليه فجاء، فقال له دعبل: ممن الرجل؟ قال: رجل‏
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3500
من بني كلاب، قال: من أي بني كلاب؟ قال: من ولد أبي بكر، قال: أتعرف الذي يقول:
و نبئت كلبا من كلاب تسبني و محض كلاب يقطع الصلوات‏
فإن أنا لم أعلم كلابا بأنها كلاب و أني باسل النقمات‏
فكان إذا من قيس عيلان والدي و كانت إذا أمي من الحبطات «1»
يعني بني تميم هم أعدى الناس لليمن، قال أبو يعقوب: و هذا الشعر لدعبل (320- و) في بني عمرو بن عاصم الكلابي، فقال له الأعرابي: ممن أنت؟ فكره أن يقول له من خزاعة فيهجوه، فقال: أنا أتتمي الى القوم الذين يقول فيهم الشاعر:
أناس عليّ الخير منهم و جعفر و حمزة و السجاد ذو الثفنات‏
إذا افتخروا يوما أتوا بمحمد و جبريل و القرآن و السورات «2»
و هذا الشعر أيضا له.
قال: فوثب الأعرابي و هو يقول: محمد و جبريل و القرآن و السورات ما الى هؤلاء مرتقى، ما الى هؤلاء مرتقى.
أخبرنا أبو الفضل المرّجا بن أبي الحسن محمد بن هبة اللّه بن شقيره الواسطي- قراءة مني عليه بحلب- قال: أخبرنا القاضي أبو طالب محمد بن علي الكتاني الواسطي عن أبي منصور عبد المحسن بن محمد بن علي قال: أنشدنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي قال: أنشدنا أبو بكر أحمد بن ابراهيم بن الحسن ابن محمد بن شاذان- من لفظه- قال: أنشدنا أبو بكر أحمد بن القاسم بن نصر بن زياد النيسابوري أخو أبي الليث الفرائضي قال: أنشدنا أبو علي الحسن بن علي الخزاعي دعبل لنفسه:
مدارس آيات خلت من تلاوة و منزل وحي مقفر العرصات‏
لآل رسول اللّه بالخيف من منى و بالبيت و التعريف و الجمرات‏

بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3501
ديار عليّ و الحسين و جعفر و حمزة و السجاد ذي الثفنات‏
قفا نسأل الدار التي خف أهلها متى عهدها بالصوم و الصلوات‏
(320- ظ)
و أين الألى شطت بهم غربة النوى أفانين في الأطراف مختلفات‏
هم أهل ميراث النبي إذا اعتزوا و هم خير سادات و خير حماة
و ما الناس إلّا غاصب و مكذب و مضطغن ذو أحنة و ترات‏
إذا ذكروا قتلى ببدر و خيبر و يوم حنين أسبلوا العبرات‏
و كيف يحبون النبي و رهطه و قد تركوا أحشاءهم و غرات «1»
لقد لا ينوه في المقال و أضمروا قلوبا على الأحقاد مشتملات‏
قبور بكوفان و أخرى بطيبة و أخرى بفخ نالها صلواتي‏
و أخرى بأرض الجوزجان محلها و أخرى بباخمرى لدى الغربات‏
و قبر ببغداد لنفس زكية تضمنها الرحمن في الغرفات‏
فأما المصيبات التي لست بالغا مبالغها مني بكنه صفاتي‏
قبور لدى النهرين من بطن كربلا معرّسهم منها بشط فرات‏
أخاف بأن أزدارهم و يشوقني معرسهم بالجزع ذي النخلات‏
تقسمهم ريب المنون فما ترى لهم عقوة «2» مغشية الحجرات‏
خلا أن منهم بالمدينة عصبة مذودون أنضاء «3» من الأزمات‏
قليلة زوّار خلا أن زوّرا من الضبع و العقبان و الرخمات‏
لها كل حين نوبة بمضاجع لها في نواحي الأرض مختلفات‏
و قد كان منهم بالحجاز و أرضها مغاوير نحارون في الشتوات‏
(321- و)
تنكب لأواء السنين جوارهم فما تصطليهم جمرة الجمرات‏
حمى لم تطره المنديات و أوجه تضي‏ء من الأستار في الظلمات‏

بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3502
إذا أوردوا خيلا تمطر بالقنا شارع موت أفرجوا الغمرات‏
و إن فخروا يوما أتوا بمحمد و جبريل و القرآن و السورات‏
أولئك لا منتوج هند و خدنها سميّة من نوكى و من قذرات‏
ملائك في أهل النبي فانهم أحباي ما زالوا «1» و أهل ثقاتي‏
تخيرتهم رشدا لأمري لأنهم على كل حال خيرة الخيرات‏
نبذت إليهم بالمودة طائعا و سلمت نفسي طائعا لولاتي‏
فيا رب زدني في يقيني بصيرة و زد حبهم يا رب في حسناتي‏
بنفسي أنتم من كهول و فتية لفك عناة أو لحمل ديات‏
و للخيل لما قيد الموت خطوها فأطلقتهم منهن بالذربات‏
أحبّ قصيّ الرحم من أجل حبكم و أهجر فيكم زوجتي و بناتي‏
و أكتم حبكم مخافة كاشح عنيف بأهل الحق غير موات‏
و كيف أداوي من جوى و بي الجوى أمية أهل الكفر و اللعنات‏
و آل زياد في الحرير مصونة و آل رسول اللّه في الفلوات‏
و آل رسول اللّه نحف جسومها و آل زياد غلّظ الرقبات‏
أ و لم تراني مذ ثلاثون حجة أروح و أغدو دائم الحسرات‏
(321- ظ)
أرى فيئهم في غيرهم متقسما و أيديهم من فيئهم صفرات‏
إذا و تروا مدوا الى واتريهم أكفا عن الأوتار منقبضات‏
فلو لا الذي أرجوه في اليوم أوغد تقطع نفسي دونهم قطعات «2»
خروج إمام لا محالة خارج يقوم على اسم اللّه و البركات‏
يبين فينا كل حق و باطل و يجزي على الاحسان و النقمات‏
فيا نفس طيبي ثم يا نفس أبشري فغير بعيد كل ما هو آت‏
و لا تجزعي عن مدة الجور إنني كأني بها قد آذنت ببتات‏

بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3503
و يروي: و لا تستطيلي مدة الجور ...
فإن قرّب الرحمن من تلك موتي و أخرّ من عمري و وقت وفاتي‏
شفيت و لم أترك لنفسي ريبة و روّيت منهم مقصلي «1» و قناتي‏
عسى اللّه أن يرتاح للخلق إنه الى كل نفس دائم اللحظات‏
سأقصر نفسي جاهدا عن جدالهم كفاني ما ألقى من العبرات «2»
أحاول نقل الشم عن مستقرها و اسماع أحجار من الصلدات‏
فمن عارف لم ينتفع أو معاند تميل به الأهواء في الشهوات‏
فإن قلت عرفا أنكروه بباطل و غطوا على التحقيق بالشبهات‏
و يروى: ... بمثله ...
فقصري «3» منهم أن أموت بغصة تردّد بين الصدر و اللهوات‏
(322- و)
كأنك بالأضلاع قد ضاق رحبها لما ضمنت من شدة الحسرات‏
لقد خفت في الدنيا و أيام سعيها و إني لأرجو الأمن بعد وفاتي «4»
أخبرنا أبو الفضل المرجي بن أبي الحسن بن هبة اللّه بن غزال- قراءة عليه- قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن أحمد الكتاني- في كتابه- قال: أنبأنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي المعروف بابن الطيوري قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي قال: حدثني أبي أبو علي المحسن بن علي بن محمد التنوخي قال: حدثني علي بن شيزان بن سهل القاضي بعسكر مكرم «5» قال: حدثني أبو الحسين عبد الواحد بن محمد الخصيبي- ابن بنت المدبر ببغداد- قال: حدثني محمد بن علي قوس قال: حدثني الحسين بن دعبل بن علي الخزاعي الشاعر قال: حدثني أبي قال: لما قلت: «مدارس آيات خلت‏
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3504
من تلاوة» قصدت بها أبا الحسن علي بن موسى الرضا سلام اللّه عليهما و هو بخراسان ولي عهد المأمون، فوصلت إليه فأنشدته إياها فاستحسنها، و قال لي لا تنشدها أحدا حتى آمرك، و اتصل خبري بالمأمون فأحضرني و سألني عن خبري ثم قال لي: يا دعبل أنشدني مدارس آيات، فقلت: لا أعرفها يا أمير المؤمنين، فقال:
يا غلام أحضر أبا الحسن علي بن موسى، قال: فلم يكن بأسرع من أن أحضر، فقال:
يا أبا الحسن سألت دعبلا عن مدارس آيات فذكر أنه لا يعرفها، قال: فالتفت إليّ أبو الحسن و قال: أنشدنا (322- ظ) دعبل فأنشدت القصيدة و لم ينكر ذلك المأمون الى أن بلغت الى بيت منها:
فآل رسول اللّه هلب رقابهم و آل زياد غلظ القصرات‏
فقال: و اللّه لأهيّننّها، ثم تممتها الى آخرها فاستحسنها، و أمر لي بخمسين ألف درهم، و أمر لي علي بن موسى بقريب منها فقلت له: يا سيدي أريد أن تهب لي ثوبا يلي بدنك أتبرك به و أجعله كفنا، فوهب لي ثوبا قد ابتذله و منشفة، و أظنه قال: و سراويل قال: و وصلني ذو الرئاستين و حملني على برذون أصفر خراساني عجيب، و كنت أسايره في يوم مطير و عليه ممطر خز و برنس منه، فأمر لي به و دعا بغيره جديد فلبسه، و قال: إنما آثرتك باللبيس لأنه خير الممطرين، قال: فأعطيت به ثمانين دينارا فلم تطب نفسي ببيعه، و قضيت حاجاتي و كررت راجعا الى العراق، فلما صرت ببعض الطريق خرج علينا أكراد يعرفون بالها و نخان فسلبوني و سلبوا القافلة، و كان ذلك في يوم مطير فاعتزلت في قميص خلق قد بقي عليّ و أنا متأسف من جميع ما كان معي على القميص و المنشفة اللذين وهبهما لي علي بن موسى الرضا إذ مرّ بي واحد من الأكراد تحته الأصفر الذي حملني عليه ذو الرئاستين و عليه الممطر الخز، ثم وقف بالقرب مني و ابتدأ ينشد «مدارس آيات» و يبكي، فلما رأيت ذلك عجبت من لص يتشيع، ثم طمعت في القميص و المنشفة، فقلت: يا سيدي لمن هذه القصيدة؟ فقال: ما أنت و ذاك ويلك، فقلت لي فيه سبب أخبرك به (323- و) فقال: هي أشهر بصاحبها من أن يجهل فقلت: من هو؟ قال: دعبل بن علي الخزاعي شاعر آل محمد جزاه الله خيرا، فقلت له: يا سيدي فأنا و الله دعبل‏
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3505
و هذه قصيدتي، فقال: ويلك ما تقول؟ قلت: الامر أشهر من ذلك فاسأل أهل القافلة تخبر بصحة ما أخبرتك به، قال: لا جرم و الله لا يذهب لأحد من أهل القافلة خلالة فما فوقها، ثم نادى في الناس: من أخذ شيئا فليرده على صاحبه فرد على الناس أمتعتهم و على جميع من كان معي حتى ما فقد أحد عقالا، ثم بذرق «1» بنا الى مأمننا، فقال لي قوس: فحدثت بهذا الحديث علي بن بهرام الكردي فقال: ذاك و الله أبي الذي فعل هذا.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن المقير- فيما أذن لي في روايته عنه- قال: أنبأنا الاثير أبو المعالي الفضل بن سهل عن الخطيب أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن عبد الله المقرئ العطار قال:
أخبرنا أبو الحسن محمد بن جعفر التميمي الكوفي المعروف بابن النجار قال: أخبرنا أبو بكر بن الانباري- قراءة- قال: حدثنا أبي قال: قرأت على أبي جعفر أحمد ابن عبيد قال: قال صيني- و هو أحمد بن عبد الله، راوية كلثوم بن عمرو العتابي، و كان سميرا لعبد الله بن طاهر- ان عبد الله بن طاهر بينا هو معه ذات ليلة اذ تذاكرا الادب و أهله و شعراء الجاهلية و الاسلام الى أن صار الى المحدثين فذكرا دعبل ابن علي الخزاعي فقال له عبد الله بن طاهر: ويحك (323- ظ) يا صيني اني أريد أن أوعز اليك بشي‏ء تستره علي أيام حياتي، قال: قلت: أصلح الله الامير أنا عبدك و أنا عندك في موضع تهمة؟ فقال: لا و لكن أطيب لنفسي أن توثق لي بالايمان لأركن إليها و يسكن قلبي عندها فأخبرك قال: قلت: أصلح الله الامير إن كنت عندك في هذه الحال فلا حاجة بك الى افشاء سرك إلي و استعفيته مرارا فلم يعفني فاستحييت من مراجعته، فقلت: ليرى الامير رأيه، فقال: يا صيني قل و الله، فقلت: و الله فأمرها علي غموسا و وكدها بالبيعة و الطلاق و كلما يحلف به مسلم، ثم قال: ويلك يا صيني أشعرت أني أظن أن دعبلا مدخول النسب و أمسك، قال: قلت: أصلح الله الامير أفي هذا أخذت علي الايمان و العهود و المواثيق؟ قال: أي و الله، قلت: و لم ذاك؟ قال: لاني رجل لي في نفسي حاجة، و دعبل رجل قد حمل جذعه على عنقه و لا يجد
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3506
من يصلبه عليه فأتخوف ان بلغه أن يلقي علي من الخزي ما يبقى علي الدهر و قصاراي ان أنا ظفرت به و امكنني ذلك و أسلمه اليمن، و ما أراها تسلمه لانه لسانها و شاعرها و الذاب عنها و المحامي دونها، أن أضربه مائة سوط و أثقله حديدا و أصيره في مطبق باب الشام، و ليس في ذلك عوضا مما سار من الهجاء، و في عقبي من بعدي، قلت:
أ تراه كان يفعل و يقدم على ذلك؟ قال: يا عاجز أهون عليه مما (324- و) لم يكن أ تراه أقدم على سيدي هارون و مولاي المأمون و على أبي نضر الله وجهه و لم يكن يقدم علي؟ قال: قلت: اذا كان الامر على ما وصف الامير فقد وفق فيما أخذ علي، قال: و كان دعبل لي صديقا فقلت: هذا قد عرفته و لكن من أين؟ قال الامير: انه مدخول النسب فو الله لعلمته في البيت الرفيع من خزاعه و ما أعلم فيها بيتا أكرم منه إلا بيت أهبان مكلم الذئب و هم بنو عمه دنيه.
آخر الجزء الجزء الثامن و التسعين و المائة من كتاب بغية الطلب في تاريخ حلب و يتلوه في أول الجزء التاسع و التسعين و المائة تمام الحكاية قال: ويحك كان دعبل غلاما خاملا ترعرع لا يؤبه له.
الحمد لله رب العالمين كثيرا و صلى الله على سيدنا محمد نبيه المصطفى و على آله الطاهرين و صحبه أجمعين و سلم تسليما دائما الى يوم الدين. (324- ظ).
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3507
[فقر دعبل‏]
بسم الله الرحمن الرحيم‏
و به نستعين‏
قال: ويحك كان دعبل غلاما خاملا أيام ترعرع لا يؤبه له، و كان خله لا يدرك بقله، و كان بينه و بين مسلم بن الوليد ازار لا يملكان غيره شيئا، فاذا أراد دعبل الخروج جلس مسلم بن الوليد في البيت عاريا، و اذا أراد الخروج فعل دعبل مثل ذلك، و كانا اذا اجتمعا لدعوة يتلاصقان يطرح هذا شيئا منه عليه و الآخر الباقي، و كانا يعبثان بالشعر الى أن قال دعبل بن علي هذا الشعر:
أين الشباب و أية سلكا لا أين يطلب فعل من هلكا
لا تعجبي يا سلم من رجل ضحك المشيب برأسه فبكى‏
قصر الغواية عن هوى قمر وجد السبيل اليه مشتركا
و غدا بأخرى عز مطلبها صبا يطامن دونها الحسكا
يا ليت شعري كيف يومكما يا صاحبيّ إذا دمي سفكا
لا تأخذا بظلامتي أحدا قلبي و طرفي في دمي اشتركا «1»
الى آخرها قال: فثقف أوله بعض المغنيين فغنى به هارون الرشيد فاستحسنه جدا و استجاد قوله: «ضحك الشيب برأسه فبكى» فقال للمغني: لمن هذا الشعر ويحك؟ قال: لبعض أحداث خزاعه ممن لا يؤبه له يا أمير المؤمنين، قال: و من هو؟
قال: دعبل بن علي الخزاعي قال: يا غلام أحضرني (326- و) عشرة آلاف درهم و حلة من حللي و مركبا من مراكبي خاصة يشبه هذا، فأحضر ما أمره قال: ادع لي فلانا فدعاه له، فقال له: اذهب بهذا حتى توصله الى دعبل، و أجاز المغني بجائزة عظيمة، و تقدم الى الرجل الذي بعثه الى دعبل ان يعرض عليه المصير الى هارون،
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3508
فان صار و إلّا أعفاه من ذلك، فانطلق الرسول حتى أنى دعبلا في منزله، و خبره كيف كان السبب في ذكره، و أشار عليه بالمصير اليه، فانطلق دعبل معه، فلما مثل بين يديه سلم فرد عليه هارون السلام و قربه و رحب به حتى سكن رعبه، و استنشده الشعر فأنشده، و أعجب به و أقام عنده يمتدحه، و أجرى عليه الرشيد أجزل جراية و أسناها، و كان الرشيد أول من ضراه على قول الشعر و بعثه عليه، فو الله ما كان إلا بعد ما غيب هارون في حفرته اذ أنشأ يمتدح آل الرسول صلى الله عليه و سلم و يهجو الرشيد فمن ذلك قوله:
و ليس حي من الاحياء تعرفه من ذي كان و لا بكر و لا مضر
إلا و هم شركاء في دمائهم كما يشارك أيسار على جزر
قتل و أسر و تحريق و منهبة فعل الغزاة بأهل الروم و الخزر
أرى أمية معذورين ان قتلوا و لا أرى لبني العباس من عذر
أبناء حرب و مروان و أسرتهم بنو معيط ولاه الحقد و الوغر
(326- ظ)
قوم قتلتم على الاسلام أولهم حتى اذا استمسكوا حازوا على الكفر
أربع بطوس على القبر الزكي به ان كنت تربع من دين على وطر
قبران في طوس خير الناس كلهم و قبر شرهم هذا من العبر «1»
ما ينفع النحس من قرب الزكي و لا على الزكي بقرب النحس من ضرر
هيهات كل امرئ رهن بما كسبت يداه حقا فخذ ما شئت أو فذر «2»
قال العباس: و القبران اللذان ذكرهما بطرس: قبر هارون، و الآخر قبر الرضا علي بن موسى «3»، فو الله ما كافأه و كان سبب نعمته بعد الله عز و جل، فهذه واحدة يا صيني و أما الثانية فإنه لما استخلفه المأمون جعل يطلب دعبلا الى أن كان من أمره‏
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3509
مع ابراهيم بن شكله «1» و خروجه مع أهل العراق لطلب الخلافة فأرسل اليه دعبلا شعرا يقول فيه:
علم و تحليم «2» و شيب مفارق طلسّن ريعان الشباب الرائق‏
و إمارة من دولة ميمونة كانت على اللذات أشغب عائق‏
فالآن لا أغدو و لست برائح في كبر معشوق و ذلة عاشق‏
أنى يكون و ذاك ليس بكائن يرث الخلافة فاسق عن فاسق‏
نفر ابن شكلة بالعراق و أهلها فهفا اليه كل أطلس مائق‏
ان كان ابراهيم مضطلعا بها فلتصلحن من بعده لمخارق «3»
فضحك المأمون و قال: قد غفرنا لدعبل ما كان هجانا بهذا البيت:
ان كان ابراهيم مضطلعا بها فلتصلحن من بعده لمخارق (327- و)
قال: فكتب الى أبي طاهر أن يطلب له دعبلا حيث كان و يعطيه الامان، قال:
فكتب أبي اليه و كان واثقا بناحيته، فأقرأه كتاب أمير المؤمنين، و حمله و خلع عليه و أجازه بالكثير، و أشار عليه بالمصير الى المأمون، قال: فتجمل دعبل الى المأمون قال: و ثبت في الخلافة المأمون و ضرب الدنانير باسمه، و أقبل يجمع الآثار في فضائل آل رسول الله صلى الله عليه و سلم، قال: فتناهى اليه فيما تناهى من فضائلهم قول دعبل:
مدارس آيات خلت من تلاوة و منزل وحي مقفر العرصات‏
لآل رسول الله بالخيف من مني و بالركن و التعريف و الجمرات‏
قال: فما زالت تردد في صدر المأمون، حتى قدم عليه دعبل فقال: أنشدني و لا بأس عليك و لك الامان من كل شي‏ء فيها فاني أعرفها و قد رويتها إلا اني أحب أن أسمعها من فيك قال: فأنشده حتى اذا صار الى هذا الموضع:
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3510
أ لم تر أني مذ ثلاثون حجة أروح و أغدو دائم الحسرات‏
أرى فيئهم في غيرهم متقسما و أيديهم من فيئهم صفرات‏
و آل رسول الله نجف جسومها و آل زياد غلظ القصرات‏
بنات زياد في الخدور مصونة و بنت رسول الله في الفلوات‏
اذا وتروا مدوا الى واتريهم أكفا عن الاوتار منقبضات‏
فلو لا الذي أرجوه في اليوم أو غدا تقطع قلبي إثرهم حسرات‏
(372- ظ)
قال: فبكى المأمون حتى أخضلت لحيته و جرت دموعه على نحره، و كان دعبل أول داخل اليه و آخر خارج من عنده، فو الله ان شعرنا بشي‏ء الا و قد عتب على المأمون و أرسل اليه بشعر يقول فيه:
و يسومني المأمون خطة ظالم أو ما رأى بالامس رأس محمد
يوفى على هام الخلائق مثل ما توفى الجبال على رؤوس القردد «1»
لا تحسبن جهلي كحلم أبي (فما) «2» حلم المشايخ مثل جهل الامرد
اني من القوم الذين سيوفهم قتلت أخاك و شرفتك بمقعد
شادوا بذكرك بعد طول خموله و استنقذوك من الحضيض الابعد «3»
فلما سمع بهذا المأمون قال: كذب علي متى كنت خاملا و اني لخليفة و ابن خليفة و أخو خليفة، متى كنت خاملا فرفعني دعبل فو الله ما كافأه و لا كافأ أبي ما أسدى اليه و ذلك أنه لما توفي أنشأ يقول:
و أبقى طاهر فينا خلالا عجائب تستخف لها الحلوم‏
ثلاثة أخوة لأب و أم تمايز عن ثلاثتهم أروم‏
فبعضهم يقول قريش قومي و يدفعه الموالي و الصميم‏

بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3511
و بعض في خزاعة منتماه ولاه غير مجهول قديم‏
و بعضهم يهش لآل كسرى و يزعم أنه علج لئيم‏
لقد كثرت مناسبهم علينا فكلهم على حال زنيم «1»
(328- و) فهذه الثالثة يا صيني، و أما الرابعة فانه لما استخلف المعتصم بالله دخل عليه دعبل ذات يوم، فأنشده قصيدة، فقال: أحسنت و الله يا دعبل فاسألني ما أحببت، قال: مائة بدرة قال: نعم على أن تمهلني مائة سنة و تضمن لي أجلي معها، قال:
قد أمهلتك ما شئت، و خرج مغضبا من عنده، فلقي خصيا كان عوده أن يدخل مدائحه الى أمير المؤمنين و يجعل له سهما من الخلوة اذا قبضها، فقال: ويحك اني كنت عند أمير المؤمنين و أغفلت حاجة لي أن أذكرها له، فاذكرها في أبيات و تدخلها اليه، قال: نعم ولي نصف الجائزة، فماكسه ساعة ثم أجابه الى ان يجعل له نصف الجائزة فأخذ الرقعة فكتب فيها:
بغداد دار الملوك كانت حتى دهاها الذي دهاها
ما غاب عنها سرور ملك أعاره بلدة سواها
و ما سرى مرى بسر مرى بل هي بؤس لمن يراها
عجل ربي لها خرابا برغم أنف الذي بناها «2»
و ختمها و دفعها الى الخصي فأدخلها الى المعتصم فلما نظر اليها، قال للخصي:
من صاحب هذه الرقعة؟ قال: دعبل يا أمير المؤمنين و قد جعل لي يا أمير المؤمنين نصف الجائزة، فطلب فكأن الارض انطوت عليه فلم يعرف له خبر، قال: فقال المعتصم: أخرجوا الخصي فأجيزوه بألف سوط فانه زعم ان له نصف الجائزة، فقد أردنا أن نجيز دعبلا بألفي سوط، قال: ثم لم يلبث أن كتب اليه (328- ظ) من قم أبياتا و هي هذه:
ملوك بني العباس في الكتب سبعة و لم تأتنا في ثامن «3» منهم الكتب‏

بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3512
كذلك أهل الكهف في الكتب سبعة غداة ثووا فيه و ثامنهم كلب‏
و إني لأزهي كلبهم عنك رغبة لأنك ذو ذنب و ليس له ذنب‏
كأنك إذ ملكتنا لشقائنا عجوز عليها التاج و العقد و الإتب‏
فقد ضاع أمر الناس حين يسوسهم و صيف و أشناس و قد عظم الخطيب‏
و إني لأرجو أن يرى من مغيبها مطالع شمس قد يغصّ بها السرب‏
و همك تركي عليه مهانة فأنت له أم و أنت له أب «1»
و اما الخامسة فإن ابن أبي دؤاد «2» كان يعطيه الجزيل من ماله و يقسم له على أهل عمله فعتب عليه فقال فيه:
أبا عبد الاله أصخ لقولي و بعض القول يصحبه السداد
ترى طسما تعود بها الليالي إلى الدنيا كما رجعت اياد
قبائل جذّ أصلهم فبادوا و أودى ذكرهم زمنا فعادوا
و كانوا أغرزوا في الرمل بيضا فأمسكه كما غرز الجراد
فلما ان سقوا درجوا و دبوا و زادوا حين جادهم العهاد
هم بيض الرماد يشق عنهم و بعض البيض يشبهه الرماد
غدا تأتيك أخوتهم جديس و جرهم قصرا و تعود عاد
(327- و)
فتعجز عنهم الأمصار ضيقا و تمتلى‏ء المنازل و البلاد
فلم أر مثلهم بادوا فعادوا و لم أر مثلهم قلوا فزادوا
توغل فيهم سفل و خور و أوباش فهم لهم مداد
و أنباط السواد قد استحالوا بها عربا فقد خرب السواد
فلو شاء الامام أقام سوقا فباعهم كما بيع السماد «3»
و قال فيه و قد تزوج في بني عجل:
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3513
أيا للناس من خبر طريف تفرد ذكره في الخافقين‏
أعجل أنكحوا ابن أبي دؤاد و لم يتأثموا فيه ابنتين‏
أرادوا نقد عاجلة فباعوا رخيصا عاجلا نقدا بدين‏
بضاعة خاسر بارت عليه فباعك بالنواة التمرنين‏
و لو غلطوا بواحدة لقلنا يكون الوهم بين العاقلين‏
و لكن شفع واحدة بأخرى يدل على فساد المنصبين‏
لحى اللّه المعاش بفرج انثى و لو زوجتها من ذي رعين‏
و لما أن أفاد طريف مال و اصبح رافلا في الحلتين‏
تكنى و انتمى لأبي دؤاد و قد كان اسمه ابن الفاعلين‏
فردوه إلى فرج أبيه و زرياب فألأم و الدين‏
و هجاه بغير قصيدة، و قال في الحسن بن وهب، و كان على برد الآفاق (327- ظ)
ألا أبلغا عني الامام رسالة رسالة ناه عن جنابيه شاحط
بأن ابن وهب حين يسجح ساجح «1» يمر على القرطاس أقلام غالط
أحب بغال البرد حبا مداخلا دعاه إلى غشيانها في المرابط
و لو لا أمير المؤمنين لأصبحت نعول بغال البرد حشو الخرائط «2»
و قال فيه أيضا:
من مبلغ عنى امام الهدى قافيه للستر هتاكة
هذا جناح المسلمين الذي قد قصه تولية الحاكة
أضحت بغال البرد منظومة إلى ابن وهب تحمل النّاكة «3»
و هؤلاء أهل قم يعطونه الكثير من أموالهم و يمنعون الخلفاء منه، فكافأهم بأن قال فيهم:
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3514
تلاشى أهل قم فاضمحلوا تحل المخزيات بحيث حلوا
و كانوا شيدوا في الفقر مجدا فلما جاءت الأموال ملوا «1»
و قال فيهم أيضا:
ظلت بقمّ مطيتي يعتادها همّان غربتها و بعد المدلج‏
ما بين علج قد تعرب فانتمى أو بين آخر معرب مستعلج «2»
و قال و هجاهم بغير قصيدة، و قال في الحسن بن رجاء بعدما ولي المال يهجوه:
ما زلت تركب كل شي‏ء قائم حتى اجترأت على ركوب المنبر
(330- و)
فلأنظرن الى الجبال و أهلها و إلى المنابر باحتقار المنظر
ما زال منبرك الذي خلفته بالأمس منك كحائض لم تطهر «3»
و قال فيه أيضا:
يا من يقلب طومارا و يلثمه ما ذا بقلبك من حب الطوامير
شبهت شيئا بشى‏ء أنت وامقه طولا بطول و تدويرا بتدوير
لو كنت تجمع مالا مثل جمعكها إذا جمعت بيوتا من دنانير «4»
قال: و هذا علي بن عيسى الأشعري قد دل بعض شعره على انه قد اخذ منه ألوفا و ذلك في قوله لعلي بن عيسى:
فلا تفسدن خمسين ألفا و هبتها و عشرة أحوال و حق تناسب‏
و شكرا تهاداه الرجال تهاديا إلى كل مصر بين جاء و ذاهب‏
بلا زلة كانت و إن تك زلة فان عليك العفو ضربة لازب «5»

بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3515
فما كان بين هذا القول و بين أن هجاه إلا أياما قلائل حتى قال فيه هذه الأبيات:
كنت من أرفض خلق الله إذ كنت صبيا فتواليت أبا بكر و أرجأت الوليّا
و تجنبت عليا إذ تسميت عليا «1»
قال: و هذه خزاعه هجاهم و هي قبيلته فقال فيهم:
أخزاع غيركم الكرام فاقصروا و ضعوا أكفكم على الأفواه‏
(330- ظ)
الراتقين ولات حسين مراتق و الفاتقين شرائع الأستاه‏
فدعوا الفخار فلستم من أهله يوم الفخار ففخركم نسياه «2»
قال: و هذا المطلب بن عبد الله الخزاعي قال فيه يمتدحه و كان يعطيه الجزيل فقال:
إن كاثرونا جئنا باسرته و واحدونا جئنا بمطلب‏
أبعد مضر و بعد مطلب ترجو الغنى إن ذا من العجب «3»
و قال فيه يهجوه:
شعارك في الحرب يوم الوغى بفرسانك الأول الأول‏
فأنت إذا أقبلوا آخر و أنت إذا أدبروا أول‏
فمنك الرءوس غداة الوغى و ممن يحاربك المقصل‏
فذلك دأبكما أو يموت من القول بينكما الأعجل «4»
قال و هذا الحسن بن رجاء و ابنا هشام و دينار بن عبد الله و يحيى بن أكثم و كانوا ينزلون المخرم ببغداد فقال فيهم يهجوهم كلهم:
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3516
ألا فاشتروا مني ملوك المخرم أبع حسنا و ابني هشام بدرهم‏
و أعطي رجاء بعد ذاك زيادة و اغلط بدينار بغير تندم‏
فان ردّ من عيب علي جميعهم فليس برد العيب يحيى بن أكثم «1»
و قال ايضا في يحيى بن اكثم يهجوه:
رفع الكلب فاتضع ليس في الكلب مصطنع‏
(331- و)
بلغ الغاية التي دونها كل مرتفع‏
إنما قصر كل ش ي‏ء إذا طار أن يقع‏
قل ليحيى بن أكثم إن ما خفت قد وقع‏
لعن الله نخوة كان من بعدها ضرع «2»
قال: و هؤلاء بنو أهبان مكلم الذئب، و هم بنو عمه دنية هجاهم فقال فيهم:
تهتم علينا بأن الذئب كلمكم فقد لعمري أبوكم كلم الذئبا
فكيف لو كلم الليث الهصور إذا جعلتم الناس مأكولا و مشروبا
هذا السيدىّ لا يسوى أتاوته يكلم الفيل تصعيدا و تصويبا
فاذهب إليك فإني لا أرى أبدا بباب دارك طلابا و مطلوبا «3»
قال: و هذا الهيثم بن عثمان الغنوي قد دل شعره على أنه قد كان إليه محسنا إذ يقول فيه:
يا هيثما يا بن عثمان الذي افتخرت به المكارم و الأيام تفتخر
أضحت ربيعة و الأحياء من يمن تيها بنجدية لا وحدها مضر «4»
و قال فيه يهجوه:
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3517
سألت أبي و كان أبي عليما بساكنة الجزيرة و السواء
فقلت أهيثم من حي قيس؟ فقال: نعم كأحمد من دؤاد
فإن يك هيثم من حي قيس فأحمد غير شك من إياد «1»
(331- ظ)
و قال في أخيه رزين بن علي الخزاعي يهجوه:
مهدت له ودي صغيرا و نصرتي و قاسمته مالي و بوأته حجري‏
و قد كان يكفيه من العين كله رجاء و بأس يرجعان الى فقر
و فيه عيوب ليس يحصى عدادها فأصغرها عيبا يجل عن الفكر
و لو أنني أبديت للناس بعضها لأصبح من بصق الأحبة في بحر
فدونك عرضي فاهج حيا و ان أمت فأقسم إلّا ما خريت على قبري «2»

و قال في امرأته يهجوها
يا ركبتي جزر و ساق نعامة و نثيل «3» كناس و رأس بعير
يا من أشبهها بحمى نافض قطاعة للظهر ذات زئير
صدغاك قد شمطا و نخرك يابس و الصدر منك كجؤجؤ الطنبور
يا من معانقها يبيت كأنه في محبس قمل و في ساجور «4»
قبلتها فوجدت طعم لثاتها فوق اللثام كلسعة الزنبور «5»
و له هجاء قبيح في امرأته عليه. و له في جارتيه غزل يهجوها:
رأيت غزالا و قد أقبلت فأبدت لعينيّ عن مبصقة
قصيرة الخلق دحداحة تدحرج في المشي كالبندقة
كأن ذراعا على كفها إذا حسرت ذنب الملعقة

بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3518
تخطط حاجبها بالمداد و تربط في عجزها مرفقة (332- و)
و أنف على وجهها ملصق قصير المناخر كالفستقه‏
و ثديان ثدي كبلوطة و آخر كالقربة المفهقه‏
و صدر نحيف كثير العظام يقعقع من فوقه المخنقة
و ثغر اذا كشفت خلته نحانح فاميه مغلقة «1»
و قال في جارتيه برهان يهجوها:
برهان باردة المطبخ و حمامها واسع المسلخ‏
و انك لو نلتها نيلة لأفضيت فيها الى بربخ‏
و لو كشفت لك عن فعلها لأبصرت ميلين في فرسخ «2»
و قال فيها أيضا:
برهان لا تطرب جلاسها حتى تريك الصدر مكشوفا
شبهتها لما تغنت لهم بنعجة قد مضغت صوفا «3»
ثم قال عبد الله بن طاهر لصيني: فعلى من بقي هذا ويحك باصيني لا أحسبه إلّا كما قلت ثم حثّت علينا الكاسات، و بقيت من حفظه لهذه الاشياء متعجبا.
قال فلقيت دعبلا بعد ذلك فخفت أن أذكر له شيئا فضحكت فقال لي: ويلي عليك قد تحاماني الناس ضرطت الخلفاء و أنا عندك عندك موضع مطنزه و سخرية، قلت: لا و لكني انما ضحكت استبشارا بالنظر اليك، قال: ثم لقيته من بعد فضحكت فقال: ويلك أنت على ذاك الذي عهدت فالتفت الى (332- ظ) غلامه نفنف فقال:
خذ برجله ابن كذا و كذا، قال: قلت: يا أبا علي ان هجرتني وصلتك و ان وصلتني و ددتك و ان جفوتني زرتك و لا سبيل الى اخبارك بهذا الذي أنا فيه، فلم يزل كذلك حينا حتى توفى عبد الله بن طاهر.
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3519
قال فلقيت دعبلا يوما بكرخ بغداد فضحكت فقال: ليس لضحكك هذا آخر يا بن الفاعلة، قال: فقلت له امض بنا فقد فرج الله عني و عنك، فذهبت به الى منزلي فطعمنا و أخذنا في الشرب و أخبرته الخبر على جهته، فقال: و يلي على ابن العوراء الفاعلة و الله لو أعلمتني قبل وفاته لا علمتك كيف كانت تكون حاله، قال:
قلت: هو و الله كان أبصر منك، و أعرف بك اذ أخذ عليّ في أمرك ما أخذ، ثم أخذنا في لهونا و أمسك متعجبا.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل السلماني بدمشق قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
و حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي- قراءة علينا من لفظه- قال:
أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي ابن ابراهيم العلوى قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قال: سمعت ابن قتيبة يقول: «1» أدخلت على المعتصم فقال لي: يا عدو الله أنت الذي تقول في بني العباس انكم في الكتب سبعة و أمر بضرب عنقي، و ما كان في المجلس إلّا من كان عدوا لي و أشدهم علي ابن شكلة فقام قائما و قال: يا أمير المؤمنين أنا الذي قلت (333- و) هذا و نميته الى دعبل فقال له: و ما أردت بهذا؟ قال: لما تعلم بيني و بينه من العداوة فأردت أن أشيط بدمه، قال: فقال: أطلقوه، فلما كان بعد مدة قال لابن شكلة: سألتك بالله أنت الذي قلته؟ فقال: لا و الله يا أمير المؤمنين و ما نظرة أنظر أبغض إليّ من دعبل فقال له: فما الذي أردت بهذا؟ قال: علم أن ماله في المجلس عدو أعدى مني فنظر إليّ بعين العداوة و نظرت اليه بعين الرحمة، قال: فجزاه خيرا أو نحو ذلك. «2».
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى ابن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبد الله ابن كادش العكبري قال:
أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا الجريري‏
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3520
قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا عون بن محمد قال: قال دعبل لابراهيم بن العباس: أريد أن أصحبك الى خراسان فقال له ابراهيم: حبذا أنت صاحبا و مصحوبا، ان كنا على شريطة بشار قال و ما شريطة بشار قال قوله:
أخ خير من أحببت أحمل ثقله و يحمل عني حين يفدحني ثقلي‏
أخ إن نبا دهر به كنت دونه و إن كان كون كان لي ثقة مثلي‏
أخ ماله لي لست أرهب بخله و ما لي له لا يرهب الدهر من بخلى «1»
قال: ذلك لك و مزية فاصطحبا.
أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر بن علي قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: أخبرنا جعفر أحمد بن يعقوب ابن يوسف الأصبهاني قال: أنشدنا أبو طالب الدعبلي قال: أنشدنا (33- ظ) علي بن الجهم و ليست له و جعله يعيدها و يستحسنها:
لما رأت شيبا يلوح بمفرقي صدت صدود مفارق متجمل‏
فظلت أطلب وصلها بتذلل و الشيب يغمزها بألا تفعل‏
قال أبو طالب: و من حسن ما قيل في هذا المعنى قول جدي:
لا تعجبي يا سلم من رجل ضحك المشيب برأسه فبكى‏
أين الشباب و أية سلكا لا أين يطلب ضلّ من هلكا
لا تأخذي بظلامتي أحدا طرفي و قلبي في دمي اشتركا «2»
أخبرنا زيد بن الحسن- كتابة- قال أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: قرأت على الحسن بن علي الجوهري عن أبي عبيد الله المزرباني قال: أخبرني محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي قال: حدثني من سمع دعبلا يقول: أنشدت أبا نواس شعري:
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3521
أين الشباب و أية سلكا لا أن يطلب ضل من هلكا
لا تعجبي يا سلم من رجل ضحك المشيب برأسه فبكى‏
فقال: أحسنت مل‏ء فيك و أسماعنا قال: و كان و الله فصيحا.
كتب الينا أحمد بن الأزهر بن عبد الوهاب السباك من بغداد قال: أجاز لي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أخبرنا أبو غالب بن بشران- اجازة قال: أخبرنا أبو الحسين المراعيشي و أبو العلاء الواسطي قالا: أخبرنا ابراهيم بن محمد بن عرفة (334- و) قال: حكي لي عن عمرو بن مسعدة قال: كنت عند أمير المؤمنين فدخل عليه أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي فقال له المأمون: فهل استحسنت من شعر أخي خزاعة شيئا؟ قال: يا أمير المؤمنين أي أخو خزاعة المحسنون كثير فأيهم هو من المحسنين؟ قال: و من عندك محسنوهم سمهم لي حتى أنبئك به منهم، قال: يا أمير المؤمنين طاهر بن الحسين، عبد الله بن طاهر، دعبل بن علي، و محمد بن عبد الله بن زريق خال دعبل- يعني- أبا الشيص، قال: دعبل بن علي، قال: قابل يا أمير المؤمنين احسانا بإساءة و بخل من منعه و جوّد من أعطاه فعدل بالصحيح المعوج و بالضيق المنفرج، قال: حيث يقول ما ذا؟ قال: حيث يقول في المطلب بن عبد الله بن مالك، و قد وفد اليه الى مصر و مدحه على أنه من رهطة و قومه فألصق ذمّه بإحسان طلحة الطلحات من قومه، فقوّم ذلك فاعتدل الحمل و لم يجعل بينهما علاوة و هو قوله:
اضرب ندى طلحة الطلحات مبتديا ببخل مطّلب فينا و كن حكما
تسلم خزاعة من لؤم و من كرم فلا نعدّ لها لؤما و لا كرما «1»
فقال المأمون: لله دره ما أغوصه و أنصفه و أوصله ثم قال المأمون لعبد الله بن طاهر: ما تحفظ لدعبل؟ قال: يا أمير المؤمنين أبياته في أهل بيت أمير المؤمنين، قال:
هاتها فأنشده:
سقيا و رعيا لأيام الصبابات أيام أرفل في أثواب لذاتي (334- ظ)
أيام غصني رطيب من لدونته أصبو إلى غير كناتي و جاراتي‏

بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3522
دع عنك ذكر زمان فات مطلبه و أقذف برجلك عن متن الجهالات‏
و اقصد بكل مديح أنت قائله نحو الهداة بني بيت الكرامات «1»
فقال المأمون: انه وجد و الله مقالا، فقال: و نال من بعيد ذكرهم ما من غيرهم لا ينال، قال: ثم أنشد له المأمون في بعض غنيّاته:
و قائلة لما استمرت بي النوى و محجرها فيه دم و دموع‏
ترى بعد هذا اللذين تحملوا إلى بلد فيه الشجيّ رجوع‏
فقلت: و لم أملك سوابق عبرة نطقن بما ضمت لهن ضلوع‏
«2» قال فكم دار تفرق شملها و شمل شتيت عاد و هو جميع‏
كذاك الليالي صفوهن كما ترى لكل أناس جذبة و ربيع «3»
يا قاسم ما عرضت على سفر إلّا هيأت هذه الأبيات مخاطبة لي، و نصبا بين عيني و محدثة لي في أوبتي و مسلية عن فرقتي، ان الفهيم اذا فهم المعنى استحسن و ان المستغلق اذا لم يفهمه استبرمه.
أخبرنا الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا عبد الكريم بن محمد المروزي- اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا المبارك بن علي الشمري- بقراءتي عليه- قال: حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسري البندار- إملاء بجامع المنصور- قال: أخبرنا أبو محمد عبيد الله بن أحمد بن أبي مسلم الفرضي المقرئ قال: حدثنا (335- و) أبو طاهر بن أبي هاشم قال: حدثنا اسماعيل بن يونس قال: حدثنا أبي يونس بن ياسين قال: سمعت المعتصم يقول لابن أبي دؤاد: مالي أراك منحرفا عن دعبل، هو ابن علي الخزاعي الشاعر، اني ليعجبني من شعره أشياء حسنة من ذلك قوله:
إنّ القليل الذي يأتيك في دعة هو الكثير فاعف النفس من تعب‏

بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3523
لا قسم أوفر من قسم تنال به وقاية الدين و الاعراض و الحسب «1»
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري قال:
أخبرنا المعافى بن زكريا قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم الطبري قال: حدثني محمد ابن يحيى الحنفي قال: حدثني أبو كعب الخزاعي قال: وفد دعبل بن علي الخزاعي الى عبد الله بن طاهر فلما وصل اليه قام تلقاء وجهه ثم أنشأ يقول:
أتيت مستشفعا بلا سبب إليك إلّا بحرمه الأدب‏
فاقض ذمامي فانني رجل غير ملح عليك في الطلب «2»
فانتعل عبد الله و دخل و وجه إليه برقعة معها ستون ألف درهم، و في الرقعة بيتان فكانا:
أعجلتنا فأتاك أول برنا قلّا و لو أخرته لم يقلل-
فخذ القليل و كن كمن لم يقبل و نكون نحن كأننا لم نفعل‏
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو القاسم بن بوش قال:
أخبرنا (335- ظ) أبو العز أحمد بن عبد الله بن كادش قال: أخبرنا محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا القاضي الجريري قال:
حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثني عون بن محمد قال: لما هجا دعبل المطلب بن عبد الله بن مالك الخزاعي فقال:
اضرب ندى طلحة الطلحات متئدا ببخل مطلب فينا و كن حكما
تخرج خزاعة من لوم و منه كرم فلا تعدلها لؤما: لا كرما «3»
و يروى «تسلم خزاعة»، فدعاه بعد ذلك المطلب، فلما دخل عليه قال: و الله لأقتلتك لهجاك لي، فقال له: فاشبعني اذا و لا تقتلني جائعا فقال: قبحك الله هذا أهجى من الأول، فوصله فحلف أنه يمدحه ما عاش فقال فيه:
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3524
سألت الندى لا عدمت الندى و قد كان منا زمانا عزب‏
فقلت له طال عهد اللق اء فهل غبت بالله أم لم تغب‏
فقال بلى لم أزل غائبا و لكن قدمت مع المطلب «1»
قال القاضي أبو الفرح: و في هذا الخبر ما دل على دهاء دعبل و لطف حيلته، و أنبأ عن ذكاء المطلب و دقة فطنته، و قد روي مثل هذا عن معن بن زائدة و أتي بجماعة قد عاثوا في عمله فأمر بقتلهم، فقال له أحدهم: أعيذك بالله أن تقتلنا عطاشا، فأمر باحضار ماء يسقونهم فأحضر (336- و) فلما شربوا قال: أيها الأمير لا تقتل أضيافك فقال: أولى لك و أمر بتخليتهم.
قال: و أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا عون قال: أنشدني دعبل لنفسه يرثي المطلب:
مات الثلاثة لما مات مطلب مات الحياة و مات الرعب و الرهب‏
لله أربعة قد ضمها كفن أضحى يعزى بها الاسلام و العرب‏
يا يوم مطلب أصبحت أعيننا معا يدوم لها ما دامت الحقب‏
هذي خدود بني قحطان قد لصقت بالترب منذ استوى من فوقك الترب «2»
قال القاضي: قول دعبل في شعره الأول في الخبر المتقدم «اضرب ندى طلحة الطلحات» أسكن اللام في قوله الطلحات للضرورة و حقه التحريك، و العرب تقول طلحة الطلحات و حمزة و حمزات، و تمرة و تمرات و جمرة و جمرات، و مثله و مثله الركعات و السجدات، بفتح عين الفعل من فعلات في الأسماء من هذا الباب، ما لم تكن العين واوا، أو ياء، أو ألفا و قد أسكن الراجز العين من الاسم في الباب الذي وصفت فقال:
على صروف الدهر أو دلالتها تديلنا اللمة من لماتها
فتستريح النفس من زفراتها «3»


بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3525
أنبأنا أبو حفص بن محمد بن المكتب قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال:
أخبرنا أبو بكر البغدادي قال: أخبرني أبو عبد اللّه محمد بن عبد الواحد قال:
أخبرنا محمد بن العباس (336- ظ) قال: أخبرنا محمد بن خلف بن المرزبان قال: أهدى بعض العمال الى دعبل بن علي برذونا فوجده زمنا فرده و كتب إليه:
و أهديته زمنا فانيا فلا للركوب و لا للثمن‏
حملت على زمن شاعرا فسوف تكافأ بشعر زمن‏
و قال محمد بن خلف: أخبرني عبد الرحمن بن حبيب قال: قدم صديق لدعبل من الحج فوعده أن يهدي له «1» فأبطأ عليه فكتب إليه:
وعدت النعل ثم صدفت عنها كأنك تبتغي شتما و قذفا
فإن لم تهد لي نعلا فكنها إذا أعجمت بعد النون حرفا «2»
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن البانياسي- في كتابه- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا خالي أبو المعالي محمد بن يحيى القاضي قال: أخبرنا سهل بن بشر قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن أحمد بن السري قال: أخبرنا الحسن بن رشيق قال: حدثنا يموت بن المزرع قال: حدثنا أبو هفان قال: أنشدنا دعبل لنفسه:
و داعك مثل وداع الحياة و فقدك مثل افتقاد الديم‏
عليك السلام فكم من وفاء أفارق منك و كم من كرم «3»
فقلت له: قد أحسنت غير أنك سرقت البيت الأول من الربعيين النصف الأول من القطامي (337- و).
ما للكواعب و دعن الحياة بأن و دعنني و اتخذن الشيب ميعادي‏
و النصف الثاني من ابن بجرة حيث يقول:
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3526
عليك سلام الله وقفا فإنني أرى الموت و قاعا بكل شريف‏
فقال لي: بل الطائي و اللّه سرق هذا البيت بأسره من ابن بجرة في قصيدته التي تعرف بالمسروقة رثى بها محمد بن حميد الطوسي و أولها:
كذا فليجل الخطب و ليفدح الأمر و ليس لعين لم يفض ماؤها عذر
إلى قوله:
عليك سلام الله وقفا فإنني رأيت الكريم الحر ليس له عمر «1»
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة اللّه بن مميل الشيرازي قال: أخبرنا علي ابن محمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد بن الحسين العكبري قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الصلت قال: أخبرنا أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني قال:
أخبرني محمد بن يزيد قال: حدثني الحسين بن دعبل بن علي الخزاعي قال: حدثني أبي قال: بينا أنا جالس على باب دار كنت أنزلها في الكرخ إذ مرت بي غصن جارية ابن الأحدب و كانت شاعرة مغنية بلغني خبرها و لم أكن شاهدتها، فرأيت وجها جميلا، وقدا حسنا و قواما و شكلا، و هي تخطر في مشيتها و تنظر في أعطافها فقلت لها:
دموع عيني بها انبساط و نوم عيني به انقباض‏
(337- ظ) فقالت بسرعة:
ذاك قليل لمن دهته بحسنها الأعين المراض‏
فقلت:
فهل لمولاتي عطف قلب أم للذي في الحشاء انقراض‏
فقالت:
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3527
إن كنت تهوى الوداد منا فالود في ديننا قراض‏
فما دخل أذني كلام أحلى من كلامها و لا رأت عيني أنضر وجها منها فعدلت بها عن ذلك الروي فقلت:
أ ترى الزمان يسرنا بتلاق و يضم مشتاقا الى مشتاق‏
فقالت:
ما للزمان يقال فيه و إنما أنت الزمان فسرّنا بتلاق «1»
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد اللّه الدمشقي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الخالق بن عبد الوهاب بن محمد بن الحسين الأنباري قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد اللّه بن كادش، ح.
قال أبو الحجاج و أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن يحيى بن بوش قال:
أخبرنا أبو سعد أحمد بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان- إجازة، و قد سمعته منه وضاع أصل السماع- قال: (338- و) و أنشد لدعبل بن علي الخزاعي:
عدو راح في ثوب الصديق شريك في الصبوح و في الغبوق‏
له وجهان ظاهره ابن عم و باطنه ابن زانية عتيق‏
يسرك مقبلا و يسؤك غيبا كذاك يكون أبناء الطريق «2»
أنبأنا أبو المحاسن بن البانياسي قال: أخبرنا علي بن الحسن الشافعي قال: قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر عن أبي بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ قال: حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري قال: كان أبو عمرو علي بن القاسم الخوافي مدح أبا عمرو أحمد بن نصر، و تردد اليه بعد أن مدحه و لم يخرج الجواب كما أحبه فكتب اليه رقعة يقول فيها قال: علي بن الجهم في مثل ما نحن فيه:
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3528
يا من يوقع لا في قصتي أبدا ما ذا يضرك لو وقعت لي نعما
وقّع نعم ثم تنوي الوفاء بها إن كنت من قوله باللفظ محتشما
أولا فوقع عسى كيما تعللني فإن قولك لا يبكي العيون دما «1»
قال: و كتب في رقعة و من أحسن ما يذكر لعبد الله بن طاهر:
افعل الخير ما استطعت و إن كان قليلا فلست مدرك كله‏
و متى تفعل الكثير من الخير و إذا كنت تاركا لأقلّه‏
قال: و كتب في رقعة أن دعبل بن علي كتب في رقعة الى عبد اللّه بن طاهر:
ما ذا أقول إذا انصرفت و قيل لي ما ذا أخذت من الجواد المفضل‏
(338- ظ)
إن قلت أعطاني كذبت و ان أقل ضن الجوّاد بماله لم يجمل‏
فاحتل لنفسك كيف شئت فإنني لا بدّ أخبرهم و إن لم أسأل «2»
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة اللّه في كتابه قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال:
كتب إلي أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة، و حدثني أبو بكر اللفتواني عنه قال: أخبرنا عمي أبو القاسم عن أبيه أبي عبد الله قال: قال أبو سعيد بن يونس:
دعبل بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي، من أهل قرقيسيا قدم مصر هاربا من المعتصم لهجو هجاه به، و خرج منها الى المغرب الى الأغلب، و كان يجالس بمصر جماعة من أهل الأدب، منهم محمد بن يحيى بن أبي المغيرة يحكي عنه حكايات و انشادات «3».
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر علي بن هبة اللّه بن ماكولا الحافظ قال: دعبل بن علي بن رزين بن سليمان بن نهشل، و قيل بهنس بن خراش ابن خالد بن عبد بن خزعل بن أنس بن خزيمة بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن‏
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3529
حارثة بن عمرو بن عامر بن مزيقيا، شاعر محسن، و اسمه محمد و كنيته أبو جعفر، و دعبل لقب و هو البعير المسن.
ثم قال في موضع آخر: و أما دعبل- أوله دال مهملة، ثم عين ساكنة و ياء معجمة بواحدة مكسورة- فهو دعبل بن علي الخزاعي الشاعر المشهور، روى عن مالك ابن أنس و غيره روى عنه (339- و) أخوه علي بن علي، و له كتاب في الشعراء تقدم نسبه في حرف الباء «1».
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي- فيما أجاز لي روايته عنه- قال:
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: دعبل بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد الله بن بديل بن ورقاء، أبو علي الخزاعي الشاعر أصله من الكوفة، و يقال من قرقيسيا، و كان يتنقل في البلاد، و أقام ببغداد مدة ثم خرج منها هاربا من المعتصم لما هجاه و عاد اليها بعد ذلك، و كان خبيث اللسان قبيح الهجاء، و قد روي عنه أحاديث مسندة عن مالك بن أنس و عن غيره، و كلها باطلة تراها من وضع ابن أخيه اسماعيل بن علي الدعبلي فإنها لا تعرف إلّا من جهته، و قد روى عنه قصيدته التي أولها (مدارس آيات) و غيرها من شعره أحمد بن القاسم أخو أبي الليث الفرائضي، و زعم أحمد بن القاسم أن دعبلا لقب، و اسمه الحسن و قال ابن أخيه: اسمه عبد الرحمن، و قال غيرهما اسمه محمد و كنيته أبو جعفر و الله أعلم «2».
قلت: هكذا قال الخطيب فإنها لا تعرف إلّا من جهته، و قد ذكرنا في أول الترجمة حديثا رواه عنه ديك الجن عبد السلام بن رعبان، و ليس من جهة ابن أخيه.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة اللّه القاضي- فيما أذن لنا أن نرويه عنه- قال:
أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: دعبل بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد اللّه بن بديل بن ورقاء، و يقال دعبل بن علي بن رزين بن سليمان بن تميم بن بهز (339- ظ) بن جواش بن خلف بن عبد بن خزعل بن أنس بن مالك‏
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3530
ابن خزيمة بن مالك بن مازن بن الحارث بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن عامر بن قمعة بن الياس بن معن و يقال ابن تميم بن نهشل بن خراش بن خالد بن خزعل بن أنس ابن خزيمة بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر بن مزيقياء، أبو علي الخزاعي الشاعر المشهور، له شعر رائق، و ديوان مجموع، و صنف كتابا في طبقات الشعراء، يقال إن أصله من الكوفة، و يقال من قرقيسياء، و كان أكثر مقامه ببغداد، و سافر الى غيرها من البلاد، قدم دمشق و مدح بها نوح بن عمرو ابن حوي السكسكي بعدة قصائد، و ذكر في بعضها قصده إليه و رحلته نحوه، و خرج منها الى مصر و مدح بها، و يقال إن اسمه محمد و كنيته أبو جعفر، و دعبل لقب، و يقال الدعبل البعير المسنة و يقال الشي‏ء القديم.
حدث عن المأمون، و مالك بن أنس، و يقال إنه حدث عن يحيى بن سعيد الأنصاري، و شعبة بن الحجاج، و سفيان الثوري، و سالم بن نوح الطائي، و خزيمة ابن خازم الأزدي، و الحكم بن عبد الملك البصري، و محمد بن عمر الواقدي، و موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي، و عبيد اللّه بن كلثوم الخزاعي البصري، و أبي سفيان بن العلاء أخي أبي عمرو المقرئ، و شريك بن عبد اللّه النخعي.
روى عنه أحمد بن أبي دؤاد، و محمد بن موسى بن حماد البربري و أخوه علي بن علي بن رزين.
قال الحافظ: و بلغني أن سبب وفاته أن هجا مالك بن طوق التغلبي فبعث اليه رجلا ضمن له (340- و) عشرة آلاف درهم و أعطاه سما، فلم يزل يطلبه حتى وجده قد نزل في قرية بنواحي السوس «1»، فاغتاله في وقت من الأوقات بعد صلاة العتمة فضرب ظهر قدمه بعكاز لها زج مسموم فمات من غد، و دفن في تلك القرية، و قيل بل حمل الى السوس فدفن بها. «2»
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طرزد قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن‏
بغية الطلب فى تاريخ حلب، ج‏7، ص: 3531
عبد الملك بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال:
أخبرنا بشرى بن عبد اللّه الرومي قال: حدثنا عمر بن أحمد بن يوسف الوكيل قال: حدثني محمد بن القاسم المعروف بابن أخي السوس قال: قال أبو القاسم اسماعيل بن علي الخزاعي: ولد دعبل سنة ثمان و أربعين و مائة و مات سنة ست و أربعين و مائتين بالطيب فعاش سبعا و تسعين سنة و شهورا من سنة ثمان، و يكنى بأبي علي و اسمه عبد الرحمن بن علي و إنما لقبته دايته لدعابة كانت فيه، فأرادت ذعبلا فأقلبت الذال دالا «1».
قرأت في تاريخ جمعه أبو غالب همام بن الفضل بن جعفر بن علي بن المهذب التنوخي المعري، مما نقله من خط جد أبيه علي بن المهذب، و من غيره قال فيه:
سنة عشرين و مائتين فيها قتل المعتصم دعبل بن علي الخزاعي لهجائه له، و كان قد استجار بقبر الرشيد بطوس فلم يجره، هكذا ذكر و الصحيح ما نقل عن ابن أخيه اسماعيل بن علي. (340- ظ).