ليظهره علي الدين كله


تفسير الإمام الشافعي (2/ 922)
الشافعي أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن عبد المطلب بن عبد مناف المطلبي القرشي المكي (المتوفى: 204هـ)
قال الله عز وجل: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون (33)
الأم: كتاب الجزية:
قال الشافعي رحمه الله: وقضى أن أظهر دينه على الأديان فقال - عز وجل -: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) .
وقد وصفنا بيان كيف يظهره على الدين كله في غير هذا الموضع.
الأم (أيضا) : (إظهار دين النبي - صلى الله عليه وسلم - على الأديان:
قال الشافعي رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) .
أخبرنا ابن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
"إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا
قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله" الحديث.
قال الشافعي رحمه الله: لما أتي كسرى بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مزقه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يمزق ملكه" الحديث.
قال الشافعي رحمه الله: وحفظنا أن قيصر أكرم كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ووضعه في مسك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
"يثبت ملكه" الحديث.
قال الشافعي رحمه الله: ووعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس فتح فارس والشام.
فأغزى أبو بكر - رضي الله عنه - الشام على ثقة من فتحها؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففتح بعضها.
وتم فتحها في زمان عمر - رضي الله عنه - وفتح العراق وفارس.
قال الشافعي رحمه الله: فقد أظهر الله - عز وجل دينه الذي بعث به رسوله - صلى الله عليه وسلم - على الأديان؛ بأن أبان لكل من سمعه أنه الحق، وما خالفه من الأديان باطل، وأظهره بأن جماع الشرك دينان:
1 - دين أهل الكتاب
2 - ودين الأميين.
فقهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأميين حتى دانوا بالإسلام طوعا وكرها، وقتل من أهل الكتاب وسبى حتى دان بعضهم بالإسلام، وأعطى بعضهم الجزية صاغرين، وجرى عليهم حكمه - صلى الله عليه وسلم - وهذا ظهور الدين كله.
قال الشافعي رحمه الله: وقد يقال ليظهرن الله - عز وجل دينه على الأديان حتى لا يدان لله - عز وجل - إلا به، وذلك متى شاء الله تبارك وتعالى.




تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (14/ 214)
القول في تأويل قوله: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون (33) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: الله الذي يأبى إلا إتمام دينه ولو كره ذلك جاحدوه ومنكروه = (الذي أرسل رسوله) ، محمدا صلى الله عليه وسلم = (بالهدى) ، يعني: ببيان فرائض الله على خلقه، وجميع اللازم لهم (2) = وبدين الحق، وهو الإسلام = (ليظهره على الدين كله) ، يقول: ليعلي الإسلام على الملل كلها = (ولو كره المشركون) ، بالله ظهوره عليها.
* * *
وقد اختلف أهل التأويل في معنى قوله: (ليظهره على الدين كله) .
فقال بعضهم: ذلك عند خروج عيسى، حين تصير الملل كلها واحدة.
* ذكر من قال ذلك:
16645- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال، حدثنا شقيق قال، حدثني ثابت الحداد أبو المقدام، عن شيخ، عن أبي هريرة في قوله: (ليظهره على الدين كله) ، قال: حين خروج عيسى ابن مريم. (1)
16646- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن فضيل بن مرزوق قال، حدثني من سمع أبا جعفر: (ليظهره على الدين كله) ، قال: إذا خرج عيسى عليه السلام، اتبعه أهل كل دين.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: ليعلمه شرائع الدين كلها، فيطلعه عليها.
* ذكر من قال ذلك:
16647- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (ليظهره على الدين كله) ، قال: ليظهر الله نبيه على أمر الدين كله، فيعطيه إياه كله، ولا يخفى عليه منه شيء. وكان المشركون واليهود يكرهون ذلك.




تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (22/ 260)
يعني تعالى ذكره بقوله (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق) الذي أرسل رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بالبيان الواضح، ودين الحق، وهو الإسلام; الذي أرسله داعيا خلقه إليه (ليظهره على الدين كله) يقول: ليبطل به الملل كلها، حتى لا يكون دين سواه، وذلك كان كذلك حتى ينزل عيسى ابن مريم، فيقتل الدجال، فحينئذ تبطل الأديان كلها، غير دين الله الذي بعث به محمدا صلى الله عليه وسلم، ويظهر الإسلام على الأديان كلها. وقوله (وكفى بالله شهيدا) يقول جل ثناؤه لنبيه صلى الله عليه وسلم: أشهدك يا محمد ربك على نفسه، أنه سيظهر الدين الذي بعثك به (وكفى بالله شهيدا) يقول: وحسبك به شاهدا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال. ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا أبو بكر الهذلي، عن الحسن (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا) يقول: أشهد لك على نفسه أنه سيظهر دينك على الدين كله، وهذا إعلام من الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم، والذين كرهوا الصلح يوم الحديبية من أصحابه، أن الله فاتح عليهم مكة وغيرها من البلدان، مسليهم بذلك عما نالهم من الكآبة والحزن، بانصرافهم عن مكة قبل دخولهموها، وقبل طوافهم بالبيت.







تفسير ابن أبي حاتم، الأصيل - مخرجا (6/ 1786)
الوجه الثالث
حدثنا علي بن الحسين، ثنا المقدمي، ثنا معمر، عن ليث، عن مجاهد {ليظهره على الدين كله} [التوبة: 33] قال: " لا يكون ذلك حتى لا يبقى يهودي ولا نصراني ولا صاحب ملة إلا الإسلام وحتى تأمن الشاة الذئب والبقرة الأسد والإنسان الحية وحتى لا تقرض فأرة جرابا وحتى توضع الجزية ويكسر الصليب ويقتل الخنزير فهو قوله: {ليظهره على الدين كله} [التوبة: 33] وروي عن الضحاك أنه قال: يظهر الإسلام على الدين كل دين
قوله تعالى: {ولو كره المشركون} [التوبة: 33]
حدثنا أبي، ثنا أبو صالح كاتب الليث ثنا معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: {ولو كره المشركون} [التوبة: 33] قال: «كان المشركون واليهود يكرهون أن يظهر الله نبيه على أمر الدين كله»




تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة (5/ 360)
وقوله - عز وجل -: (ليظهره على الدين كله).
يحتمل وجوها:
يحتمل: ليظهر رسوله على أهل الدين كله بالحجج والآيات، فقد أظهره بحمد الله على الأديان كلها بالحجج والبراهين، حتى لم يتعرض أحد في شبه ذلك فضلا أن يتعرض في إبطاله.
ويحتمل: ليظهره على أهل الدين كله بالقهر والغلبة والإذلال، فقد كان، حق خضعوا له كلهم وذلوا، حتى لم يبق في جزيرة العرب مشرك ولا كافر إلا خضع له، وصار أهل الكتاب ذليلين صاغرين في أيدي المسلمين.
فإن كان المراد من قوله: (ليظهره على الدين كله)، فهو بالحجج والبراهين كلها.
وإن كان أراد به الدين أن يظهره على الأديان كلها فبعد لم يكن، ويكون - إن شاء الله تعالى - هو الظاهر على الأديان كلها يوم القيامة.
وقوله - عز وجل -: (على الدين كله).
ولم يقل: على الأديان كلها؛ فالدين يتناول الأديان كلها؛ كقوله: (يا أيها الإنسان) يدخل فيه كل إنسان.
وجائز أن تكون أديانا مختلفة فهو واحد؛ لأن الكفر كله ملة واحدة، وهو دين الشيطان، فسماه بذلك.




تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة (5/ 383)
وقوله - عز وجل -: (لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون (48) تحتمل الفتنة الوجهين اللذين ذكرتهما.
وقول - عز وجل -: (وقلبوا لك الأمور).
أي: تكلفوا واجتهدوا ليطفئوا هذا النور، (وظهر أمر الله) قيل: دين الله الإسلام.
ويحتمل: حجج الله وأدلته، وهو ما ذكر: (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره).
ويحتمل قوله: (وقلبوا لك الأمور): ظهرا لبطن؛ ليمكروا برسول الله، ويقتلوه؛ كقوله: (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك. . .) الآية، وقوله: (وظهر أمر الله) ما ذكرنا من دين الله وحججه، (وهم كارهون) لذلك؛ كقوله: (ليظهره على الدين كله)، فظهر دين الإسلام وهم كارهون له.





الدر المنثور في التفسير بالمأثور (4/ 175)
هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون (33)

أخرج أحمد ومسلم والحاكم وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى
فقالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله إني كنت أظن حين أنزل الله {ليظهره على الدين كله} أن ذلك سيكون تاما فقال: إنه سيكون من ذلك إن شاء الله ثم يبعث الله ريحا طيبة فيتوفى من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من خير فيبقى من لا خير فيه يرجعون إلى دين آبائهم
وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه {هو الذي أرسل رسوله بالهدى} يعني بالتوحيد والقرآن والإسلام
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله {ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} قال: يظهر الله نبيه صلى الله عليه وسلم على أمر الدين كله فيعطيه إياه كله ولا يخفى عليه شيء منه وكان المشركون واليهود يكرهون ذلك
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بعث الله محمد صلى الله عليه وسلم ليظهره على الدين كله فديننا فوق الملل ورجالنا فوق نسائهم ولا يكونون رجالهم فوق نسائنا
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي في سننه عن جابر رضي الله عنه في قوله {ليظهره على الدين كله} قال: لا يكون ذلك حتى لا يبقى يهودي ولا نصراني صاحب ملة إلا الإسلام حتى تأمن الشاة الذئب والبقرة الأسد والإنسان الحية وحتى لا تقرض فأرة جرابا وحتى توضع الجزية ويكسر الصليب ويقتل الخنزير وذلك إذا نزل عيسى بن مريم عليه السلام
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله في قوله {ليظهره على الدين كله} قال: الأديان ستة
الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا فالأديان كلها تدخل في دين الإسلام والإسلام لا يدخل في شيء منها فإن الله قضى فيما حكم وأنزل أن يظهر دينه على الدين كله ولو كره المشركون
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله {ليظهره على الدين كله} قال: خروج عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام





التفسير من سنن سعيد بن منصور - محققا (5/ 248)
المؤلف: أبو عثمان سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني الجوزجاني (المتوفى: 227هـ)
[الآية (33) : قوله تعالى:
{هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق
ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} ]
1013- حدثنا سعيد، قال: نا عمرو بن ثابت (1) ، عن أبيه، عن أبي جعفر (2) ، عن جابر بن عبد الله - في قوله عز وجل: {ليظهره على الدين كله} - قال: خروج عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام.



السنن الكبرى للبيهقي (9/ 303)
18611 - وأخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنبأ أبو منصور النضروي، ثنا أحمد بن نجدة، ثنا سعيد بن منصور، ثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن أبي جعفر، عن جابر بن عبد الله، في قوله: {ليظهره على الدين كله} [التوبة: 33] قال: خروج عيسى ابن مريم عليهما السلام



مصنف ابن أبي شيبة (6/ 339)
31875 - حدثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن ثابت بن هرمز، عن شيخ، عن أبي هريرة، " {ليظهره على الدين كله} [التوبة: 33] قال: خروج عيسى عليه السلام "




المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 494)
8381 - أخبرني محمد بن أحمد القنطري ببغداد، ثنا أبو قلابة، ثنا أبو عاصم، ثنا عبد الحميد بن جعفر، عن الأسود بن العلاء، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى» فقالت عائشة: فقلت: يا رسول الله، إني كنت أظن حين أنزل الله تبارك وتعالى: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} [التوبة: 33] أن ذلك يكون تاما، فقال: «إنه سيكون من ذلك ما شاء الله، ثم يبعث الله ريحا طيبا، فيتوفى من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من خير، فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم» هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه "
[التعليق - من تلخيص الذهبي]
8381 - على شرط مسلم