قاعده الاحسان

العناوین

العناوین، ج 2، ص 474-479

عنوان 64 من جملة المسقطات للضمان: قاعدة الإحسان. و الأصل فيها: قوله تعالى مٰا عَلَى الْمُحْسِنِينَ‌ مِنْ‌ سَبِيلٍ‌ بتقريب : أن (السبيل) نكرة واقعة في سياق النفي فيفيد العموم، و كلمة (على) دالة على الضرر، و الجمع المحلى باللام مفيد للعموم الاستغراقي، فيكون المعنى: أن كل سبيل يوجب ضررا على فرد من أفراد المحسنين فهو منفي. و لا يتخيل: أن هذا يقتضي نفي العموم، لا عموم النفي، بتقريب: أن (السبيل) عام و (المحسنين) عام، فالإثبات يقتضي ثبوت كل سبيل على فرض عمومه على كل محسن، و النفي يفيد عدم كونه كذلك، و لا يلزم من ذلك انتفاء كل سبيل عن كل محسن، نظرا إلى [أن] المتبادر من الآية نفي جميع أفراد السبيل عن جميع أفراد المحسن، و ليس هذا من باب: ليس كل حيوان إنسانا. فإن قلت: إذا كان المحسنون بمعنى: كل محسن، فيصير التقدير: لا سبيل على كل محسن، و هو لا ينافي ثبوت السبيل على بعضه. قلت: ليس كل ما هو في تقدير شيء يفيد فائدته، فإن الفهم يتفاوت بذلك،  و الذي يفيد هذه الفائدة المستفادة من الآية قولك: ليس على فرد من أفراد المحسنين سبيل حتى يتحقق العموم في (السبيل) و في (المحسن) لا قولك: ليس على كل محسن سبيل. و بالجملة: لا بحث في كون الظاهر من الآية عموم السلب، و لو فرض عدم دلالته على الكلية لأمكن تتميم الاستدلال أيضا بأن تعليق الحكم على وصف الإحسان يشعر بأنه العلة في ذلك، بل الظاهر أنه العلة في المقام، فيطرد الحكم في كل محسن على ما نراه من حجية العلة المستنبطة من كلام الشارع و إن لم يكن بالتصريح و إن خالف فيه بعضهم، مضافا إلى أن عدم وجود فرد معهود في البين و عدم الفائدة في ترتيب الحكم على فرد غير معلوم يعين الحكم على جميع الأفراد، أو على الطبيعة السارية فيها، و على التقديرين فهو مثبت للمطلوب. مع أن هذه الآية الكريمة قد سيقت مساق حكم العقل، فإنه قاض بعدم السبيل على المحسن، و قد أشار إلى هذا المعنى قوله تعالى هَلْ‌ جَزٰاءُ‌ الْإِحْسٰانِ‌ إِلاَّ الْإِحْسٰانُ‌ فإن ظاهره امتناع السبيل على ضرر المحسن، بل ينبغي أن يكون جزاء عمله الإحسان إليه، فلا يكون قابلا للاختصاص بفرد، دون آخر. فإذا دلت الآية على نفي السبيل عليه عموما، فدل على عدم الضمان و الغرامة عليه، لأنه في قوة الكبرى الكلية، بأن نقول: ثبوت الضمان على المحسن سبيل عليه، و السبيل عليه منفي في الشرع كلية، فينتج: أن الضمان منفي عن المحسن. و لا يمكن أن يقال: لعل المراد: سبيل الآخرة لا الدنيا، أو سبيل الاحتجاج و الإلزام. لأنا نقول: ظاهر الآية عام لا وجه لتخصيصه، مع أن فتح باب الضمان فتح لباب الإلزام و الاحتجاج جزما، و الآية نافية للجميع.  لا يقال: إن غاية ما يستفاد من الآية: عدم جعل سبيل على المحسنين من جانب الشرع ابتداء، و أما لو فتح المحسن السبيل على نفسه بإتلاف أو وضع يد أو نحو ذلك فأي مانع من الضمان‌؟ نظير ما مر ذكره في نفي سبيل الكافر على المسلم. لأنا نقول: فرق بين المقامين، فإن الآية هناك قد دلت على أن الله لم يجعل سبيلا لكافر على مسلم، و هنا قد دلت على عدم السبيل من أصله، فالمحسن لا سبيل عليه مطلقا. و لا يمكن حمل الآية على الأخبار، لبعده عن طريقة الشرع، و استلزامه الكذب في غالب الموارد، بل الظاهر منها إرادة إنشاء الحكم الوضعي، و هو عدم ثبوت الغرامة و الضمان عليه، و هو المدعى. و لما كان نفي السبيل معلقا على وصف الإحسان، فالمستفاد منه عدم ثبوت السبيل في محل الإحسان و من حيثيته، بخلاف الحيثيات الأخر، فيكون المراد: أن في محل الإحسان لا ضمان على المحسن، و إن كان الضمان عليه من جهات آخر،

معنای احسان

و لا بد من البحث في تنقيح معنى (الإحسان) حيث إنه المدار في ذلك. فنقول: هل الإحسان أعم من جلب المنفعة و دفع المضرة، أو يختص بالأولى دون الثانية، أو بالعكس‌؟ لا شبهة في أن إيصال نفع إلى غير يسمى إحسانا للتبادر و عدم صحة السلب و نص أهل اللسان. و أما دفع المضرة فالظاهر فيه أيضا ذلك و إن كان لفظ (الإحسان) يومي إلى نوع من الإيجاد و منع المضرة ليس فيه ذلك، و لكن الظاهر أنه لا يصح سلبه، و القدر المشترك متبادر منه. فلو قلنا بالأعم يلزم عدم الضمان فيمن أثبت يدا على مال غيره لدفع مضرة عنه، أو جلب نفع إليه، كأخذ المال من يد السارق، أو المنقذ من الغرق، أو المخلص من الحرق، و آخذ المال للاسترباح أو الاستئجار و نحو ذلك حتى يحصل النفع للمالك، أو نقل متاعه إلى مكان آخر ليباع بالثمن الأوفى، أو آخذ الدواب إلى المرعى، و نحو ذلك. و إن قلنا بالاختصاص فيختص بأحد القسمين دون الأخر. و يخطر بالبال أن الشيخ الوحيد الأستاذ في أثناء الدرس صرح في أثناء الكلام، أن (قاعدة الإحسان) تختص بصورة دفع المضرة و لا تشمل صورة جلب المنفعة. و هذا لا ينطبق على قاعدة اللفظ، نظرا إلى أن لفظ (الإحسان) يصدق على إيصال النفع أوضح من صدقه على دفع المضرة، فلا وجه للتخصيص بالثاني، و لا أقل من التساوي. و الظاهر أنه ليس ذلك من جهة عدم شمول اللفظ، بل من جهة استقراء الموارد، فإن المواضع التي ذكرناها للإحسان بمعنى جلب النفع كلها محل نظر في ارتفاع الضمان، بل الظاهر أن الفتوى فيها بالضمان كما لا يخفى فإنه تصرف في مال الغير بغير إذنه، فلا بد إما من ذكر دليل يخصص قاعدة الإحسان، و الظاهر أنه منتف، إذ لم نجد دليلا واردا على قاعدة الإحسان، بل الظاهر أنه كالدليل العقلي غير قابل للتخصيص. و إما من دعوى: أنه غير داخل في الإحسان بالمرة، و هي مشكلة إذ دعوى: أن جلب المنفعة غير داخل في الإحسان دونها خرط القتاد! و يمكن أن يقال: إن كون وضع اليد على مال الغير إحسانا إنما يكون إحسانا في صورة دفع المضرة، و أما في صورة جلب المنفعة فليس إثبات اليد جلب نفع، بل إيصال النفع إنما هو بشيء آخر، فيتعلق الضمان بإثبات اليد، و لا ينفع بعد ذلك الإحسان المتأخر، و فيه نظر. و هل الإحسان يدور مدار القصد أو الواقع أو هما معا؟ فلو زعم أن سقي الدابة دفع للضرر عنه و صادف كونه في الواقع كذلك صار إحسانا قطعا، و أما لو لم يكن ذلك في الواقع دفع ضرر فهل يكون ذلك إحسانا أم لا؟ وجهان.  و الظاهر أن مصادفة الواقع شرط، و مجرد الاعتقاد بأنه إحسان غير كاف، بل لا بد من كونه في الواقع دافعا للضرر، لأنه المتبادر من لفظ (الإحسان). و لو زعم أنه ليس دفع ضرر و اتفق أنه في الواقع في ذلك الوقت كذلك فهل يسمى ذلك إحسانا أم لا؟ فيه وجهان.و الذي يقتضيه النظر: اعتبار القصد أيضا في صدق لفظ (الإحسان) و مجرد كونه في الواقع دفع ضرر لا يكفي في صدق اللفظ كما يقضي به العرف، فمتى ما كان قصده الإحسان و اتفق أنه صادف الواقع و كان في دفع مضرة فهو داخل في الآية موجب لعدم الضمان، و في جلب المنفعة يجيء الكلام السابق. و الظاهر أن بعد تحقق موضوع الإحسان لا يفترق الحال بين إمكان إعلام المالك و عدمه، فلا يضمن من أثبت اليد لدفع المضرة و إن أمكن إعلام المالك، فتبصر. ثم بعد تحقق الإحسان إن اتفق التلف بفعل المحسن بمعنى عدم مصادفة فعله المصلحة الواقعية فيجيء الضمان من جهة الكشف عن عدم الإحسان. و إن اتفق التلف بآفة سماوية أو بإتلاف سبب آخر فلا ضمان على المحسن و إن كان بيده، ما لم يقصر في الدفع أو الإيصال إلى صاحبه، أو إعلامه بالأخذ، فتدبر. و هنا إشكال، و هو: أنهم ذكروا في باب اللقطة و نحوها من سائر الأمانات الشرعية كالدين المجهول صاحبه، و القراضة في دكان الصائغ مع جهل أربابها و نحو ذلك من الصنائع -: أن صاحب اليد يتصدق به عن المالك، و عللوا جوازه بأنه إحسان محض إلى المالك، و مع ذلك حكموا بأنه لو ظهر مالكه فهو ضامن، و هذا لا يجتمع مع كون الإحسان مسقطا للضمان. و الدفع: أن حكمهم بالضمان هناك من جهة كون التصدق إحسانا بشرط الضمان بمعنى: أن تحقق الإحسان هناك معلق على الضمان لأنه إن ظهر صاحبه فهو ضامن يعطيه، و إن لم يظهر فقد وصل إليه الصدقة، فبالمجموع المركب  صار هذا إحسانا، و أما بدون الضمان فلا إحسان، إذ لا يمكن أخذ مال الناس و التصدق به عنهم لأنه إحسان إليهم، لأن الإحسان أمر عرفي و هو غير صادق في المقام. نعم، لو كان مع الضمان مع عدم إمكان الوصول إلى المالك فلا شبهة في أنه إحسان. و الظاهر من تتبع كلمات الأصحاب أيضا إجماعهم على أن المحسن لا يضمن كما هو مدلول الآية و قد أشرنا أن العقل أيضا يدل على ذلك. و يندرج تحت هذه القاعدة: ارتفاع الضمان عن حاكم الشرع، و عن عدول المؤمنين، و عن سائر الأولياء و الأمناء، لأنهم محسنون، مع قطع النظر عن الإذن لهم في ذلك.

 

 





اطلاق احسان بر واجبات

سوره بقره

وَ إِذْ أَخَذْنا ميثاقَ بَني‏ إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ ذِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساكينِ وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَ أَقيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَليلاً مِنْكُمْ وَ أَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (83)

 

سوره توبه

ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدينَةِ وَ مَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ لا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصيبُهُمْ ظَمَأٌ وَ لا نَصَبٌ وَ لا مَخْمَصَةٌ في‏ سَبيلِ اللَّهِ وَ لا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغيظُ الْكُفَّارَ وَ لا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنينَ‏ (120)

سوره النحل

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إيتاءِ ذِي الْقُرْبى‏ وَ يَنْهى‏ عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)

 

سوره الاسراء

إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَ لِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ لِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبيراً (7)

 

سوره لقمان

تِلْكَ ءَايَاتُ الْكِتَابِ الحَْكِيمِ(2)
هُدًى وَ رَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ(3)
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَ هُم بِالاَْخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ(4)

 

سوره الزمر

قُلْ يا عِبادِ الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذينَ أَحْسَنُوا في‏ هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ (10)

 

سوره النجم

وَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ الَّذينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31)

 

سوره الرحمن

َهلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ (60)

 































فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است