البداية والنهاية:

براء بن عاذب هم در يمن بوده وهم در غدير:

البداية والنهاية - (7/ 370)

ولما رجع عليه السلام من حجة الوداع فكان بين مكة والمدينة بمكان يقال له غدير خم خطب الناس هنالك في اليوم الثاني عشر من ذي الحجة في خطبته: " من كنت مولاه فعلي مولاه " وفي بعض الروايات: " اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله " والمحفوظ الاول، وإنما كان سبب هذه الخطبة والتنبيه على قضله ما ذكره ابن إسحاق من أن عليا لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن أميرا هو وخالد بن الوليد ورجع علي فوافى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة في حجة الوداع وقد كثرت فيه المقالة وتكلم فيه بعض من كان معه بسبب استرجاعه منهم خلعا كان خلعها نائبه عليهم لما تعجل السير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما تفرغ رسول الله من حجة الوداع أحب أن

البداية والنهاية - (7/ 371)

يبرئ ساحة علي مما نسب إليه من القول الذي لا أصل له، وقد اتخذت الروافض هذا اليوم عيدا، فكانت تضرب فيه الطبول ببغداد في أيام بني بويه في حدود الاربعمائة كما سننبه عليه إذا انتهينا إليه إن شاء الله.

البداية والنهاية - (5/ 104)

باب بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن ابي طالب وخالد بن الوليد الى اليمن قبل حجة الوداع

حدثنا احمد بن عثمان ثنا شريح بن مسلمة ثنا ابراهيم بن يوسف بن أبي اسحاق حدثني أبي عن أبي اسحاق سمعت البراء بن عازب قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع خالد بن الوليد إلى اليمن قال ثم بعث عليا بعد ذلك مكانه قال مر أصحاب خالد من شاء منهم أن يعقب معك فليعقب ومن شاء فليقبل فكنت فيمن عقب معه قال فغنمت أواقي ذات عدد انفرد به البخاري من هذا الوجه ثم قال البخاري حدثنا محمد بن بشار ثنا روح بن عبادة ثنا علي بن سويد بن منجوف عن عبد الله ابن بريدة عن أبيه قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا إلى خالد بن الوليد ليقبض الخمس وكنت أبغض عليا فاصبح وقد اغتسل فقلت لخالد ألا ترى إلى هذا فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له فقال يا بريدة تبغض عليا فقلت نعم فقال لا تبغضه فان له في الخمس أكثر من ذلك انفرد به البخاري دون مسلم من هذا الوجه وقال الامام احمد ثنا يحيى بن سعيد ثنا عبد الجليل قال انتهيت إلى حلقة فيها أبو مجلز وابنا بريدة فقال عبد الله بن بريدة حدثني أبو بريدة قال أبغضت عليا بغضا لم أبغضه أحدا قط قال وأحببت رجلا من قريش لم أحبه إلا على بغضه عليا قال فبعث ذلك الرجل على خيل فصحبته ما أصحبه إلا على بغضه عليا قال فاصبنا سبيا قال فكتب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبعث الينا من يخمسه قال فبعث الينا علينا وفي السبي وصيفة من أفضل السبي قال فخمس وقسم فخرج ورأسه يقطر فقلنا يا أبا الحسن ما هذا فقال ألم تروا إلى الوصيفة التي كانت في السبي فإني قسمت وخمست فصارت في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ثم صارت في آل علي ووقعت بها قال فكتب الرجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت أبعثني فبعثني مصدقا فجعلت أقرأ الكتاب وأقول صدق قال فأمسك يدي والكتاب فقال أتبغض عليا قال قلت نعم قال فلا تبغضه وإن كنت تحبه فازدد له حبا فوالذي نفس محمد بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة قال فما كان من الناس أحد بعد قول النبي صلى الله عليه وسلم أحب إلي من علي قال عبد الله بن بريدة فوالذي لا إله غيره ما بيني وبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث غير أبي بريدة تفرد به بهذا السياق عبد الجليل بن عطية الفقيه أبو صالح البصري وثقه ابن معين وابن حبان وقال البخاري إنما يهم في الشيء وقال محمد بن اسحاق ثنا ابان بن صالح عن عبد الله بن نيار الأسلمي عن خاله عمرو

البداية والنهاية - (5/ 105)

ابن شاس الاسلمي وكان من أصحاب الحديبية قال كنت مع علي بن أبي طالب في خيله التي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم الى اليمن فجفاني علي بعض الجفاء فوجدت في نفسي عليه فلما قدمت المدينة اشتكيته في مجالس المدينة وعند من لقيته فاقبلت يوما ورسول الله جالس فلما رآني انظر الى عينيه نظر إلي حتى جلست اليهفلما جلست أليه قال إنه والله يا عمرو بن شاس لقد آذيتني فقلت انا لله وانا اليه راجعون أعوذ بالله والاسلام أن أوذي رسول الله فقال فقال من آذى عليا فقد آذاني وقد رواه البيهقي من وجه آخر عن ابن اسحاق عن أبان بن الفضل بن معقل بن سنان عن عبد الله بن نيار عن خاله عمرو بن شاس فذكره بمعناه وقال الحافظ البيهقي انبأنا محمد بن عبد الله الحافظ أنبأنا أبو اسحاق المولى ثنا عبيدة بن أبي السفر سمعت ابراهيم بن يوسف بن ابي اسحاق عن أبيه عن أبي اسحاق عن البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الاسلام فلم يجيبوه ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب وأمره أن يقفل خالدا إلا رجلا كان ممن مع خالد فاحب أن يعقب مع علي فليعقب معه قال البراء فكنت فيمن عقب مع علي فلما دنونا من القوم خرجوا الينا ثم تقدم فصلى بنا علي ثم صفنا صفا واحدا ثم تقدم بين أيدينا وقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسلمت همدان جميعا فكتب على إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم باسلامها فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب خر ساجدا ثم رفع رأسه فقال السلام على همدان السلام على همدان قال البيهقي رواه البخاري مختصرا من وجه آخر عن ابراهيم بن يوسف وقال البيهقي أنبأنا أبو الحسين محمد بن الفضل القطان أنبأنا أبو سهل بن زياد القطان ثنا اسماعيل بن ابي أويس حدثني أخي عن سليمان بن بلال عن سعد بن اسحاق بن كعب عن عجرة عن عمته زينب بنت كعب ابن عجرة عن أبي سعيد الخدري أنه قال بعث رسول الله علي بن أبي طالب إلى اليمن قال أبو سعيد فكنت فيمن خرج معه فلما أخذ من إبل الصدقة سألناه أن نركب منها ونريح إبلنا وكنا قد رأينا في ابلنا خللا فابى علينا وقال إنما لكم فيها سهم كما للمسلمين قال فلما فرغ علي وانطفق من اليمن راجعا أمر علينا انسانا وأسرع هو وادرك الحج فلما قضى حجته قال له النبي صلى الله عليه وسلم ارجع إلى أصحابك حتى تقدم عليهم قال أبو سعيد وقد كنا سألنا الذي استخلفه ما كان علي منعنا اياه ففعل فلما عرف في ابل الصدقة أنها قد ركبت ورأى اثر الركب قدم الذي أمره ولامه فقلت أما انا لله علي لئن قدمت المدينة لأذكرن لرسول الله ولأخبرنه ما لقينا من الغلظة والتضييق قال فلما قدمنا المدينة غدوت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد أن أفعل ما كنت حلفت عليه فلقيت أبا بكر خارجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآني وقف معي ورحب بي وساءلني وساءلته وقال متى قدمت

البداية والنهاية - (5/ 106)

فقلت قدمت البارحة فرجع معي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل وقال هذا سعد بن مالك بن الشهيد فقال ائذن له فدخلت فحييت رسول الله وحياني وأقبل علي وسألني عن نفسي وأهلي وأحفى المسألة فقلت يا رسول الله ما لقينا من علي من الغلظة وسوء الصحبة والتضييق فاتئذ رسول الله وجعلت أنا أعدد ما لقينا منه حتى إذا كنا في وسط كلامي ضرب رسول الله على فخذي وكنت منه قريبا وقال يا سعد بن مالك ابن الشهيد مه بعض قولك لأخيك علي فوالله لقد علمت أنه أحسن في سبيل الله قال فقلت في نفسي ثكلتك أمك سعد بن مالك ألا أراني كنت فيما يكره منذ اليوم ولا أدري لا جرم والله لا أذكره بسوء ابدا سرا ولا علانية وهذا إسناد جيد على شرط النسائي ولم يروه أحد من اصحاب الكتب الستة وقد قال يونس عن محمد بن اسحاق حدثني يحيى بن عبد الله ابن أبي عمر عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال إنما وجد جيش علي بن أبي طالب الذين كانوا معه باليمن لأنهم حين اقبلوا خلف عليهم رجلا وتعجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فعمد الرجل فكسى كل رجل حلة فلما دنوا خرج عليهم علي يستلقيهم فاذا عليهم الحلل قال علي ما هذا قالوا كسانا فلان قال فما دعاك الى هذا قبل أن تقدم على رسول الله فيصنع ما شاء فنزع الحلل منهم فلما قدموا على رسول الله اشتكوه لذلك وكانوا قد صالحوا رسول الله وإنما بعث عليه إلى جزية موضوعة

قلت هذا السياق أقرب من سياق البيهقي وذلك أن عليا سبقهم لاجل الحج وساق معه هديا وأهل باهلال النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يمكث حراما وفي رواية البراء بن عازب أنه قال له أني سقت الهدي وقرنت والمقصود أن عليا لما كثر فيه القيل والقال من ذلك الجيش بسبب منعه إياهم استعمال إبل الصدقة واسترجاعه منهم الحلل التي أطلقها لهم نائبه وعلي معذور فيما فعل لكن اشتهر الكلام فيه في الحجيج فلذلك والله أعلم لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجته وتفرغ من مناسكه ورجع إلى المدينة فمر بغد يرخم قام في الناس خطيبا فبرأ ساحة علي ورفع من قدره ونبه على فضله ليزيل ما وقر في نفوس كثير من الناس وسيأتي هذا مفصلا في موضعه إن شاء الله وبه الثقة

وقال البخاري ثنا قتيبة ثنا عبد الواحد عن عمارة بن القعقاع بن شبرمة حدثني عبد الرحمن بن أبي نعم سمعت ابا سعيد الخدري يقول بعث علي بن ابي طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن بذهيبة في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها قال فقسمها بين أربعة بين عيينة بن بدر والأقرع بن حابس وزيد الخيل والرابع إما علقمة بن علاثة وإما عامر بن الطفيل فقال رجل من أصحابه كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحا ومساء قال فقام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناشز الجبهة

البداية والنهاية - (5/ 107)

كث اللحية محلوق الرأس مشمر الازار فقال [يا رسول الله اتق الله فقال ويلك أو لست احق الناس ان يتقي الله قال ثم ولى الرجل قال خالد بن الوليد] يا رسول الله ألا أضرب عنقه قال لا لعله أن يكون يصلي قال خالد وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لم أومر أن انقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم قال ثم نظر اليه وهو مقف فقال إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية أظنه قال لئن أدركتهم لاقتلنهم قتل ثمود وقد رواه البخاري في مواضع أخر من كتابه ومسلم في كتاب الزكاة من صحيحه من طرق متعددة إلى عمارة بن القعقاع به

ثم قال الامام احمد ثنا يحيى عن الاعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن علي قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأنا حديث السن قال فقلت تبعثني إلى قوم يكون بينهم أحداث ولا علم لي بالقضاء قال إن الله سيهدي لسانك ويثبت قلبك قال فما شككت في قضاء بين اثنين ورواه ابن ماجه من حديث الاعمش به وقال الامام احمد حدثنا أسود بن عامر ثنا شريك عن سماك عن حنش عن علي قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم الى اليمن قال فقلت يا رسول الله تبعثني إلى قوم اسن مني وأنا حدث لا أبصر القضاء قال فوضع يده على صدري وقال اللهم ثبت لسانه وأهد قلبه يا علي إذا جلس اليك الخصمان فلا تقض بينهما حتى تسمع من الآخر ما سمعت من الاول فانك إذا فعلت ذلك تبين لك قال فما اختلف على قضاء بعد أو ما اشكل على قضاء بعد ورواه احمد أيضا وأبو داود من طرق عن شريك والترمذي من حديث زائدة كلاهما عن سماك بن حرب عن حنش بن المعتمر وقيل ابن ربيعة الكناني الكوفي عن علي به وقال الامام احمد حدثنا سفيان بن عيينة عن الاجلح عن الشعبي عن عبد الله بن أبي الخليل عن زيد بن أرقم أن نفرا وطئوا امرأة في طهر فقال علي لاثنين اتطيبان نفسا لذا فقالا لا فأقبل على الآخرين فقال اتطيبان نفسا لذا فقالا لا فقال أنتم شركاء متشاكسون فقال إني مقرع بينكم فايكم قرع أغرمته ثلثي الدية وألزمته الولد قال فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لا أعلم إلا ما قال علي وقال احمد ثنا شريج بن النعمان ثنا هشيم أنبأنا الاجلح عن الشعبي عن ابي الخليل عن زيد بن ارقم أن عليا أتى في ثلاثة نفر إذ كان في اليمن اشتركوا في ولد فاقرع بينهم فضمن الذي أصابته القرعة ثلثي الدية وجعل الولد له قال زيد بن أرقم فاتيت النبي صلى الله عليه وسلم فاخبرته بقضاء علي فضحك حتى بدت

البداية والنهاية - (5/ 108)

نواجذه ورواه أبو داود عن مسدد عن يحيى القطان والنسائي عن علي بن حجر عن علي بن مسهر كلاهما عن الاجلح بن عبد الله عن عامر الشعبي عن عبد الله بن الخليل وقال النسائي في رواية عبد الله بن أبي الخليل عن زيد بن أرقم قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من أهل اليمن فقال إن ثلاثة نفر أتوا عليا يختصمون في ولد وقعوا على امرأة في طهر واحد فذكر نحو ما تقدم وقال فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقد رواياه أعني ابا داود والنسائي من حديث شعبة عن سلمة بن كهيل عن الشعبي عن ابي الخليل أو ابن الخليل عن علي قوله فارسله ولم يرفعه وقد رواه الامام احمد أيضا عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن الاجلح عن الشعبي عن عبد خير عن زيد بن أرقم فذكر نحو ما تقدم وأخرجه أبو داود والنسائي جميعا عن حنش بن أصرم وابن ماجه عن اسحاق ابن منصور كلاهما عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن صالح الهمداني عن الشعبي عن عبد خير عن زيد بن أرقم قال شيخنا في الاطراف لعل عبد خير هذا هو عبد الله بن الخليل ولكن لم يضبط الراوي اسمه قلت فعلى هذا يقوى الحديث وإن كان غيره كان أجود لمتابعته له لكن الاجلح ابن عبد الله الكندي فيه كلام ما وقد ذهب إلى القول بالقرعة في الانساب الامام احمد وهو من أفراده وقال الامام احمد ثنا أبو سعيد ثنا اسرائيل ثنا سماك عن حنش عن علي قال بعثني رسول الله الى اليمن فانتهينا الى قوم قد بنوا زبية للاسد فبينما هم كذلك يتدافعون إذ سقط رجل فتعلق بآخر ثم تعلق آخر بآخر حتى صاروا فيها أربعة فجرحهم الاسد فانتدب له رجل بحربة فقتله وماتوا من جراحتهم كلهم فقام أولياء الأول الى أولياء الآخر فاخرجوا السلاح ليقتتلوا فأتاهم علي على تعبية ذلك فقال تريدون أن تقاتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي اني أقضي بينكم قضاء ان رضيتم فهو القضاء والا أحجز بعضكم عن بعض حتى تأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فيكون هو الذي يقضي بينكم فمن عدا بعد ذلك فلا حق له اجمعوا من قبائل الذين حضروا البئر ربع الدية وثلث الدية ونصف الدية والدية كاملة فللأول الربع لانه هلك والثاني ثلث الدية والثالث نصف الدية والرابع الدية فابوا أن يرضوا فاتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند مقام ابراهيم فقصوا عليه القصة فقال أنا أحكم بينكم فقال رجل من القوم يا رسول الله إن عليا قضى علينا فقصوا عليه القصة فاجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رواه الامام احمد أيضا عن وكيع عن حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن حنش عن علي فذكره

البداية والنهاية - (5/ 208)

فصل (في غدير خم)

في إيراد الحديث الدال على أنه عليه السلام خطب بمكان بين مكة والمدينة مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة يقال له غدير خم فبين فيها فضل علي بن أبي طالب وبراءة عرضه مما كان تكلم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن بسبب ما كان صدر منه اليهم من المعدلة التي ظنها بعضهم جورا وتضييقا وبخلا والصواب كان معه في ذلك ولهذا لما تفرغ عليه السلام من بيان المناسك ورجع الى المدينة بين ذلك في أثناء الطريق فخطب خطبة عظيمة في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة عامئذ وكان يوم الأحد بغدير خم تحت شجرة هناك فبين فيها أشياء وذكر من فضل علي وأمانته وعدله وقربه اليه ما أزاح به ما كان في نفوس كثير من الناس منه ونحن نورد عيون الأحاديث الواردة في ذلك ونبين ما فيها من صحيح وضعيف بحول الله وقوته وعونه وقد اعتنى بأمر هذا الحديث أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ فجمع فيه مجلدين أورد فيهما طرقه وألفاظه وساق الغث والسمين والصحيح والسقيم على ما جرت به عادة كثير من المحدثين يوردون ما وقع لهم في ذلك الباب من غير تمييز بين صحيحه وضعيفه وكذلك الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر أورد أحاديث كثيرة في هذه الخطبة ونحن نورد عيون ما روى في ذلك مع اعلامنا أنه لاحظ للشيعة فيه ولا متمسك لهم ولا دليل لما سنبينه وننبه عليه فنقول وبالله المستعان

البداية والنهاية - (5/ 208)

قال محمد بن اسحاق في سياق حجة الوداع حدثني يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال لما أقبل علي من اليمن ليلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة تعجل الى رسول الله واستخلف على جنده الذين معه رجلا من أصحابه فعمد ذلك الرجل فكسى كل رجل من القوم حلة من البز الذي كان مع علي فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم فاذا عليهم الحلل قال ويلك ما هذا قال كسوت القوم ليتجملوا به اذا قدموا في الناس قال ويلك

البداية والنهاية - (5/ 209)

انزع قبل أن ينتهي به الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فانتزع الحلل من الناس فردها في البز قال وأظهر الجيش شكواه لما صنع بهم قال ابن اسحاق فحدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم عن سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب وكانت عند أبي سعيد الخدري عن أبي سعيد قال اشتكى الناس عليا فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا فسمعته يقول أيها الناس لا تشكو عليا فوالله إنه لأخشن في ذات الله أو في سبيل الله [من أن يشكي] ورواه الامام احمد من حديث محمد بن اسحاق به وقال انه لأخشن في ذات الله أو في سبيل الله وقال الامام احمد حدثنا الفضل بن دكين ثنا ابن أبي غنية عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة قال غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت عليا فتنقصته فرأيت وجه رسول الله يتغير فقال يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم قلت بلى يا رسول الله قال من كنت مولاه فعلي مولاه وكذا رواه النسائي عن أبي داود الحراني عن ابي نعيم الفضل بن دكين عن عبد الملك بن أبي غنية باسناده نحوه وهذا اسناد جيد قوي رجاله كلهم ثقات

البداية والنهاية - (7/ 379)

حديث آخر قال الحاكم وغير واحد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة بن الحصيب: قال غزوت مع علي إلى اليمن فرأيت منه جفوة فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت عليا فتنقصته فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير فقال: " يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم "؟ فقلت بلى يا رسول الله فقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه ".

وقال الامام أحمد: حدثنا ابن نمير

البداية والنهاية - (7/ 380)

ثنا الاجلح الكندي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه بريدة قال: " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثتين إلى اليمن على إحداهما علي بن أبي طالب وعلى الاخرى خالد بن الوليد وقال إذا التقيتما فعلي على

الناس وإذا افترقتما فكل واحد منكما على جنده، قال: فلقينا بني زيد من أهل اليمن فاقتتلنا فظهر المسلمون على المشركين فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية فاصطفى علي امرأة من السبي لنفسه، قال بريدة: فكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره بذلك، فلما أتيت رسول الله دفعت إليه الكتاب فقرئ عليه فرأيت الغضب في وجه رسول الله فقلت: يا رسول الله هذا مكان العائذ بعثتني مع رجل وأمرتني أن أطيعه فبلغت ما أرسلت به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقع في علي فإنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي (1) " هذه اللفظة منكرة والاجلح شيعي ومثله لا يقبل إذا تفرد بمثلها، وقد تابعه فيها من هو أضعف منه والله أعلم.

والمحفوظ في هذا رواية أحمد عن وكيع، عن الاعمش، عن سعد بن عبيدة، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كنت مولاه فعلي وليه ".

ورواه أحمد أيضا والحسن بن عرفة عن الاعمش به.

ورواه النسائي عن أبي كريب عن أبي معاوية به.

وقال أحمد: حدثنا روح بن علي بن سويد بن منجوف عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: " بعث رسول الله عليا إلى خالد بن الوليد ليقبض الخمس قال فأصبح ورأسه تقطر، فقال خالد لبريدة: ألا ترى ما يصنع هذا؟ قال: فلما رجعت إلى رسول الله أخبرته ما صنع علي، قال: - وكنت أبغض عليا - فقال: يا بريدة أتبغض عليا؟ فقلت: نعم! قال: لا تبغضه وأحبه فإن له في الخمس أكثر من ذلك " (2) وقد رواه البخاري في الصحيح عن بندار عن روح به مطولا.

وقال أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، ثنا عبد الجليل قال انتهيت إلى حلقة فيها أبو مجلز وابنا بريدة فقال عبد الله بن بريدة: حدثني أبي بريدة قال " أبغضت عليا بغضا لم أبغضه أحدا، قال وأحببت رجلا من قريش لم أحبه إلا على بغضه عليا، قال فبعث ذلك الرجل على خيل قال فصحبته ما أصحبه إلا على بغضه عليا فأصبنا سبيا فكتبنا إلى رسول الله أن أبعث إلينا من يخمسه، فبعث إلينا عليا قال وفي السبي وصيفة هي من أفضل السبي - فخمس وقسم فخرج ورأسه يقطر، فقلنا: يا أبا الحسن ما هذا؟ قال: ألم ترو إلى الوصيفة التي كانت في السبي؟ فإني قسمت وخمست فصارت في الخمس ثم صارت في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ثم صارت في آل علي فوقعت بها، قال وكتب الرجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ابعثني؟ فبعثني مصدقا، قال:

فجعلت أقرأ الكتاب وأقول صدق، قال: فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم بيدي والكتاب قال: أتبغض عليا؟ قال: قلت نعم! قال: فلا تبغضه وإن كنت تحبه فازدد له حبا، فوالذي نفسي بيده لنصيب آل

البداية والنهاية - (7/ 381)

علي في الخمس أفضل من وصيفة، قال: فما كان في الناس أحد بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي من علي قال عبد الله: فوالذي لا إله غيره ما بيني وبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث غير أبي بريدة (1) " تفرد به أحمد وقد روى غير واحد هذا الحديث عن أبي الجواب عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن البراء بن عازب نحو رواية بريدة بن الحصيب وهذا غريب.

وقد رواه الترمذي عن عبد الله بن أبي زياد عن أبي الجواب الاحوص بن جواب به وقال حسن غريب لا نعرفه إلا من حديثه.

وقال الامام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، ثنا جعفر بن سليمان، حدثني يزيد الرشك عن مطرف بن عبد الله بن عمران بن حصين قال: " بعث رسول الله سرية وأمر عليها علي بن أبي طالب فأحدث شيئا في سفره فتعاقد أربعة من أصحاب محمد أن يذكروا أمره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمران.

وكنا إذا قدمنا من سفر بدأنا برسول الله فسلمنا عليه، قال: فدخلوا عليه فقام رجل منهم فقال: يا رسول الله إن عليا فعل كذا وكذا فأعرض عنه ثم قام الثاني فقال يا رسول الله إن عليا فعل كذا وكذا، فأعرض عنه ثم قام الثالث فقال: يا رسول الله إن عليا فعل كذا وكذا ثم قام الرابع فقال: يا رسول الله إن عليا فعل كذا وكذا، قال: فأقبل رسول الله على الرابع وقد تغير وجهه وقال: دعوا عليا، دعوا عليا، دعوا عليا إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي " (2).

وقد رواه الترمذي والنسائي عن قتيبة عن جعفر بن سليمان وسياق الترمذي مطول وفيه " أنه أصاب جارية من السبي " ثم قال: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن

سليمان.

ورواه أبو يعلى الموصلي عن عبد الله بن عمر القواريري والحسن بن عمر بن شقيق الحرمي والمعلى بن مهدي كلهم عن جعفر بن سليمان به.

وقال خيثمة بن سليمان حدثنا أحمد بن حازم أخبرنا عبيد الله بن موسى بن يوسف بن صهيب عن دكين عن وهب بن حمزة قال " سافرت مع علي بن أبي طالب من المدينة إلى مكة، فرأيت منه جفوة فقلت: لئن رجعت فلقيت رسول الله لانالن منه، قال: فرجعت فلقيت رسول الله فذكرت عليا فنلت منه، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقولن هذا لعلي فإن عليا وليكم بعدي ": وقال أبو داود الطيالسي: عن شعبة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي: " أنت ولي كل مؤمن بعدي ".

وقال الامام أحمد: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، ثنا أبي عن أبي إسحاق، حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم، عن سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب - وكانت عند أبي سعيد الخدري - عن أبي سعيد قالت: اشتكى عليا الناس فقام رسول الله فينا خطيبا فسمعته يقول: " أيها الناس لا تشكوا عليا فوالله إنه لاجيش في ذات الله - أو في سبيل الله " (3).

تفرد به

البداية والنهاية - (7/ 382)

أحمد.

وقال الحافظ البيهقي: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، أنا أبو سهل بن زياد القطان، ثنا أبو إسحاق القاضي، ثنا إسماعيل بن أبي إدريس (1)، حدثني أخي عن سليمان بن بلال، عن سعيد (2) بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة عن أبي سعيد قال: " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب إلى اليمن، قال أبو سعيد: فكنت فيمن خرج معه فلما أحضر إبل الصدقة سألناه أن نركب منها ونريح إبلنا - وكنا قد رأينا في إبلنا خللا - فأبى علينا وقال: إنما لكم منها سهم كما للمسلمين، قال: فلما فرغ علي وانصرف من اليمن

راجعا، أمر علينا إنسانا فأسرع هو فأدرك الحج، فلما قضى حجته قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع إلى أصحابك حتى تقدم عليهم.

قال أبو سعيد: وقد كنا سألنا الذي استخلفه ما كان علي منعنا إياه ففعل، فلما جاء علي عرف في إبل الصدقة أنها قد ركبت - رأى أثر المراكب - فذم الذي أمره ولامه، فقلت أما إن لله علي إن قدمت المدينة وغدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لاذكرن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولاخبرته ما لقينا من الغلظة والتضييق، قال: فلما قدمنا المدينة غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد أن أذكر له ما كنت حلفت عليه فلقيت أبا بكر خارجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآني وقف معي ورحب بي وسألني وساءلته وقال: متى قدمت؟ قلت: قدمت البارحة، فرجع معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: هذا سعد بن مالك بن الشهيد، قال: ائذن له، فدخلت فحييت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحياني وسلمت عليه وسألني عن نفسي وعن أهلي فأخفى المسألة فقلت: يا رسول الله لقينا من علي من الغلظة وسوء الصحبة والتضييق، فابتدر رسول الله وجعلت أنا أعدد ما لقينا منه حتى إذا كنت في وسط كلامي ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذي - وكنت منه قريبا - وقال: سعد بن مالك بن الشهيد مه بعض قولك لاخيك علي، فوالله لقد علمت أنه جيش (3) في سبيل الله، قال فقلت في نفسي: ثكلتك أمك سعد بن مالك ألا أراني كنت فيما يكره منذ اليوم وما أدري لا جرم، والله لا أذكره بسوء أبدا سرا ولا علانية " (4): وقال يونس بن بكير: عن محمد بن إسحاق، حدثني أبان بن صالح عن عبد الله بن دينار الاسلمي، عن خاله عمرو بن شاش الاسلمي - وكان من أصحاب الحديبية - قال: كنت مع علي في خيله التي بعثه فيها رسول الله إلى اليمن، فجفاني علي بعض الجفاء فوجدت عليه في نفسي، فلما قدمت المدينة اشتكيته في مجالس المدينة وعند من لقيته فأقبلت يوما ورسول الله جالس في المسجد فلما رآني أنظر إلى عينيه نظر إلي حتى جلست إليه فلما جلست إليه قال: أما إنه والله يا عمرو لقد آذيتني، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون أعوذ بالله والاسلام أن أوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من آذى عليا

البداية والنهاية - (7/ 383)

فقد آذاني (1) " وقد رواه الامام أحمد عن يعقوب عن أبيه إبراهيم بن سعد عن محمد بن اسحاق، عن أبان بن صالح، عن الفضل بن معقل، عن عبد الله بن دينار، عن خاله عمرو بن شاش فذكره.

وكذا رواه غير واحد عن محمد بن إسحاق عن أبان بن الفضل، وكذلك رواه سيف بن عمر عن عبد الله بن سعيد عن أبان بن صالح به ولفظه: " فقال رسول الله من آذى مسلما فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ".

وروى عباد بن يعقوب الرواجني، عن موسى بن عمير، عن عقيل بن نجدة بن هبيرة، عن عمرو بن شاش قال قال رسول الله: " يا عمرو إن من آذى عليا فقد آذاني " وقال أبو يعلى: ثنا محمود بن خداش، ثنا مروان بن معاوية، ثنا فنان بن عبد الله النهمي، ثنا مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: كنت جالسا في المسجد أنا ورجلان معي فنلنا من علي فأقبل رسول الله يعرف في وجهه الغضب فتعوذت بالله من غضبه فقال: " ما لكم ومالي؟ من آذى عليا فقد آذاني ".

حديث غدير خم (2) قال الامام أحمد: حدثنا حسين بن محمد وأبو نعيم المعنى قالا: ثنا فطر عن أبي الطفيل قال: جمع علي الناس في الرحبة ثم قال لهم: أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله يقول يوم غدير خم ما سمع لما قام، فقام كثير من الناس.

قال أبو نعيم! - فقام ناس كثير - فشهدوا حين أخذ بيده فقال للناس: " أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا نعم يا رسول الله قال: من كنت مولاه فهذا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " (3).

قال فخرجت كأن في نفسي شيئا فلقيت زيد بن أرقم فقلت له: إني سمعت عليا يقول كذا وكذا: قال.

فما تنكر؟ قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك له.

ورواه النسائي من حديث حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عنه أتم من ذلك، وقال أبو بكر الشافعي: ثنا محمد بن سليمان بن الحارث، ثنا عبيد الله بن موسى، ثنا أبو إسرائيل الملائي، عن الحكم عن أبي سليمان المؤذن عن

زيد بن أرقم أن عليا انتشد الناس: من سمع رسول الله يقول: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " فقام ستة عشر رجلا فشهدوا بذلك وكنت فيهم.

وقال أبو يعلى وعبد الله بن أحمد في مسند أبيه: حدثنا القواريري ثنا يونس بن أرقم، ثنا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: " شهدت عليا في الرحبة يناشد الناس: أنشد بالله من سمع رسول الله يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه لما قام فشهد قال عبد الرحمن: فقام اثنا عشر بدريا كأني أنظر إلى أحدهم عليه سراويل فقالوا: نشهد أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

البداية والنهاية - (7/ 385)

وقد رواه معروف بن حربوذ عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد قال: لما قفل رسول الله من حجة الوداع نهى أصحابه عن شجرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا حولهن، ثم بعث إليهن فصلى تحتهن ثم قام فقال: " أيها الناس قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا مثل نصف عمر الذي قبله، وإني لاظن أن يوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسؤول وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم

البداية والنهاية - (7/ 386)

قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت وجهدت فجزاك الله خيرا، قال: ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن جنته حق وأن ناره حق وأن الموت حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك، قال: اللهم أشهد.

ثم قال: يا أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، ثم قال: أيها الناس إني فرطكم وإنكم واردون علي الحوض، حوض أعرض مما بين بصرى وصنعاء فيه آنية عدد النجوم قدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما؟ الثقل الاكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرف بأيديكم فاستمسكوا به لا تضلوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ".

رواه ابن عساكر بطوله من طريق معروف كما ذكرنا.

وقال عبد الرزاق: أنا معمر عن علي بن زيد بن جدعان، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله حتى نزلنا غدير خم بعث مناديا ينادي، فلما اجتمعا قال: " ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله! قال: ألست أولى بكم من أمهاتكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله قال: ألست أولى بكم من آبائكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله! قال: ألست ألست ألست؟ قلنا: بلى يا رسول الله قال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " فقال عمر بن الخطاب: هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت

اليوم ولي كل مؤمن.

وكذا رواه ابن ماجه من حديث حماد بن سلمة عن علي بن زيد وأبي هارون العبدي عن عدي بن ثابت عن البراء به.

وهكذا رواه موسى بن عثمان الحضرمي عن أبي إسحاق عن البراء به.

وقد روي هذا الحديث عن سعد وطلحة بن عبيد الله وجابر بن عبد الله وله طرق عنه وأبي سعيد الخدري وحبشي بن جنادة وجرير بن عبد الله وعمر بن الخطاب وأبي هريرة، وله عنه طرق منها - وهي أغربها - الطريق الذي قال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي: ثنا عبد الله بن علي بن محمد بن بشران، أنا علي بن عمر الحافظ، أنا أبو نصر حبشون بن موسى بن أيوب الخلال، ثنا علي بن سعيد الرملي، ثنا ضمرة بن ربيعة القرشي، عن ابن شوذب، عن مطر الوراق، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة قال: " من صام يوم ثماني عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا وهو يوم غدير خم لما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي بن أبي طالب فقال: " ألست ولي المؤمنين؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: من كنت مولاه فعلي مولاه " فقال عمر بن الخطاب بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم فأنزل الله عز وجل * (اليوم أكملت لكم دينكم) * ومن صام يوم سبعة وعشرين من رجب كتب له صيام ستين شهرا وهو أول يوم نزل جبريل بالرسالة.

قال الخطيب: اشتهر هذا الحديث برواية حبشون وكان يقال إنه تفرد به، وقد تابعه عليه أحمد بن عبيد الله بن العباس بن سالم بن مهران المعروف بابن النبري، عن علي بن سعيد الشامي، قلت وفيه نكارة من وجوه منها قوله نزل فيه * (اليوم أكملت لكم دينكم) * وقد ورد مثله من طريق ابن هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري ولا يصح أيضا، وإنما نزل ذلك

البداية والنهاية - (7/ 387)

يوم عرفة كما ثبت في الصحيحين عن عمر بن الخطاب وقد تقدم.