مختصر تاريخ دمشق




 - (5 / 390)

وعن بريدة قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعثين إلى اليمن، على أحدهما علي بن أبي طالب، وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال: " إذا اجتمعتما فعليٌّ على الناس وإذا افترقتما فكل واحد بينكما على حدة "، قال: فلقينا بني زيد من اليمن فقاتلناهم، وظهر المسلمون على الكافرين، فقتلوا المقاتل وسبوا الذرية، واصطفى عليّ جارية من الفيء، فكتب معي خالد يقع في علي، وأمرني أن أنال منه.

قال: فلما أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأيت الكراهية في وجهه، فقلت: هذا مكان العائذ يا رسول الله، بعثتني مع رجل وأمرتني بطاعته، فبلغت ما أرسلني، قال: " يا بريدة: لا تقع في عليّ، عليٌّ مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي ".

وفي حديث آخر بمعناه: قال بريدة: وكنت من أشد الناس بغضاً لعليّ. قال: وكنت رجلاً إذا تكلمت طأطأت رأسي حتى أفرغ من حاجتي، فطأطأت رأسي، وتكلمت فوقعت في علي حتى فرغت، ثم رفعت رأسي، فرأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد غضب غضباً لم أره غضب مثله قط إلا يوم قريظة والنضير، فنظر إليّ فقال: " يا بريدة، إن عليّاً وليكم بعدي، فأحب عليّاً فإنه يفعل ما يؤمر ". قال: فقمت وما أحد من الناس أحب إليّ منه.

قال عبد الله بن عطاء: حدثت بذلك أبا حرب بن سويد بن عفلة، فقال: كتمك عبد الله بن بريدة بعض الحديث؛ إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له: " أنافقت بعدي يا بريدة؟ " وفي حديث آخر فقال: " يا بريدة، أتبغض علياً؟ " قال: قلت: نعم، قال: " فأحبّه، فإن له في الخمس أكثر من ذلك ".

وعن البراء بن عازب قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جيشين وأمّر على أحدهما علي بن أبي طالب، وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال: " إذا كان قتال فعليٌّ على الناس ".

قال: ففتح عليٌّ قصراً، فاتّخذ لنفسه جارية، فكتب معي خالد بن الوليد يشي به، فلما قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الكتاب قال: " ما تقول في رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله " قال: قلت: أعوذ بالله من غضب الله.

وعن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سريةً وأمّر عليهم علي بن أبي طالب، فأحدث شيئاً في سفره، فتعاقد أربعة من أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم أن يذكروا أمره لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال عمران: وكنا إذا قدمنا من سفر بدأنا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فسلمنا عليه، قال: فدخلوا عليه، فقام رجل منهم فقال: يا رسول الله، إن علياً فعل كذا وكذا، فأعرض عنه. ثم قام الثاني، فقال: يا رسول الله، إن علياً فعل كذا وكذا، فأعرض عنه. ثم قام الثالث، فقال: يا رسول الله، إن علياً فعل كذا وكذا، فأعرض عنه. ثم قام الرابع فقال: يا رسول الله، إن علياً فعل كذا وكذا، قال: فأقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الرابع وقد تغير وجهه، فقال: " دعوا علياً، دعوا علياً، دعوا علياً، إن علياً مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي ".

وفي رواية: فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والغضب يعرف في وجهه فقال: " ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إن علياً مني وأنا منه، وهو وليّ كل مؤمن بعدي ".

وعن وهب بن حمزة قال: سافرت مع علي بن أبي طالب من المدينة إلى مكة، فرأيت منه جفوة، فقلت: لئن رجعت ولقيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأنالنّ منه. قال: فرجعت، فلقيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فذكرت علياً فنلت منه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " لا تقولنّ هذا لعلي، فإن علياً وليكم بعدي ".

وعن أبي سعيد الخدري قال: