خیانت جعل اینکه بت بزرگ کعبه مجسمه حضرت ابراهیم ع




یعکفون علی اصنام لهم فقالوا اجعل لنا الها کما لهم آلهه .... اخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقال هذا الهکم و اله موسی فنسی

لا تذرن الهتکم و لا تذرن ودا و لا سواعا و لا یغوث و یعوق و نسرا

افرایتم اللات و العزی و مناة الثالثة الاخری الکم الذکر و له الانثی

اتنحتون ما تعبدون و الله خلقکم و ماتعبدون

الجبت و الطاغوت

اتدعون بعلا

آزر علی قول





غرانیق غرانق -- طائر مائی --- شاب ابیض جمیل




اساف و نائله دو زناکار در کعبه

عمرو بن لحی به چشمه ای در شام رفت برای مداوا و هبل با خود آورد

فرزند قابیل بت ساخت تا مثل فرزندان شیث (که گرد قبر آدم ع) گرد آن بچرخند

ود و سواع و .. قوم صالحین







                        الأصنام،متن،ص:1
[متن كتاب الأصنام‏]
[منشأ عبادة الأصنام فى مكة]
كتاب الأصنام عن أبى المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبىّ بتحقيق:
علامة الشهير المصري احمد زكى پاشا رضوان الله عليه‏
                        الأصنام،متن،ص:5
بسم الله الرّحمن الرّحيم أخبرنا [1] الشيخ أبو الحسين المبارك بن عبد الجبّار بن أحمد الصّيرفىّ، قرئ عليه و أنا أسمع، قال:
أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة [2] فى سنة 463، قال:
أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى المرزبانىّ، إجازة، قال:
حدّثنى أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الله الجوهرىّ، قال:
حدّثنا أبو علىّ الحسن بن عليل العنزىّ، قال:
حدّثنا أبو الحسن علىّ بن الصّبّاح بن الفرات [3] الكاتب، قال:
قرأت على هشام بن محمد الكلبىّ فى سنة 201، قال:
__________________________________________________
[1] المتكلم هو الإمام موهوب الجواليقىّ المشهور. و انظر تحقيق ذلك فى التصدير الذي كتبته فى أوّل هذا الكتاب.
[2] ياقوت: اين المسلم. (ج 3 ص 921).
[3] هو أحد أفراد تلك الأسرة الشهيرة، و هو غير أبى الحسن محمد بن الفرات الوزير الشهير، و غير محمد بن العباس بن الفرات الذي سيجي‏ء ذكره فى صفحة 64 من هذا الكتاب. [و انظر ص 31 من التصدير].
                        الأصنام،متن،ص:6
حدّثنا أبى و غيره- و قد أثبتّ حديثّهم جميعا- أنّ إسماعيل بن إبراهيم (صلّى الله عليهما) لمّا سكن مكّة و ولد له بها أولاد كثير [1] حتّى ملأوا مكّة و نقوا من كان بها [2] من العماليق، ضاقت عليهم مكّة و وقعت بينهم الحروب و العداوات و أخرج بعضهم بعضا، فتفسّحوا فى البلاد و التماس المعاش.
و كان الذي سلخ بهم إلى عبادة الأوثان و الحجارة أنه كان لا يظعن من مكّة ظاعن إلّا احتمل معه حجرا من حجارة الحرم، تعظيما للحرم و صبابة بمكّة. فحيثما حلّوا، وضعوه و طافوا به كطوافهم بالكعبة، تيمّنا منهم بها و صبابة بالحرم و حبّا له.
و هم بعد يعظّمون الكعبة و مكّة، و يحجّون و يعتمرون، على إرث إبراهيم و إسماعيل [3] (عليهما السلام).
ثم سلخ ذلك بهم إلى أن عبدوا ما استحبّوا، و نسوا ما كانوا عليه، و استبدلوا بدين إبراهيم و إسماعيل غيره. فعبدوا الأوثان، و صاروا إلى ما كانت عليه الأمم من قبلهم. و انتجثوا [4] ما كان يعبد قوم نوح (عليه السلام) منها، على إرث ما بقي فيهم من ذكرها. و فيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم و إسماعيل يتنسّكون بها:
من تعظيم البيت، و الطواف به، و الحجّ، و العمرة، و الوقوف على عرفة و مزدلفة، و إهداء البدن، و الإهلال بالحجّ و العمرة- مع إدخالهم فيه ما ليس منه.
__________________________________________________
[1] البغدادىّ، و الآلوسىّ: كثيرة.
[2] « «: فيها.
[3] « «: على إرث أبيهم إسماعيل من تعظيم الكعبة و الحج و الأعمّار.
[4] انتحبثوا- استخرجوا. [تفسير على هامش نسخة «الخزانة الزكية»].
                        الأصنام،متن،ص:7
فكانت نزار تقول إذا ما اهلّت:
«لبيّك الّلهمّ! لبيّك! لبيّك! لا شريك لك! إلا شريك هو لك! تملكه و ما ملك!» و يوحّدونه بالتلبية، و يدخلون معه آلهتهم و يجعلون ملكهم بيده، يقول الله (عزّ و جلّ) لنبيّه (صلّى الله عليه و سلم»: (وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ). 12: 106 أى ما يوحّدوننى بمعرفة حقّى، إلّا جعلوا معى شريكا من خلقي.
و كانت تلبية عكّ، إذا خرجوا حجّاجا، قدّموا أمامهم غلامين أسودين من غلمانهم، فكانا أمام ركبهم.
فيقولان: نحن غرابا [1] عك! فتقول عكّ من بعدهما:
          عكّ إليك عانية            ، عبادك اليمانية،
            كيما نحجّ الثانية!

و كانت ربيعة إذا حجّت فقضت المناسك و وقفت فى المواقف، نفرت فى النّفر الأوّل و لم تقم ألى آخر التشريق.
__________________________________________________
[1] أغربة العرب سوداتهم. شبّهوا بالأغربة فى لونهم. و كلّهم سرى إليهم السواد و أمّها تهم. و مشاهير الأغربة فى الجاهلية و الإسلام عنترة، و أبو عمير، و سليك، و خفاف، و هشام بن عقبة، و عبد الله بن خازم، و عمير بن أبى عمير، و همّام، و منتشر بن وهب، و مطر بن أوفى، و تأبّط شرّا، و الشنفري، و حاجز.
(عن «تاج العروس»).
                        الأصنام،متن،ص:8
[أوّل من نصب الأوثان‏]
فكان أوّل من غيرّ دين إسماعيل عليه السلام، فنصب الأوثان و سيّب السائبة، و وصل الوصيلة و بحرّ [1] البحيرة و حمى الحامية [2] عمرو بن ربيعة، و هو لحىّ بن حارثة ابن عمرو بن عامر الأزدىّ. و هو أبو خزاعة.
و كانت أمّ عمرو بن لحىّ فهيرة بنت عمرو بن الحارث. و يقال قمعة بنت مضاض الجرهمّى.
و كان الحارث هو الذي يلي أمر الكعبة. فلما بلغ عمرو بن لحىّ، نازعه فى الولاية، و قاتل جرهما [3] بيني إسماعيل. فظفر بهم و أجلاهم عن الكعبة. و نفاهم من بلاد مكّة، و تولّى حجابة البيت بعدهم [4].
ثم إنه مرض مرضا شديدا، فقيل له: إنّ بالبلقاء من الشأم حمّة إن أتيتها، برأت. فأتاها فاستحتم بها، فبرأ. و وجد أهلها يعبدون الأصنام، فقال: ما هذه؟
فقالوا: نستسقي بها المطر و تستنصر بها على العدوّ. فسألهم أن يعطوه منها، ففعلوا.
فقدم بها مكّة و نصبها حول الكعبة.
__________________________________________________
[1] هذا الضبط وارد فى نسخة «الخزانة الزكية» هنا و فى موضع آخر (ص 58) من هذه الطبعة، و هو كذلك فى كتاب «الروض الأنف». أما «بحر» مخففا فمعناه شقّ الأذن. و لكن المقام هنا يدل على ابتداع هذه السّنّة، فلذلك كان استعمال «بحّر» مشدّدا وجيها.
[2] فى الآلوسىّ: الحامى.
[3] فى نسخة «الخزانة الزكية»: جرهم. [و قد اعتمدت رواية البغدادىّ و الآلوسىّ. و كلا الوجهين جائز عند النحاة].
[4] ياقوت: و كان عمرو بن لحىّ، و اسم لحىّ ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر الأزدىّ، و هو أبو خزاعة، و هو الذي قاتل جرهم حتّى أخرجهم عن حرم مكة و استولى على مكة و أجلاهم و تولّى حجابة البيت بعدم. (ج 4 ص 652).
                        الأصنام،متن،ص:9
[قصة إساف و نائلة]
قال أبو المنذر هشام بن محمد:
فحدّث الكلبىّ [1] عن أبى صالح عن أبى عباس أنّ إسافا و نائلة «رجل من جرهم يقال له إساف بن يعلى [2]، و نائلة بنت زيد من جرهم) و كان يتعشقها فى أرض اليمن فأقبلوا حجّاجا، فدخلا الكعبة، فوجدا غفلة من الناس و خلوة فى [3] البيت، ففجر بها فى البيت، فمسخا. فأصبحوا فوجدوهما مسخين. [فأخرجوهما] فوضعوهما موضعهما. فعبدتهما خزاعة و قريش، و من حجّ البيت بعد من العرب.
[أصنام قبائل العرب‏]
[سواع‏]









                        الأصنام،متن،ص:51
حدّثنا أبو علىّ العنزىّ قال: حدّثنا علىّ بن الصّبّاح قال: أخبرنا أبو المنذر عن أبيه عن أبى صالح عن ابن عباس قال؟ و كان بنو شيث يأتون جسد آدم فى المغارة فيعظّمونه و يترحّمون [2] عليه. فقال رجل من بنى قابيل بن آدم: «يا بني قابيل! إنّ لبنى شيث دوارا يذورون حوله و يعظّمونه، و ليس لكم شي‏ء». فنحت لهم صنما، فكان أوّل من عملها [3].
حدّثنا الحسن بن عليل قال: حدّثنا علىّ بن الصّبّاح قال: أخبرنا أبو المنذر قال: و أخبرنى أبى قال:
كان ودّ و سواع و يغوث و يعوق و نسر قوما صالحين، ماتوا فى شهر. فجزع عليهم ذو و أقاربهم [4]. فقال رجل من بنى قابيل: «ياقوم! هل لكم أن اعمل لكم خمسة أصنام على صورهم، غير أنى لا أقدر أن أجعل فيها أرواحا؟» قالوا: نعم! فنحت لهم خمسة أصنام على صورهم، و نصبها لهم.
فكان الرجل يأتى أخاه و عمّه و ابن عمّه، فيعظّمنه و يسعى حوله حتّى ذهب ذلك القرن الأوّل. و عملت على عهد يردى [1] بن مهلايل [2] بن قينان بن أنوش [3] بن شيث ابن آدم [4].
ثم جاء قرن آخر، فعظّموهم أشدّ من تعظيم القرن الأوّل [5].
ثم جاء من بعدهم القرن الثالث فقالوا: ما عظّم أوّلونا هؤلاء [6]، إلّا و هم يرجعون شفاعتهم عند الله. فعبدوهم [7]. و عظم أمرهم و اشتدّ كفرهم. فبعث الله إليهم إدريس عليه السلام «و هو أحنوخ بن يارد بن مهلابيل) [8] [بن قينان‏] نبيّا. فدعاهم [9] فكذبوه، فرفعه الله إليه مكانا عليّا.
و لم يزل أمرهم يشتدّ، فيما قال ابن الكلبىّ [1] عن أبى صالح عن ابن عبّاس، حتّى أدرك نوح بن لمك بن متوشلح بن أحنوخ [2]. فبعثه الله نبيّا، و هو يومئذ ابن أربعمائة و ثمانين سنة. فدعاهم إلى الله (عزّ و جلّ) فى نبوّته عشرين و مائة سنة. فعصوه و كذّبوه. فأمره الله أن يصنع الفلك. ففرع منها و ركبها و هو ابن ستمائة سنة.
و غرق من غرق. و مكث بعد ذلك ثلاثمائة و خمسين سنة. فعلا الطّوفان و طبّق الأرض كلّها. و كان بين آدم و نوح ألفا سنة و مائتا سنة. فأهبط [ماء الطوفان‏] هذه الأصنام [3] من [جبل‏] نوذ إلى الأرض. و جعل الماء يشتدّ [4] جريه و عبابه [5] من‏











                        أنساب‏الأشراف،ج‏1،ص:37(چاپ‏زكار،ج‏1،ص:43)
71- و كان خزيمة الذى نصب هبل على الكعبة. فكان ذلك الصنم ينسب إليه، فيقال: «هبل خزيمة».
72- و ولد كنانة بن خزيم



                        أنساب‏ الأشراف،ج‏1،ص:185(چاپ‏زكار،ج‏1،ص:209)
470- و حدثنى بكر، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة أو الكلبى، أن عمرو بن العاص قال:
مررت ببلال و هو يعذّب في الرمضاء لو أن بضعة لحم وضعت لنضجت،(چاپ‏زكار،ج‏1،ص:210) و هو يقول: أنا كافر باللات و العزّى، و أمية مغتاظ عليه فيزيده عذابا فيقبل عليه، فيذهب خلقه فيغشى عليه، ثم يفيق.
471- و حدثنى محمد بن سعد، عن الواقدى في إسناد له أن حسان بن ثابت قال:
حججت- أو قال: اعتمرت- فرأيت بلالا في حبل طويل، تمده الصبيان، و معه فيه عامر بن فهيرة [1]، و هو يقول: أحد أحد أنا أكفر باللات و العزّى و هبل و ساف و نائلة و بوانة. فأضجعه أمية في الرمضاء.




                        أنساب‏ الأشراف،ج‏1،ص:344(چاپ‏زكار،ج‏1،ص:428)

731- قالوا: و كثر كلام المرتابين و ظنوا الظنون. و كتب أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم: «باسمك اللهم. أحلف باللات و العزّى و ساف و نائلة و هبل! لقد سرت إليك أريد استيصالكم. فأراك قد اعتصمت بالخندق، و كرهت(چاپ‏زكار،ج‏1،ص:429) لقاءنا. و لك منى يوم كيوم أحد [9]». و بعث بالكتاب مع أبى أسامة الجشمى.

فقرأه على النبي صلى الله عليه و سلم أبىّ بن كعب، و كتب إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم: «قد أتانا كتابك، و قديما غرّك يا أحمق بنى غالب. و سفيههم باللّه الغرور. و سيحول الله بينك و بين ما تريد، و يجعل لنا العاقبة. و ليأتين عليك يوم أكسر فيه اللات و العزّى و ساف و نائلة و هبل يا سفيه بنى غالب [10]».



                        تاريخ‏ الطبري،ج‏2،ص:157

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمه، عن ابن إسحاق، قال: فيزعمون ان عبد المطلب اخذه فدخل به على هبل في جوف الكعبه، فقام عنده يدعو الله و يشكر ما اعطاه، ثم خرج به الى أمه فدفعه إليها، و التمس له الرضعاء، فاسترضع له امراه من بنى سعد بن بكر، يقال لها حليمه ابنه ابى ذؤيب، و ابو ذئيب عبد الله، بن الحارث، بن شجنه، بن جابر، بن رزام، بن ناصره، بن فصيه، بن سعد، بن بكر، بن هوازن، بن منصور، بن عكرمه، بن خصفه، بن قيس، بن عيلان، بن مضر.



                        تاريخ‏ اليعقوبى،ج‏1،ص:254

[العرب‏]

أديان العرب‏

و كانت أديان العرب مختلفة بالمجاورات لأهل الملل، و الانتقال إلى البلدان، و الانتجاعات، فكانت قريش، و عامة ولد معد بن عدنان، على بعض دين إبراهيم، يحجون البيت، و يقيمون المناسك، و يقرون الضيف، و يعظمون الأشهر الحرم، و ينكرون الفواحش و التقاطع و التظالم، و يعاقبون على الجرائم، فلم يزالوا على ذلك ما كانوا ولاة البيت. و كان آخر من قام بولاية البيت الحرام من ولد معد: ثعلبة بن أياد بن نزار ابن معد، فلما خرجت أياد وليت خزاعة حجابه البيت، فغيروا ما كان عليه الأمر في المناسك، حتى كانوا يفيضون من عرفات قبل الغروب، و من جمع بعد أن تطلع الشمس. و خرج عمرو بن لحي، و اسم لحي ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر، إلى أرض الشام، و بها قوم من العمالقة يعبدون الأصنام، فقال لهم: ما هذه الأوثان التي أراكم تعبدون؟ قالوا: هذه أصنام نعبدها، نستنصرها، فننصر، و نستسقي بها، فنسقى، فقال: أ لا تعطونني منها صنما، فأسير به إلى أرض العرب، عند بيت الله الذي تفد إليه العرب؟ فأعطوه صنما يقال له هبل، فقدم به مكة، فوضعه عند الكعبة، فكان أول صنم وضع بمكة، ثم وضعوا به إساف و نائلة كل واحد منهما على ركن من أركان البيت، فكان الطائف، إذا طاف، بدأ بإساف، فقبله، و ختم به، و نصبوا على الصفا صنما يقال له مجاور الريح، و على المروة صنما يقال له مطعم الطير، فكانت العرب إذا حجت البيت، فرأت تلك الأصنام، سألت قريشا و خزاعة، فيقولون: نعبدها لتقربنا إلى الله زلفى، فلما رأت العرب ذلك اتخذت أصناما، فجعلت كل‏ قبيلة لها صنما يصلون له تقربا إلى الله، فيما يقولون، فكان لكلب بن وبرة و أحياء قضاعة ود منصوبا بدومة الجندل، بجرش، و كان لحمير و همدان نسر منصوبا بصنعاء، و كان لكنانة سواع، و كان لغطفان العزى، و كان لهند و بجيلة و خثعم ذو الخلصة، و كان لطيئ الفلس منصوبا بالحبس، و كان لربيعة و أياد ذو الكعبات بسنداد، من أرض العراق، و كان لثقيف اللات منصوبا بالطائف، و كان للأوس و الخزرج مناة منصوبا بفدك، مما يلي ساحل البحر، و كان لدوس صنم يقال له ذو الكفين، و لبني بكر بن كنانة صنم يقال له سعد، و كان لقوم من عذرة صنم يقال له شمس، و كان للأزد صنم يقال له رئام، فكانت العرب، إذا أرادت حج البيت الحرام، وقفت كل قبيلة عند صنمها، و صلوا عنده، ثم تلبوا حتى تقدموا مكة، فكانت تلبياتهم مختلفة. و كانت تلبية قريش: لبيك، اللهم، لبيك! لبيك لا شريك لك، تملكه، و ما ملك. و كانت تلبية كنانة: لبيك اللهم لبيك! اليوم يوم التعريف، يوم الدعاء و الوقوف. و كانت تلبية بني أسد: لبيك اللهم لبيك! يا رب أقبلت بنو أسد أهل التواني و الوفاء و الجلد إليك. و كانت تلبية بني تميم: لبيك اللهم لبيك! لبيك لبيك عن تميم قد تراها قد أخلقت أثوابها و أثواب من وراءها، و أخلصت لربها دعاءها. و كانت تلبية قيس عيلان: لبيك اللهم لبيك! لبيك أنت الرحمن، أتتك قيس عيلان راجلها و الركبان. و كانت تلبية ثقيف: لبيك اللهم! إن ثقيفا قد أتوك و أخلفوا المال، و قد رجوك. و كانت تلبية هذيل: لبيك عن هذيل قد أدلجوا بليل في إبل و خيل.



                        الطبقات‏الكبرى،ج‏1،ص:57

قال: أخبرنا هشام بن محمد عن أبيه قال: إنما سموا قريشا لأن بني فهر الثلاثة كان اثنان منهم لأم و الآخر لأم أخرى. فافترقوا فنزلوا مكانا من تهمة مكة. ثم اجتمعوا بعد ذلك. فقالت بنو بكر: لقد تقرش بنو جندلة. و كان أول من نزل من مضر مكة خزيمة بن مدركة. و هو الذي وضع لهبل الصنم موضعه فكان يقال له صنم خزيمة. فلم يزل بنوه بمكة حتى ورث ذلك فهر بن مالك. فخرجت بنو أسد و من كان من كنانة بها فنزلوا منازلهم اليوم.



                        الطبقات‏الكبرى،ج‏2،ص:104

و كارهين. و طاف رسول الله. ص. بالبيت على راحلته و حول الكعبة ثلاثمائة و ستون صنما. فجعل كلما مر بصنم منها يشير إليه بقضيب في يده و يقول: جاء الحق و زهق الباطل إن الباطل كان زهوقا. فيقع الصنم لوجهه. و كان أعظمها هبل. و هو وجاه الكعبة. ثم جاء إلى المقام و هو لاصق بالكعبة فصلى خلفه ركعتين. ثم جلس ناحية من المسجد و أرسل بلالا إلى عثمان بن طلحة أن يأتي بمفتاح الكعبة فجاء به عثمان فقبضه رسول الله. ص. و فتح الباب و دخل الكعبة فصلى فيها ركعتين و خرج فأخذ بعضادتي الباب و المفتاح معه. و قد لبط بالناس حول الكعبة. فخطب الناس يومئذ و دعا عثمان بن طلحة فدفع إليه المفتاح و قال: خذوها يا بني أبي طلحة تالده خالدة لا ينزعها منكم أحد إلا ظالم! و دفع السقاية إلى العباس بن عبد المطلب و قال:





                        مروج‏ الذهب،ج‏2،ص:225

ذكر البيوت المعظمة، و الهياكل المشرفة و بيوت النيران و الأصنام‏

و ذكر الكواكب، و غير ذلك من عجائب العالم‏

عبادة الهند و اتخاذهم الأصنام:

قال المسعودي: كان كثير من أهل الهند و الصين و غيرهم من الطوائف يعتقدون أن الله عز و جل جسم، و أن الملائكة أجسام لها أقدار، و أن الله تعالى و ملائكته احتجبوا بالسماء، فدعاهم ذلك إلى أن اتخذوا تماثيل و أصناما على صورة الباري عز و جل، و بعضها على صورة الملائكة: مختلفة القدود و الأشكال، و منها على صورة الإنسان و على خلافها من الصور، يعبدونها، و قربوا لها القرابين، و نذروا لها النذور، لشبهها عندهم بالباري و قربها منه، فأقاموا على ذلك برهة من الزمان و جملة من الأعصار.

عبادتهم الكواكب و اتخاذهم أصناما لها:

حتى نبههم بعض حكمائهم على أن الأفلاك و الكواكب أقرب الأجسام المرئية إلى الله تعالى، و أنها حية ناطقة، و أن الملائكة تختلف فيما بينها و بين الله، و أن كل ما يحدث في هذا العالم فإنما هو على قدر ما تجري به الكواكب عن أمر الله، فعظموها و قربوا لها القرابين لتنفعهم، فمكثوا على ذلك دهراً، فلما رأوا الكواكب تخفى بالنهار و في بعض أوقات الليل‏

                        مروج‏الذهب،ج‏2،ص:226

لما يعرض في الجو من السواتر أمرهم بعضُ من كان فيهم من حكمائهم أن يجعلوا لها أصناما و تماثيل على صورها و أشكالها، فجعلوا لها أصناما و تماثيل بعدد الكواكب الكبار المشهورة و كل صنف منهم يعظم كوكبا منها، و يقرب لها نوعا من القربان خلاف ما للآخر، على أنهم إذا عظموا ما صوروا من الأصنام تحركت لهم الأجسام العلوية من السبعة بكل ما يريدون، و بنوا لكل صنم بيتا و هيكلا مفرداً، و سموا تلك الهياكل بأسماء تلك الكواكب.

و قد ذهب قوم الى ان البيت الحرام هو بيت زُحَلَ، و انما طال عندهم بقاء هذا البيت على مرور الدهور معظما في سائر الاعصار لأنه بيت زُحَل، و أن زحل تولاه، لان زحل من شأنه البقاء و الثبوت، فما كان له فغير زائل و لا داثر، و عن التعظيم غير حائل، و ذكروا أمورا أعرضنا عن ذكرها لشناعة وصفها.

بوداسف أول الصابئة

و لما طال عليهم العهد عبدوا الأصنام على أنها تقربهم الى الله، و الفوا عبادة «1» الكواكب، فلم يزالوا على ذلك حتى ظهر بوداسف بأرض الهند و كان هنديا، و قد كان بوداسف خرج من أرض الهند الى السند، ثم سار الى بلاد سجستان و بلاد زابلستان، و هي بلاد فيروز بن كبك، ثم دخل السند ثم الى كرمان، فتنبأ و زعم أنه رسول الله و انه واسطة بين الله و بين خلقه، و أتى أرض فارس، و ذلك في اوائل ملك طهمورث «2» ملك فارس، و قيل: ذلك في ملك جم، و هو أول من أظهر مذاهب الصابئة على حسب ما قدمنا آنفاً فيما سلف من هذا الكتاب، و قد كان بوداسف أمَر

                        مروج‏ الذهب،ج‏2،ص:227

الناس بالزهد في هذا العالم و الاشتغال بما علا من العوالم، إذ كان من هنالك بدء النفوس، و إليها يقع الصدر من هذا العالم.

و جدد بوداسف عند الناس عبادة الأصنام، و السجود لها، لشُبَهٍ ذكرها، و قرب لعقولهم عبادتها بضروب من الحيل و الخدع.

جم أول من دعا الى عبادة النار:

و ذكر ذوو الخبرة بشأن هذا العالم و اخبار ملوكهم أن جَمَّ الملك أول من عظم النار، و دعا الناس الى تعظيمها، و قال: انها تشبه ضوء الشمس و الكواكب، لان النور عنده أفضل من الظلمة، و جعل للنور مراتب.

ثم تنازع هؤلاء بعده، فعظَّم كل فريق منهم ما يرون تعظيمه من الأسماء «1» تقرباً الى الله بذلك ثم تنازعوا برهة من الزمان.

عمرو بن لحى اظهر الأصنام بمكة:

و نشأ عمرو بن لحى فساد قومه بمكة «2»، و استولى على أمر البيت، ثم سار الى مدينة البلقاء من عمل دمشق من أرض الشام، فرأى قوماً يعبدون الأصنام، فسألهم عنها، فقالوا: هذه أرباب نتخذها، نستنصر بها فننصر، و نستسقي بها فنسقى، و كل ما نسألهم نعطى «3»، فطلب منهم صنما يدعونه هُبَلَ «4»

، فسار به الى مكة و نصبه على الكعبة و معه إساف و نائلة، و دعا الناس الى تعظيمها و عبادتها، ففعلوا ذلك، الى ان أظهر الله الاسلام و بعث محمداً عليه السلام، فطهر البلاد، و أنقذ العباد.

البيت الحرام:

و قد قال هؤلاء: إن البيت الحرام من البيوت السبعة المعظمة المتخذة على أسماء الكواكب من النيرين و الخمسة.

                        مروج‏ الذهب،ج‏2،ص:228

بيت للمجوس بأصبهان:

و بيت ثان معظم على رأس جبل بأصبهان يقال له مارس، و كانت فيه أصنام الى ان أخرجها منه يستأسف الملك لما تمجَّس و جعله بيت ناره، و ذلك على ثلاثة فراسخ من أصبهان، و هذا البيت معظم عند المجوس «1» الى هذه الغاية.

بيت بالهند:

و البيت الثالث يدعى مندوسان «2» ببلاد الهند و هذا البيت تعظمه الهند و له قرابين تقرب، و فيه احجار المغناطيس الجاذبة و الدافعة و المنفرة من أوصاف لا يسعنا الاخبار عنها، فمن اراد أن يبحث عن ذكرها فليبحث، فإنه بيت مشهور ببلاد الهند.

بيت البرامكة ببلخ:

و البيت الرابع هو النوبهار الذي بناه منوشهر بمدينة بَلْخَ من خراسان على اسم القمر، و كان من يلي سدانته تعظمه الملوك في ذلك الصقع، و تنقاد الى امره و ترجع الى حكمه، و تحمل اليه الأموال، و كانت عليه وقوف، و كان الموكل بسدانته يدعى البرمك. و هو سمة عامة لكل من يلي سدانته، و من أجل ذلك سميت البرامكة، لان خالد بن برمك كان من ولد من كان على هذا البيت، و كان بنيان هذا البيت من أعلى البنيان تشييداً، و كان تنصب على أعلاه الرماح عليها شقاق الحرير الأخضر طولُ الشقة مائة ذراع فما دونها قد نصب لذلك رماح و خشب تدفع قوة الريح بما عليها من الحرير، فيقال و الله أعلم: ان الريح خطفت يوماً بعض تلك الشقاق و رمت به، فأصيب على مسافة خمسين فرسخاً، و قيل أكثر من تلك المسافة، و هذا يدل على زيادته في الجو و تشييد بنيانه، و كان الحيز «3» المحيط بهذا البنيان أميالا لم نذكرها، إذ كان أمر ذلك‏

                        مروج ‏الذهب،ج‏2،ص:229

مشهوراً من وصف علو السور و عرضه.

قال المسعودي: و قد ذكر بعض أهل الرواية و التنقير «1» أنه قرأ على باب النوبهار ببلخ كتاباً بالفارسية ترجمته «قال بوداسف: أبواب الملوك تحتاج الى ثلاث خصال: عقل، و صبر، و مال» و إذا تحته بالعربية «كذب بوداسف، الواجب على الحر إذا كان معه واحدة من هذه الثلاث الخصال أن لا يلزم باب السلطان».

غمدان بصنعاء:

و البيت الخامس بيت غُمْدَانَ الذي بمدينة صنعاء من بلاد اليمن، و كان الضحاك بناه «2» على اسم الزهرة، و خرَّبه عثمان بن عفان رضي الله عنه، فهو في وقتنا هذا- و هو سنة اثنتين و ثلاثين و ثلثمائة- خراب قد هدم فصار تلًّا عظيما، و قد كان الوزير علي بن عيسى بن الجراح- حين نفي الى اليمن و صار الى صنعاء- بنى فيه سقاية و حَفَر فيه بئراً.

و رأيت غمدان ردماً و تلًّا عظيما قد انهدم بنيانه، و صار جبل تراب كأنه لم يكن، و قد كان أسعد بن يعفر صاحب قلعة كحلان النازل بها و صاحب مخاليف اليمن في هذا الوقت، و هو المعظم في اليمن، أراد أن يبني غمدان، فأشار عليه يحيى بن الحسين الحسني أن لا يتعرض لشي‏ء من ذلك، إذ كان بناؤه على يدي غلام يخرج من أرض سبأ و أرض مأرب يؤثر في صقع من هذا العالم تأثيراً عظيما.

                        



                        مروج‏ الذهب،ج‏2،ص:272

قريش تبني الكعبة

: و قد كان السيل هدم الكعبة فسُرِق منها لما انهدمت غزال من الذهب و حلي و جواهر، فنقضتها قريش، و كان‏ في حيطانها صُوَر كثيرة بأنواع من الأصباغ عجيبة: منها صورة إبراهيم الخليل في يده الأزلام، و يقابلها صورة إسماعيل ابنه على فرس يُجِيز بالناس مُفِيضاً، و الفاروق قائم على وفد من الناس يقسم فيهم، و بعد هذه الصور صور كثير من أولادهم إلى قصي بن كلاب و غيرهم، في نحو من ستين صورة مع كل واحد من تلك الصور إله صاحبها، و كيفية عبادته، و ما اشتهر من فعله.
















العلل ومعرفة الرجال لأحمد رواية ابنه عبد الله (2/ 492)
المؤلف: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ)
المحقق: وصي الله بن محمد عباس
الناشر: دار الخاني , الرياض
الطبعة: الثانية، 1422 هـ - 201 م
عدد الأجزاء: 3

3243 - سألته عن الرجل يمس منبر النبي صلى الله عليه وسلم ويتبرك بمسه ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد بذلك التقرب إلى الله جل وعز فقال لا بأس بذلك






فتاوى اللجنة الدائمة - 2 (1/ 158)
الفتوى رقم (17846)
س: هناك مسألة أخذ يدندن حولها القبوريون والمبتدعون، ويدعون الناس إليها، ويهاجموننا بها، وهي قولهم: إن الإمام أحمد رحمه الله يجيز مس المنبر والقبر وتقبيلهما بقصد التقرب لله. ويعزون ذلك إلى كتاب (الجامع في العلل ومعرفة الرجال) رواية عبد الله وصالح المروذي والميموني (2\23) رقم (250) (سألته عن الرجل يمس منبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ويتبرك بمسه ويقبله، ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا، يريد بذلك التقرب إلى الله عز وجل، فقال: لا بأس بذلك) .
أرجو الإفادة وإعطاء الجواب الشافي بشأنها، فإنها قد أحدثت فتنة عجيبة بين الشباب غير الراسخين في العلم. وهل فعلا هذا من كلام الإمام أحمد رحمه الله أم لا؟
ج: التمسح بآثار النبي - صلى الله عليه وسلم - وبقبره والمنبر لا يجوز، وهو من وسائل الشرك، وإذا قصد بذلك طلب البركة كان شركا. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (واتفق العلماء على أن من زار قبر النبي أو قبر غيره من الأنبياء والصالحين - الصحابة وأهل البيت وغيرهم- أنه لا يتمسح به ولا يقبله، بل ليس في الدنيا من الجمادات ما يشرع تقبيلها إلا الحجر الأسود، وقد ثبت في (الصحيحين) أن عمر رضي الله عنه لما قبل الحجر الأسود قال: (والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلك ما قبلتك) ، ولهذا لا يسن باتفاق الأئمة أن يقبل الرجل أو يستلم ركني البيت - اللذين يليان الحجر- ولا جدران البيت، ولا مقام إبراهيم، ولا صخرة بيت المقدس، ولا قبر أحد من الأنبياء والصالحين. حتى تنازع الفقهاء في وضع اليد على منبر سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما كان موجودا، فكرهه مالك وغيره؛ لأنه بدعة، وذكر أن مالكا لما رأى عطاء فعل ذلك لم يأخذ عنه العلم) (1) . والرواية التي عن أحمد بجواز ذلك ضعيفة، وكذا ما روي عن ابن عمر من التمسح بالمنبر لا يجوز الاحتجاج به؛ لأن ذلك خلاف الدليل، وخلاف ما ثبت عن أمير المؤمنين الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وما خالف الدليل لا يجوز العمل به لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1) » .
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
__________
(1) (مجموع الفتاوى) 27\79.
__________
(1) صحيح مسلم الأقضية (1718) ، مسند أحمد (6/270) .







فتاوى الشبكة الإسلامية (1/ 3321، بترقيم الشاملة آليا)
حكم مسح قبر النبي والتبرك بمنبره صلى الله عليه وسلم

[السُّؤَالُ]
ـ[أفتى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في كتابه العلل ومعرفة الرجال الجزء 2 الرقم 3243 بهذه الفتوى: [3243] سألته عن الرجل يمس منبر النبي صلى الله عليه وسلم ويتبرك بمسه ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد بذلك التقرب إلى الله جل وعز فقال: لا بأس بذلك. انتهى.

فهل يجوز عنده التبرك بالقبور؟ وبارك الله بكم.]ـ

[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه روي عن أحمد ما يفيد كراهة مسح القبر، وجواز التبرك بالمنبر، كما نقلت كراهة استلام القبر عن كثير من العلماء، ويؤيد هذا أنه لم ينقل عن الصحب استلام القبر والتبرك به والتقرب بذلك إلى الله.

فقد قال شيخ الإسلام في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم: كره الأئمة استلام القبر وتقبيله، وبنوه بناء منعوا الناس أن يصلوا إليه، وكانت حجرة عائشة التي دفنوه فيها ملاصقة لمسجده، وكان ما بين منبره وبيته هو الروضة، ومضى الأمر على ذلك في عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم، وزيد في المسجد زيادات وغيروا الحجرة عن حالها هي وغيرها من الحجر المطيفة بالمسجد من شرقيه وقبليه.....

قال أبو بكر الأثرم: قلت لأبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل: قبر النبي صلى الله عليه وسلم يمس ويتمسح به؟ فقال: ما أعرف هذا. قلت له: فالمنبر؟ فقال: أما المنبر فنعم قد جاء فيه. قال أبوعبد الله: شيء يروونه عن ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن عمر أنه مسح على المنبر. قال: ويروونه عن سعيد بن المسيب في الرمانة. قلت: ويروون عن يحيى بن سعيد أنه حين أراد الخروج إلى العراق جاء إلى المنبر فمسحه ودعا، فرأيته استحسنه، ثم قال: لعله عند الضرورة والشيء. قيل لأبي عبد الله: إنهم يلصقون بطونهم بجدار القبر، وقلت له: رأيت أهل العلم من أهل المدينة لا يمسونه ويقومون ناحية فيسلمون. فقال أبو عبد الله: نعم وهكذا كان ابن عمر يفعل. ثم قال أبو عبد الله: بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.

فقد رخص أحمد وغيره في التمسح بالمنبر والرمانة التي هي موضع مقعد النبي صلى الله عليه وسلم ويده، ولم يرخصوا في التمسح بقبره. وقد حكى بعض أصحابنا رواية في مسح قبره لأن أحمد شيع بعض الموتى فوضع يده على قبره يدعو له، والفرق بين الموضعين ظاهر.

وكره مالك التمسح بالمنبر، كما كرهوا التمسح بالقبر.

فأما اليوم فقد احترق المنبر وما بقيت الرمانة وإنما بقي من المنبر خشبة صغيرة فقد زال ما رخص فيه لأن الأثر المنقول عن ابن عمر وغيره إنما هو التمسح بمقعده.اهـ

هذا، وليعلم أنه لا يمكن قياس عامة القبور على قبر النبي صلى الله عليه وسلم لوجود الفارق الكبير بينه وبين الناس، كما أنه لا يقاس شعر غيره على شعر النبي صلى الله عليه وسلم الذي ثبتت مشروعية التبرك به، فقد قال الشاطبي في الاعتصام بعد ذكر ما يفيد مشروعية التبرك بشعر النبي صلى الله عليه وسلم: إن الصحابة رضي الله عنهم بعد موته عليه السلام لم يقع من أحد منهم شيء من ذلك بالنسبة إلى من خلفه؛ إذ لم يترك صلى الله عليه وسلم بعده في الأمة أفضل من أبي بكر الصديق رضي الله عنه فهو كان خليفته ولم يفعل به شيء من ذلك، ولا عمر رضي الله عنهما وهو كان أفضل الأمة بعده، ثم كذلك عثمان، ثم علي، ثم سائر الصحابة الذين لا أحد أفضل منهم في الأمة، ثم لم يثبت لواحد منهم من طريق صحيح معروف أن متبركا تبرك به على أحد تلك الوجوه أو نحوها؛ بل اقتصروا فيهم على الاقتداء بالأفعال والأقوال والسير التي اتبعوا فيها النبي صلى الله عليه وسلم، فهو إذاً إجماع منهم على ترك تلك الأشياء، وبقي النظر في وجه ترك ما تركوا منه، ويحتمل وجهين:

أحدهما: أن يعتقدوا في الاختصاص وأن مرتبة النبوة يسع فيها ذلك كله للقطع بوجود ما التمسوا من البركة والخير لأنه عليه السلام كان نورا كله في ظاهره وباطنه، فمن التمس منه نورا وجده على أي جهة التمسه؛ بخلاف غيره من الأمة - وإن حصل له من نور الاقتداء به والاهتداء بهديه ما شاء الله - لا يبلغ مبلغه على حال توازيه في مرتبه ولا تقاربه، فصار هذا النوع مختصا به كاختصاصه بنكاح ما زاد على الأربع، وإحلال بضع الواهبة نفسها له، وعدم وجوب القسم على الزوجات وشبه ذلك، فعلى هذا المأخذ لا يصح لمن بعده الاقتداء به في التبرك على أحد تلك الوجوه ونحوها، ومن اقتدى به كان اقتداؤه بدعة، كما كان الاقتداء به في الزيادة على أربع نسوة بدعة.

الثاني: أن لا يعتقدوا الاختصاص؛ ولكنهم تركوا ذلك من باب الذرائع خوفا من أن يجعل ذلك سنة - كما تقدم ذكره في اتباع الآثار - والنهي عن ذلك، أو لأن العامة لا تقتصر في ذلك على حد؛ بل تتجاوز فيه الحدود وتبالغ بجهلها في التماس البركة حتى يداخلها المتبرك به تعظيم يخرج به عن الحد، فربما اعتقد في المتبرك به ما ليس فيه، وهذا التبرك هو أصل العبادة، ولأجله قطع عمر رضي الله عنه الشجرة التي بويع تحتها رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو كان أصل عبادة الأوثان في الأمم الخالية - حسبما ذكره أهل السير - فخاف عمر رضي الله عنه أن يتمادى الحال في الصلاة إلى تلك الشجرة حتى تعبد من دون الله، فكذلك يتفق عند التوغل في التعظيم.

ولقد حكى الفرغاني -مذيل تاريخ الطبري- عن الحلاج أن أصحابه بالغوا في التبرك به حتى كانوا يتمسحون ببوله ويتبخرون بعذرته حتى ادعوا فيه الإلهية، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. اهـ

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1428





أرشيف منتدى الألوكة - 1 (ص: 0)
اخواني اريد توضيح لهذا الكلام؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

ـ[زكرياء الجزائري]•---------------------------------•[09 - May-2009, صباحاً 12:15]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني اريد توضيح لهذا الكلام وبارك الله فيكم
أفتى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في كتابه العلل ومعرفة الرجال الجزء 2 الرقم 3243 بهذه الفتوى: [3243] سألته عن الرجل يمس منبر النبي صلى الله عليه وسلم ويتبرك بمسه ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد بذلك التقرب إلى الله جل وعز فقال: لا بأس بذلك. انتهى.

ـ[التقرتي]•---------------------------------•[09 - May-2009, صباحاً 12:20]ـ
http://www.11emam.com/vb/showthread.php?p=62141

ـ[أبو القاسم]•---------------------------------•[09 - May-2009, صباحاً 12:22]ـ
الأمر واضح .. يسأل عن التبرك بآثر النبي فأفتاه بالجواز
ولكن حين يثبت أن هذه من آثاره .. يقع الحكم فيها
والله أعلم

ـ[أبو القاسم]•---------------------------------•[09 - May-2009, صباحاً 10:49]ـ
طبعا هذه الرواية المذكورة محل نظر ..
ولا أظنها تثبت ..
لكن المقصود أن ما كان من آثار النبي
كشعره ووضوئه أو ملابسه يجوز التبرك به بلا خلاف
والله الموفق





أرشيف ملتقى أهل الحديث - 3 (23/ 56)
سؤال عن صحة هذا الكلام للإمام أحمد الذي ينقله القبوريه وما معناه؟

ـ[فيصل]•---------------------------------•[19 - 04 - 02, 06:24 ص]ـ
في كتاب سؤالات عبد الله بن أحمد بن حنبل لأحمد (1) قال:" سألت أبي عن مس الرجل رمانة المنبر يقصد التبرك, وكذلك عن مس القبر ", فقال:" لا بأس بذلك".

وفي كتاب العلل ومعرفة الرجال ما نصه (2): سألته عن الرجل يمس منبر النبي (صلّى الله عليه و سلّم) و يتبرك بمسّه ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد التقرب إلى الله جل وعز فقال: لا بأس بذلك.

----------------------------------------------------------------------

(1) انظر كشاف القناع (2/ 150).
(2) العلل لأحمد بن حنبل (2/ 492).

ـ[ابن القيم]•---------------------------------•[19 - 04 - 02, 07:37 ص]ـ
الجواب أخي بارك الله فيك ما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله في (الفتاوى: 27/ 80 ـ 81) قال:

((واتفق العلماء على أن من زار قبر النبى صلى الله عليه وآله وسلم أو قبر غيره من الأنبياء والصالحين والصحابة وأهل البيت وغيرهم أنه لا يتمسح به ولا يقبله، بل ليس فى الدنيا من الجمادات ما يشرع تقبيلها إلا الحجر الأسود، وقد ثبت فى الصحيحين أن عمر رضى الله عنه قال: والله أنى لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا إنى رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقبلك ما قبلتك.
ولهذا لا يسن بإتفاق الأئمة أن يقبل الرجل أو يستلم ركنى البيت اللذين يليان الحجر ولا جدران البيت ولا مقام إبراهيم ولا صخرة بيت المقدس ولا قبر أحد من الأنبياء والصالحين، حتى تنازع الفقهاء فى وضع اليد على منبر سيدنا رسول الله صل الله عليه وآله وسلم لما كان موجودا؛ فكرهه مالك وغيره لأنه بدعة، وذكر أن مالكا لما رأى عطاء فعل ذلك لم يأخذ عنه العلم، ورخص فيه أحمد وغيره؛ لأن إبن عمر رضى الله عنهما فعله، وأما التمسح بقبر النبى صلى الله عليه وآله وسلم وتقبيله فكلهم كره ذلك ونهى عنه، وذلك لأنهم علموا ما قصده النبى صلى الله عليه وآله وسلم من حسم مادة الشرك وتحقيق التوحيد وإخلاص الدين لله رب العالمين)) انتهى كلامه.

وقال أيضا في (الفتاوى: 27/ 191):

((واتفق الائمة على أنة لا يتمسح بقبر النبى ولا يقبله، وهذا كله محافظة على التوحيد، فان من أصول الشرك بالله اتخاذ القبور مساجد كما قال طائفة من السلف فى قولة تعالى (وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا) قالوا: هؤلاء كانوا قوما صالحين فى قوم نوح فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا على صورهم تماثيل ثم طال عليهم الامد فعبدوها، وقد ذكر البخارى فى صحيحه هذا المعنى عن ابن عباس، وذكره محمد بن جرير الطبرى وغيره فى التفسير عن غير واحد من السلف)) انتهى كلامه.

وراجع كتاب (التبرك أنواعه وأحكامه: 327 ـ 340) للجديع ففيه تفصيل أكثر.

وبالله التوفيق.

ـ[محمد الأمين]•---------------------------------•[19 - 04 - 02, 10:47 ص]ـ
قال المرداوي في كتابه الإنصاف (من أهم مراجع الفقه الحنبلي) (2\ 456):
يجوز التوسل بالرجل الصالح على الصحيح من المذهب، وقيل يُستحب. قال الإمام أحمد للمروذي: يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه. وجزم به في المستوعب وغيره.

قلت: أجاز التوسل أحمد وحرمه أبو حنيفة. فيما نرى الأحناف اليوم يجيزوه و الحنابلة لا يجيزوه. والله أعلم سبب ذلك. وأنا أرى من الأحوط عدم التوسل لضعف أدلته.

ـ[محمد الأمين]•---------------------------------•[19 - 04 - 02, 10:53 ص]ـ
ملاحظة مهمة جداً: كلام الإمام أحمد الذي سبق نقله الأخ فيصل هو في آثار النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا يجوز عند أكثر العلماء التبرك بها. وإنما لا يجوز ذلك بغير آثاره عليه الصلاة والسلام.

وقد خلط المدعو سعيد البوطي بين التوسل وبين التبرك. وقد رد عليه الشيخ الالباني رداً شديد القوة، وبين جهالاته. ومع ذلك أصر واستكبر ولم يحذف تلك الجهالات من هامش كتابه السيء الذكر.

ـ[أبو عمر العتيبي]•---------------------------------•[23 - 04 - 02, 03:56 ص]ـ
الأخ الفاضل فيصل: أما التمسح بالرمانة فهذا صح عن الإمام أحمد وقبله صح عن عطاء بن أبي رباح وغيره.

ولكن الذي عليه الصحابة وجمهور التابعين فمن بعدهم أنه لا يتمسح بالمنبر ولا بالرمانة التي كانت على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وهناك حادثة طريف تتعلق بمس المنبر وهي:

أن الإمام مالك كان يتمنى لقاء عطاء بن أبي رباح رحمه الله والسماع منه فلما قدم عطاء المدينة رآه الإمام مالك يتمسح بالمنبر فلم يسمع منه وتعجب من فعله.

عموماً: التمسح بالرمانة والمنبر إنما جوزه من جوزه من العلماء لأنه من آثار الرسول -صلى الله عليه وسلم- الحسية وهي الآن غير موجودة ولا يوثق بشيء موجود من ذلك.

والمنبر الآن ليس هو منبر النبي -صلى الله عليه وسلم-.فلا يجوز مسه ولا تقبيله بإجماع السلف.

المسألة الثانية: قد صح عن الإمام أحمد تجويزه مس القبر وتقبيله وهذا مما لم يوافقه عليه أحد من العلماء.

فهو محرم وقد نقل شيخ الإسلام إجماع السلف على المنع من ذلك.

وقول الإمام أحمد في هذه المسألة زلة منه كما زل في مسألة التوسل بذات النبي والحلف به -صلى الله عليه وسلم-.

فكل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)