ابن كثير و رد حرف عايشه در البداية


البداية والنهاية ط الفكر (3/ 292)

ذكر طرح رءوس الكفر في بئر يوم بدر

قال ابن إسحاق: وحدثني يزيد بن رومان عن عروة عن عائشة قالت: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتلى أن يطرحوا في القليب، طرحوا فيه إلا ما كان من أمية بن خلف فإنه انتفخ في درعه فملأها فذهبوا ليخرجوه فتزايل [لحمه] فأقروه وألقوا عليه ما غيبه من التراب والحجارة، فلما ألقاهم في القليب وقف عليهم فقال: «يا أهل القليب هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا» قالت فقال له أصحابه يا رسول الله أتكلم قوما موتى فقال «لقد علموا أن ما وعدهم ربهم حق» قالت عائشة: والناس يقولون: لقد سمعوا ما قلت لهم، وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد علموا قال ابن إسحاق: وحدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك قال سمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رسول الله من جوف الليل وهو يقول «يا أهل القليب، يا عتبة بن ربيعة، ويا شيبة بن ربيعة، ويا أمية بن خلف، ويا أبا جهل بن هشام- فعدد من كان منهم في القليب- هل وجدتم ما وعد ربكم حقا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا» فقال المسلمون: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أتنادي قوما قد جيفوا؟ فقال «ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني» وقد رواه الإمام أحمد عن ابن أبي عدي عن حميد عن أنس فذكر نحوه. وهذا على شرط الشيخين قال ابن إسحاق وحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «يا أهل القليب بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم كذبتموني وصدقني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس، وقاتلتموني ونصرني الناس، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا» . قلت: وهذا مما كانت عائشة رضي الله عنها تتأوله من الأحاديث كما قد جمع ما كانت تتأوله من الأحاديث في جزء وتعتقد أنه معارض لبعض الآيات، وهذا المقام مما كانت تعارض فيه قوله وما أنت بمسمع من في القبور 35: 22 وليس هو بمعارض له والصواب قول الجمهور من الصحابة ومن بعدهم للأحاديث الدالة نصا على خلاف ما ذهبت إليه رضي الله عنها وأرضاها. وقال البخاري حدثنا عبيد ابن إسماعيل حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه قال: ذكر عند عائشة أن ابن عمر رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم إن الميت يعذب في قبره ببكاء أهله فقالت: رحمه الله، إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه ليعذب بخطيئته وذنبه، وإن أهله ليبكون عليه الآن» قالت وذاك مثل قوله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على القليب وفيه قتلى بدر من المشركين فقال لهم ما قال، قال إنهم ليسمعون ما أقول وإنما قال إنهم الآن ليعلمون انما كنت أقول لهم حق، ثم قرأت إنك لا تسمع الموتى 27: 80 وما أنت بمسمع من في القبور 35: 22 تقول حين تبوءوا مقاعدهم من النار. وقد رواه مسلم عن أبي كريب عن أبي أسامة به، وقد جاء التصريح بسماع الميت بعد دفنه في غير ما حديث كما سنقرر ذلك في كتاب الجنائز من الأحكام الكبير إن شاء الله. ثم قال البخاري حدثني عثمان ثنا عبدة عن هشام عن أبيه عن ابن عمر قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال: «هل وجدتم ما وعد ربكم حقا» ثم قال «إنهم الآن يسمعون ما أقول لهم» وذكر لعائشة فقالت: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق، ثم قرأت إنك لا تسمع الموتى 27: 80 حتى قرأت الآية. وقد رواه مسلم عن أبي كريب عن أبي أسامة. وعن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع كلاهما عن هشام بن عروة. وقال البخاري حدثنا عبد الله بن محمد سمع روح بن عبادة ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث، وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها، ثم مشى وتبعه أصحابه وقالوا ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته حتى قام على شفة الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم يا فلان ابن فلان ويا فلان بن فلان يسركم أنكم أطعتم الله ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا» . فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح فيها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم «والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم» . قال قتادة: أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخا وتصغيرا ونقمة وحسرة وندما، وقد أخرجه بقية الجماعة إلا ابن ماجه من طرق عن سعيد بن أبي عروبة. ورواه الإمام أحمد عن يونس بن محمد المؤدب عن شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة قال حدث أنس بن مالك فذكر مثله. فلم يذكر أبا طلحة وهذا إسناد صحيح، ولكن الأول أصح وأظهر والله أعلم. وقال الإمام أحمد حدثنا عفان ثنا حماد عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر ثلاثة أيام حتى جيفوا، ثم أتاهم فقام عليهم فقال: «يا أمية بن خلف، يا أبا جهل بن هشام، يا عتبة بن ربيعة، يا شيبة بن ربيعة، هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فإني قد وجدت