تقبيل المصحف


الموسوعة الفقهية الكويتية (38/ 22)
آداب تناول المصحف وتكريمه وحفظه
35 - اختلف العلماء في تقبيل المصحف فقيل: هو جائز، وقيل: يستحب تقبيله، تكريما له، وقيل: هو بدعة لم تعهد عن السلف (4) ، وانظر (تقبيل ف 17) .
وأما القيام للمصحف فقال النووي وصوبه السيوطي: يستحب القيام للمصحف إذا قدم به عليه، لما فيه من التعظيم وعدم التهاون به، ولأن القيام مستحب للفضلاء من العلماء والأخيار، فالمصحف أولى، وقال الشيخ عز الدين ابن عبد السلام: هو بدعة لم تعهد في الصدر الأول (1) .
وذكر العلماء أنواعا من تكريم المصحف.
فمن ذلك تطييبه، وجعله على كرسي لئلا يوضع بالأرض، وإن كان معه كتب أخرى يوضع فوقها ولا يوضع تحت شيء منها.

وأما توسد المصحف فقال الشافعية والحنابلة: يحرم توسد المصحف لأن ذلك ابتذال له، وأضاف الشافعية: ولو خاف سرقته أي فالحكم كذلك.
وقال الحنفية: يكره وضع المصحف تحت رأسه إلا لحفظه من سارق وغيره.

وأما مد رجليه إلى جهة المصحف فقال الحنفية - كما ذكر ابن عابدين - يكره تحريما مد رجليه أو رجل واحدة، سواء كان من البالغ أو الصبي عمدا ومن غير عذر.
وفي الفتاوى الهندية: مد الرجلين إلى جانب المصحف إن لم يكن بحذائه لا يكره، وكذلك لو كان المصحف معلقا في الوتد.
وقال الشافعية: يجوز مد رجله إلى جهة المصحف لا بقصد الإهانة في ذلك.
وقال الحنابلة: يكره مد الرجلين إلى جهة المصحف (1) .
__________
(1) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 2 / 127، وشرح المنهاج وحاشية القليوبي 4 / 271، ونهاية المحتاج 8 / 167.
(2) سورة آل عمران / 77.
(3) المغني 8 / 695، ومطالب أولي النهى 6 / 361.
(4) ابن عابدين 1 / 162، 1 / 246، والإتقان للسيوطي 2 / 172، وشرح المنتهى 1 / 73.
(1) الإتقان للسيوطي 2 / 172، والتبيان في آداب حملة القرآن ص 112.
(1) ابن عابدين 1 / 119، 441، والفتاوى الهندية 5 / 322، ومغني المحتاج 1 / 38، والقليوبي 1 / 36، وكشاف القناع 1 / 136.




الموسوعة الفقهية الكويتية (13/ 133)
ج - تقبيل المصحف:
13 - ذكر الحنفية: وهو المشهور عند الحنابلة - جواز تقبيل المصحف تكريما له، وهو المذهب عند الحنابلة، وروي عن أحمد استحبابه، لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه: كان يأخذ المصحف كل غداة ويقبله، ويقول: عهد ربي ومنشور ربي عز وجل، وكان عثمان رضي الله عنه يقبل المصحف ويمسحه على وجهه. وقال النووي في التبيان: روينا في مسند الدارمي بإسناد صحيح عن ابن أبي مليكة أن عكرمة بن أبي جهل كان يضع المصحف على وجهه ويقول: كتاب ربي كتاب ربي (1) .
ونقل صاحب الدر عن القنية: وقيل: إن تقبيل المصحف بدعة، ورده بما تقدم نقله عن عمر وعثمان.
وروي كذلك عن أحمد: التوقف في تقبيل المصحف، وفي جعله على عينيه، وإن كان فيه رفعه وإكرامه، لأن ما طريقه التقرب إذا لم يكن للقياس فيه مدخل لا يستحب فعله، وإن كان فيه تعظيم إلا بتوقيف، ولهذا قال عمر عن الحجر: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك (2) . ولم نعثر في كتب المالكية على حكم لهذه المسألة.

د - تقبيل الخبز والطعام:
14 - صرح الشافعية بجواز تقبيل الخبز، وقالوا: إنه بدعة مباحة أو حسنة، لأنه لا دليل على التحريم ولا الكراهة، لأن المكروه ما ورد عنه نهي، أو كان فيه خلاف قوي، ولم يرد في ذلك نهي، فإن قصد بذلك إكرامه لأجل الأحاديث الواردة في إكرامه فحسن، ودوسه
__________
(1) ابن عابدين 5 / 246، وحاشية الطحطاوي على الدر 4 / 192، وكشاف القناع 1 / 137، والآداب الشرعية 2 / 295.
(2) كشاف القناع 1 / 137، 138.









فتح الباري لابن حجر (3/ 475)
فائدة في البيت أربعة أركان الأول له فضيلتان كون الحجر الأسود فيه وكونه على قواعد إبراهيم وللثاني الثانية فقط وليس للآخرين شيء منهما فلذلك يقبل الأول ويستلم الثاني فقط ولا يقبل الآخران ولا يستلمان هذا على رأي الجمهور واستحب بعضهم تقبيل الركن اليماني أيضا
فائدة أخرى استنبط بعضهم من مشروعية تقبيل الأركان جواز تقبيل كل من يستحق التعظيم من آدمي وغيره فأما تقبيل يد الآدمي فيأتي في كتاب الأدب وأما غيره فنقل عن الإمام أحمد أنه سئل عن تقبيل منبر النبي صلى الله عليه وسلم وتقبيل قبره فلم ير به بأسا واستبعد بعض أتباعه صحة ذلك ونقل عن بن أبي الصيف اليماني أحد علماء مكة من الشافعية جواز تقبيل المصحف وأجزاء الحديث وقبور الصالحين وبالله التوفيق








معجم الشيوخ الكبير للذهبي (1/ 72)
أحمد بن عبد المنعم بن أحمد المعمر ركن الدين أبو العباس القزويني الطاوسي الصوفي
مولده في سابع عشرة شعبان سنة إحدى وست مائة.
وحكى لنا أن أباه أسمعه صحيح مسلم على أبي بكر الشحاذي، وهذا الشحاذي كانت له إجازة الفراوي، ثم قدم دمشق في سنة اثنتين وثلاثين وست مائة، وسمع من السخاوي، ثم سافر إلى بغداد مع الصاحب صفي الدين بن مرزوق ليؤم به، فسمع مسند الشافعي من أبي بكر بن الخازن، وسمع بحلب من ابن خليل، وروى بالإجازة العامة عن أبي جعفر الصيدلاني وجماعة، انتخبت له جزءا رواه مرات.
توفي في عاشر جمادى الأولى سنة أربع وسبع مائة، وكان كامل البنية مصبرا مليح الشيبة، أدرك من الملوك السلطان علاء الدين خوارزم شاه، ورآه قد مر بقزوين، ورأيت تحت خطه في سنة سبع وسبعين أن الوجيه النغري سأله عن مولده، فقال: ولدت سنة وست مائة، كذا أجاب في ذلك الوقت.

-10 - 1: 45 - أخبرنا أحمد بن عبد المنعم، غير مرة، أنا أبو جعفر الصيدلاني، كتابه، أنا أبو علي الحداد، حضورا، أنا أبو نعيم الحافظ، نا عبد الله بن جعفر، ثنا محمد بن عاصم، نا أبو أسامة عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يكره مس قبر النبي صلى الله عليه وسلم

قلت: كره ذلك لأنه رآه إساءة أدب، وقد سئل أحمد بن حنبل عن مس القبر النبوي وتقبيله، فلم ير بذلك بأسا، رواه عنه ولده عبد الله بن أحمد.

فإن قيل: فهلا فعل ذلك الصحابة؟ قيل: لأنهم عاينوه حيا وتملوا به وقبلوا يده وكادوا يقتتلون على وضوئه واقتسموا شعره المطهر يوم الحج الأكبر، وكان إذا تنخم لا تكاد نخامته تقع إلا في يد رجل فيدلك بها وجهه، ونحن فلما لم يصح لنا مثل هذا النصيب الأوفر ترامينا على قبره بالالتزام والتبجيل والاستلام والتقبيل، ألا ترى كيف فعل ثابت البناني؟ كان يقبل يد أنس بن مالك ويضعها على وجهه ويقول: يد مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذه الأمور لا يحركها من المسلم إلا فرط حبه للنبي صلى الله عليه وسلم، إذ هو مأمور بأن يحب الله ورسوله أشد من حبه لنفسه، وولده والناس أجمعين، ومن أمواله، ومن الجنة وحورها، بل خلق من المؤمنين يحبون أبا بكر، وعمر أكثر من حب أنفسهم.

حكى لنا جندار، أنه كان بجبل البقاع فسمع رجلا سب أبا بكر فسل سيفه، وضرب عنقه، ولو كان سمعه يسبه، أو يسب أباه لما استباح دمه، ألا ترى الصحابة في فرط حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: ألا نسجد لك؟ فقال: «لا» فلو أذن لهم لسجدوا له سجود إجلال وتوقير، لا سجود عبادة كما قد سجد إخوة يوسف ـــ عليه السلام ـــ ليوسف. وكذلك القول في سجود المسلم لقبر النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التعظيم والتبجيل لا يكفر به أصلا، بل يكون عاصيا فليعرف أن هذا منهي عنه، وكذلك الصلاة إلى القبر.










فتح الباري لابن حجر (11/ 56)
قال بن بطال الأخذ باليد هو مبالغة المصافحة وذلك مستحب عند العلماء وإنما اختلفوا في تقبيل اليد فأنكره مالك وأنكر ما روي فيه وأجازه آخرون واحتجوا بما روي عن عمر أنهم لما رجعوا من الغزو حيث فروا قالوا نحن الفرارون فقال بل أنتم العكارون أنا فئة المؤمنين قال فقبلنا يده قال وقبل أبو لبابة وكعب بن مالك وصاحباه يد النبي صلى الله عليه وسلم حين تاب الله عليهم ذكره الأبهري وقبل أبو عبيدة يد عمر حين قدم وقبل زيد بن ثابت يد بن عباس حين أخذ بن عباس بركابه قال الأبهري وإنما كرهها مالك إذا كانت على وجه التكبر والتعظم وأما إذا كانت على وجه القربة إلى الله لدينه أو لعلمه أو لشرفه فإن ذلك جائز قال بن بطال وذكر الترمذي من حديث صفوان بن عسال أن يهوديين أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فسألاه عن تسع آيات الحديث وفي آخره فقبلا يده ورجله قال الترمذي حسن صحيح قلت حديث بن عمر أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود وحديث أبي لبابة أخرجه البيهقي في الدلائل وبن المقرئ وحديث كعب وصاحبيه أخرجه بن المقرئ وحديث أبي عبيدة أخرجه سفيان في جامعه وحديث بن عباس أخرجه الطبري وبن المقرئ وحديث صفوان أخرجه أيضا النسائي وبن ماجه وصححه الحاكم وقد جمع الحافظ أبو بكر بن المقرئ جزءا في تقبيل اليد سمعناه أورد فيه أحاديث كثيرة وآثارا فمن جيدها حديث الزارع العبدي وكان في وفد عبد القيس قال فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله أخرجه أبو داود ومن حديث مزيدة العصري مثله ومن حديث أسامة بن شريك قال قمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبلنا يده وسنده قوي ومن حديث جابر أن عمر قام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبل يده ومن حديث بريدة في قصة الأعرابي والشجرة فقال يا رسول الله ائذن لي أن أقبل رأسك ورجليك فأذن له وأخرج البخاري في الأدب المفرد من رواية عبد الرحمن بن رزين قال أخرج لنا سلمة بن الأكوع كفا له ضخمة كأنها كف بعير فقمنا إليها فقبلناها وعن ثابت أنه قبل يد أنس وأخرج أيضا أن عليا قبل يد العباس ورجله وأخرجه بن المقرئ وأخرج من طريق أبي مالك الأشجعي قال قلت لابن أبي أوفى ناولني يدك التي بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فناولنيها فقبلتها قال النووي تقبيل يد الرجل لزهده وصلاحه أو علمه أو شرفه أو صيانته أو نحو ذلك من الأمور الدينية لا يكره بل يستحب فإن كان لغناه أو شوكته أو جاهه عند أهل الدنيا فمكروه شديد الكراهة وقال أبو سعيد المتولي لا يجوز