مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (9/ 3839)
5950 - (وعن أبي الجوزاء) : قال المؤلف: وهو أوس بن عبد الله الأزدي من أهل البصرة، تابعي مشهور الحديث، سمع عائشة، وابن عباس، وابن عمر، وروى عنه عمرو بن مالك وغيره، قتل سنة ثلاث وثمانين (قال: قحط أهل المدينة) : على بناء المفعول (قحطا شديدا، فشكوا) ، أي: الناس (إلى عائشة فقالت: انظروا قبر النبي) : بالنصب على نزع الخافض، وفي نسخة إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - (فاجعلوا منه) ، أي: من قبره (كوى) : بفتح الكاف ويضم، ففي المغرب الكوة نقب البيت والجمع كوى، وقد يضم الكاف في المفرد والجمع اه. وقيل: يجمع على كوى بالكسر والقصر والمد أيضا، والكوة بالضم، ويجمع على كوى بالضم، والمعنى اجعلوا من مقابلة قبره في سقف حجرته منافذ متعددة (حتى لا يكون بينه) ، أي: بين قبره (وبين السماء سقف) ، أي: حجاب ظاهري (ففعلوا فمطروا) : بضم فكسر (مطرا) ، أي: شديدا (حتى نبت العشب) ، بضم فسكون أي: العلف من منابته (وسمنت) : بكسر الميم (الإبل) : وكذا سائر المواشي بالأولى (حتى تفتقت) ، أي: انتفخت خواصرها من الرعي، وقيل: انشقت، وقيل: اتسعت (من الشحم) ، أي: من كثرته (فسمي عام الفتق) ، أي: سنة الخصب الذي أفضى إلى الفتق، هذا وقد قيل في سبب كشف قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن السماء لما رأت قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل الوادي من بكائها. قال تعالى: {فما بكت عليهم السماء والأرض} [الدخان: 29] حكاية عن حال الكفار، فيكون أمرها على خلاف ذلك بالنسبة إلى الأبرار، وقيل: إنه - صلى الله عليه وسلم - كان يستشفع به عند الجدب فتمطر السماء، فأمرت عائشة - رضي الله عنها - بكشف قبره مبالغة في الاستشفاع به، فلا يبقى بينه وبين السماء حجاب. أقول: وكأنه كناية عن عرض الغرض المطلوب بتوجهه إلى السماء، وهي قبلة الدعاء ومحل رزق الضعفاء، كما قال تعالى: {وفي السماء رزقكم} [الذاريات: 22] (رواه الدارمي) .
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (12/ 347)
الباب الثامن في الاستسقاء بقبره الشريف- صلى الله عليه وسلم-
روى الدارمي عن [أبي الجوزاء] [ (1) ] أوس بن عبد الله قال: قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكوا إلى عائشة- رضي الله تعالى عنها- فقالت: انظروا إلى قبر النبي- صلى الله عليه وسلم- فاجعلوا منه كوّة إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السّماء سقف قال: ففعلوا فمطرنا مطرا حتّى نبت العشب وسمنت الإبل حتّى تفتقت من الشحم، فسمّي: عام الفتق.
__________
[ (1) ] في أابن الجوزي.
التوسل أنواعه وأحكامه (ص: 126)
2- أثر فتح الكوى فوق قبر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى السماء:
روى الدارمي في "سننه" "1/43": حدثنا أبو النعمان ثنا سعيد ابن زيد ثنا عمرو بن مالك النكري حدثنا أبو الجوزاء أوس بن عبد الله قال: قحَط أهل المدينة قحطاً شديداً، فشكوا إلى عائشة، فقالت: انظروا قبر النبي صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كوى إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف، قال: ففعلوا، فمطرنا مطراً حتى نبت العشب، وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم، فسمي عام الفتق.
قلت: وهذا سند ضعيف لا تقوم به حجة لأمور ثلاثة:
أولها: أن سعيد بن زيد وهو أخو حماد بن زيد فيه ضعف. قال فيه الحافظ في "التقريب": صدوق له أوهام. وقال الذهبي في "الميزان":
قال يحيى بن سعيد: ضعيف، وقال السعدي: ليس بحجة، يضعفون حديثه، وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي، وقال أحمد: ليس به بأس، كان يحيى بن سعيد لا يستمرئه.
وثانيهما: أنه موقوف على عائشة وليس بمرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولو صح لم تكن فيه حجة، لأنه يحتمل أن يكون من قبيل الآراء الاجتهادية لبعض الصحابة، مما يخطئون فيه ويصيبون، ولسنا ملزمين بالعمل بها.
وثالثها: أن أبا النعمان هذا هو محمد بن الفضل، يعرف بعارم، وهو وإن كان ثقة فقد اختلط في آخر عمره. وقد أورده الحافظ برهان الدين الحلبي حيث أورده في "المختلطين" من كتابه "المقدمة" وقال "ص391":
"والحكم فيهم أنه يقبل حديث من أخذ عنهم قبل الاختلاط ولا يقبل حديث من أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده".
قلت: وهذا الأثر لا يدرى هل سمعه الدارمي منه قبل الاختلاط أو بعده، فهو إذن غير مقبول، فلا يحتج به1، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في"الرد على البكري ص 68-74": "وما روي عن عائشة رضي الله عنها من فتح الكوة من قبره إلى السماء، لينزل المطر فليس بصحيح، ولا يثبت إسناده، ومما يبين كذب هذا أنه في مدة حياة عائشة لم يكن للبيت كوة، بل كان باقياً كما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، بعضه مسقوف وبعضه مكشوف، وكانت الشمس تنزل فيه، كما ثبت في "الصحيحين" عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها، لم يظهر الفيء بعد، ولم تزل الحجرة النبوية كذلك في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم.. ومن حينئذ دخلت الحجرة النبوية في المسجد، ثم إنه يُبنى حول حجرة عائشة التي فيها القبر جدار عال، وبعد ذلك جعلت الكوة لينزل منها من ينزل إذا احتيج إلى ذلك لأجل كنس أو تنظيف. وأما
__________
1 وتغافل عن هذه العلة الشيخ الغماري في "المصباح - 43" كما تغافل من لم يوفق للإصابة ليوهموا الناس صحة هذا الأثر.