المنتقى من مسموعات مرو للضياء المقدسي - مخطوط (ن) (ص: 239)
• حدثنا محمد بن الحسن، ثنا أبو علي الحسين بن إبراهيم القنطري بنسف، ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن يزداد الرازي، أنبأ أبو الحسن محمد بن إسحاق التمار بالبصرة، ثنا أحمد بن ثابت بن بقية أبو الطيب، ثنا الحسن بن يوسف الكاتب، ثنا ابن بنت يزيد بن هارون، سمعت سفيان بن سعيد الثوري يقول: بينا أنا واقف عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنا بأعرابي على قعود له أتى القبر فسلم سلاماً حسناً ودعا دعاءاً جميلاً ثم قال: يا رسول الله، إن الله تعالى أكرمك بالنبوة واختصك بها وجعلك لها، فقال في كتابه وقوله الحق {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} وقد جئتك يا رسول الله مقراً بالذنب مستشفعاً بك إلى ربك وهو منجز لك ما وعدك ثم أنشأ يقول:
يا خير من دفنت في الأرض أعظمه وطاب من طيبه القيعان والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم
• قلت: ورويت هذه الحكاية عن غير سفيان الثوري! أخبرنا بها شيخنا أبو المظفر السمعاني بقراءتي عليه بمرو قلت له: أخبركم أبو الطيب طاهر بن عثمان بن محمد بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن يعقوب بن إسحاق بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن أجيد بن حفص بن غياث بن معبد بن عباد بن عبد الرحمن بن عوف الصيرفي الزهري قراءةً عليه ببخارى، أنبأ جدي هو أبو بكر محمد، ثنا أبن سهل أحمد بن علي الأبيوردي، ثنا الإمام أبو عبد الله الحسين بن الحسن الحليمي، أنبأ أبو الفضل محمد بن يوسف بن ريحان، ثنا الحسن بن يزيد، ثنا الحسن بن سهل الواسطي، ثنا محمد بن روح الرقاشي، ثنا محمد بن حرب الهلالي قال: كنت بالمدينة فدخلت إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فإذا رجل يوضع على بعيره حتى أناخه وعقله ثم دخل المسجد فسلم سلاماً حسناً ودعى دعاءاً جميلاً ثم قال: بأبي وأمي أنت يا رسول الله، إن الله تعالى خصك بوحيه وأنزل
ق 1382 (ب)
عليك كتاباً جمع لك فيه ذكر الأولين والآخرين، فقال في كتابة وقوله الحق {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا لله تواباً رحيماً} وقد أتيتك مستشفعاً بك إلى ربك وهو منجز ما وعدك ثم إلتفت إلى القبر فقال:
يا خير من دفنت تحت الأرض أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم
إتحاف الزائر وإطراف المقيم للسائر لأبي اليمن ابن عساكر (ص: 53)
قال شيخنا أبو عمرو رحمه الله: ومن أحسن ما يقول، قول الأعرابي الذي حكاه جماعةٌ من الأئمة مستحسنين له عن العتبي، واسمه محمد بن عبيد الله - قال:
كنت جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله سبحانه يقول: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} وقد جئتك مستغفراً من ذنبي، مستشفعاً بك إلى ربي، ثم أنشأ يقول:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ... فيه العفاف وفيه الجود والكرم
قال: فحملتني عيناي، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال لي: يا عتبي، الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر ذنوبه.
وقد وقعت إلينا هذه الحكاية من غير طريق العتبي، عن محمد بن حرب الهلالي.
كما نبأني الشيخ أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم رحمه الله -إن شاء الله-، أخبرنا الحافظ أبو القاسم قراءةً عليه، أخبرنا أبو أحمد عبد السلام بن الحسن بن علي بن زرعة الصوري، حدثنا الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر -بصور- لفظاً، حدثنا أبو العباس أحمد بن علي بن محمد، حدثنا أبو بكر محمد بن زهير -بنيسابور-، أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن مرزبان، حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد النحوي، أخبرنا ابن فضيل النحوي، أخبرنا عبد الكريم بن علي، حدثنا محمد بن محمد بن النعمان، حدثنا محمد بن حرب الهلالي.
قال: دخلت المدينة فأتيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم فزرته وجلست بحذائه، فجاء أعرابي فزاره، ثم قال: يا خير الرسل! إن الله عز وجل أنزل عليك كتاباً صادقاً قال فيه: {ولو أنهم ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} .
وإني جئتك مستغفراً من ذنوبي، مستشفعاً بك فيها، ثم بكى وأنشأ يقول:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ... فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ثم استغفر وانصرف، فرقدت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في نومي وهو يقول: الحق الرجل فبشره أن الله قد غفر له بشفاعتي، فاستيقظت فخرجت أطلبه فلم أجده.
الصارم المنكي في الرد على السبكي (ص: 252)
قال: وحكاية الأعرابي المشهورة التي ذكرها المصنفون في مناسكهم وفي بعض طرقها أن الأعرابي ركب راحلته وانصرف وذلك يدل أنه كان مسافرا، والحكاية المذكورة ذكرها جماعة من الأئمة عن العتبي، وأسمه محمد بن عبد الله بن عمرو بن معاوية بن عمرو بن عتبة بن أبي سفيان: صخر بن حرب كان من أفصح الناس صاحب أخبار ورواية للأدب، وحدث عن أبيه وسفيان بن عيينة، توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين، يكنى أبا عبد الرحمن.
وذكرها ابن عساكر في تاريخه وابن الجوزي في مثير العزم الساكن وغيرهما بأسانيدهم إلى محمد بن حرب الهلالي قال: دخلت المدينة فأتيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم فزرته فجلست حذاءه فجاء إعرابي فزاره ثم قال: يا خير الرسل إن الله أنزل عليك كتابا صادقا قال فيه: {وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جآؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما} (النساء 064) وقد جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى ربي ثم بكى وأنشأ يقول:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ... فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ثم استغفر وانصرف، فرقدت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في نومي وهو يقول: إلحق الرجل فبشره أن الله قد غفر له بشفاعتي، فاستيقظت فخرجت أطلبه فلم اجده، قال وقد نظم أبو الطيب أحمد بن عبد العزيز بن محمد المقدسي، وسأله بعضهم الزيارة على هذين البيتين وتضمينهما فقال: ورواه ابن عساكر عنه: أقول والدمع من عيني منسجم ... لما رأيت جدار القبر يستسلم
والناس يغشونه ياك ومنقطع ... من المهابة أو ذاع فملتزم
فما تمالكت أن نأديت من حرق ... في الصدر كادت لها الأحشاء تضطرم
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ... فطاب من طبيهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ... فيه العفاف وفيه الجود والكرم
وفيه شمس التقى والدين قد غربت
... من بعد ما أشرقت من نوره الظلم
حاشى لوجهك أن يبلى وقد هديت ... في الشرق والغرب من أنواره الأمم
وإن تمسك أيدي الترب لامسة ... وأنت بين السموات العلى علم
لقيت ربك والإسلام صارمه ... ماض وقد كان يحر الكفر يلتطم
فقمت فيه مقام المرسلين إلى ... إن عز فهو على الأديان يحتكم
لئن رأيناه قبرا إن باطنه ... لروضه من رياض الخلد يبتسم
طافت به من نواحيه ملائكة
... تغشاه في كل ما يوم وتزدحم
لو كنت أبصرت حبا لقلت له ... لا تمش إلا على خدي لك القدم
هدي به الله قوما قال قائلهم ... بطن حكه لما ضمه الرحم
إن مات أحمد فالرحمن خالقه ... حين ونعبده ما أروق السلم
قال الجوهري: الرجم بالتحريك القبر، هذا آخر ما أو رده المعترض في الباب الثالث، وهذه الحكاية التي ذكرها بعضهم يرويها عن العتبي، بلا إسناد، وبعضهم يرويها عن محمد بن حرب الهلالي، وبعضهم يرويها عن محمد بن حرب عن أبي الحسن الزعفراني، عن الأعرابي، وقد ذكرها البيهقي في كتاب شعب الإيمان بإسناد مظلم عن محمد بن روح بن يزيد بن البصري، حدثني أبو حرب الهلالي قال: حج أعرابي فلما جاء إلى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ راحلته فعقلها، ثم دخل المسجد حتى أتى القبر، ثم ذكر نحو ما تقدم، وقد وضع لها بعض الكذابين إسنادا إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما سيأتي ذكره.
وفي الجملة: ليست هذه الحكاية المنكورة عن الأعرابي مما يقوم به حجة وإسنادها مظلم مختلف ولفظها مختلف أيضا،ولو كانت ثابتة لم يكن فيها حجة على مطلوب المعترض، ولا يصلح الاحتجاج بمثل هذه الحكاية، ولا الاعتماد على مثلها عند أهل العلم وبالله التوفيق.
المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (3/ 596)
وقد حكى جماعة منهم الإمام أبو نصر بن الصباغ فى «الشامل» الحكاية المشهورة عن العتبى، واسمه: محمد بن عبيد الله بن عمرو بن معاوية بن عمرو بن عتبة بن أبى سفيان صخر بن حرب، وتوفى فى سنة ثمان وعشرين ومائتين، وذكرها ابن النجار وابن عساكر وابن الجوزى فى مثير الغرام الساكن. عن محمد بن حرب الهلالى قال: أتيت قبر النبى- صلى الله عليه وسلم- فزرته وجلست بحذائه، فجاء أعرابى فزاره ثم قال: يا خير الرسل، إن الله أنزل عليك كتابا صادقا، قال فيه: وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً «1» وقد جئتك مستغفرا من ذنبى مستشفعا بك إلى ربى وأنشأ يقول:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسى الفداء لقبر أنت ساكنه ... فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ووقف أعرابى على قبره الشريف وقال: اللهم إنك أمرت بعتق العبيد، وهذا حبيبك وأنا عبدك، فأعتقنى من النار على قبر حبيبك، فهتف به هاتف: يا هذا تسأل العتق لك وحدك، هلا سألت لجميع الخلق. اذهب فقد أعتقناك من النار.
إن الملوك إذا شابت عبيدهم ... فى رقهم أعتقوهم عتق أبرار
وأنت يا سيدى أولى بذاكرما ... قد شبت فى الرق فاعتقنى من النار
وعن الحسن البصرى قال: وقف حاتم الأصم على قبر النبى- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رب، إنا زرنا قبر نبيك فلا تردنا خائبين، فنودى: يا هذا ما أذنا لك فى زيارة قبر حبيبنا إلا وقد قبلناك فارجع أنت ومن معك من الزوار مغفورا لكم.
وقال ابن أبى فديك: سمعت بعض من أدركت يقول: بلغنا أنه من وقف عند قبر النبى- صلى الله عليه وسلم- فتلا هذه الآية: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ «2» وقال: صلى الله عليك يا محمد، حتى يقولها سبعين مرة ناداه ملك: صلى الله عليك يا فلان، ولم تسقط له حاجة.
قال الشيخ زين الدين المراغى وغيره: الأولى أن ينادى يا رسول الله وإن كانت الرواية يا محمد، انتهى. وقد نبهت على ذلك مع مزيد بيان فى كتاب
المعجم الجامع في تراجم المعاصرين (ص: 175، بترقيم الشاملة آليا)
فإن الكتاب الذي بين أيدينا "الأذكار" للإمام النووي -رحمه الله- قد طُبِعَ بتحقيقي في مطبعة "الملاّح" بدمشق سنة 1391هـ الموافق 1971م. ثم قمت بتحقيقه مرة أخرى، وقام بطبعه مدير دار الهدى بالرياض الأستاذ "أحمد النحّاس". وكان قد قَدّمَهُ للإدارة العامة لشؤون المصاحف ومراقبة المطبوعات برئاسة "البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في الرياض". وسُلِّم الكتاب إلى هيئة مراقبة المطبوعات، وقرأه أحد الأساتذة وتَصرّفَ فيه في: "فصل في زيارة قبر رسول الله r"، وجَعَله: "فصل في زيارة مسجد رسول الله r"! مع تغيير بعض العبارات في هذا الفصل صفحة (295) ، وحذف من صفحة (297) قصة العتبي، وهو محمد بن عبيد الله بن عمرو بن معاوية بن عمرو بن عتبة بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أمية الأموي العتبي الشاعر، الذي ذكر قصة الأعرابي الذي جاء إلى قبر رسول r وقال له: «جئتك مستغفرا من ذنبي» ، وأن العتبي رأى النبي r في المنام وقال له: «يا عتبي إلحق الأعرابي فبَشّره بأن الله قد غفر له» ، وحَذَفَ التّعليق الذي ذكرته حول هذه القصة. وقد ذكَرتُ أنها غير صحيحة، ومع ذلك كله حذفها وحذف التعليق الذي علقته عليها!
وهذا التصرّف الذي حَصَلَ في هذا الكتاب، لم يكن مِنّي أنا العبد الفقير إلى الله تعالى العلي القدير "عبد القادر الأرناؤوط"، وكذلك لم يكن من مدير دار الهدى الأستاذ "أحمد النحّاس". وإنما حَصَل من "هيئة مراقبة المطبوعات". ومدير دار الهدى ومحقّق الكتاب لا يحمِلان تِبعة ذلك، وإنما الذي يحمل تبعة ذلك "هيئة مراقبة المطبوعات".
ولا شَكَّ أن التصرُّف في عبارات المؤلّفين لا يجوز. وهي أمانةٌ علميةٌ. وإنما على المحقّق والمدقّق أن يترك عبارة المؤلف كما هي، وأن يُعلِّقَ على ما يراه مخالفاً للشرع والسُّنة في نظره، دون تغييرٍ لعبارة المؤلّف.
شرح رياض الصالحين (2/ 258)
وهذه الآية استدل بها دعاة القبور الذين يدعون القبور ويستغفرونها حيث قالوا: لأن الله قال لنبيه عليه الصلاة والسلام: (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) فأنت إذا أذنبت، فأذهب إلى قبر النبي عليه الصلاة والسلام، واستغفر الله ليستغفر لك الرسول.
ولكن هؤلاء ضلوا ضلالا بعيدا؛ لأن الآية صريحة قال: (إذ ظلموا أنفسهم) ولم يقل: إذا ظلموا أنفسهم جاءوك، فهي تتحدث عن شيء مضى وانقضى، يقول: لو أنهم إذ ظلموا أنفسهم بما أحدثوا، ثم جاءوك في حياتك، واستغفروا الله، واستغفر لهم الرسول، لوجدوا الله توبا رحيما، أما بعد موت الرسول عليه الصلاة والسلام؛ فإنه لا يمكن أن يستغفر الرسول صلى الله عليه وسلم لأحد؛ لأنه انقطع عمله، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) فعمل النبي صلى الله عليه وسلم نفسه بعد موته لا يمكن