ابن كثير

وغلط كثير ممن تشرف بالاسلام من اليهود فظنوا أنهم الذين تدعو إليهم فرقة الرافضة فاتبعوهم

البداية والنهاية ج6/ص247

وقد نطقت هذه الأحاديث التي أوردناها آنفا بالسفاح والمنصور والمهدي ولا شك أن المهدي الذي هو ابن المنصور ثالث خلفاء بني العباس ليس هو المهدي الذي وردت الأحاديث المستفيضة

البداية والنهاية ج6/ص248 بذكره وأنه يكون في آخر الزمان يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما وقد أفردنا للأحاديث الواردة فيه جزءا على حدة كما أفرد له أبو داود كتابا في سننه وقد تقدم في بعض هذه الأحاديث آنفا أنه يسلم الخلافة إلى عيسى بن مريم إذا نزل الى الأرض والله أعلم وأما السفاح فقد تقدم أنه يكون في آخر الزمان فيبعد أن يكون هو الذي بويع أول خلفاء بني العباس فقد يكون خليفة آخر وهذا هو الظاهر فانه قد روى نعيم بن حماد عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري من قدوم الحميري سمع نفيع بن عامر يقول يعيش السفاح أربعين سنة اسمه في التوراة طائر السماء قلت وقد تكون صفة للمهدي الذي يظهر في آخر الزمان لكثرة ما يسفح أي يريق من الدماء لاقامة العدل ونشر القسط وتكون الرايات السود المذكورة في هذه الأحاديث إن صحت هي التي تكون مع المهدي ويكون أول ظهور بيعته بمكة ثم تكون أنصاره من خراسان كما وقع قديما للسفاح والله تعالى أعلم هذا كله تفريع على صحة هذه الأحاديث وإلا فلا يخلو سند منها عن كلام والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب الاخبار عن الأئمة الاثني عشر الذين كلهم من قريش وليسوا بالاثني عشر الذين يدعون إمامتهم الرافضة فان هؤلاء الذين يزعمون لم يل أمور الناس منهم إلا علي بن أبي طالب وابنه الحسن وآخرهم في زعمهم المهدي المنتظر في زعمهم بسرداب سامرا وليس له وجود ولا عين ولا أثر بل هؤلاء من الأئمة الاثني عشر المخبر عنهم في الحديث الأئمة الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ومنهم عمر بن عبد العزيز بلا خلاف بين الأئمة على كلا القولين لأهل السنة في تفسير الاثني عشر كما سنذكره بعد إيراد الحديث ثبت في صحيح البخاري من حديث شعبة ومسلم من حديث سفيان بن عيينة كلاهما عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال سمعت رسول الله يقول يكون اثنا عشر خليفة ثم قال كلمة لم اسمعها فقلت لأبي ما قال قال قال كلهم من قريش وقال أبو نعيم بن حماد في كتاب الفتن والملاحم حدثنا عيسى بن يونس حدثنا مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله ابن مسعود قال قال رسول الله يكون بعدي من الخلفاء عدة أصحاب موسى وقد روى مثل هذا الحديث عن عبد الله بن عمر وحذيفة وابن عباس وكعب الأحبار من قولهم وقال أبو داود حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا مروان بن معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبيه عن جابر بن سمرة قال سمعت رسول الله يقول لا يزال هذا الأمر قائما حتى يكون عليهم اثني عشرخليفة أو أميرا كلهم يجتمع عليهم الأمة وسمعت كلاما من النبي لم أفهمه فقلت لأبي ما يقول قال كلهم من قريش وقال أبو داود أيضا حدثنا ابن نفيل حدثنا زهير بن

البداية والنهاية ج6/ص249 معاوية حدثنا زياد بن خيثمة حدثنا الأسود بن سعيد الهمداني عن جابر بن سمرة قال قال رسول الله لا تزال هذه الأمة مستقيما أمرها ظاهرة على عدوها حتى يمضي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش قال فلما رجع إلى منزله أتته قريش فقالوا ثم يكون ماذا قال ثم يكون الهرج قال البيهقي ففي الرواية الأولى بيان العدد وفي الثانية بيان المراد بالعدد وفي الثالثة بيان وقوع الهرج وهو القتل بعدهم وقد وجد هذا العدد بالصفة المذكورة الى وقت الوليد بن يزيد بن عبد الملك ثم وقع الهرج والفتنة العظيمة كما أخبر في هذه الرواية ثم ظهر ملك العباسية كما اشار إليه في الباب قبله وإنما يزيدون على العدد المذكور في الخبر إذا تركت الصفة المذكورة فيه أو عد منهم من كان بعد الهرج المذكور فيه وقد قال النبي لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان ثم ساقه من حديث عاصم بن محمد عن أبيه عن ابن عمر عن النبي فذكره وفي صحيح البخاري من طريق الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن معاوية بن أبي سفيان قال قال رسول الله إن الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين قال البيهقي أي أقاموا معالمه وإن قصروا هم في أعمال أنفسهم ثم ساق أحاديث بقية ما ذكره في هذا والله أعلم فهذا الذي سلكه البيهقي وقد وافقه عليه جماعة من أن المراد بالخلفاء الاثني عشر المذكورين في هذا الحديث هم المتتابعون إلى زمن الوليد بن يزيد بن عبد الملك الفاسق الذي قدمنا الحديث فيه بالذم والوعيد فأنه مسلك فيه نظر وبيان ذلك أن الخلفاء إلى زمن الوليد بن اليزيد هذا أكثر من اثني عشر على كل تقدير وبرهانه أن الخلفاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي خلافتهم محققة بنص حديث سفينة الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم بعدهم الحسن بن علي كما وقع لأن عليا أوصى إليه وبايعه أهل العراق وركب وركبوا معه لقتال أهل الشام حتى اصطلح هو ومعاوية كما دل عليه حديث أبي بكرة في صحيح البخاري ثم معاوية ثم ابنه يزيد بن معاوية ثم ابنه معاوية بن يزيد ثم مروان بن الحكم ثم ابنه عبد الملك بن مروان ثم ابنه الوليد بن عبد الملك ثم سليمان بن عبد الملك ثم عمر بن عبد العزيز ثم يزيد بن عبد الملك ثم هشام بن عبد الملك فهؤلاء خمسة عشر ثم الوليد بن يزيد بن عبد الملك فأن اعتبرنا ولاية الزبير قبل عبد الملك صاروا ستة عشر وعلى كل تقدير فهم اثنا عشر قبل عمر بن عبد العزيز فهذا الذي سلكه على هذا التقدير يدخل في الاثني عشر يزيد بن معاوية ويخرج منهم عمر بن عبد العزيز الذي أطبق الأئمة على شكره وعلى مدحه وعدوه من الخلفاء الراشدين وأجمع الناس قاطبة على عدله وأن أيامه كانت من أعدل الأيام حتى الرافضة يعترفون بذلك فإن قال أنا لا أعتبر إلا من اجتمعت الأمة عليه لزمه على هذا القول أن لا يعد علي بن أبي طالب ولاابنه لان الناس لم يجتمعوا عليهما البداية والنهاية ج6/ص250 وذلك أن أهل الشام بكمالهم لم يبايعوهما وعد حبيب معاوية وابنه يزيد وابن ابنه معاوية بن يزيد ولم يقيد بأيام مروان ولا ابن الزبير كأن الأمة لم تجتمع على واحد منهما فعلى هذا نقول في مسلكه هذا عادا للخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان ثم معاوية ثم يزيد بن معاوية ثم عبد الملك ثم الوليد بن سليمان ثم عمر بن عبد العزيز ثم يزيد ثم هشام فهؤلاء عشرة ثم من بعدهم الوليد بن يزيد بن عبد الملك الفاسق ولكن هذا لا يمكن أن يسلك لانه يلزم منه اخراج علي وابنه الحسن من هؤلاء الاثني عشر وهو خلاف ما نص عليه ائمة السنة بل والشيعة ثم هو خلاف ما دل عليه نصا حديث سفينة عن رسول الله أنه قال الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا عضوضا وقد ذكر سفينة تفصيل هذه الثلاثين سنة فجمعها من خلافة الأربعة وقد بينا دخول خلافة الحسن وكانت نحوا من ستة أشهر فيها أيضا ثم صار الملك إلى معاوية لما سلم الامر اليه الحسن بن علي وهذا الحديث فيه المنع من تسمية معاوية خليفة وبيان أن الخلافة قد انقطعت بعد الثلاثين سنة لا مطلقا بل انقطع تتابعها ولا ينفي وجود خلفاء راشدين بعد ذلك كما دل عليه حديث جابر بن سمرة وقال نعيم بن حماد حدثنا راشد بن سعد عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن حذيفة بن اليمان قال يكون بعد عثمان اثنا عشر ملكا من بني أمية وقيل له خلفاء قال لا بل ملوك وقد روى البيهقي من حديث حاتم بن صفرة عن أبي بحر قال كان أبو الجلد جارا لي فسمعته يقول يحلف عليه أن هذه الأمة لن تهلك حتى يكون فيها اثنا عشر خليفة كلهم يعمل بالهدى ودين الحق منهم رجلان من أهل البيت أحدهما يعيش أربعين سنة والآخر ثلاثين سنة ثم شرع البيهقي في رد ما قاله أبو الجلد بما لا يحصل به الرد وهذا عجيب منه وقد وافق أبا الجلد طائفة من العلماء ولعل قوله أرجح لما ذكرنا وقد كان ينظر في شيء من الكتب المتقدمة وفي التوراة التي بأيدي أهل الكتاب ما معناه إن الله تعالى بشر إبراهيم باسماعيل وإنه ينميه ويكثره ويجعل من ذريته اثنى عشر عظيما قال شيخنا العلامة أبو العباس بن تيمية وهؤلاء المبشر بهم في حديث جابر بن سمرة وقرر أنهم يكونون مفرقين في الأمة ولا تقوم الساعة حتى يوجدوا وغلط كثير ممن تشرف بالاسلام من اليهود فظنوا أنهم الذين تدعو إليهم فرقة الرافضة فاتبعوهم وقد قال نعيم بن حماد حدثنا ضمرة عن ابن شوذب عن أبي المنهال عن أبي زياد بن كعب قال إن الله وهب لأسماعيل من صلبه اثني عشر قيما أفضلهم أبو بكر وعمر وعثمان وقال نعيم حدثنا ضمرة عن ابن شوذب عن يحيى بن عمرو الشيباني قال ليس من الخلفاء من لم يملك المسجدين المسجد الحرام والمسجد الاقصى الاخبار عن امور وقعت في دولة بني العباس فمن ذلك حدثنا أبو جعفر عبد الله ومحمد بن علي بن عبد الله بن عباس الخليفة بعد أخيه الخليفة

^^^^^^^^^^^^

وبعض الجهلة ممن أسلم من اليهود إذا اقترن بهم بعض الشيعة يوهمونهم أنهم الأئمة الاثنا عشر فيتشيع كثير منهم

تفسير ابن كثير ج2/ص33 قال الإمام أحمد 1398 حدثنا حسن بن موسى حدثنا حماد بن زيد عن مجالد عن الشعبي عن مسروق قال كنا جلوسا عند عبد الله بن مسعود وهو يقرئنا القرآن فقال له رجل يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله صلى الله عليه وسلم كم يملك هذه الأمة من خليفة فقال عبد الله ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك ثم قال نعم ولقد سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل هذا حديث غريب من هذا الوجه وأصل هذا الحديث ثابت في الصحيحين 1821 من حديث جابر بن سمرة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يزال أمر الناس ماضيا ماوليهم اثنا عشر رجلا ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة خفيت علي فسألت أي ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم قال كلهم من قريش وهذا لفظ مسلم ومعنى هذا الحديث البشارة بوجود اثني عشر خليفة صالحا يقيم الحق ويعدل فيهم ولايلزم من هذا تواليهم وتتابع أيامهم بل وقد وجد منهم أربعة على نسق وهم الخلفاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ومنهم عمر بن عبد العزيز بلا شك عند الأئمة وبعض بني العباس ولاتقوم الساعة حتى تكون ولايتهم لامحالة والظاهر أن منهم المهدي المبشر به في الأحاديث الواردة بذكره فذكر أنه يواطئ إسمه إسم النبي صلى الله عليه وسلم وإسم أبيه إسم أبيه فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما وليس هذا بالمنتظر الذي تتوهم الرافضة وجوده ثم ظهوره من سرداب سامرا فإن ذلك ليس له حقيقة ولا وجود بالكلية بل هو من هوس العقول السخيفة وتوهم الخيالات الضعيفة وليس المراد بهؤلاء الخلفاء الإثني عشر الأئمة الاثني عشر الذين يعتقد فيهم الإثنا عشر من الروافض لجهلهم وقلة عقلهم وفي التوراة البشارة بإسماعيل عليه

تفسير ابن كثير ج2/ص34 السلام وأن الله يقيم من صلبه اثني عشر عظما وهم هؤلاء الخلفاء الإثنا عشر المذكورون في حديث بن مسعود وجابر بن سمرة وبعض الجهلة ممن أسلم من اليهود إذا اقترن بهم بعض الشيعة يوهمونهم أنهم الأئمة الاثنا عشر فيتشيع كثير منهم جهلا وسفها لقلة علمهم وعلم من لقنهم ذلك بالسنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم

^^^^^^^^^^^

تفسير ابن كثير ج3/ص302 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها فها نحن نتقلب فيما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله فنسأل الله الإيمان به وبرسوله والقيام بشكره على الوجه الذي يرضيه عنا قال الإمام مسلم بن الحجاج 1821 في صحيحه حدثنا بن أبي عمر حدثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لايزال أمر الناس ماضيا ما وليهم إثنا عشر رجلا ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة خفيت عني فسألت أبي ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قال كلهم من قريش ورواه البخاري 7222 من حديث شعبة عن عبد الملك بن عمير به وفي رواية لمسلم 1821 أنه قال ذلك عشية رجم ماعز بن مالك وذكر معه أحاديث أخر وفي هذا الحديث دلالة على أنه لابد من وجود اثني عشر خليفة عادلا وليسوا هم بأئمة الشيعة الاثني عشر فإن كثيرا من أولئك لم يكن لهم من الأمر شيء فأما هؤلاء فإنهم يكونون من قريش يلون فيعدلون وقد وقعت البشارة بهم في الكتب المتقدمة ثم لا يشترط أن يكونوا متتابعين بل يكون وجودهم في الأمة متتابعا ومتفرقا وقد وجد منهم أربعة على الولاء وهم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم ثم كانت بعدهم فترة ثم وجد منهم من شاء الله ثم قد يوجد منهم من بقي في الوقت الذي يعلمه الله تعالى ومنهم المهدي الذي اسمه يطابق اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنيته كنيته يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما وقد روى الإمام أحمد 5220 وأبو داود 4646 والترمذي 2226 والنسائي 52 من حديث سعيد بن جمهان عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا عضوضا

^^^^^^^^

البداية والنهاية ج6/ص197 وفي صحيح البخاري من حديث شعبة عن فراب القزاز عن أبي حازم عن ابي هريرة عن رسول الله قال كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي وإنه سبكون خلفاء فيكثرون قالوا فما تأمرنا يا رسول الله قال فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم فان الله سائلهم عما استرعاهم وفي صحيح مسلم من حديث أبي رافع عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله ما كان لنبي إلا كان له حواريون يهدون بهديه ويستنون بسنته ثم يكون من بعدهم خلوف يقولون مالا يفعلون ويعملون ما ينكرون وروى الحافظ البيهقي من حديث عبد الله بن الحرث بن محمد بن حاطب الجمحي عن إسماعيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله يكون بعد الأنبياء خلفاء يعملون بكتاب الله ويعدلون في عبادة الله ثم يكون من بعد الخلفاء ملوك يأخذون بالثأر ويقتلون الرجال ويصطفون الأموال فمغير بيده ومغير بلسانه وليس وراء ذلك الايمان شيء وقال أبو داود الطيالسي ثنا جرير بن حازم عن البداية والنهاية ج6/ص198 ليث عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي ثعلبة الخشني عن أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل عن النبي قال إن الله بدأ هذا الأمر نبوة ورحمة وكائنا خلافة ورحمة وكائنا ملكا عضوضا وكائنا عزة وجبرية وفسادا في الأمة يستحلون الفروج والخمور والحرير وينصرون على ذلك ويرزقون أبدا حتى يلقوا الله عز وجل وهذا كله واقع وفي الحديث الذي رواه الامام أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي من حديث سعيد بن جهمان عن سفينة مولى رسول الله أن رسول الله قال الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا وفي رواية ثم يؤتى الله ملكه من يشاء وهكذا وقع سواء فإن أبا بكر رضي الله عنه كانت خلافته سنتين وأربعة أشهر إلا عشر ليال وكانت خلافة عمر عشر سنين وستة أشهر وأربعة ايام وخلافة عثمان اثنتا عشرة سنة إلا اثنا عشر يوما وكانت خلافة علي بن أبي طالب خمس سنين إلا شهرين قلت وتكميل الثلاثين بخلافة الحسن بن علي نحوا من ستة اشهر حتى نزل عنها لمعاوية عام اربعين من الهجرة كما سيأتي بيانه وتفصيله وقال يعقوب بن سفيان حدثني محمد بن فضيل ثنا مؤمل ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال سمعت رسول الله يقول خلافة نبوة ثلاثون عاما ثم يؤتي الله ملكه من يشاء فقال معاوية رضينا بالملك وهذا الحديث فيه رد صريح على الروافض المنكرين لخلافة الثلاثة وعلى النواصب من بني أمية ومن تبعهم من أهل الشام في إنكار خلافة علي بن أبي طالب فان قيل فما وجه الجمع بين حديث سفينه هذا وبين حديث جابر بن سمرة المتقدم في صحيح مسلم لا يزال هذا الدين قائما ما كان في الناس اثنا عشر خليفة كلهم من قريش فالجواب إن من الناس من قال إن الدين لم يزل قائما حتى ولى اثنا عشر خليفة ثم وقع تخبيط بعدهم في زمان بني أمية وقال آخرون بل هذا الحديث فيه بشارة بوجود اثني عشر خليفة عادلا من قريش وإن لم يوجدوا على الولاء وإنما اتفق وقوع الخلافة المتتابعة بعد النبوة في ثلاثين سنة ثم كانت بعد ذلك خلفاء راشدون فيهم عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي رضي الله عنه وقد نص على خلافته وعدله وكونه من الخلفاء الراشدين غير واحد من الأئمة حتى قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه ليس قول أحد من التابعين حجة إلا قول عمر بن عبد العزيز ومنهم من ذكر من هؤلاء المهدي بأمر الله العباسي والمهدي المبشر بوجوده في آخر الزمان منهم أيضا بالنص على كونه من أهل البيت واسمه محمد بن عبد الله وليس بالمنتظر في سرداب سامرا فإن ذاك ليس بموجود بالكلية وإنما ينتظره الجهلة من الروافض وقد تقدم في الصحيحين من حديث الزهري عن عروة عن عائشة أن رسول الله قال لقد هممت أن أدعو أباك وأخاك وأكتب كتابا لئلا يقول قائل أو يتمنى متمن ثم قال رسول الله يأبى الله والمؤمنون إلا

^^^^^^^^^^

البداية والنهاية ج9/ص200 وكان يجالس سفيان الثوري سمعت الثوري يقول الخلفاء خمسة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز وهكذا روى عن أبي بكر بن عياش والشافعي وغير واحد وأجمع العلماء قاطبة على أنه من أئمة العدل وأحد الخلفاء الراشدين والائمة المهديين وذكره غير واحد في الأئمة الأثنى عشر الذين جاء فيهم الحديث الصحيح لايزال أمر هذه الأمة مستقيما حتى يكون فيهم اثنى عشر خليفة كلهم من قريش وقد اجتهد رحمه الله في مدة ولايته مع قصرها حتى رد المظالم وصرف إلى كل ذي حق حقه وكان مناديه في كل يوم ينادي أين الغارمون أين الناكحون أين المساكين أين اليتامى حتى أغنى كلا من هؤلاء وقد اختلف العلماء أيهم أفضل هو أو معاوية بن أبي سفيان ففضل بعضهم عمر لسيرته ومعدلته وزهده وعبادته وفضل آخرون معاوية لسابقته وصحبته حتى قال بعضهم ليوم شهده معاوية من رسول الله ص خير من عمر بن عبد العزيز وايامه وأهل بيته

^^^^^^^^

البداية والنهاية ج1/ص153 ذكر مولد إسماعيل عليه السلام من هاجر قال أهل الكتاب إن إبراهيم عليه السلام سأل الله ذرية طيبة وأن الله بشره بذلك وأنه لما كان لإبراهيم ببلاد بيت المقدس عشرون سنة قالت سارة لإبراهيم عليه السلام إن الرب قد أحرمني الولد فادخل على أمتي هذه لعل الله يرزقني منها ولدا فلما وهبتها له دخل بها إبراهيم عليه السلام فحين دخل بها حملت منه قالوا فلما حملت ارتفعت نفسها وتعاظمت على سيدتها فغارت منها سارة فشكت ذلك إلى إبراهيم فقال لها افعلي بها ما شئت فخافت هاجر فهربت فنزلت عند عين هناك فقال لها ملك من الملائكة لا تخافي فإن الله جاعل من هذا الغلام الذي حملت خيرا وأمرها بالرجوع وبشرها أنها ستلد ابنا وتسميه اسماعيل ويكون وحش الناس يده على الكل ويد الكل به ويملك جميع بلاد إخوته فشكرت الله عز وجل على ذلك وهذه البشارة إنما انطبقت على ولده محمد صلوات الله وسلامه عليه فإنه الذي سادت به العرب وملكت جميع البلاد غربا وشرقا وأتاها الله من العلم النافع والعمل الصالح ما لم تؤت أمة من الأمم قبلهم وما ذاك إلا بشرف رسولها على سائر الرسل وبركة رسالته ويمن بشارته وكماله فيما جاء به وعموم بعثته لجميع أهل الأرض ولما رجعت هاجر وضعت إسماعيل عليه السلام قالوا وولدته ولإبراهيم من العمر ست وثمانون سنة قبل مولد إسحق بثلاث عشرة سنة ولما ولد إسماعيل أوحى الله إلى إبراهيم يبشره بإسحق من سارة فخر لله ساجدا وقال له قد استجبت لك في إسماعيل وباركت عليه وكثرته ونميته جدا كثيرا ويولد له اثنا عشر عظيما وأجعله رئيسا لشعب عظيم وهذه أيضا بشارة بهذه الأمة العظيمة وهؤلاء الاثنا عشر عظيما هم الخلفاء الراشدون الاثنا عشر المبشر بهم في حديثه عبدالملك بن عمير عن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يكون اثنا عشر أميرا ثم قال كلمة لم أفهمها فسألت أبي ما قال قال كلهم من قريش أخرجاه في الصحيحين وفي رواية لا يزال هذا الأمر قائما وفي رواية عزيزا حتى يكون اثنا عشر خليفة كلهم من قريش فهؤلاء منهم الأئمة الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ومنهم عمر بن عبدالعزيز أيضا ومنهم بعض بني العباس وليس المراد أنهم يكونون اثني عشر نسقا بل لا بد من وجودهم وليس المراد الأئمة الاثني عشر الذي يعتقد فيهم الرافضة الذين أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم المنتظر بسرداب سامرا وهو محمد بن الحسن العسكري فيما يزعمون فإن أولئك لم يكن فيهم أنفع من البداية والنهاية ج1/ص154 علي وابنه الحسن بن علي حين ترك القتال وسلم الأمر لمعاوية وأخمد نار الفتنة وسكن رحى الحروب بين المسلمين والباقون من جملة الرعايا لم يكن لهم حكم على الأمة في أمر من الأمور وأما ما يعتقدونه بسرداب سامرا فذاك هوس في الرؤس وهذيان في النفوس لا حقيقة له ولا عين ولا أثر

^^^^^^^^^^^

البداية والنهاية ج6/ص178 قال ابن عباس رضي الله عنهما ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه وأمره أن يأخذ على أمته الميثاق لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به وليتبعنه رواه البخاري وقد وجدت البشارات به في الكتب المتقدمة وهي أشهر من أن تذكر وأكثر من أن تحصر وقد قدمنا قبل مولده عليه السلام طرفا صالحا من ذلك وقررنا في كتاب التفسير عند الآيات المقتضية لذلك آثارا كثيرة ونحن نورد ههنا شيئا مما وجد في كتبهم التي يعترفون بصحتها ويتدينون بتلاوتها مما جمعه العلماء قديما وحديثا ممن آمن منهم واطلع على ذلك من كتبهم التي بأيديهم ففي السفر الأول من التوراة التي بأيديهم في قصة إبراهيم الخليل عليه السلام ما مضمونه وتعريبه إن الله أوحى إلى إبراهيم عليه السلام بعد ما سلمه من نار النمروذ أن قم فاسلك الأرض مشارقها ومغاربها لولدك فلما قص ذلك على سارة طمعت أن يكون ذلك لولدها منه وحرصت على إبعاد هاجر وولدها حتى ذهب بهما الخليل إلى برية الحجاز وجبال فاران وظن إبراهيم عليه السلام أن هذه البشارة تكون لولده إسحاق حتى أوحي الله إليه ما مضمونه أما ولدك إسحاق فانه يرزق عظيمة وأما ولدك إسماعيل فاني باركته ذرية وعظيمة البداية والنهاية ج6/ص179 وكثرت ذريته وجعلت من ذريته ماذ ماذ يعني محمدا وجعلت في ذريته اثنا عشر إماما وتكون له أمة عظيمة وكذلك بشرت هاجر حين وضعها الخليل عند البيت فعطشت وحزنت على ولدها وجاء الملك فأنبه زمزم وأمرها بالاحتفاظ بهذا الولد فانه سيولد له منه عظيم له ذرية عدد نجوم السماء ومعلوم أنه لم يولد من ذرية إسماعيل بل من ذرية آدم أعظم قدرا ولا أوسع جاها ولا أعلى منزلة ولا أجل منصبا من محمد وهو الذي استولت دولة أمته على المشارق والمغارب وحكموا على سائر الأمم وهكذا في قصة إسماعيل من السفر الأول أن ولد إسماعيل تكون يده على كل الأمم وكل الأمم تحت يده وبجميع مساكن إخوته يسكن وهذا لم يكن لأحد يصدق على الطائفة إلا لمحمد

^^^^^^

البداية والنهاية ج6/ص206 وقال البيهقي أنا أبو الحسين بن بشران أنا علي بن محمد المصري ثنا محمد بن إسماعيل السلمي ثنا عبد الله بن صالح حدثني الليث حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن ربيعة بن سيف أنه حدثه أنه جلس يوما مع شفي الأصبحي فقال سمعت عبد الله بن عمر يقول سمعت رسول الله يقول سيكون فيكم اثنا عشر خليفة أبو بكر الصديق لا يلبث خلفي إلا قليلا وصاحب رحى العرب يعيش حميدا ويموت شهيدا فقال رجل ومن هو يا رسول الله قال عمر بن الخطاب ثم التفت إلى عثمان فقال وأنت يسألك الناس أن تخلع قميصا كساكه الله والذي بعثني بالحق لئن خلعته لا تدخل الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط

^^^^^^^^