تجتمع عليهم الامة

الأئمة الاثناعشر علیهم السلام




سنن أبي داود (4/ 106)
4279 - حدثنا عمرو بن عثمان، حدثنا مروان بن معاوية، عن إسماعيل يعني ابن أبي خالد، عن أبيه، عن جابر بن سمرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يزال هذا الدين قائما حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلهم تجتمع عليه الأمة»، فسمعت كلاما من النبي صلى الله عليه وسلم لم أفهمه، قلت لأبي: ما يقول؟ قال: «كلهم من قريش»
__________

[حكم الألباني] : صحيح ق دون قوله تجتمع عليه الأمة







سنن أبي داود ت الأرنؤوط (6/ 335)
أول كتب المهدي
4279 - حدثنا عمرو بن عثمان (1)، حدثنا مروان بن معاوية، عن إسماعيل -يعني ابن أبي خالد- عن أبيه
عن جابر بن سمرة، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا يزال هذا الذين قائما حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلهم تجتمع عليه الأمة" فسمعت كلاما من النبي - صلى الله عليه وسلم - لم أفهمه، قلت لأبي: ما يقول؟ قال: كلهم من قريش" (2).
__________
(1) وقع في رواية ابن العبد خطأ في تعيين شيخ المصنف هنا، حيث جاء فيها أنه عثمان بن أبي شيبة، ولعله سبق نظر إلى الإسناد الذي قبله. والذي في أصولنا الخطية: عمرو بن عثمان، وهو الذي جاء في "الأطراف" (2134).
(2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي خالد -والد إسماعيل- ولكنه متابع. كما في الطريقين التاليين وكما سيأتي في التخريج.
وأخرجه البخاري (7222)، ومسلم (1821) من طريق عبد الملك بن عمير، ومسلم (1821) من طريق حصين بن عبد الرحمن، ومسلم (1821)، والترمذي (2372) من طريق سماك بن حرب، والترمذي (2373) من طريق أبي بكر بن أبي موسى، أربعتهم عن جابر بن سمرة.
وهو في "مسند أحمد" (20814) و"صحيح ابن حبان" (6662) و (6663).
وانظر تالييه.
وهذا الحديث يعارض في ظاهره حديث سفينة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "خلافة النبوة ثلاثون سنة" الذي سيأتي عند المصنف برقم (4646) و (4647). وذهب القاضي عياض فيما حكاه عنه النووي في "شرح مسلم" إلى أنه لا تعارض؛ لأن المراد في حديث: "الخلافة ثلاثون سنة" خلافة النبوة، وأن هذا لم يشترط في الاثني عشر. == وبنحو قول القاضي هذا ما قاله ابن قيم الجوزية في "تهذيب السنن" 6/ 156 - 157.
واستشكل أيضا أنه ولي أكثر من اثني عشر خليفة، وأجيب بأن السبيل في ذلك أن يحمل على المقسطين منهم، فإنهم هم المستحقون لاسم الخليفة على الحقيقة.
نص عليه القاضي عياض فيما نقله عنه النووي والتوربشتي فيما نقله ملا علي القاري في "المرقاة"، وأجيب أيضا بأنه لا يلزم من هذا تواليهم وتتابع أيامهم كما يذهب إليه الرافضة. نص عليه ابن كثير في "تفسيره"، عند تفسير قوله تعالى: {وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا} [المائدة:12]، وبين أن أربعة منهم قد جاؤوا على الولاء، وهم الخلفاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ومنهم عمر بن عبد العزيز بلا شك عند الأئمة وبعض بني العباس. وذكر نحو ذلك في كتابه "النهاية" في الفتن والملاحم" 1/ 23 - 24.





المعجم الكبير للطبراني (2/ 207)
1849 - حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، ثنا محمد بن يوسف، ح وحدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا شهاب بن عباد، قالا: ثنا إبراهيم بن حميد، عن ابن أبي خالد، عن أبيه، عن جابر بن سمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال هذا الدين قائما حتى يقوم اثنا عشر خليفة» قال إسماعيل: أظن ظنا أن أبي قال: كلهم تجتمع عليه الأمة
[ص:208]

1850 - حدثنا عبيد بن غنام، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبيه، عن جابر بن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

1851 - حدثنا إبراهيم بن دحيم الدمشقي، ثنا أبي، ثنا مروان بن معاوية، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبيه، عن جابر بن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله






سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (1/ 719)
376 - " لا يزال هذا الأمر عزيزا إلى اثنى عشر خليفة كلهم من قريش ".

أخرجه مسلم (6 / 3) واللفظ له وأبو داود (2 / 207) وأحمد (5 / 93،
98) من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي عن جابر بن سمرة مرفوعا.
وفي لفظ:
" لا يزال هذا الأمر عزيزا منيعا ينصرون على من ناوأهم عليه إلى اثني عشر خليفة
كلهم من قريش ".
أخرجه مسلم (6 / 3 - 4) وأحمد (5 / 101) وابنه في " زوائد المسند " (5 /
98) عن ابن عون عن الشعبي به. وله طريق أخرى بلفظ:
(لا يزال هذا الأمر ماضيا حتى يقوم اثنا عشر أميرا كلهم من قريش) .
أخرجه أحمد (5 / 97 - 98، 101) : حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك ابن
عمير قال سمعت جابر بن سمرة يقول مرفوعا.
وهذا إسناد صحيح على شرطهما. وقد أخرجه مسلم عنه بلفظ:
" لا يزال أمر الناس ماضيا ".
وأخرجه أبو داود (2 / 207) من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبيه عن جابر
بلفظ:
" لا يزال هذا الدين قائما حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه
الأمة، كلهم من قريش ".
وهذا سند ضعيف رجاله كلهم ثقات غير أبي خالد هذا قال الذهبي: ما روى عنه سوى
ولده وقد صحح له الترمذي وفي " التقريب " أنه مقبول. يعني لين الحديث
قلت: وقد تفرد بهذه الجملة: " كلهم تجتمع عليه الأمة " وقد جاء الحديث من
طرق أخرى أيضا بنحو ما سبق في مسلم والترمذي " والمسند " (5 / 107) وله
شاهد من حديث ابن مسعود يرويه مجالد عن الشعبي عن مسروق قال:
" كنا جلوسا عند عبد الله بن مسعود وهو يقرئنا القرآن فقال له رجل:
يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله صلى الله عليه وسلم كم تملك هذه الأمة من
خليفة؟ فقال عبد الله بن مسعود: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك ثم
قال: نعم ولقد سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اثنا عشر كعدة
نقباء بني إسرائيل ".
أخرجه أحمد (1 / 398، 406) .
ومجالد هو ابن سعيد قال في " التقريب ": " ليس بالقوي وقد تغير في آخر
عمره ".
قلت: والمعروف عن الشعبي أنه رواه عن جابر بن سمرة، رواه عنه ابن عون وابن
أبي هند كما سبق قريبا، وكذلك رواه مجالد أيضا عند أحمد أيضا (5 / 88، 96)
فأخشى أن تكون هذه الرواية من غلطاته. والله أعلم.
ثم وجدت الحديث في المستدرك (4 / 501) وقال:
" لا يسعني التسامح في هذا الكتاب عن الرواية عن مجالد وأقرانه ". كذا قال.







الجامع الصحيح للسنن والمسانيد (2/ 172)
المؤلف: صهيب عبد الجبار
من علامات الساعة الصغرى تولي اثني عشر خليفة من قريش
(خ م حم) , عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (" لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا) (1) (ولا يزال الناس بخير) (2) (ينصرون على من ناوأهم عليه (3)) (4) (إلى اثني عشر خليفة) (5) (كلهم تجتمع عليه الأمة (6)) (7) (وكلهم من قريش ") (8)
_________
(1) (م) 1821
(2) (حم) 20962 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(3) أي: ينصرون على من عاداهم في دينهم.
(4) (حم) 20964 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(5) (م) 1821 , (خ) 6796
(6) المراد بالاجتماع انقيادهم لبيعته، والذي وقع أن الناس اجتمعوا على أبي بكر , ثم عمر , ثم عثمان , ثم علي إلى أن وقع أمر الحكمين في صفين، فسمي معاوية يومئذ بالخلافة، ثم اجتمع الناس على معاوية عند صلح الحسن، ثم اجتمعوا على ولده يزيد , ولم ينتظم للحسين أمر بل قتل قبل ذلك، ثم لما مات يزيد وقع الاختلاف إلى أن اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير، ثم اجتمعوا على أولاده الأربعة: الوليد ثم سليمان ثم يزيد ثم هشام، وتخلل بين سليمان ويزيد , عمر بن عبد العزيز، فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين، والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك اجتمع الناس عليه لما مات عمه هشام، فولي نحو أربع سنين , ثم قاموا عليه فقتلوه، وانتشرت الفتن وتغيرت الأحوال من يومئذ ولم يتفق أن يجتمع الناس على خليفة بعد ذلك، لأن يزيد بن الوليد الذي قام على ابن عمه الوليد بن يزيد لم تطل مدته بل ثار عليه قبل أن يموت ابن عم أبيه مروان بن محمد بن مروان , ولما مات يزيد ولي أخوه إبراهيم , فغلبه مروان، ثم ثار على مروان بنو العباس إلى أن قتل، ثم كان أول خلفاء بني العباس أبو العباس السفاح، ولم تطل مدته مع كثرة من ثار عليه، ثم ولي أخوه المنصور فطالت مدته، لكن خرج عنهم المغرب الأقصى باستيلاء المروانيين على الأندلس، واستمرت في أيديهم متغلبين عليها إلى أن تسموا بالخلافة بعد ذلك، وانفرط الأمر في جميع أقطار الأرض إلى أن لم يبق من الخلافة إلا الاسم في بعض البلاد، بعد أن كانوا في أيام بني عبد الملك بن مروان يخطب للخليفة في جميع أقطار الأرض شرقا وغربا وشمالا ويمينا مما غلب عليه المسلمون، ولا يتولى أحد في بلد من البلاد كلها الإمارة على شيء منها إلا بأمر الخليفة، ومن نظر في أخبارهم عرف صحة ذلك , فالأولى أن يحمل قوله " يكون بعدي اثنا عشر خليفة " على حقيقة البعدية، فإن جميع من ولي الخلافة من الصديق إلى عمر بن عبد العزيز أربعة عشر نفسا، منهم اثنان لم تصح ولايتهما ولم تطل مدتهما , وهما: معاوية بن يزيد , ومروان بن الحكم، والباقون اثنا عشر نفسا على الولاء كما أخبر صلى الله عليه وسلم، وكانت وفاة عمر بن عبد العزيز سنة إحدى ومائة، وتغيرت الأحوال بعده، وانقضى القرن الأول الذي هو خير القرون، ولا يقدح في ذلك قوله " يجتمع عليهم الناس " لأنه يحمل على الأكثر الأغلب، لأن هذه الصفة لم تفقد منهم إلا في الحسن بن علي وعبد الله بن الزبير مع صحة ولايتهما، والحكم بأن من خالفهما لم يثبت استحقاقه إلا بعد تسليم الحسن وبعد قتل ابن الزبير والله أعلم , وكانت الأمور في غالب أزمنة هؤلاء الاثني عشر منتظمة , وإن وجد في بعض مدتهم خلاف ذلك، فهو بالنسبة إلى الاستقامة نادر والله أعلم. فتح الباري لابن حجر - (ج 20 / ص 266)
(7) (د) 4280
(8) (م) 1821 , (خ) 6796







عون المعبود وحاشية ابن القيم (11/ 244)
الكتاب: عون المعبود شرح سنن أبي داود، ومعه حاشية ابن القيم: تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته
المؤلف: محمد أشرف بن أمير بن علي بن حيدر، أبو عبد الرحمن، شرف الحق، الصديقي، العظيم آبادي (المتوفى: 1329هـ)

4279 - حدثنا عمرو بن عثمان، حدثنا مروان بن معاوية، عن إسماعيل يعني ابن أبي خالد، عن أبيه، عن جابر بن سمرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يزال هذا الدين قائما حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلهم تجتمع عليه الأمة»، فسمعت كلاما من النبي صلى الله عليه وسلم لم أفهمه، قلت لأبي: ما يقول؟ قال: «كلهم من قريش»
__________

[حكم الألباني] : صحيح ق دون قوله تجتمع عليه الأمة

35 - كتاب المهدي
واعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمى بالمهدي ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره وأن عيسى عليه السلام ينزل من بعده فيقتل الدجال أو ينزل معه فيساعده على قتله ويأتم بالمهدي في صلاته وخرجوا أحاديث المهدي جماعة من الأئمة منهم أبو داود والترمذي وبن ماجه والبزار والحاكم والطبراني وأبو يعلى الموصلي وأسندوها إلى جماعة من الصحابة مثل علي وبن عباس وبن عمر وطلحة وعبد الله بن مسعود وأبي هريرة وأنس وأبي سعيد الخدري وأم حبيبة وأم سلمة وثوبان وقرة بن إياس وعلي الهلالي وعبد الله بن الحارث بن جزء رضي الله عنه وإسناد أحاديث هؤلاء بين صحيح وحسن وضعيف وقد بالغ الإمام المؤرخ عبد الرحمن بن خلدون المغربي في تاريخه في تضعيف أحاديث المهدي كلها فلم يصب بل أخطأ وما روي مرفوعا من رواية محمد بن المنكدر عن جابر من كذب بالمهدي فقد كفر فموضوع والمتهم فيه أبو بكر الإسكاف وربما تمسك المنكرون لشأن المهدي بما روي مرفوعا أنه قال لا مهدي إلا عيسى بن مريم والحديث ضعفه البيهقي والحاكم وفيه أبان بن صالح وهو متروك الحديث والله أعلم [4279] لا يزال هذا الدين قائما أي مستقيما سديدا جاريا على الصواب والحق (حتى يكون عليكم اثنا عشر) وفي الرواية الآتية لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثني عشر خليفة ولفظ مسلم لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا (كلهم تجتمع عليه الأمة) المراد باجتماع الأمة عليه انقيادها له وإطاعته
قال بعض المحققين قد مضى منهم الخلفاء الأربعة ولا بد من تمام هذا العدد قبل قيام الساعة

وقيل إنهم يكونون في زمان واحد يفترق الناس عليهم

وقال التوربشتي السبيل في هذا الحديث وما يعتقبه في هذا المعنى أن يحمل على المقسطين منهم فإنهم هم المستحقون لاسم الخليفة على الحقيقة ولا يلزم أن يكونوا على الولاء وإن قدر أنهم على الولاء فإن المراد منه المسمون بها على المجاز كذا في المرقاة

وقال النووي في شرح مسلم قال القاضي قد توجه هنا سؤالان أحدهما أنه قد جاء في الحديث الآخر الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا وهذا مخالف لحديث اثني عشر خليفة فإنه لم يكن في ثلاثين سنة إلا الخلفاء الراشدون الأربعة والأشهر التي بويع فيها الحسن بن علي
قال والجواب عن هذا أن المراد في حديث الخلافة ثلاثون سنة خلافة النبوة وقد جاء مفسرا في بعض الروايات خلافة النبوة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا
ولم يشترط هذا في الاثني عشر والسؤال الثاني أنه قد ولي أكثر من هذا العدد
قال وهذا اعتراض باطل لأنه لم يقل لا يلي إلا اثنا عشر خليفة وإنما قال يلي وقد ولي هذا العدد ولا يضر كونه وجد بعدهم غيرهم انتهى
قال هذا إن جعل المراد باللفظ كل وال ويحتمل أن يكون المراد مستحقي الخلافة العادلين وقد مضى منهم من علم ولا بد من تمام هذا العدد قبل قيام الساعة انتهى
وقال الشيخ الأجل ولي الله المحدث في قرة العينين في تفضيل الشيخين وقد استشكل في حديث لا يزال هذا الدين ظاهرا إلى أن يبعث الله اثني عشر خليفة كلهم من قريش ووجه الاستشكال أن هذا الحديث ناظر إلى مذهب الاثنا عشرية الذين أثبتوا اثني عشر إماما والأصل إن كلامه بمنزلة القرآن يفسر بعضه بعضا فقد ثبت من حديث عبد الله بن مسعود تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين سنة أو ست وثلاثين سنة فإن يهلكوا فسبيل من قد هلك وإن يقم لهم دينهم يقم سبعين سنة مما مضى وقد وقعت أغلاط كثيرة في بيان معنى هذا الحديث ونحن نقول ما فهمناه على وجه التحقيق أن ابتداء هذه المدة من ابتداء الجهاد في السنة الثانية من الهجرة ومعنى فإن يهلكوا ليس على سبيل الشك والترديد بل بيان أنها تقع وقائع عظيمة يرى نظرا إلى القرائن الظاهرة أن أمر الإسلام قد اضمحل وشوكة الإسلام وانتظام الجهاد قد انقطع ثم يظهر الله تعالى ما ينتظم به أمر الخلافة والإسلام وإلى سبعين سنة لا يزال هذا الانتظام وقد وقع ما أخبر به النبي ففي سنة خمس وثلاثين من ابتداء الجهاد وقعت حادثة قتل ذي النورين وتفرق المسلمين وأيضا في سنة ست وثلاثين وقعة الجمل وصفين وفي هذه الحوادث لما ظهر الفساد والتقاتل فيما بين المسلمين وجعل جهاد الكفار متروكا ومهجورا إلى حين علم نظرا إلى القرائن الظاهرة أن الإسلام قد وهن واضمحل وكوكبه قد أفل ولكن الله تعالى بعد ذلك جعل أمر الخلافة منتظما وأمضى الجهاد إلى ظهور بني العباس وتلاشي دولة بني أمية ففي ذلك الوقت أيضا فهم بالقرائن الظاهرة أن الإسلام قد أبيد ويفعل الله ما يريد ثم أيد الله الإسلام وأشاد مناره وجلى نهاره حتى حدثت الحادثة الجنكيزية وإليها إشارة في حديث سعد بن أبي وقاص عن النبي قال إني لأرجو أن لا يعجز أمتي عند ربي أن يؤخرها نصف يوم فقيل لسعد وكم نصف يوم قال خمس مائة سنة رواه أحمد فتارة أخبر النبي عن خلافة النبوة وخصصه بثلاثين سنة والتي بعدهم عبرها بملك عضوض وتارة عن خلافة النبوة والتي تتصل بها كليهما معا وعبرها باثني عشر خليفة وتارة عن الثلاثة كلها معا وعبرها بخمس مائة سنة وأما ما فهم هذا المستشكل فلا يستقيم أصلا بوجوه
الأول أن المذكور ها هنا الخلافة لا الإمامة ولم يكن أكثر من هؤلاء اثني عشر خليفة بالاتفاق بين الفريقين
الثاني أن نسبتهم إلى قريش تدل على أن كلهم ليسوا من بني هاشم فإن العادة قد جرت على أن الجماعة لما فعلوا أمرا وكلهم من بطن واحد يسمونهم بذلك البطن ولما كانوا من بطون شتى يسمونهم بالقبيلة الفوقانية التي تجمعهم
الثالث أن القائلين باثني عشر أئمة لم يقولوا بظهور الدين بهم بل يزعمون أن الدين قد اختفى بعد وفاته والأئمة كانوا يعملون بالتقية وما استطاعوا على أن يظهروه حتى إن عليا رضي الله عنه لم يقدر على إظهار مذهبه ومشربه
الرابع أن المفهوم من حرف إلى أن تقع فترة بعد ما ينقضي عصر اثني عشر خليفة وهم قائلون بظهور عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام وكمال الدين بعدهم فلا يستقيم معنى الغاية والمغيا كما لا يخفى
فالتحقيق في هذه المسألة أن يعتبروا بمعاوية وعبد الملك وبنيه الأربع وعمر بن عبد العزيز ووليد بن يزيد بن عبد الملك بعد الخلفاء الأربعة الراشدين
وقد نقل عن الإمام مالك أن عبد الله بن الزبير أحق بالخلافة من مخالفيه
ولنا فيه نظر فإن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنه قد ذكرا عن النبي ما يدل على أن تسلط بن الزبير واستحلال الحرم به مصيبة من مصائب الأمة أخرج حديثهما أحمد عن قيس بن أبي حازم قال جاء بن الزبير إلى عمر بن الخطاب يستأذنه في الغزو فقال عمر اجلس في بيتك فقد غزوت مع رسول الله
قال فرد ذلك عليه فقال له عمر في الثالثة أو التي تليها اقعد في بيتك والله إني لأجد بطرف المدينة منك ومن أصحابك أن تخرجوا فتفسدوا على أصحاب محمد وأخرجه الحاكم فمن لفظه بطرف المدينة يفهم أن واقعة الجمل غير مراد ها هنا بل المراد خروجه للخلافة وإلى هذا المعنى قد أشار علي رضي الله عنه في قصة جواب الحسن رضي الله عنه ولم ينتظم الخلافة عليه ويزيد بن معاوية ساقط من هذا البين لعدم استقراره مدة يعتد بها وسوء سيرته والله أعلم
قال الحافظ عماد الدين بن كثير في تفسيره تحت قوله تعالى وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا بعد إيراد حديث جابر بن سمرة من رواية الشيخين واللفظ لمسلم ومعنى هذا الحديث البشارة بوجود اثني عشر خليفة صالحا يقيم الحق ويعدل فيهم ولا يلزم من هذا تواليهم وتتابع أيامهم بل قد وجد أربعة على نسق واحد وهم الخلفاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ومنهم عمر بن عبد العزيز بلا شك عند الأئمة وبعض بني العباس ولا تقوم الساعة حتى تكون ولايتهم لا محالة والظاهر أن منهم المهدي المبشر به في الأحاديث الواردة بذكره أنه يواطىء اسمه اسم النبي واسم أبيه اسم أبيه فيملأ عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما وليس هذا بالمنتظر الذي يتوهم الرافضة وجوده ثم ظهوره من سرداب سامرا فإن ذلك ليس له حقيقة ولا جود بالكلية بل هو من هوس العقول السخيفة وليس المراد بهؤلاء الخلفاء الاثني عشر الأئمة الذين يعتقد فيهم الاثنا عشرية من الروافض لجهلهم وقلة عقلهم انتهى
قلت زعمت الشيعة خصوصا الإمامية منهم أن الإمام الحق بعد رسول الله علي رضي الله عنه ثم ابنه الحسن ثم أخوه الحسين ثم ابنه علي زين العابدين ثم ابنه محمد الباقر ثم ابنه جعفر الصادق ثم ابنه موسى الكاظم ثم ابنه علي الرضا ثم ابنه محمد التقي ثم ابنه علي النقي ثم ابنه الحسن العسكري ثم ابنه محمد القائم المنتظر المهدي وزعموا أنه قد اختفى خوفا من أعدائه وسيظهر فيملأ الدنيا قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ولا امتناع في طول عمره وامتداد أيام حياته كعيسى والخضر
وأنت خبير بأن اختفاء الإمام وعدمه سواء في عدم حصول الأغراض المطلوبة من وجود الإمام وإن خوفه من الأعداء لا يوجب الاختفاء بحيث لا يوجد منه إلا الاسم بل غاية الأمران يوجب اختفاء دعوى الإمامة كما في حق آبائه الذين كانوا ظاهرين على الناس ولا يدعون الإمامة وأيضا فعند فساد الزمان واختلاف الآراء واستيلاء الظلمة احتياج الناس إلى الإمام أشد وانقيادهم له أسهل كذا في شرح العقائد
قلت لا شك في أن ما زعمت الشيعة من أن المهدي المبشر به في الأحاديث هو محمد بن الحسن العسكري القائم المنتظر وأنه مختف وسيظهر هي عقيدة باطلة لا دليل عليه
ويقرب من هذا ما زعم أكثر العوام وبعض الخواص في حق الغازي الشهيد الإمام الأمجد السيد أحمد البريلوي رضي الله تعالى عنه أنه المهدي الموعود المبشر به في الأحاديث وأنه لم يستشهد في معركة الغزو بل إنه اختفى عن أعين الناس وهو حي موجود في هذا العالم إلى الآن حتى أفرط بعضهم فقال إنا لقيناه في مكة المعظمة حول المطاف ثم غاب بعد ذلك ويزعمون أنه سيعود وسيخرج بعد مرور الزمان فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما وهذا غلط وباطل والحق الصحيح أن السيد الإمام استشهد ونال منازل الشهداء ولم يختف عن أعين الناس قط والحكايات المروية في ذلك كلها مكذوبة مخترعة وما صح منها فهو محمول على محمل حسن وقد طال النزاع قي أمر السيد الشهيد من حياته واختفائه حتى جعلوه جزء العقيدة ويجادلون من ينكره وإلى الله المشتكى من صنيع هؤلاء ونعوذ بالله من هذه العقيدة المنكرة الواهية والله أعلم
قال المنذري بعد إخراج حديث الجابر ذكر البخاري أن أبا خالد سعيدا والد إسماعيل سمع أبا هريرة وسمع منه ابنه إسماعيل وقوله كلهم من قريش مسند سمرة بن جنادة وقيل سمرة بن عمرو السوائي والد جابر بن سمرة عن رسول الله وأخرجه الترمذي وفيه فسألت الذي يليني فقال كل من قريش وليس فيه قلت لأبي وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وذكر أبو عمر النمري سمرة هذا وقال روى عنه ابنه حديثا واحدا ليس له غيره عن النبي يكون بعدي اثني عشر خليفة كلهم من قريش لم يرو عنه غيره وابنه جابر بن سمرة صاحب له رواية انتهى
•---------------------------------•
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
ذكر الشيخ بن القيم رحمه الله ما قال المنذري حديث الخلافة بعد وثلاثون سنة وحديث اثنا عشر خليفة ثم قال فإن قيل فكيف الجمع قيل لا تعارض بين الحديثين فإن الخلافة المقدرة بثلاثين سنة هي خلافة النبوة كما في حديث أبي بكرة ووزن النبي صلى الله عليه وسلم بأبي بكر ورجحانه وسيأتي وفيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم خلافة نبوة
ثم يؤتي الله الملك من يشاء
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن] وأما الخلفاء الاثنا عشر فلم يقل في خلافتهم إنما خلافة نبوة
ولكن أطلق عليهم اسم الخلفاء وهو مشترك واختص الأئمة الراشدون منهم بخصيصة في الخلافة وهي خلافة النبوة وهي المقدرة بثلاثين سنة خلافة الصديق سنتين وثلاثة أشهر واثنتين وعشرين يوما وخلافة عمر بن الخطاب عشر سنين وستة أشهر وأربع ليال وخلافة عثمان اثنتي عشر سنة إلا اثني عشر يوما وخلافة علي خمس سنين وثلاثة أشهر إلا أربعة عشر يوما
وقتل علي سنة أربعين
فهذه خلافة النبوة ثلاثون سنة

وأما الخلفاء اثنا عشر فقد قال جماعة منهم أبو حاتم بن حبان وغيره إن آخرهم عمر بن عبد العزيز فذكروا الخلفاء الأربعة ثم معاوية ثم يزيد ابنه ثم معاوية بن يزيد ثم مروان بن الحكم ثم عبد الملك ابنه ثم الوليد بن عبد الملك ثم سليمان بن عبد الملك ثم عمر بن عبد العزيز وكانت وفاته على رأس المائة وهي القرن الفضل الذي هو خير القرون وكان الدين في هذا القرن في غاية العزة
ثم وقع ما وقع والدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أوقع عليهم اسم الخلافة بمعنى الملك في غير خلافة النبوة قوله في الحديث الصحيح من حديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة سيكون من بعدي خلفاء يعملون بما يقولون ويفعلون ما يؤمرون وسيكون من بعدهم خلفاء يعملون بما لا يقولون ويفعلون ما لا يؤمرون من أنكر بريء ومن أمسك سلم ولكن من رضي وتابع