نظر ابن تيميه راجع به قاتل عمار


منهاج السنة النبوية (7/ 55)
الوجه الخامس: أن هذا اللفظ، وهو قوله: " «اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله» " كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث.
وأما قوله: " «من كنت مولاه فعلي مولاه» " فلهم فيه قولان، وسنذكره - إن شاء الله - في موضعه.
الوجه السادس: أن دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - مجاب، وهذا الدعاء ليس بمجاب، فعلم أنه ليس من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه من المعلوم أنه لما تولى كان الصحابة وسائر المسلمين ثلاثة أصناف: صنف قاتلوا معه، وصنف قاتلوه، وصنف قعدوا عن هذا وهذا. وأكثر السابقين الأولين كانوا من القعود. وقد قيل: إن بعض السابقين الأولين قاتلوه. وذكر ابن حزم أن عمار بن ياسر قتله أبو الغادية (2) ، وأن أبا الغادية هذا من السابقين، ممن بايع تحت الشجرة. وأولئك جميعهم قد ثبت في الصحيحين أنه لا يدخل النار منهم أحد.
ففي صحيح مسلم وغيره عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة» " (1) .
وفي الصحيح «أن غلام حاطب بن أبي بلتعة قال: يا رسول الله، ليدخلن حاطب النار. فقال: " كذبت ; إنه شهد بدرا والحديبية» " (2) .
وحاطب هذا هو الذي كاتب المشركين بخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبسبب ذلك نزل (3) : {ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة} [سورة الممتحنة: 1] الآية، وكان مسيئا إلى مماليكه، ولهذا قال مملوكه هذا القول، وكذبه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: " إنه شهد بدرا والحديبية " وفي الصحيح: " «لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة» ".
وهؤلاء فيهم ممن قاتل عليا، كطلحة (4) والزبير، وإن كان قاتل عمار فيهم فهو أبلغ من غيره.