زوجات عثمان

مع الاثنى عشرية في الأصول والفروع (ص: 171)
فإذا كان علي من أهل البيت، وله شرف الزواج من إحدى بنات رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن عثمان من أهل البيت أيضا (2) ، وله شرف الزواج من اثنتين ـ لا واحدة فقط من بنات النبي الطاهرات صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرقية تزوجها بعد إسلامه، وهاجر بها إلى الحبشة، ثم إلى المدينة حيث ماتت بعد بدر بثلاثة أيام. وأصغر بنات الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هي أم كلثوم، كانت لابن عمها عتبة بن أبى لهب، وطلقها قبل أن يدخل بها، وكانت هي التي لا تزال بغير زواج بعد أن تزوج على أختها فاطمة الزهراء، فتزوجها عثمان بعد موت أختها رقية عنده سنة ثلاث من الهجرة.
أما أكبر بنات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورضي الله عنهن جميعا ـ فهى زينب، تزوجها أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف. وهو ابن هالة بنت خويلد أخت السيدة خديجة رضي الله عنها، وهو كما نرى من نسبه يعد من أهل البيت.
هؤلاء هن بنات النبي الأربعة، والأزواج الثلاثة، فما موقف هذه الفرقة من هؤلاء السبعة، وهم جميعا من أهل البيت؟
رأينا من قبل عند بيان عقيدتهم في الإمامة كيف أنهم جعلوا فاطمة الزهراء وزوجها ـ رضي الله تعالى عنهما ـ فوق الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين، فيعتبر هذا عندهم من ضروريات المذهب، أي أن من لم يعتقد هذا فليس مؤمنا، وواضح أن هذا من مقالات الغلاة وعقائدهم الباطلة وذو النورين بايع الشيخين، وتولى الخلافة بعدهما، فهو في زعمهم ممن اغتصب هذا المنصب الإلهي، ولذلك فإن كتبهم ـ التي أشار إليها عبد الحسين واعتبرها مقدسة متواترة ـ تجعله من الكفار والمنافقين والعياذ بالله.
وأبو العاص ولدت له زينب ابنته أمامه التي جاء في الصحيحين أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حملها وهو يصلى. وتزوج على أمامه هذه بعد موت خالتها فاطمة. ومات أبو العاص في خلافة أبى بكر الصديق في ذى الحجة سنة اثنتى عشرة (1) .
أما أخوات الزهراء الطاهرات فماذا قالوا عنهن؟
قال أحد علمائهم: " رقية وزينب كانتا ابنتى هالة أخت خديجة، ولما مات أبوهما ربيتا في حجر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنسبتا إليه كما كانت عادة العرب في نسبة المربى إلى المربى. وهما اللتان تزوجهما عثمان بعد موت زوجيهما " (2) . ا. هـ.
ومعلوم أن زينب بنت خير البشر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يتزوجها عثمان، ولم يمت زوجها قبلها، فقد مات في خلافة أبى بكر ـ كما ذكر من قبل ـ زوجها أبو العاص. أما هي فقد ماتت في أول سنة ثمان من الهجرة. وأخرج مسلم في الصحيح بسنده عن
_________
(1) انظر ترجمة أبى العاص في باب الكنى من الجزء الرابع من الإصابة لابن حجر، ... ص 121: 123 ترجمة رقم 692.
(2) انظر زبدة البيان ـ حاشية ص 575.
 
أم عطية قالت: لما ماتت زينب بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اغسلنها وترا، ثلاثا أو خمسا، واجعلن في الآخرة كافورا ".
وزوجها أبو العاص ابن هالة بنت خويلد أخت السيدة خديجة، فهل تزوج أخته بنت أمه هالة؟ !
أفيعتبر هذا المفترى الكذاب من أتباع أهل البيت؟ ‍‍! أم أن أهل البيت الأطهار منه براء، ومن أمثاله سائر الغلاة الروافض؟
أما الطاهرتان رقية وأم كلثوم فهما اللتان تزوجهما ذو النورين. وفى كتاب منهاج الشريعة، الذي ألفه محمد مهدى للرد على منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية، جاء الحديث عن أختى الزهراء ـ رضي الله عنهن ـ في أكثر من موضع.
ومما قاله: " ما زعمه ـ أي ابن تيمية ـ من أن تزويج بنتيه لعثمان فضيلة له من عجائبه، من حيث ثبوت المنازعة في أنهما بنتاه " (1) وقال: " لم يرد شىء من الفضل في حق من زعموهن شقيقاتها بحيث يميزن به ولو عن بعض ... النسوة " (2) .
وقال: " قد عرفت عدم ثبوت أنهما بنتا خير الرسل ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعدم وجود فضل لهما تستحقان به الشرف والتقدم على غيرهما " (3) .
أهؤلاء إذن أتباع مذهب أهل البيت؟ أم أعداء أهل البيت الأطهار؟ وما الفرق بينهم وبين دعوى ابن سبأ وحقيقته؟
ولتأكيد أن الرافضة كاذبون في زعمهم حب آل بيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نذكر شيئا من سيرة آل البيت الأطهار يفضح هؤلاء الرافضة:
_________
(1) منهاج الشريعة 2 / 289.
(2) المرجع نفسه 2 / 290.
(3) منهاج الشريعة 2 / 291.