عبد الرحمن بن عوف(44 ق هـ - 32 هـ = 580 - 652 م)

عبد الرحمن بن عوف(44 ق هـ - 32 هـ = 580 - 652 م)





الأعلام للزركلي (3/ 321)
عَبْد الرَّحْمن بن عَوْف
(44 ق هـ - 32 هـ = 580 - 652 م)
عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث، أبو محمد، الزهري القرشي: صحابي، من أكابرهم. وهو أحد العشرة المبشَّرين بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر الخلافة فيهم، وأحد السابقين إلى الإسلام، قيل: هو الثامن. وكان من الأجواد الشجعان العقلاء.
اسمه في الجاهلية (عبد الكعبة) أو (عبد عمرو) وسماه رسول الله صلّى الله عليه وسلم عبد الرحمن. ولد بعد الفيل بعشر سنين. وأسلم، وشهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها. وجرح يوم أحد 21 جراحة. وأعتق في يوم واحد ثلاثين عبدا. وكان يحترف التجارة والبيع والشراء، فاجتمعت له ثروة كبيرة. وتصدق يوما بقافلة، فيها سبع مئة راحلة، تحمل الحنطة والدقيق والطعام. ولما حضرته الوفاة أوصى بألف فرس وبخمسين ألف دينار في سبيل الله.
له 65 حديثا. ووفاته في المدينة (1) .




صحيح البخاري (3/ 98)
2301 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، قال: حدثني يوسف بن الماجشون، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن جده عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، قال: «كاتبت أمية بن خلف كتابا، بأن يحفظني في صاغيتي بمكة، وأحفظه في صاغيته بالمدينة، فلما ذكرت الرحمن» قال: لا أعرف الرحمن، كاتبني باسمك الذي كان في الجاهلية، فكاتبته: عبد عمرو، فلما كان في يوم بدر، خرجت إلى جبل لأحرزه حين نام الناس، فأبصره بلال، فخرج حتى وقف على مجلس من الأنصار، فقال أمية بن خلف: لا نجوت إن نجا أمية، فخرج معه فريق من الأنصار في آثارنا، فلما خشيت أن يلحقونا، خلفت لهم ابنه لأشغلهم فقتلوه، ثم أبوا حتى يتبعونا، وكان رجلا ثقيلا، فلما أدركونا، قلت له: «ابرك» فبرك، فألقيت عليه نفسي لأمنعه، فتخللوه بالسيوف من تحتي حتى قتلوه، وأصاب أحدهم رجلي بسيفه، وكان عبد الرحمن بن عوف يرينا ذلك الأثر في ظهر قدمه، قال أبو عبد الله: «سمع يوسف صالحا، وإبراهيم أباه»
__________
[تعليق مصطفى البغا]
2179 (2/807) -[ ش (صاغيتي) أهلي وحاشيتي. (ذكرت الرحمن) أي كتبت اسمي عبد الرحمن. (لا أعرف الرحمن) الذي جعلت نفسك عبدا له. (لأحرزه) لأحفظه أو لأحوزه من الحيازة وهو الجمع. (ثقيلا) ضخم الجسم. (لأمنعه) لأحميه منهم. (فتخللوه) أدخلوا سيافهم خلاله حتى وصلوا إليه وطعنوه بها من تحتي]
[3753]



شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (4/ 156)
وإنما فعل عبد الرحمن ذلك لأنه كان بينه وبين أمية بمكة صداقة وعهد فقصد أن يفي بالعهد



وا محمداه إن شانئك هو الأبتر (1/ 278)
* أُمَيَّة بن خلف لعنه الله:
نَقَل السُّهيلي في "الروض الأُنُف" أن عدوَّ الله أُميةَ بنَ خَلَف بَصَق في وجهِ النبي - صلى الله عليه وسلم - (3)، وكان هذا اللعينُ الذي سَبَقت له الشِّقوةُ من ربِّه أحدَ النَّفر الذين دعا عليهم النبي- صلى الله عليه وسلم - لما وضعوا فَرْثَ الجزورِ ودَمَها وسَلاها بين كتفَيِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو ساجد، وضحِكوا حتى مال بعضُهم على بعضٍ من الضَحك.
• عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - حَدَّث عن سعدِ بنِ معاذ أنه كان صَديقًا لأُميَّةَ بن خَلَفٍ، وكان أُمَيَّةُ إذا مَرَّ بالمدينة نزل على سعدِ بنِ معاذٍ،




أنساب الأشراف للبلاذري (5/ 546)
قول عبد الرحمن بن عوف في عثمان رضي الله تعالى عنه:
1404- حدثني محمد بن سعد عن الواقدي عن إبراهيم بن سعد عن أبيه قال: لما توفي أبو ذر بالربذة تذاكر علي وعبد الرحمن بن عوف فعل عثمان فقال علي: [هذا عملك،] فقال عبد الرحمن: إذا شئت فخذ سيفك وآخذ سيفي، إنه قد خالف ما أعطاني.
1405- وحدثني محمد بن سعد عن الواقدي عن محمد بن صالح عن عبيد بن رافع عن عثمان بن الشريد قال: ذكر عثمان عند عبد الرحمن بن عوف في مرضه الذي مات فيه فقال عبد الرحمن: عاجلوه قبل أن يتمادى في ملكه، فبلغ ذلك عثمان، فبعث إلى بئر كان يسقى منها نعم عبد الرحمن بن عوف فمنعه إياها فقال عبد الرحمن: اللهم اجعل ماءها غورا، فما وجدت فيها قطرة.
1406- وحدثني محمد بن سعد (951) عن الواقدي عن محمد بن عبد الله عن أبيه عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير أن عبد الرحمن بن عوف كان حلف ألا يكلم عثمان أبدا.
1407- وحدثني مصعب بن عبد الله الزبيري عن إبراهيم بن سعد عن أبيه أن عبد الرحمن أوصى أن لا يصلي عليه عثمان، فصلى عليه الزبير أو سعد بن أبي وقاص، وتوفي سنة اثنتين وثلاثين.




الفتوح،ج‏2،ص:371
بثلاثمائة ألف درهم، ثم بعث إلى الحكم بن أبي العاص فرده إلى المدينة و هو طريد [1] رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ثم وصله بمائة ألف درهم من بيت مال المسلمين و جعل له خمس إفريقية [2]، و جعل [من بني‏] أمية الحارث بن الحكم على سوق المدينة و وصل ابنه بمال جليل. قال: فكبر ذلك على أصحاب النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم و كرهوا ذلك من فعله، ثم إنهم دخلوا على عبد الرحمن بن عوف فشكوا إليه أمر عثمان و قالوا: يا بن عوف! هذا من فعالك بنا و لسنا نلزم هذه الإمامة أحدا سواك، فقال عبد الرحمن: يا هؤلاء! إني كنت أخذت لكم بالوثيقة و لم أعلم بما يكون، و الآن فالأمر إليكم.
فقال له علي بن أبي طالب رضي الله عنه: فهكذا تحب أن يكون؟ فقال: يا أبا الحسن! إنه لم يكن عندي علم هذا و الآن فخذ سيفك و آخذ سيفي. قال: و بلغ الخبر إلى عثمان أن عبد الرحمن بن عوف قد قال كذا و كذا، فقال عثمان: عبد الرحمن رجل منافق لا يبالي بما قال و يهون عليه أن يشيط بدمي. و بلغ ذلك عبد الرحمن بن عوف فغضب، قال: ما كنت أظن [أن‏] أعيش إلى دهر يقول لي عثمان [إني‏] منافق، ثم حلف عبد الرحمن أنه لا يكلمه أبدا ما بقي [3]. قال: و الناس تكلموا في عثمان و قالوا فيه بعض القول و بلغه ذلك، فنادى في الناس: الصلاة جامعة! فلما اجتمعوا صعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال: أيها الناس! اذكروا نعمة الله عليكم و اشكروه




شرح نهج البلاغة - ابن ابي الحديد (3/ 70)
و هذا عبد الرحمن بن عوف و هو عاقد الأمر لعثمان و جالبه إليه و مصيره في يده يقول على ما رواه الواقدي و قد ذكر له عثمان في مرضه الذي مات فيه عاجلوه قبل أن يتمادى في ملكه فبلغ ذلك عثمان فبعث إلى بئر كان عبد الرحمن يسقي منها نعمه فمنع منها و وصى عبد الرحمن ألا يصلي عليه عثمان فصلى عليه الزبير أو سعد بن أبي وقاص و قد كان حلف لما تتابعت أحداث عثمان ألا يكلمه أبدا . و روى الواقدي قال لما توفي أبو ذر بالربذة تذاكر أمير المؤمنين ع و عبد الرحمن فعل عثمان فقال أمير المؤمنين ع له هذا عملك فقال عبد الرحمن فإذا شئت فخذ سيفك و آخذ سيفي إنه خالف ما أعطاني .




حواريات نت (ص: 82) 11ـ أما عبد الرحمن بن عوف فقد أشتد على عثمان لما أحدث ما أحدث، فقال لأمير المؤمنين (عليه السلام) : ((إذا شئت فخذ سيفك وآخذ سيفي إنه قد خالف ما أعطاني)) أنساب الأشراف ج:5 ص:57 (في قول عبد الرحمن بن عوف في عثمان ). وحلف أن لا يكلم عثمان مدة حياته . أنساب الأشراف ج:5 ص:57(في قول عبد الرحمن بن عوف في عثمان). تاريخ أبي الفداء ج:1 ص:166 (في ذكر مقتل عمر) .العقد الفريد ج:4 كتاب العسجدة الثانية في الخلفاء وتواريخهم وأخبارهم ص: 280 في (أمر الشورى في خلافة عثمان بن عفان)، و ص:305 (في ما نقم الناس على عثمان). وعاده عثمان في مرضه فلم يكلمه. تاريخ أبي الفداء ج:1 ص:166 (في ذكر مقتل عمر ). شرح نهج البلاغة ج:1 ص:196. العقد الفريد ج:4 ص:280 كتاب العسجدة الثانية في الخلفاء وتواريخهم وأخبارهم: (في أمر الشورى في خلافة عثمان بن عفان). ومات وهو مهاجر له. تاريخ أبي الفداء ج:1 ص:166 في (ذكر مقتل عمر ) شرح نهج البلاغة ج:1 ص:196. العقد الفريد ج:4 كتاب العسجدة الثانية في الخلفاء وتواريخهم وأخبارهم ص: 280 (في أمر الشورى في خلافة عثمان بن عفان)، و ص:305 (في ما نقم الناس على عثمان). المعارف لابن قتيبة ص:550 في (المتهاجرون). وأوصى أن لا يصلي عليه. أنساب الأشراف ج:5 ص:57 في (قول عبد الرحمن بن عوف في عثمان ).





تقريب المعارف (17/ 11)
--- ... الصفحة 281 ... ---
نكير عبد الرحمن بن عوف وذكر الثقفي في تاريخه، عن الحسين بن عيسى بن زيد، عن أبيه قال: كثر الكلام بين عبد الرحمن بن عوف وبين عثمان حتى قال عبد الرحمن: أما والله لئن بقيت لك لأخرجنك من هذا الأمر كما أدخلتك فيه، وما غررتني (1) إلا بالله. وذكر الثقفي، عن الحكم قال: كان بين عبد الرحمن بن عوف وبين عثمان كلام، فقال له عبد الرحمن: والله ما شهدت بدرا، ولا بايعت تحت الشجرة، وفررت يوم حنين، فقال له عثمان: وأنت والله دعوتني إلى اليهودية. وعنه، عن طارق بن شهاب قال: رأيت ابن عوف يقول: يا أيها الناس إن عثمان أبى أن يقيم فيكم كتاب الله، فقيل له: أنت أول من بايعه وأول من عقد له، قال: إنه نقض، وليس لناقض عهد. وعنه، عن أبي إسحاق قال: ضج الناس يوما حين صلوا الفجر في خلافة عثمان، فنادوا بعبد الرحمن بن عوف، فحول وجهه إليهم واستدبر القبلة، ثم خلع قميصه من جنبه (2) فقال: (يا معشر أصحاب محمد) (3)، يا معشر المسلمين، أشهد الله وأشهدكم أني قد خلعت عثمان من الخلافة كما خلعت سربالي هذا، فأجابه مجيب من الصف الأول: (الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين) (4)، فنظروا من الرجل، فإذا هو علي بن أبي طالب عليه السلام. وعنه قال: أوصى عبد الرحمن أن يدفن سرا، لئلا يصلي عليه عثمان.
وذكر الواقدي في تاريخه، عن عثمان بن السريد قال: دخلت على عبد الرحمن بن عوف في شكواه الذي مات فيه أعوده، فذكر عنده عثمان، فقال: عاجلوا طاغيتكم هذا قبل أن يتمادى في ملكه، قالوا: فأنت وليته، قال: لا عهد لناقض.
--- ... الصفحة 282 ... --- وذكر الثقفي في تاريخه، عن بلال بن الحارث قال: كنت مع عبد الرحمن جالسا، فطلع عثمان حتى صعد المنبر، فقال عبد الرحمن: فقدت أكثرك شعرا. وذكر فيه: أن عثمان أنفد المسور بن مخرمة (1) إلى عبد الرحمن يسأله الكف عن التحريض عليه، فقال له عبد الرحمن: أنا أقول هذا القول وحدي؟! ولكن الناس يقولون جميعا: إنه غير وبدل، قال المسور: قلت: فإن كان الناس يقولون فدع أنت ما تقول فيه، فقال عبد الرحمن: لا والله ما أجده يسعني أن أسكت عنه، ثم قال له: قل له يقول لك خالي: إتق الله وحده لا شريك له في أمة محمد صلى الله عليه وآله، وما أعطيتني من العهد والميثاق: لتعملن بكتاب الله وسنة صاحبيك، فلم تف. وذكر فيه: أن ابن مسعود قال لعبد الرحمن في أحداث عثمان: هذا مما عملت! فقال عبد الرحمن: قد أخذت إليكم بالوثيقة، فأمركم إليكم. وذكر فيه قال: قال علي عليه السلام لعبد الرحمن بن عوف: هذا عملك! فقال عبد الرحمن: فإذا شئت فخذ سيفك وآخذ سيفي.





الغدير - الشيخ الأميني (11/ 108) . 3 - حديث عبد الرحمن بن عوف أحد العشرة المبشرة، شيخ الشورى، بدري. 1 - أخرج البلاذري عن سعد قال: لما توفي أبو ذر بالزبدة تذاكر علي و عبد الرحمن بن عوف فعل عثمان فقال علي: هذا عملك. فقال عبد الرحمن: إذا شئت فخذ سيفك وآخذ سيفي، إنه قد خالف ما أعطاني. 2 - قال أبو الفدا: لما أحدث عثمان رضي الله عنه ما أحدث من توليته الأمصار للأحداث من أقاربه روي أنه قيل لعبد الرحمن بن عوف: هذا كله فعلك. فقال: ما كنت أظن هذا به، لكن لله علي أن لا أكلمه أبدا،
ومات عبد الرحمن وهو مهاجر لعثمان رضي الله عنهما، ودخل عليه عثمان عائدا في مرضه فتحول إلى الحائط ولم يكلمه. 3 - روى البلاذري من طريق عثمان بن الشريد قال: ذكر عثمان عند عبد الرحمن ابن عوف في مرضه الذي مات فيه فقال عبد الرحمن: عاجلوه قبل أن يتمادى في ملكه فبلغ ذلك عثمان فبعث إلى بئر كان يسقى منها نعم عبد الرحمن بن عوف فمنعه إياها فقال عبد الرحمن: اللهم اجعل ماءها غورا. فما وجدت فيها قطرة. 4 - عن عبد الله بن ثعلبة قال: إن عبد الرحمن بن عوف كان حلف ألا يكلم عثمان أبدا. --- [87] 5 - عن سعد قال: إن عبد الرحمن أوصى أن لا يصلي عليه عثمان، فصلى عليه الزبير أو سعد بن أبي وقاص، وتوفي سنة اثنتين وثلاثين. 6 - قال ابن عبد ربه: لما أحدث عثمان ما أحدث من تأمير الأحداث من أهل بيته على الجلة من أصحاب محمد قيل لعبد الرحمن: هذا عملك. قال: ما ظننت هذا. ثم مضى ودخل عليه وعاتبه وقال: إنما قدمتك على أن تسير فينا بسيرة أبي بكر وعمر فخالفتهما وحابيت أهل بيتك وأوطأتهم رقاب المسلمين. فقال: إن عمر كان يقطع قرابته في الله و أنا أصل قرابتي في الله. قال عبد الرحمن: لله علي أن لا أكلمك أبدا. فلم يكلمه أبدا حتى مات وهو مهاجر لعثمان، ودخل له عثمان عائدا له في مرضه فتحول عنه إلى الحائط ولم يكلمه. راجع أنساب البلاذري 5: 57، العقد الفريد 2: 258، 261، 272، تاريخ أبي الفدا ج 1: 166. 7 - أخرج الطبري من طريق المسور بن المخرمة قال: قدمت إبل من إبل الصدقة على عثمان فوهبها لبعض بني الحكم فبلغ ذلك عبد الرحمن بن عوف فأرسل إلى المسور بن المخرمة وإلى عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث فأخذاها فقسمها عبد الرحمن في الناس وعثمان في الدار. تاريخ الطبري 5: 113، الكامل لابن الأثير 3: 70، شرح ابن أبي الحديد 1: 165. 8 - قال أبو هلال العسكري في كتاب الأوائل: استجيبت دعوة علي عليه السلام في عثمان وعبد الرحمن فما ماتا إلا متهاجرين متعاديين، أرسل عبد الرحمن إلى عثمان يعاتبه (إلى أن قال): لما بنى عثمان قصره طمار الزوراء وصنع طعاما كثيرا ودعا الناس إليه كان فيهم عبد الرحمن فلما نظر إلى البناء والطعام قال: يا ابن عفان ! لقد صدقنا عليك ما كنا نكذب فيك، وإني أستعيذ بالله من بيعتك، فغضب عثمان وقال: أخرجه عني يا غلام ! فأخرجوه وأمر الناس أن لا يجالسوه، فلم يكن يأتيه أحد إلا ابن عباس كان يأتيه فيتعلم منه القرآن والفرائض، ومرض عبد الرحمن فعاده عثمان وكلمه فلم يكلمه حتى مات. شرح ابن أبي الحديد 1: 65، 66. --- [88] قول العسكري: استجيبت دعوة علي. إشارة إلى ما ورد من قوله عليه السلام يوم الشورى لعبد الرحمن بن عوف: والله ما فعلتها إلا لأنك رجوت منه ما رجا صاحبكما من صاحبه دق الله بينكما عطر منشم (1). ومنشم امرأة عطارة من حمير، وكانت خزاعة وجرهم إذا أرادوا القتال تطيبوا من طيبها، وكانوا إذا فعلوا ذلك كثر القتلى فيما بينهم، فكان يقال: أشأم من عطر منشم فصار مثلا. وقول عبد الرحمن: لقد صدقنا عليك ما كنا نكذب فيك. إيعاز إلى قول مولانا أمير المؤمنين يوم الشورى أيضا: أما إني أعلم أنهم سيولون عثمان، وليحدثن البدع و الأحداث، ولئن بقي لأذكرنك، وإن قتل أو مات ليتداولونها بنو أمية بينهم، وإن كنت حيا لتجدني حيث تكرهون (2). قال الشيخ محمد عبدة في شرح نهج البلاغة 1: 35: لما حدث في عهد عثمان ما حدث من قيام الأحداث من أقاربه على ولاية الأمصار، ووجد عليه كبار الصحابة روي إنه قيل لعبد الرحمن: هذا عمل يديك. فقال: ما كنت أظن هذا به ولكن لله علي أن لا أكلمه أبدا، ثم مات عبد الرحمن وهو مهاجر لعثمان، حتى قيل: أن عثمان دخل عليه في مرضه يعوده فتحول إلى الحائط لا يكلمه، والله أعلم والحكم لله يفعل ما يشاء. وقال ابن قتيبة في المعارف ص 239: كان عثمان بن عفان مهاجرا لعبد الرحمن ابن عوف حتى ماتا. قال الأميني، لا بد أن يسائل هؤلاء عن أشياء فيقال لهم: إن سيرة الشيخين التي بويع عثمان عليها هل كانت تطابق سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو تخالفها ؟ وعلى الأول فشرطها مستدرك، ولا شرط للخلافة إلا مطابقة كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ولا نقمة على تاركها إلا بترك السنة لا السيرة، فذكرها إلى جانب السنة الشريفة كضم اللا حجة إلى الحجة، أو كوضع الحجر إلى جنب الانسان، وعلى الثاني فإن من --- (1) شرح ابن أبي الحديد 1: 63. (2) شرح ابن أبي الحديد 1: 64. --- [89] الواجب على كل مسلم مخالفتها بعد فرض إيمانه بالله وبكتابه ورسوله واليوم الآخر، فكان من حق المقام أن ينكروا على عثمان مخالفة السنة فحسب. ولهذا لم يقبل مولانا أمير المؤمنين لما ألقى إليه عبد الرحمن أمر البيعة على الشرط المذكور إلا مطابقة أمره للسنة والاجتهاد فيها (1). وليت شعري إنه لما شرط ابن عوف على عثمان ذلك هل كان يعلم بما قلناه من الموافقة أو المخالفة أو لا ؟ وعلى فرض علمه يتوجه عليه ما سطرناه على كل من الفرضين، وعلى تقدير عدم علمه وهو أبعد شئ، يفرض فكيف شرط عليه ما لا يعلم حقيقته، وكيف يناط أمر الدين وزعامته الكبرى بحقيقة مجهولة ؟ وما الفائدة في اشتراطه ؟. وللباقلاني في التمهيد ص 210 في بيان هذا الشرط وجه نجل عنه ساحة كل متعلم فاهم فضلا عن عالم مثله. ثم نأتي إلى عثمان فنحاسبه على قبوله لأول وهلة، هل كل يعلم شيئا مما قدمناه من النسبة بين السنة والسيرة أولا ؟ فهلا شرط الأمر على تقدير الموافقة ؟ ورفضه على فرض المخافة ؟ وإن كان لا يعلم فكيف قبل شرطا لا يدري ما هو ؟ ثم هل كان يعلم يومئذ أنه يطيق على ذلك أو لا ؟ أو كان يعلم أنه لا يطيقه ؟ وعلى الأخير فكيف قبل ما لا يطيقه ؟ وعلى الثاني كيف أقدم على الخطر فيما لا يعلم أنه يتسنى له أن ينوء به ؟ وعلى الأول فلما ذا خالف ما أشترط عليه وقبله ووجدت البيعة عليه ؟ وحصل القبول والرضا من الأمة به ؟ ثم جاء يعتذر لما أخذه ابن عوف بمخالفته إياها بأنه لا يطيق ذلك فقال فيما أخرجه أحمد في مسنده 1: 68 من طريق شقيق: وأما قوله: ولم أترك سنة عمر ؟ فإني لا أطيقها ولا هو. وذكره ابن كثير في تاريخه 7: 206. وكيفما أجيب عن هذه المسائل فعبرتنا الآن بنظرية عبد الرحمن بن عوف الأخيرة في الخليفة، وهي من أوضح الحقايق لمن استشف ما ذكرناه من قوله له: إني أستعيذ بالله من بيعتك. وقوله لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام: إذا شئت فخذ سيفك وآخذ --- (1) مسند أحمد 1: 75، تاريخ الطبري 5: 40، تمهيد الباقلاني ص 209، تاريخ ابن كثير 7: 146. --- [90] سيفي. إلخ. مستحلا قتاله، وقوله: عاجلوه قبل أن يتمادى في ملكه. وقد بالغ في الإنكار عليه ورأيه في سقوطه أنه لم يره أهلا للصلاة عليه وأوصى بذلك عند وفاته فصلى عليه الزبير، وهجره وحلف أن لا يكلمه أبدا حتى أنه حول وجهه إلى الحائط لما جاء عائدا، وإنه كان لا يرى لتصرفاته نفوذا ولذلك لما بلغه إعطاء عثمان إبل الصدقة لبعض بني الحكم أرسل إليها المسور بن المخرمة وعبد الرحمن بن الأسود فأخذها فقسمها عبد الرحمن في الناس وعثمان في الدار، ولهذه كلها كان يراه عثمان منافقا و يقذفه بالنفاق كما ذكره ابن حجر في الصواعق ص 68 وأجاب عنه متسالما عليه بأنه كان متوحشا منه لأنه كان يجيئه كثيرا. إقرأ واضحك. وذكره الحلبي في السيرة 2: 87 فقال: أجاب عنه ابن حجر ولم يذكر الجواب لعلمه بأنه أضحوكة. ونسائل القوم بصورة أخرى مع قطع النظر عن جميع ما قلناه: إن ما اشترط على عثمان وعقد عليه أمره هل كان واجب الوفاء ؟ أو كان لعثمان منتدح عنه بتركه ؟ وعلى الأول فما وجه مخالفة الخليفة له ؟ ولماذا لم يقبله مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وهو عيبة علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والعارف بأحكامه وسننه وبصلاح الأمة منذ بدء أمرها إلى منصرمه، وهل يخلع الخليفة في صورة المخالفة ؟ فلما ذا كان عثمان لا يروقه التنازل عن أمره لما أرادت الصحابة خلعه للمخالفة ؟ أو أنه لا يخلع ؟ فلماذا تجمهروا عليه فخلعوه وقتلوه ؟ وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العدول كلهم في نظر القوم، وإن كان لا يجب الوفاء به ؟ فلماذا لم يبايعوا أمير المؤمنين عليه السلام لما جاء بعدم الالتزام بما لا يجب الوفاء به ؟ وما معنى اعتذار عبد الرحمن بن عوف في تقديمه عثمان على أمير المؤمنين عليه السلام بأنه قبل متابعة سيرة الشيخين ولم يقبلها علي عليه السلام ؟ ولماذا ألزموا عثمان به ؟ ولماذا التزم به عثمان ؟ ولماذا تمت البيعة عليه ؟ ولماذا تجمهروا عليه لما شاهدوا منه المخالفة ؟. وليسئلن يوم القيامة عما كانوا يفترون فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون