بودن ابوبكر درسنح



معجم ما استعجم من اسماء البلاد والمواضع (3/ 760)
المؤلف: أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز بن محمد البكري الأندلسي (المتوفى: 487هـ)
السّنح
بضمّ أوّله وثانيه «4» ، بعده حاء مهملة: منازل بنى الحارث ابن الخزرج بالمدينة، بينها وبين منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ميل.
وبالسّنح ولد عبد الله بن الزّبير، وكان أبو بكر هناك نازلا «5» ، وأسماء أم عبد الله مع أبيها، وأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ منزله يمشى.
وفى رواية أخرى أن عبد الله ولد بقباء.



وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (4/ 112)
وقال عياض: والعوالي من المدينة على أربعة أميال، وقيل: ثلاثة، وهذا حد أدناها، وأبعدها ثمانية أميال، انتهى، ويرده أنه قال في السنح: إنه منازل بني الحارث بن الخزرج بعوالي المدينة، بينه وبين منزل النبي صلى الله عليه السلام ميل، وذكره ابن حزم أيضا، ونقله الحافظ ابن حجر عن أبي عبيد البكري، وفي العتبية عن مالك: أقصى العالية على ثلاثة أميال، يعني من المسجد النبوي، ويؤيده ما في الصحيح عن أنس من طريق الزهري «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر والشمس مرتفعة حية، فيذهب الذاهب إلى العوالي فيأتيهم والشمس مرتفعة، وبعض العوالي من المدينة على أربعة أميال أو نحوها» ولفظ البيهقي «وبعد العوالي» بضم الموحدة، وفي رواية له «وبعد العوالي أربعة أميال أو ثلاثة» ولفظ أبي داود «العوالي على ثلاثة أميال» ووقع عند الدارقطني «على ستة أميال» وعند عبد الرزاق «على ميلين أو ثلاثة» .
وقوله «والعوالي» إلى آخره مدرج من كلام الزهري كما بينه عبد الرزاق وطريق الجمع أن أدنى العوالي من لمدينة على ميل أو ميلين، وأقصاها عمارة على ثلاثة أو أربعة أميال، وأقصاها مطلقا ثمانية أميال.






السيرة النبوية لابن كثير (4/ 441)
وقد انتدب كثير من الكبار من المهاجرين الأولين والأنصار في جيشه، فكان من أكبرهم عمر بن الخطاب.
ومن قال إن أبا بكر كان فيهم فقد غلط، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتد به المرض وجيش أسامة مخيم بالجرف.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصلي بالناس كما سيأتي.
فكيف يكون في الجيش وهو إمام المسلمين بإذن الرسول من رب العالمين، ولو فرض أنه كان قد انتدب معهم فقد استثناه الشارع من بينهم بالنص عليه للإمامة في الصلاة التي هي أكبر أركان الإسلام، ثم لما توفي عليه الصلاة والسلام استطلق الصديق من أسامة عمر بن الخطاب فأذن له في المقام عند الصديق، ونفذ الصديق جيش أسامة.




السيرة النبوية لابن كثير (4/ 464)
قال البيهقي: وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنبأنا أحمد بن عبيد الصفار،
حدثنا عبيد بن شريك، أنبأنا ابن أبي مريم، أنبأنا محمد بن جعفر، أخبرني حميد أنه سمع أنسا يقول: آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القوم في ثوب واحد ملتحفا به خلف أبي بكر.
قلت: وهذا إسناد جيد على شرط الصحيح ولم يخرجوه.
وهذا التقييد جيد بأنها آخر صلاة صلاها مع الناس، صلوات الله وسلامه عليه.
وقد ذكر البيهقي من طريق سليمان بن بلال ويحيى بن أيوب، عن حميد، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبى بكر في ثوب واحد مخالفا بين طرفيه، فلما أراد أن يقوم قال: ادع لي أسامة بن زيد.
فجاء فأسند ظهره إلى نحره، فكانت آخر صلاة صلاها.
قال البيهقي: ففي هذا دلالة أن هذه الصلاة كانت  صلاة الصبح  من يوم الاثنين يوم الوفاة لأنها آخر صلاة صلاها، لما ثبت أنه توفي ضحى يوم الاثنين.
وهذا الذي قاله البيهقي أخذه مسلما من مغازي موسى بن عقبة، فإنه كذلك ذكر وكذا روى أبو الأسود عن عروة.
وذلك ضعيف، بل هذه آخر صلاة صلاها مع القوم، كما تقدم تقييده في الرواية الأخرى، والحديث واحد، فيحمل مطلقه على مقيده.
ثم لا يجوز أن تكون هذه صلاة الصبح من يوم الاثنين يوم الوفاة، لأن تلك لم يصلها مع الجماعة بل في بيته لما به من الضعف صلوات الله وسلامه عليه.
والدليل على ذلك ما قال البخاري في صحيحه: حدثنا أبو اليمان، أنبأنا شعيب، عن الزهري، أخبرني أنس بن مالك، وكان تبع النبي صلى الله عليه وسلم وخدمه وصحبه، أن أبا بكر كان يصلي لهم في وجع النبي صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه، حتى
إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة فكشف النبي صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة ينظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف (1) [ثم (2) ] تبسم يضحك، فهممنا أن نفتتن من الفرج برؤية النبي صلى الله عليه وسلم، ونكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف.
وظن أن النبي صلى الله عليه وسلم خارج إلى الصلاة، فأشار إلينا صلى الله عليه وسلم أن أتموا صلاتكم وأرخى الستر وتوفى من يومه صلى الله عليه وسلم.
وقد رواه مسلم من حديث سفيان بن عيينة وصبيح بن كيسان ومعمر، عن الزهري عن أنس.
ثم قال البخاري: حدثنا أبو معمر، حدثنا عبد الوارث، حدثنا عبد العزيز، عن أنس بن مالك، قال: لم يخرج النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا، فأقيمت الصلاة، فذهب أبو بكر يتقدم فقال نبى الله صلى الله عليه وسلم (1) بالحجاب.
فرفعه، فلما وضح وجه النبي صلى الله عليه وسلم ما نظرنا منظرا كان أعجب إلينا من وجه النبي صلى الله عليه وسلم حين وضح لنا فأومأ النبي صلى الله عليه وسلم بيده إلى أبي بكر أن يتقدم، وأرخى النبي صلى الله عليه وسلم الحجاب فلم يقدر عليه حتى مات صلى الله عليه وسلم.
ورواه مسلم من حديث عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبيه به.
فهذا أوضح دليل على أنه عليه السلام لم يصل يوم الاثنين صلاة الصبح مع الناس، وأنه كان قد انقطع عنهم لم يخرج إليهم ثلاثا.
قلنا: فعلى هذا يكون آخر صلاة صلاها معهم  الظهر، كما جاء مصرحا به في حديث عائشة  المتقدم ويكون ذلك يوم الخميس لا يوم السبت ولا يوم الأحد، كما حكاه البيهقي عن مغازي موسى بن عقبة، وهو ضعيف، ولما قدمنا من خطبته بعدها ولأنه انقطع عنهم
يوم الجمعة، والسبت، والأحد، وهذه ثلاثة أيام كوامل.
وقال الزهري عن أبي بكر بن أبي سبرة، أن أبا بكر صلى بهم سبع عشرة صلاة.
وقال غيره: عشرين صلاة.
فالله أعلم.
ثم بدا لهم وجهه الكريم صبيحة يوم الاثنين فودعهم بنظرة كادوا يفتتنون بها، ثم كان ذلك آخر عهد جمهورهم به ولسان حالهم يقول كما قال بعضهم: وكنت أرى كالموت من بين ساعة * فكيف ببين كان موعده الحشر! والعجب أن الحافظ البيهقي أورد هذا الحديث من هاتين الطريقين.
ثم قال ما حاصله: فلعله عليه السلام احتجب عنهم في أول ركعة ثم خرج في الركعة الثانية فصلى خلف أبي بكر، كما قاله عروة وموسى بن عقبة، وخفى ذلك عن أنس بن مالك أو أنه ذكر بعض الخبر وسكت عن آخره.
وهذا الذي [ذكره] أيضا بعيد جدا، لأن أنسا قال: فلم يقدر عليه حتى مات.
وفي رواية قال: فكان ذلك آخر العهد به.
وقول الصحابي مقدم على قول التابعي.
والله أعلم.
* * * والمقصود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم أبا بكر الصديق إماما للصحابة كلهم في الصلاة التي هي أكبر أركان الإسلام العملية.
قال الشيخ أبو الحسن الأشعري: وتقديمه له أمر معلوم بالضرورة من دين الإسلام.
قال: وتقديمه له دليل على أنه أعلم الصحابة وأقرؤهم، لما ثبت في الخبر المتفق على صحته بين العلماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب
الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأكبرهم سنا، فإن كانوا في السن سواء فأقدمهم مسلما.
قلت: وهذا من كلام الأشعري رحمه الله مما  ينبغي أن يكتب بماء الذهب.
ثم قد اجتمعت هذه الصفات كلها في الصديق رضي الله عنه وأرضاه.
وصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم خلفه في بعض الصلوات، كما قدمنا بذلك الروايات الصحيحة، لا ينافي ما روي في الصحيح أن أبا بكر ائتم به عليه السلام، لان  ذلك في صلاة أخرى، كما نص على ذلك الشافعي وغيره من الأئمة رحمهم الله عزوجل.


السيرة النبوية لابن كثير (4/ 462)
ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله.
قالت: والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم  لصلاة العشاء، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر بأن يصلي بالناس، وكان أبو بكر رجلا رقيقا.



السيرة النبوية لابن كثير (4/ 462)
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد خفة فخرج بين رجلين أحدهما العباس
لصلاة الظهر، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه أن لا يتأخر، وأمرهما فأجلساه إلى جنبه، فجعل أبو بكر يصلي قائما ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعدا.



شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (4/ 148)
فلما كان يوم الأربعاء بدئ برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه، فحم وصدع، فلما أصبح يوم الخميس عقد لأسامة لواء بيده، فخرج بلوائه معقودا فدفعه إلى بريدة الأسلمي، وعسكر بالجرف. فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين والأنصار إلا انتدب.





السيرة الحلبية = إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون (3/ 292)
وفي لفظ: فسار حتى بلغ الجرف فأرسلت إليه امرأته فاطمة بنت قيس تقول له: لا تعجل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثقيل، فأقبل وأقبل معه عمر وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنهم، فانتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يموت، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم  حين زاغت الشمس.
أي وفي لفظ أنه رضي الله تعالى عنه لما نزل بذي خشب قبض النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل المسلمون الذين عسكروا بالجرف إلى المدينة، ودخل بريدة بلواء أسامة حتى أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغرزه عنده.