اقتلوا سعدا



غريب الحديث للخطابي (2/ 128)
المؤلف: أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي المعروف بالخطابي (المتوفى: 388هـ)
قال أبو سليمان وفي هذه القصة حرف قد يشكل معناه وهو قول عمر حين ازدحم الناس على مصافحة أبي بكر للبيعة فوثبوا على سعد وكان مضطجعا على فراشه فقال بعض الأنصار قتلتم سعدا فقال عمر "اقتلوه قتله الله"2 ومعناه والله أعلم أن هذه الكلمة جرت منه جوابا على مذهب المطابقة للفظ الأنصاري يريد بها إبطال معذرته في التثبيط عن البيعة مكان سعد ولم يقصد بها إيقاع الفعل وإنما قال اقتلوه بمعنى لا [50] تبالوا بما ناله من الضغط والألم وأقبلوا على شأنكم وأحكموا أمر البيعة وهذا في مذهب / المطابقة كقوله {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} 3 فسمي الجزاء على العدوان عدوانا وإنما هو جزاء ومكافأة وليس بعدوان في الحقيقة وقال عمرو بن كلثوم:
ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا4
يريد فنجازيه على جهله ونزيد عليه.
وفيه وجه آخر وهو أن يكون المعنى اجعلوه كمن قتل واحسبوه في عداد من مات وهلك أي لا تعتدوا بمشهده ولا تعرجوا على قوله وذلك أن سعدا إنما أحضر ذلك المقام لأن ينصب أميرا على قومه على مذهب العرب في الجاهلية أن لا يسود القبيلة إلا رجل منها وكان حكم الإسلام خلاف ذلك فأراد عمر إبطاله بأغلظ ما يكون من القول وأبشعه وكل شيء أبطلت فعله وسلبت قوته فقد قتلته وأمته ولذلك قيل قتلت الشراب إذا مزجته لتقل سورته وتنكسر شدته قال حسان بن ثابت:
إن التي هاتيتني فرددتها ... قتلت قتلت فهاتها لم تقتل1
وقال عمر في خطبته: "لا تأكلوا من هاتين الشجرتين إلا أن تميتوهما طبخا"2. يريد البصل والثوم أي تنضجوهما طبخا فتضعف قوتهما وتذهب حدتهما وحرافتهما ولهذا قيل للبليد الذي لا حراك به ولا انبعاث له في الأمور أنه لميت وعلى هذا المعنى يتأول قول عمر من دعا إلى إمارة نفسه أو غيره من المسلمين فاقتلوه يريد والله أعلم اجعلوه كمن قتل أو مات بأن لا تقبلوا له قولا ولا تقيموا له دعوة وعلى مثل ذلك يتأول حديثه المرفوع أنه قال: " إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما".
أخبرناه ابن الأعرابي أخبرنا إبراهيم بن الوليد الجشاش أخبرنا علي بن المديني أخبرنا عبد الصمد بن عبد الوارث أخبرنا أبو هلال الراسبي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله: "إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما" 3 يريد بذلك أن يخلع وتلغى بيعته حتى يكون في عداد من قتل وبطل والله أعلم




فتح الباري لابن حجر (12/ 156)
واستدل بقول أبي بكر أحد هذين الرجلين أن شرط الإمام أن يكون واحدا وقد ثبت النص الصريح في حديث مسلم إذا بايعوا لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما وإن كان بعضهم أوله بالخلع والإعراض عنه فيصير كمن قتل وكذا قال الخطابي في قول عمر في حق سعد اقتلوه أي اجعلوه كمن قتل



مجمع بحار الأنوار (4/ 207)
المؤلف: جمال الدين، محمد طاهر بن علي الصديقي الهندي الفَتَّنِي الكجراتي (المتوفى: 986هـ)
[قتل] في التذكرة "القتال" بفتح قاف وشدة مثناة فوق من أسمائه صلى الله عليه وسلم. نه: وفيه" "قاتل" الله اليهود! أي قتلهم، أو لعنهم، أو عاداهم-أقوال، وقد يرد للتعجب كتربت يداه، وقد لا يراد به وقوع. ومنه: "قاتل الله" سمرة. وفيه ح المار: "قاتله" فإنه شيطان، أي دافعه عن قبلتك، وليس كل قتال بمعنى القتل. ومنه ح السقيفة: "قتل" الله سعدا! فإنه صاحب فتنة وشر، أي دفع الله شره، كأنه إشارة إلى ما كان منه في ح الإفك، ورُوي أن عمرًا قال: اقتلوا سعدًا "قتله" الله! أي اجعلوه كالمقتول واحسبوه في عداد من مات ولا تعتدوا بمشهده ولا تعرجوا على قوله. ك: قتلتم سعدًا- هو كناية عن الإعراض والخذلان، وقتله الله -إخبار عما قدر الله من إهماله وعدم صيرورته خليفة، أو دعاء عليه لتخلفه عن بيعة الصديق، وروي أنه خرج بعد تخلفه إلى الشام ومات بها في خلافة عمر، قالوا: وجد ميتًا ولم يشعروا بموته حتى سمعوا قائلًا ولا يرونه:
قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة ... فرميناه بسهمين ولم نخط فؤاده
وتأول بعضهم السهمين بالعينين، فإن عيون الجن أنفذ من أسنة الرماح، أي أصبناه بعينين. نه: وح: من دعاء إلى إمارة نفسه أو غيره من المسلمين "فاقتلوه"، أي اجعلوه كالمقتول




السيرة الحلبية = إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون (3/ 507)
وفي كلام سبط ابن الجوزي رحمه الله: فأنكروا على سعد أمره، وكادوا يطؤون سعدا فقال ناس من أصحابه: اتقوا سعدا لا تطؤوه، فقال عمر رضي الله عنه: اقتلوا سعدا قتله الله، ثم قام عمر رضي الله عنه على رأس سعد وقال: قد هممت أن أطأك حتى تنذر عيونك، فأخذ قيس بن سعد رضي الله عنهما بلحية عمر رضي الله عنه وقال: والله لو خفضت منه شعرة ما رجعت وفيك جارحة، فقال أبو بكر: مهلا يا عمر، الرفق الرفق، ما هنا أبلغ، فقال عاد أبو بكر وعمر رضي الله عنهما إلى محلهما أرسلا له بايع فقد بايع الناس، فقال: لا والله حتى أرميكم بما في كنانتي من نبل، وأخضب من دمائكم سنان رمحي، وأضربكم بسيفي ما ملكته يداي.
والله لو اجتمع لكم الجن والإنس لما بايعتكم. فلما عاد الرسول وأخبرهم بما قال، قال له عمر: لا ندعه حتى يبايع، فقال له قيس بن سعد: دعه فقد لح فاتركوه، فتركوه، وكان سعد رضي الله عنه لا يحضر معهم، ولا يصلي في المسجد، ولا يسلم على من لقي منهم، فلم يزل مجانبا لهم حتى إذا كان بعرفة يقف ناحية عنهم، فلما ولي عمر رضي الله عنه الخلافة لقيه في بعض طرق المدينة، فقال له: إيه يا سعد فقال له: إيه يا عمر، فقال له عمر: أنت صاحب المقالة، قال نعم أنا ذاك، وقد أفضى الله إليك هذا الأمر، كان والله صاحبك خيرا لنا، وأحب إلينا من جوارك، وقد أصبحت كارها لجوارك، فقال له عمر رضي الله عنه: إنه من كره جوار جاره تحول عنه، فقال له سعد: إني متحول إلى جوار من هو خير من جوارك، فخرج رضي الله عنه إلى الشام واستمر بها إلى أن مات في السنة الخامسة عشر من الهجرة.
وذكر الطبري رحمه أن سعدا رضي الله عنه بايع مكرها، وهو وهم، هذا كلام سبط ابن الجوزي رحمه الله.




النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 13)
ومنه حديث عمر «قاتل الله سمرة» .
وسبيل «فاعل» هذا أن يكون من اثنين في الغالب، وقد يرد من الواحد، كسافرت، وطارقت النعل.
(هـ) وفي حديث المار بين يدي المصلي «قاتله فإنه شيطان» أي دافعه عن قبلتك، وليس كل قتال بمعنى القتل.
(س) ومنه حديث السقيفة «قتل الله سعدا فإنه صاحب فتنة وشر» أي دفع الله شره، كأنه إشارة إلى ما كان منه في حديث الإفك، والله أعلم.
وفي رواية «إن عمر قال يوم السقيفة: اقتلوا سعدا قتله الله» أي اجعلوه كمن قتل واحسبوه في عداد من مات وهلك، ولا تعتدوا بمشهده ولا تعرجوا على قوله.
ومنه حديث عمر أيضا «من دعا إلى إمارة نفسه أو غيره من المسلمين فاقتلوه» أي اجعلوه كمن قتل ومات، بأن لا تقبلوا له قولا ولا تقيموا له دعوة.
وكذلك الحديث الآخر «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» أي أبطلوا دعوته واجعلوه كمن مات.




لسان العرب (11/ 549)
أي دافعه عن قبلتك، وليس كل قتال بمعنى القتل. وفي حديث السقيفة:
قتل الله سعدا فإنه صاحب فتنة وشر
أي دفع الله شره كأنه إشارة إلى ما كان منه في حديث الإفك، والله أعلم؛ وفي رواية:
أن عمر قال يوم السقيفة اقتلوا سعدا قتله الله
أي اجعلوه كمن قتل واحسبوه [احسبوه] في عداد من مات وهلك، ولا تعتدوا بمشهده ولا تعرجوا على قوله. وفي حديث
عمر أيضا: من دعا إلى إمارة نفسه أو غيره من المسلمين فاقتلوه
أي اجعلوه كمن قتل ومات بأن لا تقبلوا له قولا ولا تقيموا له دعوة، وكذلك الحديث الآخر:
إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الأخير منهما