كلمات راجع به نسبت هجر

فتح الباري ج1/ص208

114 قوله أخبرني يونس هو بن يزيد قوله عن عبيد الله بن عبد الله أي بن عتبة بن مسعود قوله لما اشتد أي قوي قوله وجعه أي في مرض موته كما سيأتي وللمصنف في المغازي وللإسماعيلي لما حضرت النبي صلى الله عليه وسلم الوفاة وللمصنف من حديث سعيد بن جبير أن ذلك كان يوم الخميس وهو قبل موته صلى الله عليه وسلم بأربعة أيام قوله بكتاب أي بأدوات الكتاب ففيه مجاز الحذف وقد صرح بذلك في رواية لمسلم قال ائتوني بالكتف والدواة والمراد بالكتف عظم الكتف لأنهم كانوا يكتبون فيها قوله اكتب هو بإسكان الباء جواب الأمر ويجوز الرفع على الاستئناف وفيه مجاز أيضا أي أمر بالكتابة ويحتمل أن يكون على ظاهره كما سيأتي البحث في المسألة في كتاب الصلح إن شاء الله تعالى وفي مسند أحمد من حديث على أنه المامور بذلك ولفظه أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن اتيه بطبق أي كتف يكتب ما لا تضل أمته من بعده قوله كتابا بعد قوله بكتاب فيه الجناس التام بين الكلمتين وأن كانت إحداهما بالحقيقة والأخرى بالمجاز قوله لا تضلوا هو نفي وحذفت النون في الروايات التي اتصلت لنا لأنه بدل من جواب الأمر وتعدد جواب الأمر من غير حرف العطف جائز قوله غلبه الوجع أي فيشق عليه إملاء الكتاب أو مباشرة الكتابة وكان عمر رضي الله عنه فهم من ذلك أنه يقتضي التطويل قال القرطبي وغيره ائتوني أمر وكان حق المامور أن يبادر للامتثال لكن ظهر لعمر رضي الله عنه مع طائفة أنه ليس على الوجوب وأنه من باب الإرشاد إلى الاصلح فكرهوا أن يكلفوه من ذلك ما يشق

فتح الباري ج1/ص209

عليه في تلك الحالة مع استحضارهم قوله تعالى ما فرطنا في الكتاب من شيء وقوله تعالى تبيانا لكل شيء ولهذا قال عمر حسبنا كتاب الله وظهر لطائفة أخرى أن الأولى أن يكتب لما فيه من امتثال أمره وما يتضمنه من زيادة الإيضاح ودل أمره لهم بالقيام على أن أمره الأول كان على الاختيار ولهذا عاش صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أياما ولم يعاود أمرهم بذلك ولو كان واجبا لم يتركه لاختلافهم لأنه لم يترك التبليغ لمخالفة من خالف وقد كان الصحابة يراجعونه في بعض الأمور ما لم يجزم بالأمر فإذا عزم امتثلوا وسيأتي بسط ذلك في كتاب الاعتصام إن شاء الله تعالى وقد عد هذا من موافقة عمر رضي الله عنه واختلف في المراد بالكتاب فقيل كان أراد أن يكتب كتابا ينص فيه على الأحكام ليرتفع الاختلاف وقيل بل أراد أن ينص على أسامي الخلفاء بعده حتى لا يقع بينهم الاختلاف قاله سفيان بن عيينة ويؤيده أنه صلى الله عليه وسلم قال في أوائل مرضه وهو عند عائشة ادعى لي أباك وأخاك حتى اكتب كتابا فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل ويأبى الله والمؤمنون الا أبا بكر أخرجه مسلم وللمصنف معناه ومع ذلك فلم يكتب والأول أظهر لقول عمر كتاب الله حسبنا أي كافينا مع أنه يشمل الوجه الثاني لأنه بعض افراده والله أعلم فائدة قال الخطابي إنما ذهب عمر إلى أنه لو نص بما يزيل الخلاف لبطلت فضيلة العلماء وعدم الاجتهاد وتعقبه بن الجوزي بأنه لو نص على شيء أو أشياء لم يبطل الاجتهاد لأن الحوادث لا يمكن حصرها قال وإنما خاف عمر أن يكون ما يكتبه في حالة غلبة المرض فيجد بذلك المنافقون سبيلا إلى الطعن في ذلك المكتوب وسيأتي ما يؤيده في أو اخر المغازي قوله ولا ينبغي عندي التنازع فيه اشعار بان الأولى كان المبادرة إلى امتثال الأمر وأن كان ما اختاره عمر صوابا إذ لم يتدارك ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بعد كما قدمناه قال القرطبي واختلافهم في ذلك كاختلافهم في قوله لهم لا يصلين أحد العصر الا في بني قريظة فتخوف ناس فوت الوقت فصلوا وتمسك آخرون بظاهر الأمر فلم يصلوا فما عنف أحدا منهم من أجل الاجتهاد المسوغ والمقصد الصالح والله أعلم قوله فخرج بن عباس يقول ظاهره أن بن عباس كان معهم وأنه في تلك الحاله خرج قائلا هذه المقالة وليس الأمر في الواقع على ما يقتضيه هذا الظاهر بل قول بن عباس المذكور إنما كان يقوله عند ما يحدث بهذا الحديث ففي رواية معمر عند المصنف في الاعتصام وغيره قال عبيد الله فكان بن عباس يقول وكذا لأحمد من طريق جرير بن حازم عن يونس بن يزيد وجزم بن تيميه في الرد على الرافضي بما قلته وكل من الأحاديث يأتي بسط القول فيه في مكانه اللائق به الا حديث عبد الله بن عمرو فهو عمدة الباب ووجه رواية حديث الباب أن بن عباس لما حدث عبيد الله بهذا الحديث خرج من المكان الذي كان به وهو يقول ذلك ويدل عليه رواية أبي نعيم في المستخرج قال عبيد الله فسمعت بن عباس يقول الخ وإنما تعين حمله على غير ظاهره لأن عبيد الله تابعي من الطبقة الثانية لم يدرك القصة في وقتها لأنه ولد بعد النبي صلى الله عليه وسلم بمدة طويلة ثم سمعها من بن عباس بعد ذلك بمدة أخرى والله أعلم قوله الرزيئة هي بفتح الراء وكسر الزاي بعدها ياء ثم همزة وقد تسهل الهمزة وتشدد الياء ومعناها المصيبة وزاد في رواية معمر لاختلافهم ولغطهم أي أن الاختلاف كان سببا لترك كتابة الكتاب وفي الحديث دليل على جواز كتابة العلم وعلى أن الاختلاف قد يكون سببا في حرمان الخير كما وقع في قصة الرجلين اللذين تخاصما فرفع تعيين ليلة القدر بسبب ذلك وفيه وقوع الاجتهاد بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم فيما لم ينزل عليه فيه وسنذكر بقية ما يتعلق به في أو اخر السيرة النبويه من كتاب المغازي إن شاء الله تعالى

فتح الباري ج8/ص132

الحديث الخامس

4168 قوله يوم الخميس هو خبر لمبتدأ محذوف أو عكسه وقوله وما يوم الخميس يستعمل عند إرادة تفخيم الأمر في الشدة والتعجب منه زاد في أواخر الجهاد من هذا الوجه ثم بكى حتى خضب دمعه الحصي ولمسلم من طريق طلحة بن مصرف عن سعيد بن جبير ثم جعل تسيل دموعه حتى رأيتها على خديه كأنها نظام اللؤلؤ وبكاء بن عباس يحتمل لكونه تذكر وفاة رسول الله فتجدد له الحزن عليه ويحتمل أن يكون أنضاف إلى ذلك ما فات في معتقده من الخير الذي كان يحصل لو كتب ذلك الكتاب ولهذا أطلق في الرواية الثانية أن ذلك رزية ثم بالغ فيها فقال كل الرزية وقد تقدم في كتاب العلم الجواب عمن أمتنع من ذلك كعمر رضي الله عنه قوله اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه زاد في الجهاد يوم الخميس وهذا يؤيد أن ابتداء مرضه كان قبل ذلك ووقع في الرواية الثانية لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم بضم الحاء المهملة وكسر الضاد المعجمة أي حضره الموت وفي إطلاق

فتح الباري ج8/ص133

ذلك تجوز فإنه عاش بعد ذلك إلى يوم الإثنين قوله كتابا قيل هو تعيين الخليفة بعده وسيأتي شيء من ذلك في كتاب الأحكام في باب الاستخلاف منه قوله لن تضلوا في رواية الكشميهني لا تضلون وتقدم في العلم وكذا في الرواية الثانية وتقدم توجيهه قوله ولا ينبغي عند نبي تنازع هو من جملة الحديث المرفوع ويحتمل أن يكون مدرجا من قول بن عباس والصواب الأول وقد تقدم في العلم بلفظ لا ينبغي عندي التنازع قوله فقالوا ما شأنه أهجر بهمزة لجميع رواة البخاري وفي الرواية التي في الجهاد بلفظ فقالوا هجر بغير همزة ووقع للكشميهني هناك فقالوا هجر هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعاد هجر مرتين قال عياض معنى أهجر أفحش يقال هجر الرجل إذا هذى وأهجر إذا أفحش وتعقب بأنه يستلزم أن يكون بسكون الهاء والروايات كلها إنما هي بفتحها وقد تكلم عياض وغيره على هذا الموضع فأطالوا ولخصه القرطبي تلخيصا حسنا ثم لخصته من كلامه وحاصله أن قوله هجر الراجح فيه إثبات همزة الاستفهام وبفتحات على أنه فعل ماض قال ولبعضهم أهجرا بضم الهاء وسكون الجيم والتنوين على أنه مفعول بفعل مضمر أي قال هجرا والهجر بالضم ثم السكون الهذيان والمراد به هنا ما يقع من كلام المريض الذي لا ينتظم ولا يعتد به لعدم فائدته ووقوع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم مستحيل لأنه معصوم في صحته ومرضه لقوله تعالى وما ينطق عن الهوى ولقوله صلى الله عليه وسلم إني لا أقول في الغضب والرضا إلا حقا وإذا عرف ذلك فإنما قاله من قاله منكرا على من توقف في امتثال أمره بإحضار الكتف والدواة فكأنه قال كيف تتوقف أتظن أنه كغيره يقول الهذيان في مرضه امتثل أمره وأحضره ما طلب فإنه لا يقول إلا الحق قال هذا أحسن الاجوبه قال ويحتمل أن بعضهم قال ذلك عن شك عرض له ولكن يبعده أن لا ينكره الباقون عليه مع كونهم من كبار الصحابة ولو أنكروه عليه لنقل ويحتمل أن يكون الذي قال ذلك صدر عن دهش وحيرة كما أصاب كثيرا منهم عند موته وقال غيره ويحتمل أن يكون قائل ذلك أراد أنه أشتد وجعه فأطلق اللازم وأراد الملزوم لأن الهذيان الذي يقع للمريض ينشأ عن شدة وجعه وقيل قال ذلك لإرادة سكوت الذين لغطوا ورفعوا أصواتهم عنده فكأنه قال إن ذلك يؤذيه ويفضى في العادة إلى ما ذكر ويحتمل أن يكون قوله أهجر فعلا ماضيا من الهجر بفتح الهاء وسكون الجيم والمفعول محذوف أي الحياة وذكره بلفظ الماضي مبالغة لما رأى من علامات الموت قلت ويظهر لي ترجيح ثالث الاحتمالات التي ذكرها القرطبي ويكون قائل ذلك بعض من قرب دخوله في الإسلام وكان يعهد أن من أشتد عليه الوجع قد يشتغل به عن تحرير ما يريد أن يقوله لجواز وقوع ذلك ولهذا وقع في الرواية الثانية فقال بعضهم إنه قد غلبه الوجع ووقع عند الإسماعيلي من طريق محمد بن خلاد عن سفيان في هذا الحديث فقالوا ما شأنه يهجر استفهموه وعن بن سعد من طريق أخرى عن سعيد بن جبير أن نبي الله ليهجر ويؤيده أنه بعد أن قال ذلك استفهموه بصيغة الأمر بالاستفهام أي اختبروا أمره بأن يستفهموه عن هذا الذي أراده وابحثوا معه في كونه الأولى أولا وفي قوله في الرواية الثانية فاختصموا فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم ما يشعر بأن بعضهم كان مصمما على الامتثال والرد على من أمتنع منهم ولما وقع منهم الاختلاف ارتفعت البركة كما جرت العادة بذلك عند وقوع التنازع والتشاجر وقد مضى في الصيام أنه صلى الله عليه وسلم خرج يخبرهم بليلة القدر فرأى رجلين يختصمان فرفعت قال المازري إنما جاز للصحابة الاختلاف في هذا الكتاب مع صريح أمره لهم بذلك لأن الاوامر قد

فتح الباري ج8/ص134

يقارنها ما ينقلها من الوجوب فكأنه ظهرت منه قرينة دلت على أن الأمر ليس على التحتم بل على الاختيار فاختلف اجتهادهم وصمم عمر على الامتناع لما قام عنده من القرائن بأنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك عن غير قصد جازم وعزمه صلى الله عليه وسلم كان إما بالوحي وإما بالاجتهاد وكذلك تركه إن كان بالوحي فبالوحي وإلا فبالاجتهاد أيضا وفيه حجة لمن قال بالرجوع إلى الاجتهاد في الشرعيات وقال النووي اتفق قول العلماء على أن قول عمر حسبنا كتاب الله من قوة فقهه ودقيق نظره لأنه خشي أن يكتب أمورا ربما عجزوا عنها فاستحقوا العقوبة لكونها منصوصة وأراد أن لا ينسد باب الاجتهاد على العلماء وفي تركه صلى الله عليه وسلم الإنكار على عمر إشارة إلى تصويبه رأيه وأشار بقوله حسبنا كتاب الله إلى قوله تعالى ما فرطنا في الكتاب من شيء ويحتمل أن يكون قصد التخفيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى ما هو فيه من شدة الكرب وقامت عنده قرينة بأن الذي أراد كتابته ليس مما لا يستغنون عنه إذ لو كان من هذا القبيل لم يتركه صلى الله عليه وسلم لأجل اختلافهم ولا يعارض ذلك قول بن عباس إن الرزية الخ لأن عمر كان أفقه منه قطعا وقال الخطابي لم يتوهم عمر الغلط فيما كان النبي صلى الله عليه وسلم يريد كتابته بل امتناعه محمول على أنه لما رأى ما هو فيه من الكرب وحضور الموت خشي أن يجد المنافقون سبيلا إلى الطعن فيما يكتبه وإلى حمله على تلك الحالة التي جرت العادة فيها بوقوع بعض ما يخالف الاتفاق فكان ذلك سبب توقف عمر لا أنه تعمد مخالفة قول النبي صلى الله عليه وسلم ولا جواز وقوع الغلط عليه حاشا وكلا وقد تقدم شرح حديث بن عباس في أواخر كتاب العلم وقوله وقد ذهبوا يردون عنه يحتمل أن يكون المراد يردون عليه أي يعيدون عليه مقالته ويستثبتونه فيها ويحتمل أن يكون المراد يردون عنه القول المذكور على من قاله قوله فقال دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه قال بن الجوزي وغيره يحتمل أن يكون المعنى دعوني فالذي أعاينه من كرامة الله التي أعدها لي بعد فراق الدنيا خير مما أنا فيه في الحياة أو أن الذي أنا فيه من المراقبة والتأهب للقاء الله والتفكر في ذلك ونحوه أفضل من الذي تسألونني فيه من المباحثة عن المصلحة في الكتابة أو عدمها ويحتمل أن يكون المعنى فإن امتناعي من أن أكتب لكم خير مما تدعونني إليه من الكتابة قلت ويحتمل عكسه أي الذي أشرت عليكم به من الكتابة خير مما تدعونني إليه من عدمها بل هذا هو الظاهر وعلى الذي قبله كان ذلك الأمر اختبارا وامتحانا فهدى الله عمر لمراده وخفي ذلك على غيره وأما قول بن بطال عمر أفقه من بن عباس حيث اكتفى بالقرآن ولم يكتف بن عباس به وتعقب بأن إطلاق ذلك مع ما تقدم ليس بجيد فإن قول عمر حسبنا كتاب الله لم يرد أنه يكتفى به عن بيان السنة بل لما قام عنده من القرينة وخشى من الذي يترتب على كتابة الكتاب مما تقدمت الإشارة إليه فرأى أن الاعتماد على القرآن لا يترتب عليه شيء مما خشيه وأما بن عباس فلا يقال في حقه لم يكتف بالقرآن مع كونه حبر القرآن وأعلم الناس بتفسيره وتأويله ولكنه أسف على ما فاته من البيان بالتنصيص عليه لكونه أولى من الاستنباط والله أعلم وسيأتي في كفارة المرض في هذا الحديث زيادة لابن عباس وشرحها إن شاء الله تعالى قوله وأوصاهم بثلاث أي في تلك الحالة وهذا يدل على أن الذي أراد أن يكتبه لم يكن أمرا متحتما لأنه لو كان مما أمر بتبليغه لم يكن يتركه لوقوع اختلافهم ولعاقب الله من حال بينه وبين تبليغه ولبلغه لهم لفظا كما أوصاهم بإخراج المشركين وغير ذلك وقد عاش بعد هذه المقالة أياما وحفظوا عنه أشياء لفظا فيحتمل أن يكون مجموعها ما أراد أن يكتبه والله أعلم وجزيرة العرب تقدم بيانها في كتاب الجهاد وقوله أجيزوا

فتح الباري ج8/ص135

الوفد أي اعطوهم والجائزة العطية وقيل أصله أن ناسا وفدوا على بعض الملوك وهو قائم على قنطرة فقال اجيزوهم فصاروا يعطون الرجل ويطلقونه فيجوز على القنطرة متوجها فسميت عطية من يقدم على الكبير جائزة وتستعمل أيضا في إعطاء الشاعر على مدحه ونحو ذلك وقوله بنحو ما كنت أجيزهم أي بقريب منه وكانت جائزة الواحد على عهده صلى الله عليه وسلم وقيه من فضة وهي أربعون درهما قوله وسكت عن الثالثة أو قال فنسيتها يحتمل أن يكون القائل ذلك هو سعيد بن جبير ثم وجدت عند الإسماعيلي التصريح بأن قائل ذلك هو بن عيينة وفي مسند الحميدي ومن طريقه أبو نعيم في المستخرج قال سفيان قال سليمان أي بن أبي مسلم لا أدري أذكر سعيد بن جبير الثالثة فنسيتها أو سكت عنها وهذا هو الارجح قال الداودي الثالثة الوصية بالقرآن وبه جزم بن التين وقال المهلب بل هو تجهيز جيش أسامة وقواه بن بطال بأن الصحابة لما اختلفوا على أبي بكر في تنفيذ جيش أسامة قال لهم أبو بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم عهد بذلك عند موته وقال عياض يحتمل أن تكون هي قوله ولا تتخذوا قبري وثنا فإنها ثبتت في الموطأ مقرونة بالأمر بإخراج اليهود ويحتمل أن يكون ما وقع في حديث أنس أنها قوله الصلاة وما ملكت أيمانكم قوله في الرواية الثانية

4169 فاختلف أهل البيت أي من كان في البيت من الصحابة ولم يرد أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم قوله فيها فقال قوموا زاد بن سعد من وجه آخر فقال قوموا عني

الحديث السادس

شرح النووي على صحيح مسلم ج11/ص89

والله أعلم قوله 1637 عن بن عباس يوم الخميس وما يوم الخميس معناه تفخيم أمره في الشدة والمكروه فيما يعتقده بن عباس وهو امتناع الكتاب ولهذا قال بن عباس الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب هذا الكتاب هذا مراد بن عباس وإن كان الصواب ترك الكتاب كما سنذكره إن شاء الله تعالى قوله صلى الله عليه وسلم حين اشتد وجعه ائتوني بالكتف والدواة أو اللوح والدواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فقالوا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يهجر وفي رواية فقال عمر رضي الله عنه

شرح النووي على صحيح مسلم ج11/ص90

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله فاختلف أهل البيت فاختصموا ثم ذكر أن بعضهم أراد الكتاب وبعضهم وافق عمر وأنه لما أكثروا اللغو والاختلاف قال النبي صلى الله عليه وسلم قوموا أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الكذب ومن تغيير شيء من الأحكام الشرعية في حال صحته وحال مرضه ومعصوم من ترك بيان ما أمر ببيانه وتبليغ ما أوجب الله عليه تبليغه وليس معصوما من الأمراض والاسقام العارضة للأجسام ونحوها مما لا نقص فيه لمنزلته ولا فساد لما تمهد من شريعته وقد سحر صلى الله عليه وسلم حتى صار يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يكن فعله ولم يصدر منه صلى الله عليه وسلم وفي هذا الحال كلام في الأحكام مخالف لما سبق من الأحكام التي قررها فإذا علمت ما ذكرناه فقد اختلف العلماء في الكتاب الذي هم النبي صلى الله عليه وسلم به فقيل أراد أن ينص على الخلافة في إنسان معين لئلا يقع نزاع وفتن وقيل أراد كتابا يبين فيه مهمات الأحكام ملخصة ليرتفع النزاع فيها ويحصل الاتفاق على المنصوص عليه وكان النبي صلى الله عليه وسلم هم بالكتاب حين ظهر له أنه مصلحة أو أوحى إليه بذلك ثم ظهر أن المصلحة تركه أو أوحى إليه بذلك ونسخ ذلك الأمر الأول وأما كلام عمر رضي الله عنه فقد اتفق العلماء المتكلمون في شرح الحديث على أنه من دلائل فقه عمر وفضائله ودقيق نظره لأنه خشى أن يكتب صلى الله عليه وسلم أمورا ربما عجزوا عنها واستحقوا العقوبة عليها لأنها منصوصة لا مجال للاجتهاد فيها فقال عمر حسبنا كتاب الله لقوله تعالى ما فرطنا في الكتاب من شيء وقوله اليوم أكملت لكم دينكم فعلم أن الله تعالى أكمل دينه فأمن الضلال على الأمة وأراد الترفيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان عمر أفقه من بن عباس وموافقيه قال الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي في أواخر كتابه دلائل النبوة إنما قصد عمر التخفيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غلبه الوجع ولو كان مراده صلى الله عليه وسلم أن يكتب مالا يستغنون عنه لم يتركه لاختلافهم ولا لغيره لقوله تعالى بلغ ما أنزل إليك كما لم يترك تبليغ غير ذلك لمخالفة من خالفه ومعاداة من عاداه وكما أمر في ذلك الحال باخراج اليهود من جزيرة العرب وغير ذلك مما ذكره في الحديث قال البيهقي وقد حكى سفيان بن عيينة عن أهل العلم قبله أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب استخلاف أبي بكر رضي الله عنه ثم ترك ذلك اعتمادا على ما علمه من تقدير الله

شرح النووي على صحيح مسلم ج11/ص91

تعالى ذلك كما هم بالكتاب في أول مرضه حين قال وارأساه ثم ترك الكتاب وقال يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر ثم نبه أمته على استخلاف أبي بكر بتقديمه إياه في الصلاة قال البيهقي وإن كان المراد بيان أحكام الدين ورفع الخلاف فيها فقد علم عمر حصول ذلك لقوله تعالى اليوم أكملت لكم دينكم وعلم أنه لا تقع واقعة إلى يوم القيامة إلا وفي الكتاب أو السنة بيانها نصا أو دلالة وفي تكلف النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه مع شدة وجعه كتابة ذلك مشقة ورأى عمر الاقتصار على ما سبق بيانه إياه نصا أو دلالة تخفيفا عليه ولئلا ينسد باب الاجتهاد على أهل العلم والاستنباط والحاق الفروع بالأصول وقد كان سبق قوله صلى الله عليه وسلم إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر وهذا دليل على أنه وكل بعض الأحكام إلى اجتهاد العلماء وجعل لهم الأجر على الإجتهاد فرأى عمر الصواب تركهم على هذه الجملة لما فيه من فضيلة العلماء بالاجتهاد مع التخفيف عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي تركه صلى الله عليه وسلم الانكار على عمر دليل على استصوابه قال الخطابي ولا يجوز أن يحمل قول عمر على أنه توهم الغلط على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ظن به غير ذلك مما لا يليق به بحال لكنه لما رأى ما غلب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوجع وقرب الوفاة مع ما اعتراه من الكرب خاف أن يكون ذلك القول مما يقوله المريض مما لا عزيمة له فيه فتجد المنافقون بذلك سبيلا إلى الكلام في الدين وقد كان أصحابه صلى الله عليه وسلم يراجعونه في بعض الأمور قبل أن يجزم فيها بتحتيم كما راجعوه يوم الحديبية في الخلاف وفي كتاب الصلح بينه وبين قريش فأما إذا أمر بالشيء أمر عزيمة فلا يراجعه فيه أحد منهم قال وأكثر العلماء على أنه يجوز عليه الخطأ فيما لم ينزل عليه وقد أجمعوا كلهم على أنه لا يقر عليه قال ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم وإن كان الله تعالى قد رفع درجته فوق الخلق كلهم فلم ينزهه عن سمات الحدث والعوارض البشرية وقد سهى في الصلاة فلا ينكر أن يظن به حدوث بعض هذه الأمور في مرضه فيتوقف في مثل هذا الحال حتى تتبين حقيقته فلهذه المعاني وشبهها راجعه عمر رضي الله عنه قال الخطابي وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال اختلاف أمتي رحمة فاستصوب عمر ما قاله قال وقد اعترض على حديث اختلاف أمتي رحمة رجلان أحدهما مغموض عليه في دينه وهو عمرو بن بحر الجاحظ والآخر معروف بالسخف والخلاعة وهو إسحاق بن ابراهيم الموصلي فإنه لما

شرح النووي على صحيح مسلم ج11/ص92

وضع كتابه في الأغاني وأمكن في تلك الأباطيل لم يرض بما تزود من اثمها حتى صدر كتابه بذم أصحاب الحديث وزعم أنهم يروون مالا يدرون وقال هو والجاحظ لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق عذابا ثم زعم أنه إنما كان اختلاف الأمة رحمة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم خاصة فإذا اختلفوا سألوه فبين لهم والجواب عن هذا الاعتراض الفاسد أنه لا يلزم من كون الشيء رحمة أن يكون ضده عذابا ولا يلتزم هذا ويذكره الا جاهل او متجاهل وقد قال الله تعالى ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه فسمى الليل رحمة ولم يلزم من ذلك أن يكون النهار عذابا وهو ظاهر لا شك فيه قال الخطابي والاختلاف في الدين ثلاثة أقسام أحدها في اثبات الصانع ووحدانيته وانكار ذلك كفر والثاني في صفاته ومشيئته وانكارها بدعة والثالث في أحكام الفروع المحتملة وجوها فهذا جعله الله تعالى رحمة وكرامة للعلماء وهو المراد بحديث اختلاف أمتي رحمة هذا آخر كلام الخطابي رحمة الله وقال المازري أن قيل كيف جاز للصحابة الاختلاف في هذا الكتاب مع قوله صلى الله عليه وسلم ائتوني أكتب وكيف عصوه في أمره فالجواب أنه لا خلاف أن الأوامر تقارنها قرائن تنقلها من الندب إلى الوجوب عند من قال أصلها للندب ومن الوجوب إلى الندب عند من قال أصلها للوجوب وتنقل القرائن أيضا صيغة أفعل إلى الإباحة وإلى التخيير وإلى غير ذلك من ضروب المعاني فلعله ظهر منه صلى الله عليه وسلم من القرائن مادل على أنه لم يوجب عليهم بل جعله إلى اختيارهم فاختلف اختيارهم بحسب اجتهادهم وهو دليل على رجوعهم إلى الاجتهاد في الشرعيات فإدى عمر رضي الله عنه اجتهاده إلى الامتناع من هذا ولعله اعتقد أن ذلك صدرمنه صلى الله عليه وسلم من غير قصد جازم وهو المراد بقولهم هجر وبقول عمر غلب عليه الوجع وما قارنه من القرائن الدالة على ذلك على نحو ما يعهدونه من أصوله صلى الله عليه وسلم في تبليغ الشريعة وأنه يجري مجرى غيره من طرق التبليغ المعتادة منه صلى الله عليه وسلم فظهر ذلك لعمر دون غيره فخالفوه ولعل عمر خاف أن المنافقين قد يتطرقون إلى القدح فيما اشتهر من قواعد الإسلام وبلغه صلى الله عليه وسلم الناس بكتاب يكتب في خلوة وآحاد ويضيفون إليه شيئا لشبهوا به على الذين في قلوبهم مرض ولهذا قال عندكم القرآن حسبنا كتاب الله وقال القاضي عياض وقوله أهجر رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا هو في صحيح مسلم وغيره أهجر على الاستفهام وهو

شرح النووي على صحيح مسلم ج11/ص93

أصح من رواية من روى هجر ويهجر لأن هذا كله لا يصح منه صلى الله عليه وسلم لأن معنى هجر هذي وإنما جاء هذا من قائلة استفهاما للإنكار على من قال لا تكتبوا أي لا تتركوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجعلوه كأمر من هجر في كلامه لأنه صلى الله عليه وسلم لا يهجر وإن صحت الروايات الأخرى كانت خطأ من قائلها قالها بغير تحقيق بل لما أصابه من الحيرة والدهشة لعظيم ما شاهده من النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الحالة الدالة على وفاته وعظيم المصاب به وخوف الفتن والضلال بعده وأجرى الهجر مجرى شدة الوجع وقول عمر رضي الله عنه حسبنا كتاب الله رد على من نازعه لا على أمر النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم قوله صلى الله عليه وسلم دعوني فالذي أنا فيه خير معناه دعوني من

عمدة القاري ج2/ص171

واختلف العلماء في الكتاب الذي همَّ صلى الله عليه وسلم بكتابته قال الخطابي يحتمل وجهين أحدهما أنه أراد أن ينص على الإمامة بعده فترتفع تلك الفتن العظيمة كحرب الجمل وصفين وقيل أراد أن يبين كتابا فيه مهمات الأحكام ليحصل الاتفاق على المنصوص عليه ثم ظهر للنبي صلى الله عليه وسلم أن المصلحة تركه أو أوحي إليه به وقال سفيان بن عيينة أراد أن ينص على أسامي الخلفاء بعده حتى لا يقع منهم الاختلاف ويؤيده أنه عليه الصلاة والسلام قال في أوائل مرضه وهو عند عائشة رضي الله عنها ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب كتابا فإني أخاف أن يتمنى متمني ويقول قائل ويأبى الله والمؤمنون إلاَّ أبا بكر أخرجه مسلم وللبخاري معناه ومع ذلك فلم يكتب قوله قال عمر رضي الله عنه إن رسول الله عليه الصلاة والسلام غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا قال النووي كلام عمر رضي الله عنه هذا مع علمه وفضله لأنه خشي أن يكتب أمورا فيعجزوا عنها فيستحقوا العقوبة عليها لأنها منصوصة لا مجال للاجتهاد فيها وقال البيهقي قصد عمر رضي الله عنه التخفيف على النبي عليه الصلاة والسلام حين غلبه الوجع ولو كان مراده عليه الصلاة والسلام أن يكتب ما لا يستغنون عنه لم يتركهم لاختلافهم وقال البيهقي وقد حكى سفيان بن عيينة عن أهل العلم قيل إن النبي عليه الصلاة والسلام أراد أن يكتب استخلاف أبي بكر رضي الله عنه ثم ترك ذلك اعتمادا على ما علمه من تقدير الله تعالى وذلك كما همَّ في أول مرضه حين قال وارأساه ثم ترك الكتاب وقال يأبي الله والمؤمنون إلا أبا بكر ثم قدمه في الصلاة وقد كان سبق منه قوله عليه السلام إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد وأخطأ فله أجر وفي تركه صلى الله عليه وسلم الإنكار على عمر رضي الله عنه دليل على استصوابه فإن قيل كيف جاز لعمر رضي الله عنه أن يعترض على ما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام قيل له قال الخطابي لا يجوز أن يحمل قوله أنه توهم الغلط عليه أو ظن به غير ذلك مما لا يليق به بحاله لكنه لما رأى ما غلب عليه من الوجع وقرب الوفاة خاف أن يكون ذلك القول مما يقوله المريض مما لا عزيمة له فيه فيجد المنافقون بذلك سبيلاً إلى الكلام في الدين وقد كانت الصحابة رضي الله عنهم يراجعون النبي عليه الصلاة والسلام في بعض الأمور قبل أن يجزم فيها كما راجعوه يوم الحديبية وفي الخلاف وفي الصلح بينه وبين قريش فإذا أمر بالشيء أمر عزيمة فلا يراجعه أحد قال وأكثر العلماء على أنه يجوز عليه الخطأ فيما لم ينزل عليه فيه الوحي وأجمعوا كلهم على أنه لا يقر عليه قال ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم وإن كان قد رفع درجته فوق الخلق كلهم فلم يتنزه من العوارض البشرية فقد سها في الصلاة فلا ينكر أن يظن به حدوث بعض هذه الأمور في مرضه فيتوقف في مثل هذه الحال حتى يتبين حقيقته فلهذه المعاني وشبهها توقف عمر رضي الله عنه وأجاب المازري عن السؤال بأنه لا خلاف أن الأوامر قد تقترن بها قرائن تصرفها من الندب إلى الوجوب وعكسه عند من قال إنها للوجوب وإلى الإباحة وغيرها من المعاني فلعله ظهر من القرائن ما دل على أنه لم يوجب ذلك عليهم بل جعله إلى اختيارهم ولعله اعتقد أنه صدر ذلك منه عليه الصلاة والسلام من غير قصد جازم فظهر ذلك لعمر رضي الله عنه دون غيره وقال القرطبي ائتوني أمر وكان حق المأمور أن يبادر للامتثال لكن ظهر لعمر رضي الله عنه وطائفة أنه ليس على الوجوب وأنه من باب الإرشاد إلى الأصلح فكرهوا أن يكلفوه من ذلك ما يشق عليه في تلك الحالة مع استحضارهم قوله تعالى ما فرطنا في الكتاب من شيء

عمدة القاري ج2/ص172

الأنعام 38 وقوله تعالى تبيانا لكل شيء النحل 89 ولهذا قال عمر رضي الله عنه حسبنا كتاب الله وظهر لطائفة أخرى أن الأولى أن يكتب لما فيه من امتثال أمره وما يتضمنه من زيادة الإيضاح ودل أمره لهم بالقيام على أن أمره الأول كان على الاختيار ولهذا عاش عليه الصلاة والسلامغ بعد ذلك أياما ولم يعاود أمرهم بذلك ولو كان واجبا لم يتركه لاختلافهم لأنه لم يترك التكليف لمخالفة من خالف والله أعلم

قوله عندي وفي بعض النسخ عني أي عن جهتي قوله ولا ينبغي عندي التنازع فيه إشعار بأن الأولى كان المبادرة إلى امتثال الأمر وإن كان ما اختاره عمر رضي الله عنه صوابا قوله فخرج ابن عباس يقول ظاهره أن ابن عباس رضي الله عنه كان معهم وأنه في تلك الحالة خرج قائلاً هذه المقالة وليس الأمر في الواقع على ما يقتضيه هذا الظاهر بل قول ابن عباس إنما كان يقول عند ما يتحدث بهذا الحديث ففي رواية معمر في البخاري في الاعتصام وغيره قال عبيد الله فكان ابن عباس يقول وكذا لأحمد من طريق جرير بن حازم عن يونس بن يزيد ووجه رواية حديث الباب أن ابن عباس لما حدث عبيد الله بهذا الحديث خرج من المكان الذي كان به وهو يقول ذلك ويدل عليه ما رواه أبو نعيم في المستخرج قال عبيد الله فسمعت ابن عباس يقول الخ وإنما تعين حمله على غير ظاهره لأنه عبيد الله تابعي من الطبقة الثانية لم يدرك القصة في وقتها لأنه ولد بعد النبي عليه الصلاة والسلام بمدة طويلة ثم سمعها من ابن عباس بعد ذلك بمدة أخرى

بيان استنباط الأحكام الأول فيه بطلان ما يدعيه الشيعة من وصاية رسول الله عليه الصلاة والسلام بالإمامة لأنه لو كان عند علي رضي الله عنه عهد من رسول الله عليه الصلاة والسلام لأحال عليها الثاني فيه ما يدل على فضيلة عمر رضي الله عنه وفقهه الثالث في قوله ائتوني بكتاب أكتب لكم دلالة على أن للإمام أن يوصي عند موته بما يراه نظرا للأمة الرابع في ترك الكتاب إباحة الاجتهاد لأنه وكلهم إلى أنفسهم واجتهادهم الخامس فيه جواز الكتابة والباب معقود عليه

40

بابُ العِلْمِ والعِظَةِ باللَّيْلِ

عمدة القاري ج14/ص298

قوله يوم الخميس خبر المبتدأ المحذوف أو بالعكس نحو يوم الخميس يوم الخميس نحو أنا أنا والغرض منه تفخيم أمره في الشدة والمكروه قوله وما يوم الخميس أي أي يوم يوم الخميس وهذا أيضاً لتعظيم أمره في الذي وقع فيه قوله حتى خضب أي رطب وبلل قوله فتنازعوا وقد مر في كتاب العلم في باب كتابة العلم بعض هذا الحديث عن ابن عباس وفيه ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده قال عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا فاختلفوا وكثر اللغظ قال قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع الحديث وهذا يوضح معنى قوله فتنازعوا قوله ولا ينبغي عند نبي تنازع قال الكرماني لفظ ولا ينبغي إما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وإما قول ابن عباس والسياق يحتملهما والموافق لسائر الروايات الأولى قلت لا حاجة إلى هذا الترديد لأنه صلى الله عليه وسلم صرح في الحديث الذي سبق في كتاب العلم بقوله ولا ينبغي عندي التنازع والعجب منه ذلك مع أنه قال ومر شرح الحديث في باب كتابة العلم قوله أهجر ويروى هجر بدون الهمزة أطلق بلفظ الماضي لما رأوا فيه من علامات الهجرة عن دار الفناء وقال ابن بطال قالوا هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم أي اختلط وأهجر إذا أفحش وقال ابن التين يقال هجر العليل إذا هذى يهجر هجراً بالفتح والهجر بالضم الإفحاش وقال ابن دريد يقال هجر الرجل في المنطق إذا تكلم بما لا معنى له وأهجر إذا أفحش قلت هذه العبارات كلها فيها ترك الأدب والذكر بما لا يليق بحق النبي صلى الله عليه وسلم ولقد أفحش من أتى بهذه العبارة فانظر إلى ما قال النووي أهجر بهمزة الاستفهام الإنكاري أي أنكروا على من قال لا تكتبوا أي لا تجعلوه كأمر من هذي في كلامه وإن صح بدون الهمزة فهو أنه لما أصابته الحيرة والدهشة لعظم ما شاهد من هذه الحالة الدالة

عمدة القاري ج14/ص299

على وفاته وعظم المصيبة أجرى الهجر مجرى شدة الوجع وقال الكرماني وأقول هو مجاز لأن الهذيان الذي للمريض مستلزم لشدة وجعه فأطلق الملزوم وأريد اللازم قلت لو كان بتحسين العبارة لكان أولى قوله دعوني أي اتركوني ولا تنازعوا عندي فإن الذي أن فيه من المراقبة والتأهب للقاء الله تعالى والفكر في ذلك ونحوه أفضل مما تدعوني إليه من الكتابة ونحوها قوله أخرجوا المشركين من جزيرة العرب أخرجوا أمر من الإخراج ولم يتفرغ أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه لذلك فأجلاهم عمر رضي الله تعالى عنه قيل كانوا أربعين

المتواري على أبواب البخاري ج1/ص411

وفيه ابن عباس لمّا حضر النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب - فقال هلمّ أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده قال عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم

المتواري على أبواب البخاري ج1/ص412

غلبه الوجع وعندكم القرآن فحسبنا كتاب الله عزّو جلّ واختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول قرّبوا يكتب لكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتاباً لن تضلّوا بعده ومنهم من يقول ما قال عمر فلمّا كثر اللغط والاختلاف عند النبي - صلى الله عليه وسلم - قال قوموا عنىّ فكان ابن عباس يقول إن الرزيّة كل الرزّية ما حال بين أن يكتب لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكتاب من أجل اختلافهم ولغطهم قلت رضي الله عنك قصد بهذه الترجمة التنبيه على أن المخالفة التي وقعت أحياناً لما طلب منهم لم تكن عدولاً عن الاعتصام إذ لم يخالفوا واجباً ولم يؤثر عنهم ذلك وصور المخالفة فهموا فيها عدم العزم عليهم وتمكينهم من بعض الخيرة وهذا في الحقيقة ليس خلافاً ولكنه إخبار لما كان لهم فيه خيار وإن كان العلماء المحققون أنكروا اجتماع الطلبة والخيرة ولو كان الطلب ندباً وعدّوا ذلك تناقضاً لا سبيل إليه شرعاً ولا يوجد من العلماء من أجاز ذلك وهو نفس البخاري والله سبحانه وتعالى أعلم

الإحكام لابن حزم ج7/ص423

واحتجوا بإجماع الأمة على تقديم أبي بكر إلى الخلافة وأن ذلك قياس على تقديم النبي صلى الله عليه وسلم له إلى الصلاة وأن عمر قال للأنصار ارضوا لإمامتكم من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاتكم وهي عظم دينكم

قال أبو محمد وهذا من الباطل الذي لا يحل ولو لم يكن في تقديم أبي بكر حجة إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استخلف عليا على المدينة في غزوة تبوك

وهي آخر غزواته عليه السلام

فقياس الاستخلاف على الاستخلاف اللذين يدخل فيهما الصلاة والأحكام أولى من قياس الاستخلاف على الصلاة وحدها

فإن قالوا إن استخلاف النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر هو آخر فعله

قيل لهم وبالله تعالى التوفيق إن عليا لم ينحط فضله بعد أن استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة في غزوة تبوك

بل زاد خيرا بلا شك

فلم يكن استخلاف النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر على الصلاة لأجل نقيصة حدثت في علي لم تكن فيه إذا استخلفه على تبوك

كما لم يكن استخلافه عليه السلام عليا على المدينة في عام تبوك لأنه كان أفضل من أبي بكر فليس استخلاف أبي بكر على الصلاة حاطا لعلي

وإنما العلماء في خلافة أبي بكر على قولين أحدهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نص عليه وولاه

الإحكام لابن حزم ج7/ص424

خلافته على الأمة وأقامه بعد موته مقامه صلى الله عليه وسلم في النظر عليه ولها وجعله أميرا على جميع المؤمنين بعد وفاته صلى الله عليه وسلم

وهذا هو قولنا الذي ندين الله تعالى به

ونلقاه إن شاء الله تعالى عليه مقرونا منا بشهادة التوحيد

وحجتنا الواضحة في ذلك إجماع الأمة حينئذ جميعا على أن سموه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كانوا أرادوا ذلك أنه خليفة على الصلاة لكان أبو بكر مستحقا لهذا الاسم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم والأمة كلها مجمعة على أنه لم يستحق أبو بكر هذا الاسم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه إنما استحقه بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم إذ ولي خلافته على الحقيقة

وأيضا فلو كان المراد بتسميتهم إياه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصلاة لا على الأمة لما كان بهذا الاسم في ذلك الوقت أولى من أبي زهم وابن أم مكتوم وعلي فكل هؤلاء فقد استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة ولا من عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس وقد استخلفه صلى الله عليه وسلم على مكة ولا من عثمان بن أبي العاص الثقفي فقد استخلفه صلى الله عليه وسلم على الطائف ولا من خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس فقد استخلفه صلى الله عليه وسلم على صنعاء

فلما اتفقت الأمة كلها على أنه لا يسمى أحد ممن ذكرنا خليفة رسول الله لا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولا بعد موته يسمى بذلك علي إذ ولي الخلافة علمنا ضرورة أنه سمي أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه استخلفه على الخلافة التامة بعد موته في ولاية جميع أمور الأمة وهذا بين

وبالله تعالى التوفيق

ومعنى خليفة فعيلة من مخلوف وهذا الهاء للمبالغة كقولك عقير وعقيرة منقول عن معقورة فهذا قول

والقول الثاني أنه إنما قدمه المسلمون لأنه كان أفضلهم وحكم الإمامة أن يكون في الأفضل

واحتجوا بامتناع الأنصار في أول الأمر وبقول عمر إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني وإن لا أستخلف فلم يستخلف من هو خير مني يعني النبي صلى الله عليه وسلم

قال أبو محمد وهذا لا حجة لهم فيه بل بعضه عائد عليهم لأن الأنصار لم يكونوا

الإحكام لابن حزم ج7/ص425

ليتركوا رأيهم وهم أهل الدار والمنعة السابقة الذين لم يبالوا بمخالفة أهل المشرق والمغرب وحاربوا جميع العرب حتى أدخلوهم في الإسلام طوعا وكرها إلا لنص من النبي صلى الله عليه وسلم لا لرأي أضافهم النزاع إليهم من المهاجرين

وأما قول عمر فظن منه وقد قال رضي الله عنه إذ بشره ابن عباس عند موته بالجنة والله إن علمك بذلك يا ابن عباس لقليل فخفي عليه شهادة النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة مع ما في القرآن من ذلك لأهل الحديبية وهم منهم فهكذا خفي عليه نص النبي صلى الله عليه وسلم على أبي بكر وهذا من عمر مضاف إلى ما قلنا آنفا ومضاف إلى قول يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم

والله ما مات رسول الله وإلى قوله يوم أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب في مرضه الذي مات فيه

كما حدثنا حمام بن أحمد ثنا عبد الله بن إبراهيم ثنا أبو زيد المروزي ثنا محمد بن يوسف ثنا البخاري ثنا يحيى بن سليمان الجعفي ثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال لما اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه قال ائتوني بكتاب اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي فقال عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا فاختلفوا وكثر اللغط فقال قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع

فخرج ابن عباس يقول إن الرزية ما حال بين رسول الله وبين كتابه

وحدثناه عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا محمد بن منصور عن سفيان الثوري سمعت سليمان هو الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فذكر الحديث وفيه إن قوما قالوا عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم ما شأنه هجر

قال أبو محمد هذه زلة العالم التي حذر منها الناس قديما وقد كان في سابق علم الله تعالى أن يكون بيننا الاختلاف وتضل طائفة وتهتدي بهدى الله أخرى

فلذلك نطق عمر ومن وافقه بما نطقوا به مما كان سببا إلى حرمان الخير بالكتاب الذي لو كتبه لم يضل بعده ولم يزل أمر هذا الحديث مهما لنا وشجى في نفوسنا وغصة نألم لها وكنا على يقين من أن الله تعالى لا يدع الكتاب الذي أراد نبيه صلى الله عليه وسلم أن يكتبه فلن يضل بعده دون بيان ليحيا من حي عن بينة إلى أن من الله تعالى بأن أوجدناه

الإحكام لابن حزم ج7/ص426

فانجلت الكربة والله المحمود

وهو ما حدثناه عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا عبيد الله بن سعيد ثنا يزيد بن هارون ثنا إبراهيم بن سعد ثنا صالح بن كيسان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى أكتب كتابا فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل ويأبى الله والنبيون إلا أبا بكر

قال أبو محمد هكذا في كتابي عن عبد الله بن يوسف وفي أم أخرى ويأبى الله والمؤمنون

وهكذا حدثناه عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام الطرسوسي ثنا يزيد بن هارون ثنا إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله وفيه إن ذلك كان في اليوم الذي بدىء فيه عليه السلام بوجعه الذي مات فيه بأبي هو وأمي

قال أبو محمد فعلمنا أن الكتاب المراد يوم الخميس قبل موته صلى الله عليه وسلم بأربعة أيام كما روينا عن ابن عباس يوم قال عمر ما ذكرنا إنما كان في معنى الكتاب الذي أراد صلى الله عليه وسلم أن يكتبه في أول مرضه قبل يوم الخميس المذكور بسبع ليال

لأنه صلى الله عليه وسلم ابتدأه وجعه يوم الخميس في بيت ميمونة أم المؤمنين وأراد صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وكانت مدة علته صلى الله عليه وسلم اثني عشر يوما فصح أن ذلك الكتاب كان في استخلاف أبي بكر لئلا يقع ضلال في الأمة بعده صلى الله عليه وسلم فإن ذكر ذاكر معنى ما روي عن عائشة إذ سئلت من كان رسول الله مستخلفا لو استخلف فإنما معناه لو كتب الكتاب في ذلك

قال أبو محمد فهذا قول ثان وقالت الزيدية إنما استخلف أبو بكر استيلانا للناس كلهم لأنه كان هنالك قوم ينافرون عليا فرأى علي أن قطع الشغب أن يسلم الأمر إلى أبي بكر وإن كان دونه في الفضل

قال أبو محمد وأما أن يقول أحد من الأمة إن أبا بكر إنما قدم قياسا على تقديمه إلى

الإحكام لابن حزم ج7/ص427

الصلاة فيأبى الله ذلك وما قاله أحد قط يومئذ وإنما تشبث بهذا القول الساقط المتأخرون من أصحاب القياس الذين لا يبالون بما نصروا به أقوالهم مع أنه أيضا في القياس فاسد لو كان القياس حقا لما بينا قبل ولأن الخلافة ليست علتها علة الصلاة لأن الصلاة جائز أن يليها العربي والمولى والعبد والذي لا يحسن سياسة الجيوش والأموال والأحكام والسير الفاضلة وأما الخلافة فلا يجوز أن يتولاها إلا قرشي صليبة عالم بالسياسة ووجوهها

وإن لم يكن محكما للقراءة

وإنما الصلاة تبع للإمامة وليست الإمامة تبعا للصلاة فكيف يجوز عند أحد من أصحاب القياس أن تقاس الإمامة التي هي أصل على الصلاة التي هي فرع من فروع الإمامة هذا ما لا يجوز عند أحد من القائلين بالقياس

وقد كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم أكابر المهاجرين وفيهم عمرو وغيره أيام النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن ممن تجوز له الخلافة فكان أحقهم بالصلاة لأنه كان أقرأهم وقد كان أبو ذر وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وابن مسعود أولى الناس بالصلاة إذا حضرت إذا لم يكونوا بحضرة أمير أو صاحب منزل لفضل أبي ذر وزهده وورعه وسابقته وفضل سائر من ذكرنا وقراءتهم ولم يكونوا من أهل الخلافة ولا كان أبو ذر من أهل الخلافة ولا كان أبو ذر من أهل الولايات ولا من أهل الاضطلاع بها

وقد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر إني أحب لك ما أحب لنفسي وإنك ضعيف فلا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وأسامة بن زيد على من هو أفضل منهم وأقرأ وأقدم هجرة وأفقه وأسن وهذه هي شروط الاستحقاق للإمامة في الصلاة وليست هذه شروط الإمارة

وإنما شروط الإمارة حسن السياسة ونجدة النفس والرفق في غير مهانة والشدة في غير عنف والعدل والجود بغير إسراف وتمييز صفات الناس في أخلاقهم وسعة الصدر مع البراءة من المعاصي والمعرفة بما يخصه في نفسه في دينه وإن لم يكن صاحب عبارة ولا واسع العلم ولو حضر عمرو وخالد وأسامة مع أبي ذر وهم غير أمراء ما ساغ لهم أن يؤموا تلك الجماعة ولا أن يتقدموا أبا ذر ولا أبي بن كعب

ولو حضروا في مواضع يحتاج فيها إلى السياسة في السلم والحرب لكان عمرو وخالد وأسامة أحق بذلك من أبي ذر وأبي

الإحكام لابن حزم ج7/ص428

ولما كان لأبي ذر وأبي من ذلك حق مع عمرو وخالد وأسامة

وبرهان ذلك استعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم خالدا وأسامة وعمرا دون أبي ذر وأبي وأبو ذر وأبي أفضل من عمرو وأسامة وخالد بدرج عظيمة جدا

وقد حضر الصحابة يوم غزوة مؤتة فقتل الأمراء وأشرف المسلمون على الهلكة فما قام منهم أحد مقام خالد بن الوليد كلهم إلا الأقل أقدم إسلاما وهجرة ونصرا وهو حديث الإسلام يومئذ فما ثبت أحد ثباته وأخذ الراية ودبر الأمر حتى انحاز بالناس أجمل انحياز فليست الإمامة والخلافة من باب الصلاة في ورد ولا صدر فبطل تمويههم بأن خلافة أبي بكر كانت قياسا على الصلاة أصلا

فإن قالوا لو كانت خلافة أبي بكر منصوصا عليه من النبي صلى الله عليه وسلم ما اختلفوا فيها

قال أبو محمد فيقال لهم وبالله تعالى التوفيق هذا تمويه ضعيف لا يجوز إلا على جاهل بما اختلف فيه الناس وهل اختلف الناس إلا في المنصوصات

والله العظيم قسما برا ما اختلف اثنان قط فصاعدا في شيء من الدين إلا في منصوص بين في القرآن والسنة فمن قائل ليس عليه العمل ومن قائل هذا تلقى بخلاف ظاهره ومن قائل هذا خصوص ومن قائل هذا منسوخ

ومن قائل هذا تأويل وكل هذا منهم بلا دليل في أكثر دعواهم كاختلافهم في وجوب الوصية لمن لا يرث من الأقارب والإشهاد في البيع وإيجاب الكتابة وقسمة الخمس وقسمة الصدقات وممن تؤخذ الجزية والقراءات في الصلوات والتكبير فيها والاعتدال والنيات في الأعمال والصوم ومقدار الزكاة وما يؤخذ فيها المتعة في الحج والقرآن والفسخ وسائر ما اختلف الناس فيه وكل ذلك منصوص في القرآن والصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

فعلى هذا وعلى النسيان للنص كان اختلاف من اختلف في خلافة أبي بكر

وأما الأنصار فإنهم لما ذكروا وكان قبل ذلك قد نسوا حتى قال قائلهم منا أمير ومنكم أمير ودعا بعضهم إلى المداولة وبرهان ما قلنا أن عبادة بن الصامت الأنصاري روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأنصار بايعوه على ألا ينازعوا الأمر أهله وأنس بن مالك الأنصاري روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأئمة من قريش

فبهذا ونحوه رجعت الأنصار عن رأيهم ولا ذلك ما رجعوا إلى رأي غيرهم ومعاذ

الإحكام لابن حزم ج7/ص429

الله أن يكون رأي المهاجرين أولى من رأي الأنصار بل النظر والتدبير بينهم سواء وكلهم فاضل سابق

وقد قال عمر يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم والله ما مات رسول الله وهو يحفظ قول الله عز وجل إنك ميت وإنهم ميتون فلما ذكر بها خر مغشيا عليه وهكذا عرض للأنصار

وقد روينا ذلك نصا

كما حدثنا عبد الله بن ربيع نا عبد الله بن محمد بن عثمان الأسدي نا أحمد بن خالد نا علي بن عبد العزيز نا الحجاج بن المنهال نا أبو عوانة عن داود بن عبد الله الأودي عن حميد بن عبد الرحمن الحميري فذكر حديث وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقال رجال أدركناهم فذكر باقي الحديث وفيه أن أبا بكر قال وقد علمت يا سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأنت قاعد إن الأئمة من قريش والناس برهم تبع لبرهم وفاجرهم تبع لفاجرهم قال صدقت أو قال نعم

قال أبو محمد ومن أعاجيب أهل القياس أنهم في هذا المكان يحتجون بأن إمامة أبي بكر كانت قياسا لا نصا ثم نسوا أنفسهم أو تناسوا عمدا فإذا أرادوا إثبات التقليد للمصاحب قالوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر

قال أبو محمد وهذا اعجب ما شئت منه فإن كان هذا الحديث صحيحا فقد صح النص من رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلافة أبي بكر بعده ثم على خلافة عمر بعد أبي بكر وبطل قولهم إن بيعة أبي بكر كانت قياسا على صلاته بالناس وإن كان هذا الحديث لا يصح فلم احتجوا به في تقليد الإمام من الصحابة أفيكون أقبح من هذه المناقضات بما يبطل بعضه بعضا ولكن إنما شأن القوم نصر المسألة التي يتكلمون فيها بما أمكن من حق أو باطل أو ضحكة أو بما يهدم عليهم سائر مذاهبهم ليوهموا من بحضرتهم من المغرورين بهم أنهم غالبون فقط فإذا تركوها وأخذوا في غيرها لم يبالوا أن ينصروها أيضا بما يبطل قولهم في المسألة التي تركوا وهكذا أبدا ونعوذ بالله من الخذلان

الملل والنحل ج1/ص22

وأما الاختلافات الواقعة فى حال مرضه عليه الصلاة والسلام وبعد وفاته بين الصحابة رضى الله عنهم فهى اختلافات اجتهادية كما قيل كان غرضهم منها إقامة مراسم الشرع وإدامة مناهج الدين

فأول تنازع وقع فى مرضه عليه الصلاة والسلام فيما رواه الإمام أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري بإسناده عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال

لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه قال أئتوني بدواة وقرطاس أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي فقال عمر رضي الله عنه

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع حسبنا كتاب الله وكثر اللغط فقال النبي صلى الله عليه وسلم

قوموا عني لا ينبغي عندي التازع قال ابن عباس

الرزية كل الرزية ما حال بيننا وبين كتاب رسول الله صلى عليه وسلم

الملل والنحل ج1/ص23

الخلاف الثاني في مرضه أنه قال

جهزوا جيش أسامة لعن الله من تخلف عنه فقال قوم يجب علينا امتثال أمره واسامة قد برز من المدينة وقال قوم قد اشتد مرض النبي عليه الصلاة والسلام فلا تسع قلوبنا مفارقته والحالة هذه فنصبر حتى نبصر أي شىء يكون من أمره

وإنما أوردت هذين التنازعين لأن المخالفين ربما عدوا ذلك من الخلافات المؤثرة في أمر الدين وليس كذلك وإنما الغرض كله إقامة مراسم الشرع في حال تزلزل القلوب وتسكين نائرة الفتنة المؤثرة عند تقلب الأمور

الخلاف الثالث في موته عليه الصلاة والسلام قال عمر بن الخطاب من قال إن محمد قد مات قتلته بسيفي هذا وإنما رفع إلى السماء كما رفع عيسى عليه السلام وقال أبو بكر بن ابي قحافة رضي الله عنه من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد إله محمد فإن إله محمد حي لم يمت ولن يموت وقرأ قول الله سبحانه وتعالى وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين فرجع القوم إلى قوله وقال عمر رضي الله عنه

كأني ما سمعت هذه الآية حتى قرأها أبو بكر

الخلاف الرابع في موضع دفن عليه الصلاة والسلام أراد أهل مكة من المهاجرين رده إلى مكة لأنها مسقط رأسه ومأنس نفسه وموطىء قدمه وموطن أهله وموقع رحله وأراد أهل المدينة من الأنصار دفنه بالمدينة لأنها دار هجرته ومدار نصرته وأرادت جماعة نقله الى بيت المقدس لأنه موضع دفن الأنبياء ومنه معراجه إلى السماء ثم اتفقوا

الملل والنحل ج1/ص24

على دفنه بالمدينة لما روى عنه عليه الصلاة والسلام

الأنبياء يدفنون حيث يموتون

الخلاف الخامس فى الإمامة وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة إذ ما سل سيف فى الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سل على الإمامة فى كل زمان وقد سهل الله تعالى فى الصدر الأول فاختلف المهاجرون والأنصار فيها فقالت الأنصار منا أمير ومنكم أمير واتفقوا على رئيسهم سعد بن عبادة الأنصارى فاستدركه أبو بكر وعمر رضى الله عنهما فى الحال بأن حضرا سقيفة بنى ساعدة وقال عمر

كنت أزور فى نفسى كلاما فى الطريق فلما وصلنا الى السقيفة أردت أن اتكلم فقال أبو بكر

مه يا عمر فحمد الله وأثنى عليه وذكر ما كنت أقدره فى نفسى كأنه يخبر عن غيب فقبل أن يشتغل الأنصار بالكلام مددت يدى إليه فبايعته وبايعه الناس وسكنت الفتنة إلا أن بيعة أبى بكر كانت فلتة وقى اله المسلمين شرها فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه فأيما رجل بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فإنهما تغرة يجب أن يقتلا

وإنما سكتت الأنصار عن دعواهم لرواية أبى بكر عن النبى عليه الصلاة والسلام

الأئمة من قريش

وهذه البيعة هى التى جرت فى السقيفة ثم لما عاد إلى المسجد انثال الناس عليه وبايعوه عن رغبة سوى جماعة من بنى هاشم وأبى سفيان من بنى أمية وأمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه كان مشغولا بما أمره النبى صلى الله عليه وسلم من تجهيزه ودفنه وملازمة قبره من غير منازعة ولا مدافعة

الملل والنحل ج1/ص25

الخلاف السادس فى أمر فدك والتوارث عن النبى عليه الصلاة والسلام ودعوى فاطمة عليها السلام وراثة تارة وتمليكا أخرى حتى دفعت عن ذلك بالرواية المشهورة عن النبى عليه الصلاة والسلام

نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة

الخلاف السابع فى قتال مانعى الزكاة فقال قوم لا نقاتلهم قتال الكفرة

وقال قوم بل نقاتلهم حتى قال أبو بكر رضى الله عنه

لو منعونى عقالا مما أعطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه ومضى بنفسه إلى قتالهم ووافقه جماعة الصحابة بأسرهم وقد أدى اجنهاد عمر رضى الله عنه فى أيام خلافته إلى رد السبايا والأموال إليهم وإطلاق المحبوسين منهم والإفراج عن أسراهم

الخلاف الثامن فى تنصيص إبى بكر على عمر بالخلافة وقت الوفاة فمن الناس من قال

قد وليت علينا فظا غليظا وارتفع الخلاف بقول أبى بكر

لو سألنى ربى يوم القيامة لقلت وليت عليهم خيرهم لهم

وقد وقع فى زمانه اختلافات كثيرة فى مسائل ميراث الجد والاخوة والكلالة وفى عقل الأصابع وديات الأسنان وحدود بعض الجرائم التى لم يرد فيها نص وإنما أهم أمورهم الاشتغال بقتال الروم وغزو العجم وفتح الله تعالى الفتوح على

البدء والتاريخ ج5/ص59

عز وجل وإلى جنة المأوى وسدرة المنتهى والرفيق الأعلى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أسامة بن زيد على جيش وأمره أن يوطئ الخيل أرض البلقاء فتكلم الناس فيه وقالوا أمر غلاما حدثا على جلة المهاجرين والأنصار فلما استوى على المنبر قال انفذوا جيش أسامة انفذوا جيش أسامة انفذوا جيش أسامة ثلاثا ولعمري لئن قلتم في إمارته لقد قلتم في إمارة أبيه وإنه لخليق للإمارة وإن كان أبوه خليقا لها ثم نزل وانكمش الناس في جهازهم وضرب أسامة عسكره على فرسخ من المدينة وسائر الناس ينتظرون ما يقضي الله في رسوله صلى الله عليه وسلم وروى الواقدي عن الشعبي عن ابن عباس رضي الله عنه قال لما اشتد وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ائتوني بدواة وصفحة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ولا ينبغي التنازع عند رسول الله فقال بعضهم ما لكم أهجر فاستعيدوه وقال عمر قد غلبه الوجع من لفلانة وفلانة حسبنا كتاب الله فلما لغطوا عنده قال دعوني دعوني أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفود بمثل ما رأيتموني أجيزهم وانفذوا جيش أسامة قوموا فقاموا وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن عباس كل الرزية من حال بين رسول الله وبين أن يكتب

البدء والتاريخ ج5/ص60

ذلك الكتاب قالوا واستعر برسول الله صلى الله عليه وسلم المرض وناداه بلال بالصلاة فقال مر عمر فليصل بالناس فخرج عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب فقدم عمر لأن أبا بكر كان غائبا فلما كبر عمر وكان مجهرا سمع رسول الله فقال أين أبو بكر يأبى الله ذلك والمسلمون وبعث إلى أبي بكر فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة فصلى بالناس وروي عن عائشة أنها قالت لما استعر رسول الله بالمرض قال مروا أبا بكر فليصل بالناس فقلت إن أبا بكر رجل ضعيف الصوت كثير البكاء إذا قرأ القرآن فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس قالت فعدت لمقالتي فقال إنكن صويحبات يوسف مروا أبا بكر فليصل بالناس قالت والله ما أقول ذلك إلا إني كنت أحب أن يصرف عنه ذلك وقلت إن الناس لا يحبون رجلا قام مقام النبي يتشأمون به وروى ابن إسحاق عن الزهري فقال حدثني أنس أنه كان يوم الاثنين الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الناس وهم يصلون الصبح فرفع الستر وفتح الباب ووقف على باب عائشة فكاد المسلمون يفتتنون في صلاتهم فرحا لما رأوا رسول الله فأشار إليهم أن اثبتوا وتبسم سرورا بما رأى من صلاتهم وانصرف قال ابن إسحاق حدثني أبو بكر بن عبد الله بن

البداية والنهاية ج5/ص228

البخاري في مواضع من صحيحه من حديث معمر ويونس عن الزهري به وهذا الحديث مما قد توهم به بعض الأغبياء من أهل البدع من الشيعة وغيرهم كل مدع أنه كان يريد أن يكتب في ذلك الكتاب ما يرمون اليه من مقالاتهم وهذاهو التمسك بالمتشابه وترك المحكم وأهل السنة يأخذون بالمحكم ويردون ما تشابه اليه وهذه طريقة الراسخين في العلم كما وصفهم الله عز وجل في كتابه وهذا الموضع مما زل فيه اقدام كثير من أهل الضلالات أما أهل السنة فليس لهم مذهب إلا اتباع الحق يدورون معه كيفما دار وهذا الذي كان يريد عليه الصلاة والسلام أن يكتبه قد جاء في الأحاديث الصحيحة التصريح بكشف المراد منه فإنه قد قال الامام احمد حدثنا مؤمل ثنا نافع عن ابن عمرو ثنا ابن أبي مليكة عن عائشة قالت لما كان وجع رسول الله الذي قبض فيه قال ادعو لي أبا بكر وابنه لكي لا يطمع في أمر أبي بكر طامع ولا يتمناه متمن ثم قال يأبى الله ذلك والمؤمنون مرتين قالت عائشة فأبى الله ذلك والمؤمنون انفرد به احمد من هذا الوجه وقال احمد حدثنا أبو معاوية ثنا عبد الرحمن بن ابي بكر القرشي عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت لما ثقل رسول الله قال لعبد الرحمن بن ابي بكر ائتني بكتف أو لوح حتى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه احد فلما ذهب عبد الرحمن ليقوم قال أبى الله والمؤمنون أن يختلف عليك يا ابا بكر انفرد به احمد من هذا الوجه ايضا وروى البخاري عن يحيى بن يحيى عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت قال رسول الله لقد هممت أن ارسل الى أبي بكر وابنه فأعهد أن يقول القائلون أو يتمنى متمنون فقال يأبى الله أو يدفع المؤمنون أو يدفع الله ويأبى المؤمنون وفي صحيح البخاري ومسلم من حديث ابراهيم بن سعد عن أبيه عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال أتت امرأة الى رسول الله فأمرها أن ترجع اليه فقالت ارأيت إن جئت ولم أجدك كأنها تقول الموت قال إن لم تجديني فات أبا بكر والظاهر والله أعلم أنها إنما قالت ذلك له عليه السلام في مرضه الذي مات فيه صلوات الله وسلامه عليه وقد خطب عليه الصلاة والسلام في يوم الخميس قبل أن يقبض عليه السلام بخمس أيام خطبة عظيمة بين فيها فضل الصديق من سائر الصحابة مع ما كان قد نص عليه أن يؤم الصحابة أجمعين كما سيأتي بيانه مع حضورهم كلهم ولعل خطبته هذه كانت عوضا عما أراد أن يكتبه في الكتاب وقد اغتسل عليه السلام بيد يدي هذه الخطبة الكريمة فصبوا عليه من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن وهذا من باب الاستشفاء بالسبع كما وردت بها الأحاديث في غير هذا الموضع والمقصود أنه عليه السلام اغتسل ثم خرج فصلى بالناس صم خطبهم كما تقدم في حديث عائشة رضي الله عنها

ذكر الاحادرث الواردة في ذلك قال البيهقي أنبأنا الحاكم أنبأنا الأصم عن احمد بن

الكامل في التاريخ ج2/ص187

ولما توفي كان أبو بكر بمنزله بالسنح وعمر حاضر فلما توفي قام عمر فقال إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله توفي وإنه والله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران والله ليرجعن رسول الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا انه مات وأقبل أبو بكر وعمر يكلم الناس ولم يلتفت إلى شيء حتى دخل على رسول الله وهو مسجى في ناحية البيت عليه بردة حبرة فكشف عن وجهه ثم قبله وقال بابي أنت وأمي طيب حيا وميتا أما الموتة التي كتب الله عليك فقد متها ثم رد الثوب على وجهه ثم خرج وعمر يكلم الناس فأمره بالسكوت فأبى إلا أن يتكلم فلما رآه أبو بكر لا ينصت أقبل على الناس فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه وتركوا عمر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ثم تلا هذه الآية وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين قال فوالله لكأن الناس ما سمعوها غلا منه قال عمر فوالله ما هو إلا إذا سمعتها فعقرت حتى وقعت على الأرض ما تحملني رجلاي وقد علمت أن رسول الله قد مات

تاريخ ابن خلدون ج3/ص215

وفي الصحيح أيضا أن رسول الله قال في مرضه الذي توفي فيه هلموا أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فاختلفوا عنده في ذلك وتنازعوا ولم يتم الكتاب

وكان ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين ذلك الكتاب لإختلافهم ولغطهم حتى لقد ذهب كثير من الشيعة إلى أن النبي أوصى في مرضه ذلك لعلي ولم يصح ذلك من وجه يعول عليه

وقد أنكرت هذه الوصية عائشة وكفى بإنكارها

وبقي ذلك معروفا من أهل البيت وأشياعهم

وفيما نقله أهل الآثار أن عمر قال يوما لإبن العباس إن قومكم يعني قريشا ما أرادوا أن يجمعوا لكم يعني بني هاشم بين النبوة والخلافة فتحموا عليهم وأن ابن عباس نكر ذلك وطلب من عمر إذنه في الكلام فتكلم بما عصب له

وظهر من محاورتهما أنهم كانوا يعلمون أن في نفوس أهل البيت شيئا من أمر الخلافة والعدول عنهم بها

وفي قصة الشورى أن جماعة من الصحابة كانوا يتشيعون لعلي ويرون استحقاقه على غيره ولما عدل به إلى سواه تأففوا من ذلك وأسفوا له مثل الزبير ومعه عمار بن ياسر والمقداد بن الأسود وغيرهم

إلا أن القوم لرسوخ قدمهم في الدين وحرصهم على الإلفة لم يزيدوا في ذلك على النجوى بالتأفف والأسف

ثم لما فشا التكبر على عثمان والطعن في الآفاق كان عبد الله بن سبأ ويعرف بابن السوداء من أشد الناس خوضا في التشنيع لعلي بما لا يرضاه من الطعن على عثمان وعلى الجماعة في العدول إليه عن علي وأنه ولي بغير حق فأخرجه عبد الله بن عامر من البصرة ولحق بمصر فاجتمع إليه جماعة من أمثاله جنحو إلى الغلو في ذلك وانتحال المذاهب الفاسدة فيه مثل خالد بن ملجم وسوذان بن حمدان وكنانة بن بشر وغيرهم

ثم كانت بيعة علي وفتنة الجمل وصفين وإنحراف الخوارج عنه بما أنكروا عليه من التحكيم في الدين

وتمحضت شيعته للإستماتة معه في حرب معاوية مع علي وبويع إبنه الحسن وخرج عن الأمر لمعاوية فسخط ذلك شيعة علي منه وأقاموا يتناجون في السر بإستحقاق أهل البيت والميل إليهم وسخطوا من الحسن ما كان منه وكتبوا إلى الحسين بالدعاء له فامتنع وأوعدهم

المحلى ج11/ص224

وأما حديث حذيفة فساقط لأنه من طريق الوليد بن جميع وهو هالك ولا نراه يعلم من وضع الحديث فإنه قد روى أخبارا فيها أن أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم أرادوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم وإلقاءه من العقبة في تبوك وهذا هو الكذب الموضوع الذي يطعن الله تعالى واضعه فسقط التعلق به والحمد لله رب العالمين

مجمع الزوائد ج9/ص33

وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتابا لا يضلون بعده أبدا قال فخالف عليها عمر بن الخطاب حتى رفضها رواه أحمد وفيه

مجمع الزوائد ج9/ص34

ابن لهيعة وفيه خلاف

وعن عمر بن الخطاب قال لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم قال ادعوا لي بصحيفة ودواة أكتب لكم كتابا لا تضلون بعدي أبدا فكرهنا ذلك أشد الكراهة ثم قال ادعوا لي بصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا فقال النسوة من وراء الستر ألا يسمعون ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إنكن صواحبات يوسف إذا مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عصرتن أعينكن وإذا صح ركبتن رقبته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوهن فإنهن خير منكم رواه الطبراني في الأوسط وفيه محمد بن جعفر بن إبراهيم الجعفري قال العقيلي في حديثه نظر وبقية رجاله وثقوا وفي بعضهم خلاف

وعن عبدالله يعني ابن مسعود قال لأن أحلف تسعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل قتلا أحب إلي من أن أحلف واحدة أنه لم يقتل وذلك بأن الله عز وجل جعله نبيا واتخذه شهيدا قال الأعمش فذكرت ذلك لإبراهيم فقال كانوا يرون أن اليهود سموه رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح

وعن عائشة قالت ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من ذات الجنب رواه الطبراني في الأوسط وأبو يعلى بنحوه وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات

وعن أم الفضل بنت الحارث وهي أم ولد العباس أخت ميمونة قالت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه فجعلت ابكي فرفع رأسه فقال ما يبكيك قالت خفنا عليك ولا ندري ما نلقى من الناس بعدك يا رسول الله قال أنتم المستضعفون بعدي رواه أحمد وفيه يزيد بن أبي زياد وضعفه جماعة

مسند أبي يعلى ج3/ص394

1871 حدثنا بن نمير حدثنا سعيد بن الربيع حدثنا قره بن خالد عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتابا لا يضلون بعده ولا يضلون وكان في البيت لغط وتكلم عمر بن الخطاب فرفضها رسول الله صلى الله عليه وسلم

مسند أحمد بن حنبل ج3/ص346

14768 حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود حدثنا بن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتابا لا يضلون بعده قال فخالف عليها عمر بن الخطاب حتى رفضها

مجمع الزوائد ج4/ص214

باب وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم

عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتابا لا يضلون بعده ولا يضلون وكان في البيت لغط فتكلم عمر بن الخطاب فرفضها رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أبو يعلي وعنده في رواية يكتب فيها كتابا لأمته قال لا يظلمون ولا

مجمع الزوائد ج4/ص215

يظلمون ورجال الجميع رجال الصحيح وعن ابن عباس قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتف فقال ائتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تختلفون بعدي أبدا فأخذ من عنده من الناس في لغط فقالت امرأة ممن حضر ويحكم عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليكم فقال بعض القوم اسكتي فانه لا عقل لك فقال النبي صلى الله عليه وسلم أنتم لا أحلام لكم قلت في الصحيح طرف من أوله رواه الطبراني وفيه ليث ابن أبي سليم وهو مدلس وبقية رجاله ثقات

الطبقات الكبرى ج2/ص242

ذكر الكتاب الذي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتبه لأمته في مرضه الذي مات فيه

أخبرنا يحيى بن حماد أخبرنا أبو عوانة عن سليمان يعني الأعمش عن عبد الله بن عبد الله عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخميس فجعل يعني بن عباس يبكي ويقول يوم الخميس وما يوم الخميس اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه فقال ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا قال فقال بعض من كان عنده إن نبي الله ليهجر قال فقيل له ألا نأتيك بما طلبت قال أوبعد ماذا قال فلم يدع به أخبرنا سفيان بن عيينة عن سليمان بن أبي مسلم خال بن أبي نجيح سمع سعيد بن جبير قال قال بن عباس يوم الخميس وما يوم الخميس قال اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه في ذلك اليوم فقال ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا ما شأنه أهجر استفهموه فذهبوا يعيدون عليه فقال دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه وأوصي بثلاث قال أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو مما كنت أجيزهم وسكت عن الثالثة فلا أدري قالها فنسيتها أو سكت عنها عمدا

الطبقات الكبرى ج2/ص243

أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثني قرة بن خالد أخبرنا أبو الزبير أخبرنا جابر بن عبد الله الأنصاري قال لما كان في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه دعا بصحيفة ليكتب فيها لأمته كتابا لا يضلون ولا يضلون قال فكان في البيت لغط وكلام وتكلم عمر بن الخطاب قال فرفضه النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا حفص بن عمر الحوضي أخبرنا عمر بن الفضل العبدي عن نعيم بن يزيد أخبرنا علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ثقل قال يا علي ائتني بطبق أكتب فيه ما لا تضل أمتي بعدي قال فخشيت أن تسبقني نفسه فقلت إني أحفظ ذراعا من الصحيفة قال فكان رأسه بين ذراعي وعضدي فجعل يوصي بالصلاة والزكاة وما ملكت أيمانكم قال كذلك حتى فاضت نفسه وأمر بشهادة لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله حتى فاضت نفسه من شهد بهما حرم على النار أخبرنا حجاج بن نصير أخبرنا مالك بن مغول قال سمعت طلحة بن مصرف يحدث عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال كان يقول يوم الخميس وما يوم الخميس قال وكأني أنظر إلى دموع بن عباس على خده كأنها نظام لؤلؤ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتوني بالكتف والدواة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا قال فقالوا إنما يهجر رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا محمد بن عمر حدثني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم وبيننا وبين النساء حجاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اغسلوني بسبع قرب وأتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فقال النسوة ائتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحاجته قال

الطبقات الكبرى ج2/ص244

عمر فقلت اسكتهن فإنكن صواحبه إذا مرض عصرتن أعينكن وإذا صح أخذتن بعنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هن خير منكم أخبرنا محمد بن عمر حدثني إبراهيم بن يزيد عن أبي الزبير عن جابر قال دعا النبي صلى الله عليه وسلم عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتابا لأمته لا يضلوا ولا يضلوا فلغطوا عنده حتى رفضها النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا محمد بن عمر حدثني أسامة بن زيد الليثي ومعمر بن راشد عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن بن عباس قال لما حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم الوفاة وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده فقال عمر إن رسول الله قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله فاختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم من يقول ما قال عمر فلما كثر اللغط والاختلاف وغموا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قوموا عني فقال عبيد الله فكان بن عباس يقول الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم أخبرنا محمد بن عمر حدثني إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مرضه الذي مات فيه ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فقال عمر بن الخطاب من لفلانة وفلانة مدائن الروم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بميت حتى نفتتحها ولو مات لاننظرناه كما انتظرت بنو إسرائيل موسى فقالت زينب زوج النبي صلى الله عليه وسلم ألا تسمعون النبي صلى الله عليه وسلم يعهد إليكم فلغطوا فقال قوموا فلما قاموا قبض النبي صلى الله عليه وسلم مكانه

المعجم الأوسط ج5/ص287

5338 حدثنا محمد بن احمد بن ابي خيثمة قال حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار قال حدثنا موسى بن جعفر بن ابراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن ابي طالب قال حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن اسلم عن ابيه

المعجم الأوسط ج5/ص288

عن عمر بن الخطاب قال لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم قال ادعوا لي بصحيفة ودواة اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ابدا فكرهنا ذلك اشد الكراهة ثم قال ادعوا لي بصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا فقال النسوة من وراء الستر الا تسمعون ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت انكن صواحبات يوسف اذا مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عصرتن اعينكن واذا صح ركبتن عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوهن فانهن خير منكم

كنز العمال ج5/ص257

14133 - عن عمر قال لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم قال ادعوا لي بصحيفة ودواة أكتب كتابا لا تضلوا بعده أبدا فقال النسوة من وراء الستر ألا تسمعون ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إنكن صواحبات يوسف إذا مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عصرتن أعينكن وإذا صح ركبتن عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوهن فإنهن خير منكم

كنز العمال ج7/ص97

18771 - عن عمر بن الخطاب قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم وبيننا وبين النساء حجاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اغسلوني بسبع قرب وأتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فقالت النسوة ائتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحاجته قال عمر فقلت اسكتن فإنكن صواحبه إذا مرض عصرتن أعينكن وإذا صح أخذتن بعنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هن خير منكم

ابن سعد أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 2 243 ص

البيان والتعريف ج2/ص256

1652 هن خير منكم

أخرجه ابن سعد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه

البيان والتعريف ج2/ص257

سببه عنه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم وبيننا وبين النساء حجاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اغسلوني بسبع قرب وأتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فقال النسوة ائتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحاجته فقلت اسكتن فإنكن صواحبه إذا مرض عصرتن أعينكن وإذا صح أخذتن بعنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هن خير منكم

المعجم الكبير ج11/ص445

12261 حدثنا عمر بن حفص السدوسي ثنا عاصم بن علي ثنا قيس بن الربيع عن الأعمش عن عبد الله بن عبيد الله عن سعيد بن جبير عن بن عباس رضي الله عنهما لما كان يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا فقالوا يهجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سكتوا وسكت قالوا يا رسول الله ألا نأتيك بعد قال بعد ما

الكامل في التاريخ ج2/ص185

قال ابن عباس يوم الخميس وما يوم الخميس ثم جرت دموعه على خديه اشتد برسول الله مرضه ووجعه فقال ائتوني بدواة وبيضاء أكتب لكم كتابا لا تضلون بعدي أبدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا إن رسول الله يهجر فجعلوا يعيدون عليه فقال دعوني فما أنا فيه خير مما تدعونني إليه فأوصى بثلاث أن يخرج المشركون من جزيرة العرب وأن يجازى الوفد بنحو مما كان يجيزهم وسكت عن الثالثة عمد أو قال نسيتها وخرج علي بن أبي طالب من عند رسول الله في مرضه فقال الناس كيف أصبح رسول الله فقال أصبح بحمد الله بارئا فأخذ بيده العباس بن عبد المطلب فقال أنت بعد ثلاث عبد العصا وإن رسول الله سيتوفى في مرضه هذا وإني لأعرف الموت في وجوه بني عبد المطلب فاذهب إلى رسول الله فسأله فيمن يكون هذا المر فإن كان فينا علمناه وإن كان في غيرنا أمره فأوصى بنا فقال علي لئن سألناها رسول الله فمنعناها لا يعطيناها الناس أبدا والله لا أسألها رسول الله أبدا قال فما اشتد الضحى حتى توفي رسول الله

تاريخ ابن خلدون، ج 2،ص:485

فبكى، فقال: بل نفديك بأنفسنا وأبنائنا، فقال: على رسلك يا أبا بكر، ثم جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه فحرب بهم وعيناه تدمعان ودعا لهم كثيرا وقال: أوصيكم بتقوى الله وأوصي الله بكم وأستخلفه عليكم وأودعكم إليه إني لكم نذير وبشير إلا تعلوا على الله في بلاده وعباده فإنه قال لي ولكم: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا في الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ 28: 83 وقال أَلَيْسَ في جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ 39: 60 [1] .

ثم سألوه عن مغسله، فقال: الأدنون من أهلي، وسألوه عن الكفن، فقال: في ثيابي هذه؟ أو ثياب مصر [2] أو حلّة يمانية. وسألوه عن الصلاة عليه، فقال:

ضعوني على سريري في بيتي على شفير قبري ثم اخرجوا عني ساعة حتى تصلي عليّ الملائكة ثم ادخلوا فوجا بعد فوج فصلوا وليبدأ رجال أهلي [3] ثم نساؤهم. وسألوه عمن يدخله القبر، فقال: أهلي. ثم قال: ائتوني بدواة وقرطاس أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده فتنازعوا وقال بعضهم أهجر؟ يستفهم. ثم ذهبوا يعيدون عليه، ثم قال: دعوني فما أنا فيه خير مما تدعونني إليه، وأوصى بثلاث: أن يخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وان يجيزوا الوفد كما كان يجيزهم، وسكت عن الثالثة أو نسيها الراويّ. وأوصى بالأنصار فقال إنهم كرشي وعيلتي التي أويت إليها [4] فأكرموا كريمهم وتجاوزوا عن مسيئهم فقد أصبحتم يا معشر المهاجرين تزيدون والأنصار لا يزيدون، ثم قال: سدّوا هذه الأبواب في المسجد إلا باب أبي بكر فاني لا أعلم أمر أفضل يدا عندي في الصحبة من أبي بكر، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صحبة إخاء وإيمان حتى يجمعنا الله عنده. ثم ثقل به الوجع وأغمي عليه فاجتمع إليه نساؤه وبنوه وأهل بيته والعباس وعليّ، ثم حضر وقت الصلاة فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس، فقالت عائشة:

إنه رجل أسيف لا يستطيع أن يقوم مقامك، فمر عمر فامتنع عمر، وصلّى ابو بكر، ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة فخرج فلما أحس أبو بكر تأخر فجذبه رسول

__________________________________________________

[1] وفي النسخة الباريسية: للكافرين.

[2] وفي نسخة أخرى: بياض مصر.

[3] وفي نسخة أخرى: رجال أهل بيتي.

[4] وفي النسخة الباريسية: هم كرسيّ وعيني اليمنى فأكرموا كريمهم.

تاريخ ابن خلدون، ج 2،ص:486

الله صلى الله عليه وسلم وأقامه مكانه وقرأ من حيث انتهى أبو بكر، ثم كان أبو بكر يصلي بصلاته والناس بصلاة أبي بكر، قيل صلوا كذلك سبع عشرة صلاة. وكان يدخل يده في القدم وهو في في النزع فيمسح وجهه بالماء ويقول اللَّهمّ أعني على سكرات الموت، فلما كان يوم الإثنين وهو يوم وفاته خرج إلى صلاة الصبح عاصبا رأسه وأبو بكر يصلي، فنكص عن صلاته [1] ، وردّه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وصلى قاعدا عن يمينه، ثم أقبل على الناس بعد الصلاة فوعظهم وذكّرهم، ولما فرغ من كلامه قال له أبو بكر: إني أرى أصبحت بنعمة الله وفضله كما نحب. وخرج إلى أهله في السنح.

ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته فاضطجع في حجرة [2] عائشة، ودخل عبد الرحمن بن أبي بكر عليه وفي يده سواك أخضر، فنظر إليه وعرفت عائشة أنه يريده قالت: فمضغته حتى لان وأعطيته إياه فاستنّ به ثم وضعه. ثم ثقل في حجري فذهبت انظر في وجهه فإذا بصره قد شخص وهو يقول: «الرفيق الأعلى من الجنة» فعلمت أنه خير فاختار. وكانت تقول: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري. وذلك نصف نهار يوم الإثنين لليلتين من شهر ربيع الأول ودفن من الغد نصف النهار من يوم الثلاثاء. ونادى النعي في الناس بموته وأبو بكر غائب في أهله بالسنح، وعمر حاضر فقام في الناس وقال: إن رجالا من المنافقين زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات وأنه لم يمت وإنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى وليرجعن فيقطعن أيدي رجال وأرجلهم. وأقبل أبو بكر حين بلغه الخبر فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكشف عن وجهه وقبله وقال: بأبي أنت وأمي قد ذقت الموتة التي كتب الله عليك ولن يصيبك بعدها موته أبدا. وخرج إلى عمر وهو يتكلم، فقال: أنصت. فأبي، وأقبل على الناس يتكلم فجاءوا إليه وتركوا عمر، فحمد الله وأثنى عليه وقال: «أيها الناس من كان يعبد محمدا فإنّ محمد قد مات، ومن كان يعبد الله فإنّ الله حيّ لا يموت» ثم تلا: «وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ من قَبْلِهِ الرُّسُلُ 3: 144» الآية. فكأنّ الناس لم يعلموا أنّ هذه الآية في المنزل قال عمر: فما هو إلّا أن سمعت أبا بكر يتلوها فوقعت إلى الأرض ما تحملني رجلاي وعرفت أنه قد مات وقيل

__________________________________________________

[1] وفي النسخة الباريسية: نهض عن مصلاه.

[2] وفي النسخة الباريسية: في حجر عائشة.

تاريخ ابن خلدون، ج 2،ص:487

تلا: معها: إنك ميت وإنهم ميتون الآية.

وبينما هم كذلك إذا جاء رجل يسعى بخبر الأنصار أنهم اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة يبايعون سعد بن عبادة ويقولون منا أمير ومن قريش أمير، فانطلق أبو بكر وعمر وجماعة المهاجرين إليهم، وأقام عليّ والعبّاس وابناه الفضل وقثم وأسامة بن زيد يتولون تجهيز رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغسله عليّ مسندة إلى ظهره والعباس وابناه يقلبونه معه وأسامة وشقران يصبان الماء وعلي يدلك من وراء القميص [1] لا يفضي إلى بشرته بعد أن كانوا اختلفوا في تجهيزه ثم أصابتهم سنة فخفقوا وسمعوا من وراء البيت أن اغسلوه وعليه ثيابه ففعلوا، ثم كفنوه في ثوبين صحاريين وبرد حبرة أدرج فيهن إدراجا، استدعوا حفارين أحدهما يلحد والآخر يشق، ثم بعث إليهما العبّاس رجلين وقال اللَّهمّ خر [2] لرسولك فجاء الّذي يلحد وهو أبو طلحة زيد بن سهل كان يحفر لأهل المدينة فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولما فرغوا من جهازه يوم الثلاثاء وضع على سرير بيته واختلفوا أيدفن في مسجده أو بيته فقال أبو بكر سمعته صلى الله عليه وسلم يقول ما قبض نبي إلّا يدفن حيث قبض، فرفع فراشه الّذي قبض عليه وحفر له تحته، ودخل الناس يصلون عليه أفواجا الرجال ثم، النساء ثم الصبيان ثم العبيد لا يؤم أحدهم أحدا، ثم دفن من وسط الليل ليلة الأربعاء وعن عائشة لاثنتي عشرة ليلة من ربيع الأول فكملت سنو الهجرة عشر سنين كوامل، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة وقيل خمس وستين سنة وقيل ستين.

خبر السقيفة

لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتاع الحاضرون لفقده حتى ظن أنه لم يمت، واجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة يبايعون سعد بن عبادة وهم يرون أن الأمر لهم بما آووا ونصروا، وبلغ الخبر إلى أبي بكر وعمر فجاءوا إليهم ومعهم أبو عبيدة ولقيهم عاصم بن عدي وعويم بن ساعدة فأرادوهم على الرجوع وخفضوا عليهم

__________________________________________________

[1] وفي النسخة الباريسية: يصبان الماء على يديه من وراء القميص.

[2] وفي نسخة ثانية: اغفر.

تاريخ ابن خلدون، ج 2،ص:488

الشأن، فأبوا الّا أن يأتوهم فأتوهم في مكانهم ذلك فأعجلوهم عن شأنهم وغلبوهم عليه جماعا وموعظة. وقال أبو بكر: نحن أولياء النبي وعشيرته وأحق الناس بأمره ولا ننازع في ذلك، وأنتم لكم حق السابقة والنصرة، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء. وقال الحباب بن المنذر [1] بن الجموع: منا أمير ومنكم أمير وإن أبو فاجلوهم يا معشر الأنصار عن البلاد فبأسيافكم دان الناس لهذا الدين وإن شئتم أعددناها جذعة [2] أنا جذيلهما المحكك [3] وعذيقها المرجب [4] . وقال عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصانا لكم كما تعلمون ولو كنتم الأمراء لأوصاكم بنا، ثم وقعت ملاحاة بين عمر وابن المنذر [5] ، وأبو عبيدة يحفضهما ويقول: اتقوا الله يا معشر الأنصار أنتم أوّل من نصر وآزر فلا تكونوا أول من بدّل وغير.

فقام بشير بن سعد بن النعمان [6] بن كعب بن الخزرج فقال: ألا إن محمدا من قريش وقومه أحق وأولى، ونحن وإن كنا أولى فضل في الجهاد وسابقة في الدين، فما أردنا بذلك إلا رضي الله وطاعة نبيه فلا نبتغي به من الدنيا عوضا، ولا نستطيل به على الناس. فقال الحباب بن المنذر: نفست والله عن ابن عمك يا بشير. فقال:

لا والله ولكن كرهت أن أنازع قوما حقهم. فأشار أبو بكر إلى عمر وأبي عبيدة فامتنعا وبايعا أبا بكر وسبقهما إليه بشير بن سعد، ثم تناجي الأوس فيما بينهم وكان فيهم أسيد بن حضير أحد النقباء وكرهوا إمارة الخزرج عليهم وذهبوا إلى بيعة أبي بكر فبايعوه، وأقبل الناس من كل جانب يبايعون أبا بكر وكادوا يطئون سعد بن عبادة، فقال ناس من أصحابه اتقوا سعدا لا تقتلوه. فقال عمر: اقتلوه قتله الله. وتماسكا فقال أبو بكر: مهلا يا عمر الرّفق هنا أبلغ. فأعرض عمر ثم طلب سعد في البيعة فأبى وأشار بشير بن سعد بتركه، وفقال: إنما هو رجل واحد، فأقام سعد لا يجتمع معهم في الصلاة ولا يفيض معهم في الحديث [7] حتى هلك أبو بكر. ونقل الطبري

__________________________________________________

[1] وفي النسخة الباريسية: فقال المنذر بن الحباب.

[2] اي جديدا كما بدأ والأصح ان يقول جذعا بدل جذعة.

[3] الّذي يستجار به ويستغني برأيه.

[4] أي الذكي اللبق والمرجّب المهان (قاموس)

[5] وفي نسخة أخرى: المنذر بن الحباب.

[6] وفي النسخة الباريسية: بشير بن سعد والد النعمان من بني كعب بن الخزرج.

[7] وفي النسخة الباريسية: في الحج.

تاريخ ابن خلدون، ج 2،ص:489

أن سعدا بايع يومئذ، وفي أخبارهم أنه لحق بالشام فلم يزل هنالك حتى مات وأن الجن قتلته وينشدون البيتين الشهرين وهما

نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عباده فرميناه بسهمين فلم نخط فؤاده

الخلافة الإسلامية

الخبر عن الخلافة الإسلامية في هذه الطبقة وما كان فيها من الرّدة والفتوحات وما حدث بعد ذلك من الفتن والحروب في الإسلام ثم الاتفاق والجماعة

تاريخ ابن خلدون/ترجمه متن، ج 1،ص:468

بيمارى پيامبر

نخستين نشانه هائى كه بر او آشكار شد، نزول سوره إِذا جاءَ نَصْرُ الله وَالْفَتْحُ 110: 1 بود. كه از پايان عمر او خبر مى داد. سپس دو روز از ماه صفر مانده، در آغاز شد. وهمچنان ادامه داشت واو در خانه زنانش مى گشت تا آنكه در خانه ميمونه مستقر شد. پس از زنانش خواست كه اجازت دهند در خانه عايشه باشد تا عايشه از او پرستارى كند. زنان موافقت كردند. آنگاه بيرون آمد وبراى مردم سخن گفت. واز آنان بهلى خواست وبراى شهيدان احد آمرزش طلبيد وبر آنان درود فرستاد. سپس گفت: «خداوند بنده اى از بندگان خود را ميان دنيا وآنچهـ نزد اوست، مخير گردانيده، وآن بنده آنچهـ را كه در نزد خداست اختيار كرده است» .

ابو بكر معنى سخن او را دريافت وبگريست وگفت ما جان ها وفرزندان خود را فداى تو مى كنيم. پيامبر گفت: اى ابو بكر آرام باش. پس پيامبر همه اصحاب خود را گرد آورد وآنان را خوش آمد گفت واشك در چشمانش نشست وبسى دعايشان گفت. وگفت شما را به ترس از خدا وصيت مى كنم وشما را به خدا مى سپارم. من هشدار دهنده وبشارت دهنده شمايم.

در سرزمين هاى خدا وميان بندگان خدا، بزرگى نفروشيد كه خداوند به من وشما گفته است:

كه سراى آخرت را از آن كسانى قرار دادم كه در زمين خواهان بلندى جويى وفساد نمى شوند وعاقبت نيك از آن پرهيزگاران است. وگفت: آيا جهنم جايگاه متكبران نيست؟

سپس پرسيدند كه چهـ كسى او را غسل دهد. گفت: نزديكترين كسانم. و پرسيدند در چهـ چيز او را كفن كنند، گفت: در اين جامه ام يا در پارچهـ سفيد مصرى يا حله يمنى. و پرسيدند كه چهـ كسى بر او نماز بخواند، گفت: مرا بر تختم در خانه ام بر كنار قبرم بگذاريد سپس لحظه اى مرا تنها بگذاريد كه فرشتگان نماز بخوانند، سپس دسته دسته داخل شويد ونماز بخوانيد اول مردان اهل بيتم سپس زنان آنان، آنگاه ديگران. و پرسيدند چهـ كسى او را در قبر نهد. گفت: اهل بيتم. سپس گفت: مركب وكاغذى بدهيد تا برايتان نامه اى بنويسم كه پس از من گمراه نشويد. بعضى از آنان گفتند: پيامبر سخنش مفهوم نيست. وبعضى گفتند:

تاريخ ابن خلدون/ترجمه متن، ج 1،ص:469

آيا سخنش نامفهوم شده؟ از او بپرسيد. آنگاه برخاستند وهر چهـ خواسته بود آوردند، ولى او گفت: مرا واگذاريد اين حال كه هستم مرا بهتر است از آنچهـ مرا بدان مى خوانيد.

وبه سه چيز وصيت كرد، يكى آنكه مشركان از جزيرة العرب اخراج شوند، ديگر آنكه سپاه اسامه را تجهيز كنند وسومى را يا او نگفت يا راوى اين خبر از ياد برده بود. آنگاه در باب انصار سفارش كرد وگفت: اينان موضع اسرار من اند وياران وغمگساران من اند. با نيكو- بدكارانشان نيكى كنيد وگناهكارانشان را عفو كنيد. شما اى مهاجران روى در فزونى داريد وانصار افزون نمى شوند. سپس گفت: همه درهايى را كه به مسجد گشوده مى شوند سد كنند، مگر در خانه ابو بكر. وگفت: اگر دوستى جز خداى مى گرفتم ابو بكر را به دوستى برمى گزيدم، ولى ميان من واو صحبت وبرادرى است به ايمان تا آنگاه كه خداوند مرا با او در نزد خود برد.

سپس درد افزون شد وبه اغماء افتاد. زنان وفرزندان واهل بيتش وعباس وعلى نزد او گرد آمدند. چون وقت نماز شد، گفت: ابو بكر را بگوييد با مردم نماز بخواند. عايشه گفت: او مردى نازكدل است ونمى تواند به جاى تو بايستد. عمر را فرماى. ولى عمر امتناع كرد وابو بكر نماز گزارد. چون بيمارى فروكش كرد، خود به مسجد آمد چون ابو بكر آمدن او را حس كرد خود را به عقب كشيد ولى پيامبر (ص) او را به جاى خود باز آورد، واز آنجا كه او به پايان برده بود، آغاز كرد پس ابو بكر به نماز او نماز مى خواند ومردم به نماز ابو بكر.

گويند هفده نماز را اين چنين بخواند. ودستش را در قدح آب مى زد واو در حالت نزع بود وبه صورت مى كشيد ومى گفت: بار خدايا مرا در سكرات مرگ يارى كن. چون روز دوشنبه كه روز وفات او بود دررسيد، به نماز صبح بيرون آمد عصابه اى بر سر بسته بود. ابو بكر با مردم نماز مى خواند. از نماز باز ايستاد، پيامبر به دست خود، او را به جاى خود بازآورد وخود نشسته در جانب راست او نماز كرد. پس از نماز رو به مردم كرد وآنان را اندرز داد. چون سخن به پايان آورد، ابو بكر گفت: مى بينم كه به نعمت وفضل خداوند چنان هستى كه ما دوست مى داريم وبرخاست ونزد خانواده خود به سنح رفت ورسول خدا به خانه بازگشت ودر حجره عايشه بيارميد. در اين حال عبد الرحمان بن ابو بكر بيامد. مسواكى سبز در دست داشت. پيامبر بدان نگريست. عايشه دانست كه آن را مى خواهد. گويد: مسواك را بگرفتم وآن را جويدم تا نرم شد، سپس آن را به دستش دادم. به دندانهاى خود زد وبر زمينش گذاشت. آنگاه در دامن من سنگين شد ومن در روى او نگريستم، ديدم كه چشمانش به جايى دوخته شد وگفت: جوار حق مى خواهم در بهشت. دانستم كه او را مخير كرده بودند واو آن جهان را اختيار كرد.

وفات پيامبر

عايشه گفت: رسول خدا (ص) بر روى سينه من جان داد واين واقعه در نيمروز دوشنبه

تاريخ ابن خلدون/ترجمه متن، ج 1،ص:470

دو شب از ماه ربيع الاول گذشته بود. وفردا كه روز سه شنبه بود به هنگام نيمروز به خاك سپرده شد. خبر وفات او را ندا دادند. ابو بكر نزد خانواده خود در سنح بود وعمر حاضر بود.

پس عمر برخاست وبه ميان مردم رفت وگفت مردانى از منافقين مى پندارند كه رسول خدا (ص) مرده است. او نمرده است او نزد پروردگارش رفته است، همچنانكه موسى رفته بود وباز خواهد گشت ودست و پاى مردانى را خواهد بريد. چون خبر به ابو بكر رسيد بيامد وبر پيامبر داخل شد و پرده از روى او به يكسو زد وبر آن بوسه داد. وگفت: پدر ومادرم فداى تو باد، مرگى را كه خداوند بر تو مقرر داشته بود چشيدى واز اين پس زندگى ابد از آن تو است. ونزد عمر آمد. او همچنان، براى مردم سخن مى گفت. گفت: خاموش باش، عمر سرباز زد. ابو بكر براى مردم سخن آغاز كرد، مردم عمر را واگذاشتند ونزد او گرد آمدند. او حمد وسپاس خداوند به جاى آورد وگفت: اى مردم، هر كس محمد را مى پرستد، محمد مرده است وهر كه خدا را مى پرستد، خدا هرگز نمى ميرد. سپس اين آيه را خواند: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ من قَبْلِهِ الرُّسُلُ... 3: 144 الخ. چنان بود كه مردم گويى نمى دانستند كه اين آيه در قرآن است. عمر گفت:

چون اين آيه را از ابو بكر شنيدم بر زمين افتادم چنانكه گويى پاهاى من ياراى نگهداشتن من نداشتند ودانستم كه او مرده است. وگويند ابو بكر اين آيه را نيز خواند: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ... 39: 30 الخ.

در اين حال مردى دوان دوان بيامد وخبر داد كه انصار در سقيفه بنى ساعده گرد آمده اند تا با سعد بن عباده بيعت كنند. ومى گويند از ما اميرى واز قريش اميرى. پس ابو بكر وعمر وجماعتى از مهاجرين بدانجا رفتند. وعلى وعباس و پسران او فضل وقثم واسامة بن زيد به تجهيز رسول خدا (ص) پرداختند. على او را به برگرفت وعباس و پسرانش او را مى گردانيدند واسامه وشقران آب مى ريختند وعلى از روى جامه، او را مى شست وبر تن او دست مى كشيد ودست بر تن او نزدند مگر آنگاه كه ميانشان خلاف افتاد ولحظه اى گويى به خواب رفتند وآن سوى خانه، صدايى شنيدند كه پيامبر را در درون جامه غسل دهيد و چنين كردند. سپس او را در دو قطعه پارچهـ صحارى ويك قطعه برد نرم پيچيدند. سپس دو قبر كن فرا خواندند كه يكى براى قبر، لحد مى ساخت ويكى تنها زمين را مى كند ولحد نمى ساخت. عباس نزد هر يك از آنان كس فرستاد وگفت: بار خدايا تو براى پيامبرت اختيار كن. پس آنكه براى قبر لحد مى ساخت نخست بيامد او ابو طلحه زيد بن سهل بود كه براى مردم مدينه قبر مى كند. ابو طلحه قبر پيامبر را با لحد بساخت و چون از غسل دادن وكفن كردن او فارغ شدند، روز سه شنبه او را در خانه اش بر روى تختش جاى دادند. مردم در اينكه او را در مسجدش دفن كنند يا در خانه اش اختلاف كردند. ابو بكر گفت: از پيامبر (ص) شنيدم كه مى گفت: هر پيامبرى را در همانجا كه جان داده، دفن مى كنند پس بسترش را كه بر آن وفات كرده بود، به كنارى زدند وهمانجا قبرى كندند.

تاريخ ابن خلدون/ترجمه متن، ج 1،ص:471

پس مردم براى نماز خواندن بر او، فوج فوج مى آمدند. نخست مردان نماز خواندند، سپس زنان، آنگاه كودكان و پس از آنان بردگان. هيچكس در نماز بر ديگرى امامت نمى كرد.

نيمه شب چهارشنبه بود كه به خاكش سپردند. عايشه گفت: دوازده شب از ربيع الاول گذشته وفات يافت. به اين حساب سال هاى هجرت، ده سال تمام خواهد بود. رسول خدا (ص) به هنگام وفات شصت وسه سال داشت وبه قولى شصت و پنج سال وبه قولى شصت سال.

خبر سقيفه

چون رسول خدا ديده از جهان فرو بست، مردم حيرت زده شدند، تا آنجا كه برخى پنداشتند كه او نمرده است. انصار در سقيفه بنى ساعده گرد آمدند تا با سعد بن عباده بيعت كنند. آنان بدان سبب كه پيامبر را مأوى داده ويارى كرده بودند، معتقد بودند كه جانشينى پيامبر به آنان خواهد رسيد. اين خبر به ابو بكر وعمر رسيد. همراه با ابو عبيده به جانب سقيفه روان شدند. در راه عاصم بن عدى وعويم بن ساعده به آنان رسيدند واز آنان خواستند كه بازگردند وگفتند كه در آنجا كار مهمى نيست. ولى آنان بازنگشتند به سقيفه آمدند وبا موعظه واندرز وهم به كثرت طرفداران، بر انصار پيروز شدند. در آن روز، ابو بكر با مردم سخن گفت. وگفت:

«ما دوستان پيامبر وعشيره او هستيم واز هر كس ديگر به جانشينى او سزاوارتريم. در اين باب با شما نزاعى نداريم زيرا شما را نيز بدان سبب كه پيشقدم بوده ايد واو را نصرت داده ايد، حقى است. پس ما اميران باشيم وشما وزيران. حباب بن المنذر بن الجموح گفت: از ما اميرى واز شما اميرى. اى جماعت انصار، اگر اين را نپذيرفتند همه را از شهر بيرون كنيد زيرا به شمشير شما بود كه مردم به اين دين گردن نهادند. من همان چوب خردى هستم كه شتر گر گرفته را با آن مى خارانند.

عمر گفت: رسول خدا سفارش شما را به ما كرده است، اگر شما اميران بوديد، سفارش ما را به شما مى كرد. سپس ميان عمر وحباب گفتگوهايى پديد آمد وابو عبيده آن دو را به آرامش فرا خواند وگفت: اى جماعت انصار، از خدا بترسيد. شما نخستين كسانى بوديد كه اسلام را يارى كرديد و پشتيبانى نموديد. اكنون از نخستين كسانى نباشيد كه در آن دگرگونى پديد آورند. آنگاه بشير بن سعد، پدر نعمان بن بشير كه از خزرج بود، برخاست وگفت: بدانيد كه محمد از قريش است وقوم او به جانشينى او اولى واحق اند وما اگر چهـ در جهاد مزايايى كسب كرده ايم واز ديگران سابقه اى ديرينه تر در دين داريم، از همه اينها جز خشنودى خدا وفرمانبردارى پيامبرش نمى خواسته ايم. بنابر اين اكنون در برابر اين رنج ها، هيچ پاداش دنيوى نمى جوئيم ومنتى بر مردم نمى نهيم. حباب بن المنذر برخاست واو را از اين سخن سرزنش كرد. بشير گفت: به خدا سوگند دوست ندارم با هيچ كس، در حقى كه دارد به منازعه برخيزم. ابو بكر، عمر وابو عبيده را پيشنهاد كرد. آنان نپذيرفتند وخود برخاستند وبا

تاريخ ابن خلدون/ترجمه متن، ج 1،ص:472

ابو بكر بيعت كردند، وبشير بن سعد در بيعت بر آنان سبقت جست. سپس اوس به گفتگو با يك ديگر پرداختند، اسيد بن حضير در ميان آنان بود. تا مباد كه خلافت به قبيله خزرج رسد، برخاستند وبا ابو بكر بيعت كردند. ومردم از هر سو روى آوردند وبيعت مى كردند، چنانكه نزديك بود، سعد بن عباده را در زير پاى بسپرند. جمعى از ياران سعد فرياد زدند، كه بنگريد مباد سعد را در زير پاى بكشيد. عمر گفت: بكشيدش كه خدا او را بكشد. ابو بكر گفت: اى عمر تند مرو، اينجا رفق ومدارا، ما را زودتر به مقصود مى رساند، عمر باز ايستاد. از سعد بن عباده خواست كه بيعت كند. سعد بن عباده امتناع كرد. بشير بن سعد گفت دست از او بداريد كه او يك تن بيش نيست. گويند تا ابو بكر زنده بود، نه سعد در نماز حاضر مى شد ونه با آنان سخن مى گفت. طبرى گويد: سعد، آن روز بيعت كرد. ودر اخبار مورخان آمده است كه سعد به شام رفت وتا به هنگام مرگ آنجا بود. وبه دست جن ها كشته شد. چون جن ها او را كشتند، اين دو بيت مشهور را خواندند:

نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عباده فرميناه بسهمين فلم نخط فؤاده

تاريخ ابن خلدون/ترجمه متن، ج 1،ص:473

خلافت اسلامى خبر از خلافت اسلامى در اين طبقه ووقايع رده وفتوحات وفتنه ها وجنگ هايى كه از آن پس در اسلام روى داد و پس از آن هماهنگى وتجمع.

موسوعة التخريج - (1 / 3173)

* 7461 -) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود حدثنا بن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر * أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتابا لا يضلون بعده قال فخالف عليها عمر بن الخطاب حتى رفضها \14815\

ابن حنبل في مسنده ج 3/ ص 346 حديث رقم: 14768

* 7462 -) حدثنا عبيد الله حدثنا أبي حدثنا قره عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال دعا النبي صلى الله عليه وسلم بصحيفة عند موته يكتب فيها كتابا لأمته قال لا يضلون ولا يضلون فكان في البيت لغط فتكلم عمر بن الخطاب فرفضه النبي صلى الله عليه وسلم

أبي يعلى في مسنده ج 3/ ص 394 حديث رقم: 1869

* 7463 -) حدثنا بن نمير حدثنا سعيد بن الربيع حدثنا قره بن خالد عن أبي الزبير عن جابر * أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتابا لا يضلون بعده ولا يضلون وكان في البيت لغط وتكلم عمر بن الخطاب فرفضها رسول الله صلى الله عليه وسلم \1870\

أبي يعلى في مسنده ج 3/ ص 395 حديث رقم: 1871

* 7464 -) أنبأ محمد بن إسماعيل بن إبراهيم عن عثمان بن عمر قال أنبأ قرة بن خالد عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بصحيفة في مرضه ليكتب فيها كتابا لأمته لا يضلون بعده ولا يضلون وكان في البيت لغط وتكلم عمر فتركه

النسائي في سننه الكبرى ج 3/ ص 435 حديث رقم: 5856

موسوعة التخريج - (1 / 24972)

* 181709 -) حدثنا محمد بن احمد بن ابي خيثمة قال حدثنا محمد بن خلف العطار قال حدثنا موسى بن جعفر بن ابراهيم بن محمد بن علي بن عبدالله بن جعفر بن ابي طالب قال حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن اسلم عن ابيه عن عمر بن الخطاب قال لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم قال ادعوا لي بصحيفة ودواة اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ابدا فكرهنا ذلك اشد الكراهة ثم قال ادعوا لي بصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا فقال النسوة من وراء الستر الا تسمعون ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت انكن صواحبات يوسف اذا مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عصرتن اعينكن واذا صح ركبتن عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوهن فانهن خير منكم

الطبراني في معجمه الأوسط ج 5/ ص 287 حديث رقم: 5338

* 181710 -) حدثنا محمد بن احمد بن ابي خيثمة قال حدثنا محمد بن خلف العطار قال حدثنا موسى بن جعفر بن ابراهيم بن محمد بن علي بن عبدالله بن جعفر بن ابي طالب قال حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن اسلم عن ابيه عن عمر بن الخطاب قال لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم قال ادعوا لي بصحيفة ودواة اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ابدا فكرهنا ذلك اشد الكراهة ثم قال ادعوا لي بصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا فقال النسوة من وراء الستر الا تسمعون ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت انكن صواحبات يوسف اذا مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عصرتن اعينكن واذا صح ركبتن عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوهن فانهن خير منكم

الطبراني في معجمه الأوسط ج 5/ ص 288 حديث رقم: 5338

الطبقات الكبرى - (2 / 242)

(ذكر الكتاب الذي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتبه لأمته في مرضه الذي مات فيه)

أخبرنا يحيى بن حماد أخبرنا أبو عوانة عن سليمان يعني الأعمش عن عبد الله بن عبد الله عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخميس فجعل يعني بن عباس يبكي ويقول يوم الخميس وما يوم الخميس اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه فقال ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا قال فقال بعض من كان عنده إن نبي الله ليهجر قال فقيل له ألا نأتيك بما طلبت قال أوبعد ماذا قال فلم يدع به أخبرنا سفيان بن عيينة عن سليمان بن أبي مسلم خال بن أبي نجيح سمع سعيد بن جبير قال قال بن عباس يوم الخميس وما يوم الخميس قال اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه في ذلك اليوم فقال ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا ما شأنه أهجر استفهموه فذهبوا يعيدون عليه فقال دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه وأوصي بثلاث قال أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو مما كنت أجيزهم وسكت عن الثالثة فلا أدري قالها فنسيتها أو سكت عنها عمدا

الطبقات الكبرى - (2 / 243)

أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثني قرة بن خالد أخبرنا أبو الزبير أخبرنا جابر بن عبد الله الأنصاري قال لما كان في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه دعا بصحيفة ليكتب فيها لأمته كتابا لا يضلون ولا يضلون قال فكان في البيت لغط وكلام وتكلم عمر بن الخطاب قال فرفضه النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا حفص بن عمر الحوضي أخبرنا عمر بن الفضل العبدي عن نعيم بن يزيد أخبرنا علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ثقل قال يا علي ائتني بطبق أكتب فيه ما لا تضل أمتي بعدي قال فخشيت أن تسبقني نفسه فقلت إني أحفظ ذراعا من الصحيفة قال فكان رأسه بين ذراعي وعضدي فجعل يوصي بالصلاة والزكاة وما ملكت أيمانكم قال كذلك حتى فاضت نفسه وأمر بشهادة لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله حتى فاضت نفسه من شهد بهما حرم على النار أخبرنا حجاج بن نصير أخبرنا مالك بن مغول قال سمعت طلحة بن مصرف يحدث عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال كان يقول يوم الخميس وما يوم الخميس قال وكأني أنظر إلى دموع بن عباس على خده كأنها نظام لؤلؤ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتوني بالكتف والدواة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا قال فقالوا إنما يهجر رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا محمد بن عمر حدثني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم وبيننا وبين النساء حجاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اغسلوني بسبع قرب وأتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فقال النسوة ائتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحاجته قال

الطبقات الكبرى - (2 / 244)

عمر فقلت اسكتهن فإنكن صواحبه إذا مرض عصرتن أعينكن وإذا صح أخذتن بعنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هن خير منكم أخبرنا محمد بن عمر حدثني إبراهيم بن يزيد عن أبي الزبير عن جابر قال دعا النبي صلى الله عليه وسلم عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتابا لأمته لا يضلوا ولا يضلوا فلغطوا عنده حتى رفضها النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا محمد بن عمر حدثني أسامة بن زيد الليثي ومعمر بن راشد عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن بن عباس قال لما حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم الوفاة وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده فقال عمر إن رسول الله قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله فاختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم من يقول ما قال عمر فلما كثر اللغط والاختلاف وغموا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قوموا عني فقال عبيد الله فكان بن عباس يقول الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم أخبرنا محمد بن عمر حدثني إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مرضه الذي مات فيه ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فقال عمر بن الخطاب من لفلانة وفلانة مدائن الروم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بميت حتى نفتتحها ولو مات لاننظرناه كما انتظرت بنو إسرائيل موسى فقالت زينب زوج النبي صلى الله عليه وسلم ألا تسمعون النبي صلى الله عليه وسلم يعهد إليكم فلغطوا فقال قوموا فلما قاموا قبض النبي صلى الله عليه وسلم مكانه

موسوعة التخريج - (1 / 24972)

* 181709 -) حدثنا محمد بن احمد بن ابي خيثمة قال حدثنا محمد بن خلف العطار قال حدثنا موسى بن جعفر بن ابراهيم بن محمد بن علي بن عبدالله بن جعفر بن ابي طالب قال حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن اسلم عن ابيه عن عمر بن الخطاب قال لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم قال ادعوا لي بصحيفة ودواة اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ابدا فكرهنا ذلك اشد الكراهة ثم قال ادعوا لي بصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا فقال النسوة من وراء الستر الا تسمعون ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت انكن صواحبات يوسف اذا مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عصرتن اعينكن واذا صح ركبتن عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوهن فانهن خير منكم

الطبراني في معجمه الأوسط ج 5/ ص 287 حديث رقم: 5338

* 181710 -) حدثنا محمد بن احمد بن ابي خيثمة قال حدثنا محمد بن خلف العطار قال حدثنا موسى بن جعفر بن ابراهيم بن محمد بن علي بن عبدالله بن جعفر بن ابي طالب قال حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن اسلم عن ابيه عن عمر بن الخطاب قال لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم قال ادعوا لي بصحيفة ودواة اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ابدا فكرهنا ذلك اشد الكراهة ثم قال ادعوا لي بصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا فقال النسوة من وراء الستر الا تسمعون ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت انكن صواحبات يوسف اذا مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عصرتن اعينكن واذا صح ركبتن عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوهن فانهن خير منكم

الطبراني في معجمه الأوسط ج 5/ ص 288 حديث رقم: 5338

نهاية الأرب في فنون الأدب ـ موافق للمطبوع - (18 / 245)

"""""" صفحة رقم 245 """"""

وأما الكتاب الذي أراد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يكتبه ثم تركه لما وقع عنده من التنازع

فقد اختلفت الروايات في هذا الحديث عن عبد الله بن عباس وغيره، فمن رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم أنه قال: اشتكى النبي (صلى الله عليه وسلم) يوم الخميس فجعل - يعني ابن عباس - يبكي ويقول: يوم الخميس وما يوم الخميس، اشتد بالنبي (صلى الله عليه وسلم) وجعه فقال: " ايتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبداً " قال فقال بعض من كان عنده: إن نبي الله هجر، قال فقيل له: ألا نأتيك بما طلبت؟ قال: " أو بعد ماذا "؟ فلم يدع به. ومن طريق آخر عن سليمان بن أبي مسلم عن سعيد بن جبير قال: فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع. فقالوا: ما شأنه أهجر؟ استفهموه، فذهبوا يعيدون عليه. فقال: " دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه ". قال: وأوصى بثلاث، قال: " أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم " وسكت عن الثالثة، فلا أدري قالها فنسيتها، أو سكت عنها عمداً؟ . ومن رواية طلحة بن مصرف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " ايتوني بالكتف والدواة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا ". قال فقالوا: إنما يهجر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . هذه الروايات عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما. وروى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال: لما حضرت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الوفاة، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده " فقال عمر: إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد غلبه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ومنهم من يقول ما قال عمر، فلما كثر اللغلط والاختلاف وغمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: " قوموا عني ". قال عبيد الله: فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم. وعن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال في مرضه: " ايتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً ". فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من لفلانة وفلانة - من مدائن الروم - إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لن يموت حتى يفتتحها، ولو مات لانتظرناه، كما انتظرت بنو إسرائيل موسى؛ فقالت زينب زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) : ألا تسمعون للنبي (صلى الله عليه وسلم) يعهد إليكم؟ فلغطوا

نهاية الأرب في فنون الأدب ـ موافق للمطبوع - (18 / 246)

"""""" صفحة رقم 246 """"""

فقال: " قوموا " فلما قاموا قبض النبي (صلى الله عليه وسلم) مكانه، وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: لما كان في مرض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي توفي فيه، دعا بصحيفة ليكتب فيها لأمته كتابا لا يضلون ولا يضلون، فكان في البيت لغط كلام، وتكلم عمر بن الخطاب، قال: فرفضه النبي (صلى الله عليه وسلم) .

وعن محمد بن عمر الواقدي عن هشام بن سعيد عن زيد بن أسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وبيننا وبين النساء حجاب، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " اغسلوني بسبع قرب وأتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا " فقال النسوة: ايتوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بحاجته. قال عمر فقلت: اسكتن فإنكن صواحبه إذا مرض عصرتن أعينكن، وإذا صح أخذتن بعنقه. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " هن خير منكم ".

هذا ما وقفنا عليه من الروايات المسندة في هذا الحديث، وقد تذرعت به طائفة من الروافض، وتكلموا فيه وطعنوا على من لغط عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى امتنع من الكتابة. وقد تكلم القاضي أبو الفضل عياض بن موسى رحمه الله على هذا الحديث، وذكر أقوال العلماء وما أبدوه من الاعتذار عن عمر رضي الله عنه فيما قال، فقال رحمه الله تعالى، قال أئمتنا في هذا الحديث: النبي (صلى الله عليه وسلم) غير معصوم من الأمراض، وما يكون من عوارضها من شدة وجع وغشى ونحوه، مما يطرأ على جسمه، معصوم أن يكون منه من القول أثناء ذلك ما يطعن في معجزته، ويؤدي إلى فساد في شريعته، من هذيان أو اختلال في كلام، وعلى هذا لا يصح ظاهر رواية من روى في الحديث " هجر " إذ معناه هذي يقال: هجر هجر إذا أفحش، وأهجر تعدية هجر، وإنما الأصح والأولى " أهجر "؟ على طريق الإنكار على من قال لا نكتب، قال: وهكذا روايتنا فيه صحيح البخاري من رواية جميع الرواة في حديث الزهري ومحمد بن سلام عن ابن عيينة، قال: وكذا ضبطه الأصيل بخطه في كتابه وغيره من هذه الطرق، وكذا رويناه عن مسلم في حديث سفيان وعن غيره، قال: وقد تحمل عليه رواية من رواه هجر على حذف ألف الاستفهام، والتقدير: أهجر؟ أو أن يحمل قول القائل: " هجر " أو أهجر دهشةً من قائل من ذلك وحيرةً، لعظيم ما شاهد من حال الرسول (صلى الله عليه وسلم) وشدة وجعه، وهو المقام الذي اختلف فيه عليه، والأمر الذي هم بالكتاب فيه، حتى لم يضيبط هذا القائل لفظه وأجرى الهجر مجرى شدة الوجع، لأنه اعتقد أنه يجوز عليه الهجر، كما حملهم الإشفاق على حراسته، والله تعالى يقول:

نهاية الأرب في فنون الأدب ـ موافق للمطبوع - (18 / 247)

"""""" صفحة رقم 247 """"""

" والله يعصمك من الناس " ونحو هذا.

وأما على رواية " أهجراً "، وهي رواية أبي إسحاق المستملي في الصحيح، في حديث ابن جبير، عن ابن عباس من رواية قتيبة، فقد يكون هذا راجعاً إلى المختلفين عنده (صلى الله عليه وسلم) ، ومخاطبةً لهم من بعضهم، أي جئتم باختلافكم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبين يديه هجرا ومنكراً من القول والهجر بضم الهاء الفحش في المنطق.

وقد اختلف العلماء في معنى هذا الحديث، وكيف اختلفوا بعد أمره لهم عليه السلام أن يأتوه بالكتاب، فقال بعضهم: أوامر النبي (صلى الله عليه وسلم) يفهم إيجابها من ندبها من إباحتها بقرائن، فلعل قد ظهر من قرائن قوله (صلى الله عليه وسلم) لبعضهم ما فهموا أنه لم يكن منه عزمة، بل أمرٌ رده إلى اختيارهم، وبعضهم لم يفهم ذلك، فقال: استفهموه، فلما اختلفوا كف عنه إذ لم تكن عزمة، ولما روأه من صواب رأي عمر رضي الله عنه. ثم هؤلاء قالوا: ويكون امتناع عمر إما إشفاقا على النبي (صلى الله عليه وسلم) من تكليفه في تلك الحال، وإما إملاء الكتاب، وأن يدخل عليه مشقة من ذلك كما قال: إن النبي اشتد به الوجع. وقيل: خشى عمر أن يكتب أمورا يعجزون عنها فيحصلون في الحرج بالمخالفة، ورأى أنه الأرفق بالأمة في تلك الأمور سعة الاجتهاد، وحكم النظر، وطلب الصواب، فيكون المصيب والمخطئ مأجورا، وقد علم عمر تقرر الشرع وتأسيس الملة، وأن الله تعالى قال: " اليوم أكملت لكم دينكم " وقوله (صلى الله عليه وسلم) : " أوصيكم بكتاب الله وعزتي ". وقول عمر: حسبنا كتاب الله، رد على من نازعه، لا على أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) . وقد قيل: إن عمر خشى تطرق المنافقين، ومن في قلبه مرض لما كتب في ذلك الكتاب في الخلوة، وأن يتقولوا في ذلك الأقاويل كادعاء الرافضة والوصية وغير ذلك.

وقيل: إنه كان من النبي (صلى الله عليه وسلم) على طريق المشورة والاختبار، هل يتفقون على ذلك أم يختلفون، فلما اختلفوا تركه. وقالت طائفة أخرى: إن معنى الحديث أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان مجيبا في هذا الكتاب لما طلب منه لا أنه ابتداء بالأمر به، بل اقتضاه منه بعض هذه القضية بقول العباس لعلي: انطلق بنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فإذا كان الأمر فينا علمناه، وكراهة على هذا وقوله: " والله لا أفعل " الحديث.

واستدل بقوله: " دعوني فإن الذي أنا فيه خير " أي الذي أنا فيه خير من إرسال الأمر وترككم، وكتاب الله. وأن تدعون مما طلبتم. وذكر أن الذي طلب كتابه في أمر الخلافة بعده وتعيين ذلك. هذا ما أورده في معنى هذا الحديث.

والله تعالى أعلم.

السلسلة الصحيحة المجلدات الكاملة 1-9 - (2 / 189)

690 - " أبى الله والمؤمنون أن يختلف عليك يا أبا بكر ".

قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 310:

أخرجه أحمد (6 / 47) والحسن بن عرفة في " جزئه " (2 / 2) ومن طريقه ابن

بلبان في " تحفة الصديق، في فضائل أبي بكر الصديق " (50 / 1) من طريق عبد

الرحمن بن أبي بكر القرشي عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: " لما ثقل رسول

الله صلى الله عليه وسلم، قال لعبد الرحمن بن أبي بكر: ائتني بكتف أو لوح حتى

أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه، فلما ذهب عبد الرحمن ليقوم قال... ".

فذكره. وقال ابن بلبان: " تفرد به ابن أبي مليكة أبو محمد ويقال له: أبو

بكر القرشي ".

قلت: وهو ضعيف لكنه لم يتفرد به، فقال أحمد (6 / 106) : حدثنا مؤمل قال:

حدثنا نافع يعني ابن عمر حدثنا ابن أبي مليكة به نحوه. وهذا إسناد جيد في

المتابعات، نافع هذا ثقة ثبت ومؤمل هو ابن إسماعيل وهو صدوق سيء الحفظ كما

في " التقريب ". وله طريق أخرى من رواية عروة عن عائشة قالت: قال لي رسول

الله صلى الله عليه وسلم في مرضه: " ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى أكتب كتابا

فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا

أبا بكر ". أخرجه مسلم (7 / 110) وأحمد (6 / 144) .

وله طريق ثالث يرويه القاسم بن محمد عنها نحوه ولفظه: " لقد هممت أو أردت أن

أرسل إلى أبي بكر وابنه، وأعهده أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون، ثم

قلت: يأبى الله ويدفع المؤمنون أو يدفع الله ويأبى المؤمنون ". أخرجه

البخاري (4 / 46 - 47، 405 - 406) .

طريق رابع. يرويه عبيد الله بن عبد الله عنها قالت: " لما مرض رسول الله صلى

الله عليه وسلم في بيت ميمونة... فقال - وهو في بيت ميمونة لعبد الله بن زمعة

: مر الناس فليصلوا، فلقي عمر بن الخطاب فقال: يا عمر صل بالناس. فصلى بهم،

فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته فعرفه وكان جهير الصوت، فقال رسول

الله صلى الله عليه وسلم: أليس هذا صوت عمر؟ قالوا بلى، قال: يأبى الله

عز وجل ذلك والمؤمنون، مروا أبا بكر فليصل بالناس، قالت عائشة: يا رسول

الله إن أبا بكر رجل رقيق لا يملك دمعه... " الحديث. أخرجه أحمد (6 / 34)

من طريق معمر عن الزهري عنه. وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.

وخالفه عبد الرحمن بن إسحاق فقال: عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن

عتبة أن عبد الله بن زمعة أخبره بهذا الخبر. أخرجه أبو داود (4661) . فجعله

من مسند ابن زمعة ولعله الصواب فقد قال ابن إسحاق: حدثني الزهري حدثني عبد

الملك بن أبي بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه عن عبد الله بن

زمعة قال: فذكر نحوه وزاد بعد قوله: " يأبى الله ذلك والمسلمون ":

" فبعث إلى أبي بكر، فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة، فصلى بالناس ".

أخرجه أبو داود (4660) والسياق له وأحمد (4 / 322) . وهذا سند جيد.